أغرتهم مشاهد الموت

آراء

على الذين اندفعوا خلف طباعهم العدوانية أن يعلموا بأنهم لن يذهبوا بعيداً عن وضعهم الحالي مهما دمروا وقتلوا وأطالوا أمد هذه الحرب.

أغرتهم مشاهد الموت التي خلفوها في غزة، فازداد غرورهم، وطغت كبرياؤهم على أحاديثهم التي تنطق دماً وليس كلاماً، كل «الجوقة» المتشددة تعزف على لحن واحد، لا وقف للحرب، ولا مفاوضات لوقف إطلاق النار، ولا خروج من غزة بعد اليوم، وعادوا إلى زمن بعيد، اعتقدنا بأن الأيام والأحداث قد أشفتهم من أمراضهم، وقد كنا مخطئين، وأولنا من قدم لهم غصن الزيتون بيديه ونسي الحذر والاحتياط رغم التجارب الموثقة في الكتب والأوراق، عادوا إلى مقولة أن الأرض ما بين البحر والنهر أرضهم، وهي عبارة تضرب بكل القوانين الدولية والاتفاقات الثنائية عرض الحائط.

الفئة المندفعة تريد أن تحقق إحدى «خزعبلات» كتبهم المزورة، والتي يرددونها في مجالسهم الخاصة بعد أن غطوها برغباتهم في السلام، ذلك السلام الذي يخدعون به العالم ليطيلوا بالمماطلة والتسويف عمر مشروعهم، وكلنا نعلم أن تلك المقولة تخص أرض فلسطين كاملة، من البحر الأبيض وحتى نهر الأردن، وهذه فرصتهم، بعيداً عن الفئات السياسية الأخرى التي تؤيد حل الدولتين بوصفة إسرائيلية خالصة، وقد قبل به الممثل الشرعي للقضية واكتفى بما يقارب العشرين في المئة من الأرض بسيادة منقوصة!

تذكرت سيدة يهودية إسرائيلية وهي تتحدث إلى محطة «بي بي سي» الإنجليزية، ساردة ذكرياتها عندما هربت من بطش «هتلر» خلال الحرب العالمية الثانية، وذكرت «بعد المعاناة في ألمانيا هربنا حتى ركبنا السفن المتجهة إلى فلسطين»، فصحح مقدم البرنامج كلامها قائلاً «إسرائيل» فردت عليه بكل ثقة «نحن هاجرنا إلى فلسطين، واستقبلنا أفضل استقبال من أهلها، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك شيء اسمه إسرائيل»، وهذه المرأة العجوز شاهدة من أهلها، والتاريخ يشهد معها، والواقع الذي نحن فيه يسند الاثنين ولا يخالفهما، فهذه فلسطين، لن يخلعها أحد ويذهب بها بعيداً نحو بحر آخر ونهر آخر.

المصدر: البيان