استفتاء بريطانيايهز العالم.. ويهدد المملكة المتحدة

أخبار

شكل الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي صفعة قوية للدول المنضوية تحت مظلته، وكان تأثير هذا الخروج كبيراً وملموساً بدءاً من أزمة العملة والبورصات التي هوت، وأصيبت الأسواق العالمية بخسائر فادحة، إذ انمحى تريليونا دولار من قيمتهما، وهبط النفط بنسبة 5%، وفقد الجنيه 10% من قيمته، وليس أخيراً بتململ حركات اليمين في الدول الأوروبية لتنظيم استفتاءات تهيئ لخروج بلادها من منطقة اليورو، وانتهاء بمطالبة مقاطعات في بريطانيا بالانفصال والاستقلال عن المملكة، في حين شهد العالم ردود فعل كبيرة، وسط دعوات أوروبية لتصحيح مسار الاتحاد، كما هاجمت ألمانيا الحكومة البريطانية متهمة إياها بتغليب مصالحها وعدم مبالاتها.

وأيد البريطانيون انسحاب بلادهم من عضوية الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للاستقالة، ووجه أكبر ضربة منذ الحرب العالمية الثانية للمشروع الأوروبي لوحدة أوسع. فيما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: مع التصويت البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي، نؤكد احترامنا لخيارات الشعب البريطاني تجاه علاقته مع الاتحاد الأوروبي.

وقال سموه عبر «تويتر» فيها: «نؤكد التزامنا بتطوير علاقاتنا التاريخية القوية سياسياً واقتصادياً مع المملكة المتحدة، والتي استمرت تنمو بقوة على مدار العقود الأربعة الماضية».

وحض قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي بريطانيا على بدء آلية الخروج «بأسرع وقت ممكن» بعد قرار البريطانيين التاريخي الانفصال عن الكتلة الأوروبية. وتستغرق عملية الانفصال عامين على الأقل في خطوة لم يسبق لعضو آخر أن اتخذها. 

وحقق مؤيدو الانسحاب نسبة فوز بلغت 51.9 بالمئة، ما يمثل أكثر من 17.4 مليون صوت وبفارق أكثر من 1.3 مليون صوت عن مؤيدي البقاء الذي حصل على نسبة تأييد بلغت 48.1 بالمئة، ما يمثل أكثر من 16.1 مليون صوت.

قال بوريس جونسون أحد قادة أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عقب الانفصال إن بريطانيا لن تدير ظهرها لأوروبا وستبقى أمة متحدة، كما كانت قبل التصويت لمصلحة خروجها من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء التاريخي الذي جرى أول أمس. وكان هناك شعور بالسعادة بين القوى المشككة في الاتحاد الأوروبي والتي أعلنت النصر.

وعبر الكثير من دول وقادة العالم عن امتعاضهم من هذا القرار الديمقراطي المخيب للآمال، وأعرب مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن أسفهم بعد قرار الناخبين البريطانيين مغادرة الكتلة الأوروبية المكونة من 28 عضواً، بينما أكد العديدون الحاجة إلى تعلم الدروس والاستجابة لمطالب المواطنين الأوروبيين.

وأعلن وزير خارجية ألمانيا فرانك شتاينماير أن نتيجة الاستفتاء البريطاني تسطر «يوماً حزيناً لأوروبا وبريطانيا». واتهم الحكومة البريطانية بأنها خسرت بلا مبالاة عضوية الاتحاد الأوروبي. وذكرت دراسة استراتيجية بوزارة المالية أن ألمانيا تشعر بقلق من احتمال سعي فرنسا وهولندا والنمسا وفنلندا والمجر لترك الاتحاد الأوروبي بعد تصويت البريطانيين بالخروج من التكتل.

وصرح رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أنه يريد التحدث مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لتجنب «انتقال العدوى»، فيما تعتزم ألمانيا وفرنسا تقديم مقترحات مشتركة لمواصلة تطوير الاتحاد. وصرح رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي بأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي إصلاح نفسه.

ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدأ اليمين في الدول الأوروبية بالتململ، من أجل تكرار التجربة البريطانية تمهيداً للانفصال، وشكلت نتيجة الاستفتاء مصدر إلهام للمطالبين بالخروج من الاتحاد، والانفكاك عن سياساته. ولم تؤثر نتيجة الاستفتاء في أوروبا فقط، بل وصلت دعوات الاستفتاء للانفصال إلى بريطانيا ذاتها، فقد أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجين، أن اسكتلندا «ترى مستقبلها داخل الاتحاد الأوروبي». وقالت زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي، “يدل التصويت هنا (في اسكتلندا) على أن الاسكتلنديين يرون مستقبلهم داخل الاتحاد الأوروبي”. ووقع أكثر من أربعين ألف شخص عريضة تطالب ببقاء لندن في الاتحاد الأوروبي، مع إعلان رئيس بلدية العاصمة البريطانية، أن المدينة يجب أن يكون لها كلمة في مفاوضات الانفصال. وتنص العريضة الموجودة على موقع «تشانج دوت أورغ»: «إعلان لندن مستقلة عن المملكة المتحدة وطلب الانضمام للاتحاد الأوروبي». ورفضت رئيسة وزراء إيرلندا الشمالية أرلين فوستر، دعوة من نائبها القومي لإجراء استفتاء على الوحدة الإيرلندية، ووصفتها بأنها دعوة «انتهازية».

وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي، سيعقدون اجتماعاً اليوم السبت في برلين للتباحث في تبعات الاستفتاء الذي قرر فيه البريطانيون الخروج من الكتلة الأوروبية، فيما من المقرر عقد قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وسيعقد على هامشها اجتماع غير رسمي لرؤساء دول وحكومات 27 دولة في الاتحاد الأوروبي من دون بريطانيا. وقالت المستشارة الألمانية إنها دعت زعيمي فرنسا وإيطاليا ورئيس المجلس الأوروبي للحضور إلى برلين يوم الاثنين، لبحث كيفية ضمان الوحدة.

وأكد الكرملين أن روسيا ترغب في بقاء الاتحاد الأوروبي كقوة اقتصادية كبيرة. وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في بروكسل أن بريطانيا ستبقى شريكاً «قوياً وملتزماً» للحلف، بالرغم من قرارها التاريخي الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن واشنطن تحترم قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي مؤكداً أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيبقيان «شريكين لا غنى عنهما» بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وأعاد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، صراع السيادة على جبل طارق بين إسبانيا وبريطانيا. وقالت نور تركيا، إن تصويت بريطانيا لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يمثل بداية تفكك التكتل.

المصدر: الخليج