الإبراهيمي يقر بالعجز.. ويلوح بالاستعانة بمجلس الأمن

أخبار

تسير الجولة الثانية من المفاوضات السورية ببطء، من دون إحراز تقدم ملحوظ بعد يومين من عودة الوفدين السوريين إلى جنيف بحثا عن أرضية مشتركة لبدء المفاوضات لعملية انتقالية سياسية تنهي النزاع الدائر في البلاد. وأقر ممثل الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي بأنه يواجه صعوبة في فرض أجندة على المفاوضات بين وفدي الحكومة السورية والائتلاف الوطني السوري، بعد أن تعثرت جلسة اليوم الثاني من الجولة الثانية للمفاوضات. وصرح الإبراهيمي في مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة الأوروبي أمس: «بداية هذا الأسبوع شاق، مثلما كانت بداية الأسبوع الأول. لا نحرز الكثير من التقدم. سنبذل قصارى جهدنا لإطلاق هذه العملية ولكن كي تنطلق حقا نحتاج إلى تعاون الطرفين هنا والكثير من الدعم من الخارج».

والدعم من الخارج هو ما ينتظره الإبراهيمي خلال الاجتماع المرتقب له مع وكيلة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان، ونائب وزير خارجية روسيا غينادي غاتيلوف في جنيف يوم الجمعة المقبل في جنيف.

وأعلن الإبراهيمي أمس عن عزمه التوجه إلى نيويورك، الأسبوع المقبل، للقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مضيفا: «على الأرجح سأتوجه إلى مجلس الأمن». وبعد تعثر المحادثات، بسبب رفض وفد الحكومة السورية النظر في قضية هيئة الحكم الانتقالي بشكل أساسي، لوح الإبراهيمي بمجلس الأمن للمرة الأولى منذ بدء المفاوضات سعيا للحصول على دعم وضغط على الطرفين السوريين لدفع المفاوضات.

وردا على سؤال حول بطء سير المفاوضات ورفض النظام السوري بحث آلية الحكم الانتقالي خلال اليومين الماضيين، قال الإبراهيمي: «لست واثقا إذا كنت أستطع فرض أجندة على أشخاص لا يرغبون بها. ما الذي يمكن عمله؛ وضع مسدس على رأسهم؟ إنها بلادهم، ولديهم مسؤولية كبيرة، فقد أتوا بناء على مبادرة روسية وأميركية، وبدعم العام كله، والجميع ينظر إليهم، خاصة الشعب السوري»، محملا المفاوضين السوريين مسؤولية تعثر المفاوضات.

وعلى الرغم من عدم تأكد الإبراهيمي من قدرته على فرض أجندة عمل، أكد مصدر دبلوماسي غربي مطلع على سير المفاوضات ضرورة قيام الإبراهيمي بهذا الدور ليدفع عملية التفاوض إلى الأمام. وقال: «الأمين العام للأمم المتحدة سمى الإبراهيمي كممثله الخاص والولايات المتحدة وروسيا اتفقا على أن يلعب الإبراهيمي هذا الدور، فبإمكانه وضع أجندة، بل هذا هو دوره». وأضاف: «إذا رفض أي طرف من السوريين الالتزام بهذه الأجندة، يمكنهم الرحيل».

وحتى مساء أمس، لم يكن واضحا إذا كان الإبراهيمي سيعقد جلسة مشتركة أم منفصلة للوفدين السوريين لبحث آلية الحكم الانتقالي؛ إذ أكد وفد الحكومة السورية رفضه لهذه القضية على الرغم من أنها المحور المفترض للقاء اليوم. وعلى الرغم من أن دعوة الطرفين السوريين إلى المفاوضات في جنيف مبنية على أساس «وقف العنف في سوريا بناء على خطوات أساسية ابتداء من تأسيس هيئة حكم انتقالي»، فإن وفد النظام السوري يرفض هذا الأساس.

وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أمس إن الوفد الحكومي السوري «لن يناقش أي بند من بنود بيان جنيف تحت أي ضغط أو سبب قبل مناقشة وقف العنف ومكافحة الإرهاب والاتفاق حول هذه المسألة». وبينما كان موقف الحكومة في الجلسة الوحيدة، التي عقدت أمس بين الطرفين السوريين، واضحا في اعتبار أي طرف يحمل سلاحا ضد النظام السوري «إرهابيا»، طرح وفد المعارضة أسئلة على الوفد الحكومي حول العنف الذي يمارسه النظام من حيث القصف الجوي على المدن السورية، واستخدام البراميل المتفجرة في قتل عشوائي للمدنيين.

وردا على سؤال حول طرح الإبراهيمي جدول أعمال يتحدث عن مناقشة هيئة الحكم الانتقال اليوم، قال الزعبي إنه «ليس من اختصاص الإبراهيمي تقديم جدول أعمال»، على الرغم من أن الإبراهيمي مخول من الأمم المتحدة والجامعة العربية بأن يقوم بدور الوسيط.
وبدوره، عبر منذر اقبيق عضو وفد الائتلاف السوري عن دعمه للإبراهيمي. وقال أمس: «السيد الإبراهيمي قال في مؤتمره الصحافي إن الشعب السوري يريد أن تسير الأمور قدما لإنهاء هذا الكابوس. الائتلاف يتفق بشدة مع السيد الإبراهيمي، يجب أن لا يسمح للنظام بأن يتلاعب لتضييع الوقت بينما يموت الناس، و(النظام) يرفض الاجتماع، بينما القصف يستمر».

وهناك تطلع للقاء بين الإبراهيمي وشيرمان وغاتيلوف لدفع روسيا لاتخاذ موقف أكثر حزما مع الوفد الحكومي السوري. ويُذكر أن الروس حتى الآن لديهم فقط دبلوماسيون في جنيف يعملون على ملف المفاوضات، بينما الدول الداعمة للائتلاف مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لديها فرق كبيرة تعمل على استشارة الائتلاف ودفع المفاوضات، كما يتشاور دبلوماسيون من الدول الـ11 الأساسية لأصدقاء سوريا، ومن بينهم دبلوماسيون عرب.

وبينما تتواصل الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة الأوروبي، فإن التطورات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك تشغل المجتمعين هنا، إذ تستعد الأردن ولوكسمبورغ وأستراليا لتوزيع مسودة مشروع قرار يلزم الأطراف المتنازعة السورية بالسماح بدخول مساعدات إنسانية لسوريا. ومن المتوقع أن توزع المسودة على أعضاء مجلس الأمن عشية اجتماع وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فاليري آموس بأعضاء مجلس الأمن غدا.

وعلى الرغم من أن مصادر دبلوماسية عربية وغربية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف من مشروع القرار إنساني وليس سياسيا، ترفض روسيا مبدأ القرار وتعتبره إحراجا لها. وتتحفظ الصين أيضا على القرار من مبدأ رفض بكين لأي قرار يعدّ «تدخلا في الشأن الداخلي» لأي دولة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إن مسودة قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن وصول المساعدات إلى سوريا بعيدة عن الواقع، وحث الغرب على الكف عن توجيه اتهامات «أحادية الجانب» إلى دمشق. ونقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن لافروف قوله، بعد محادثات مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة: «شركاؤنا الغربيون في مجلس الأمن.. اقترحوا أن نتعاون في صياغة القرار. الأفكار التي عرضوها علينا كانت أحادية الجانب تماما وبعيدة عن الواقع».

وأكد مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» أنه في حال استطاعت روسيا إقناع النظام السوري بالسماح بإدخال مساعدات إنسانية على بعض المناطق المحاصرة، أو إحراز تقدم ملموس على الصعيد الإنساني، من الممكن تأجيل طرح مشروع القرار للتصويت. وحتى مساء أمس لم يحدد موعد للتصويت.

المصدر: جنيف – الشرق الأوسط