عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

إبليس.. بلا عزيزي..!

آراء

«أنا الشيطان وزني..

ولا حد بيودني

أنا مين.. أنا مين أنا مييين أنا مين»

• مطرب شعبي مجهول

***

وجود إبليس أصبح ضرورة وكمالية مهمة في حياة شعوبنا.. فمنذ نعومة الأظافر، حينما يتم استدعاؤك وسؤالك عن سبب شقاوتك وكسرك للآنية الفخارية السخيفة التي يتم توارثها منذ أيام جد يحمل اسمه موسيقى غريبة، على نمط فنيطل ومجيلط ومجعفل.. إذا حاولت التملص من جريمتك فستعاقب بحسب قانون العائلة إما بكنس الحوش أو بالحبس في خن الدجاج، وغير ذلك من الأساليب التي لم تكتشفها السوبر ناني بعد.. لكنك إذا كنت طفلاً ذكياً فستستخدم فطرتك بإسبال عينيك وادّعاء الندم وذكر العبارة السحرية: «أستغفر.. الشيطان ضحك عليّ!»، وهكذا ستحصل على عناق وقبلات.. ونظرة فخر لأن عقيدتك سليمة.. والآنية الفخارية.. فدا راسك!

يكبر الطفل وهو سعيد بهذه الهبة.. فإبليس دائماً موجود.. إبليس وزني .. الشيطان ضحك عليّ.. للمدرس عند ترك الواجب.. للشيخ عند ارتكاب معصية.. للزوجة عند اكتشاف خيانة.. هو موجود دائماً هناك، واقفاً في زاويته المظلمة، سعيد بإلقاء التهم عليه.. المهم أن نستمر.. الأجمل من ذلك أن الألفاظ المحرمة في أي منزل.. يُستثنى هو منها.. مثلاً تذكر حين تُغلق الهاتف بعد حوار قذر مع أحدهم.. ثم تقول: تفوووه الله يلعنه!.. فتأتي (مكتب التحقيقات الأخلاقية المنزلية) غاضبة عليك وتعطيك محاضرة في مساوئ اللعن، وأنه ليس من الأخلاق ولا الدين.. تسترجع ذاكرتك الطفولية فتقول لها بسرعة إنك كنت تقصد الشيطان.. فيتحول غضبها إلى رضا.. بل ربما زادته لعناً كبيراً!

في داخل الفريج علاقتك بإبليس أنت حر فيها.. يوم يوزك ويوم توزه.. هناك نوع من توازن الرعب بينكما.. هو يسمح لك بأن تتخذه كشماعة لجميع حماقاتك.. ظلمك للآخرين.. تعديك على الحقوق.. وأنت تثق لفرط جهلك بأن هذا يعفيك من المسؤولية، وتمرر له بين حين وآخر خدمة لا ينساها.. تفريق بين اثنين.. خرق اللحمة المجتمعية.. التعرض لعرض مستورة.. ونحن جميعاً نتفهم العلاقة بينكما، ونشجع هذا النوع من التكامل بين الطحالب والأشنات.. لكن حين يأتي سياسي مخضرم قضى في السلطة عشرات الأعوام، أو مفكر يعلم بأن أتباعه بالملايين، أو كاتب يقرأ له عشرات الملايين، ويقول ببساطة: أنا آسف الشيطان ضحك عليّ..! ويريد أن ينهي القصة على هذا وفي رقبته دماء الملايين! ويخرج منها، ففي رأيك من منهما أخطر علينا! الشيطان.. أم ذلك الذي وضعه في جيبه الأصغر!

***

يا أيها الشيطان إنك لم تزل

غراً وليس لمثلك الميدان..

قف جانباً كي لا تبوء بذنبنا

أو أن يدينك باسمنا الديان!

• شاعر متشيطن

المصدر: الإمارات اليوم