خلف الحربي
خلف الحربي
كاتب سعودي

إلا البنزين !

آراء

تصريح وزير البترول والثروة المعدنية حول خطة توحيد أسعار الوقود في دول مجلس التعاون أشعل إشارة البنزين البرتقالية في دماغي؛ لأن هذا التوحيد يعني أتوماتيكيا زيادة أسعار البنزين في السعودية، مع ضرورة تقبل هذه الزيادة بصدر رحب انطلاقا من ثوابت الوحدة الخليجية!، لذلك فرحت بمقال الزميل رئيس التحرير الدكتور هاشم عبده هاشم أمس، والذي كان عنوانه: (لا تفكروا بزيادة أسعار الوقود)؛ لأن مجرد التفكير بهذه الزيادة سوف يؤدي إلى رفع أسعار مجموعة من السلع، فما بالك بما يحدث حين يتم رفع أسعار الوقود فعلا؟!.

**

نحن مع أي تقارب خليجي من شأنه أن يجعل حياة الناس في دول مجلس التعاون أفضل وأسهل، وتوحيد أسعار الوقود ليس من بين هذه الخطوات الوحدوية المنتظرة، لأن التوحيد ــ غالبا – لن يتم على مقياس الدولة الأقل سعرا، وحدوا أسعار الطماطم.. التفاح.. الأغنام الأسترالية.. أو أي شيء غير الوقود وسنغني معكم: (أنا الخليجي) حتى الصباح، هذه البلدان لا تنتج سوى النفط ومع ذلك تريدون رفع سعره؟!.

**

لكل دولة خليجية (خصوصيتها) في تحديد أسعار الوقود بحسب قدراتها النفطية وحاجاتها الاقتصادية، وأحيانا بحسب نسبة المواطنين إلى المقيمين الأجانب فيها، وقد عطلت الكثير من القرارات الخليجية ــ الاقتصادية تحديدا ــ بحجة تباين الظروف في كل دولة.. لذلك نسأل: (اشمعنى) يسير القرار الاقتصادي بسرعة البرق إذا كان يمس جيب المواطن البسيط، ولا يتحرك قيد أنملة مهما مرت السنوات إذا كان يمس مصالح الشركات الكبرى في كل دولة؟!

**

بمناسبة دول مجلس التعاون وأسعار البنزين؟، ما هي حكاية ماما أمريكا مع إيران؟، وما هو أثر اللغة الناعمة بين أضداد الأمس على مصالح دول مجلس التعاون وعلاقتها بالحليف الأكبر؟، هل وحدت دول مجلس التعاون مواقفها لتواجه التغييرات المثيرة التي تشهدها الساحة السياسية الدولية هذه الأيام، أم أن جماعتنا مشغولون فقط بتوحيد أسعار الوقود؟، كيف ستتعامل دول مجلس التعاون مع إيران التي عادت إلى العالم بوجه جديد ورئيس جديد ومواقف جديدة؟!.. ما نتمناه أن تكون دول الخليج على قلب رجل واحد لحماية مصالحها الوطنية والإقليمية وسط هذه الموجة الجديدة من التحركات الدولية الكبرى.. ولكن ــ للأسف الشديد ــ ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ــ كما قال المتنبي؛ لأن قلوب الأشقاء في بعض الأحيان تحمل مشاعر متناقضة؟!.

**

أمريكا تريد البترول والبترول عندنا، هكذا كان يختزل البسطاء علاقة ماما أمريكا بدول الخليج.. وهو اختزال حكيم في كثير من الأحيان، ولكن الأمور تتبدل والزمان يتغير، والبترول موجود أيضا في إيران والعراق، ووفاء أمريكا لأصدقائها مرهون دائما بمؤشرات أسواقها!.

**

لو كانت سوريا بلدا منتجا للبترول، بحيث يؤثر أستقرار الأوضاع فيه على أسعار البنزين في محطات الوقود الأمريكية والأوروبية لما صبر المجتمع الدولي على مجازر بشار الأسد ثلاثة أشهر؟.. العدالة الدولية مثل سيارة الدفع الرباعي شديدة العزم متى ما توفر البنزين!.

المصدر: عكاظ