القتال في جوبا يتجدد بأعنف وتيرة منذ اندلاعه

أخبار

تجددت المعارك صباح أمس في جوبا عاصمة جنوب السودان، خصوصا في محيط نقطة تفتيش غربي العاصمة والتي تعد الأعنف منذ اشتعال المواجهات بين قوات الرئيس سيلفا كير ونائبه رياك مشار، مع نشر دبابات ومروحيات قتالية وسماع دوي مدافع في أنحاء مختلفة من جوبا. وأفاد شهود وسكان عن «معارك عنيفة جداً». وتحدثت السفارة الأميركية عن «معارك خطيرة بين قوات الحكومة والمعارضة»، فيما قال مصدر دبلوماسي غربي إن معارك عنيفة دارت صباحاً بالقرب من المطار. واحتمى سكان جوبا في منازلهم والعاملون في الهيئات الإغاثية في الملاجئ.

واندلعت المعارك في التاسعة صباحاً في المناطق التي شهدت اشتباكات الأحد في الغرب، حيث توجد قاعدة للمتمردين السابقين وفي الوسط قريباً من المطار المغلق منذ الأحد. وحلقت مروحيتان قتاليتان على الأقل باتجاه منطقة جبل في غرب المدينة ثم قصفتا قاعدة قوات مشار القريبة من معسكر للأمم المتحدة لجأ إليه آلاف المدنيين الذين شردتهم الحرب الأهلية. وسمعت انفجارات قوية يعتقد أنها ناجمة عن قصف بمدفعية الدبابات في حي تونغبنغ وسط المدينة. وقال عامل في منظمة إغاثة إن القتال كان متقطعاً، لكنه كثيف ويدور «بالمدفعية والدبابات والمروحيات»، وأفادت وسائل إعلام محلية بأن المعارك أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 300 قتيل، وفرار آلاف السكان من العاصمة.

إلى ذلك، طلب مجلس الأمن الدولي فجر أمس من الدول المجاورة لجنوب السودان المساعدة في وقف القتال الدائر في هذا البلد، وكذلك أيضاً زيادة مساهمتها في قوات حفظ السلام الدولية. وفي بيان صدر بإجماع أعضائه الـ 15، أكد مجلس الأمن أنه «يدين بأشد العبارات» المعارك الدائرة منذ الخميس، مطالباً الرئيس سلفا كير وخصمه نائب الرئيس رياك مشار بـ«القيام بكل ما بوسعهما للسيطرة على قوات كل منهما وإنهاء المعارك بصورة عاجلة». كما طالبهما بأن «يلتزما بكل صدق بالتنفيذ الكامل والفوري لاتفاق السلام، بما في ذلك وقف إطلاق النار بشكل دائم وإعادة انتشار القوات العسكرية من جوبا».

وحذر البيان طرفي النزاع من أن استهداف المدنيين وموظفي الأمم المتحدة ومنشآتها يمكن أن يشكل جرائم حرب، داعياً إلى محاسبة المرتكبين، ومهدداً بفرض عقوبات، كما طلب المجلس من «دول المنطقة»، من دون أن يحددها، ومن مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي، ومن الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيجاد) «التباحث بحزم مع قادة جنوب السودان من أجل معالجة هذه الأزمة»، وإذ أكد المجلس أنه «يعتزم تعزيز بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان كي تتمكن من درء العنف والتصدي له بشكل أفضل»، طلب من دول المنطقة «الاستعداد للمساهمة بجنود إضافيين» في قوات الأمم المتحدة عند الحاجة.

ولاحقاً طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من مجلس الأمن الدولي فرض «حظر فوري على الأسلحة» الموجهة إلى جنوب السودان و«عقوبات محددة» جديدة ضد مثيري الاضطرابات الذين يعطلون عملية السلام. وإزاء استمرار المعارك العنيفة في جوبا حث بان كي مون أيضاً مجلس الأمن على «تعزيز مهمة الأمم المتحدة في جنوب السودان»، وذلك خصوصا بتزويدها مروحيات عسكرية، وقال إن على الدول التي تساهم بجنود في المهمة «أن تصمد» لان «أي انسحاب سيوجه رسالة سيئة».

وأكد بان أن المهمة «اتخذت وضعاً دفاعياً وعززت محيط الأمان» وتقوم بدوريات داخل المخيمين وفي نواحيهما. لكنه أعرب عن أسفه لأن السلطات مستمرة في تحديد تنقلات عناصر المهمة والعاملين الإنسانيين وطالبها «برفع القيود كافة فوراً». وجدد نداءه الملح لقائدي جنوب السودان المتنافسين بـ«أن يفعلا أقصى ما يمكنهما فورا» لوقف المعارك. وذكر الأمين العام بان مجلس الأمن كان فكر في السابق في حظر على الأسلحة، لكن «تعذر عليه التوافق» بهذا الشأن. وبحسب دبلوماسيين فان الصين وروسيا كانتا مترددتين في فرض حظر أو حتى عقوبات جديدة. وأكد بان أن الوقت قد حان للمجلس «ليتحرك فوراً»، و«يعزز عمل الأمم المتحدة».

ووجهت منظمة هيومن رايتس ووتش الإنسانية انتقادات شديدة إلى موقف مجلس الأمن الدولي حيال الأزمة في جنوب السودان واتهمته باعتماد «استراتيجية خاسرة» في هذا البلد، وأصدرت مساعدة مدير المنظمة المسؤولة عن العلاقات مع مجلس الأمن الدولي بياناً بهذا الصدد فيما كانت تجري مناقشات مغلقة دعا إليها المجلس إثر المعارك العنيفة التي شهدتها جوبا عاصمة جنوب السودان في الأيام الأخيرة بين القوات الحكومية والمتمردين السابقين،

وجاء في البيان أن «مجلس الأمن عول لفترة أطول مما ينبغي على حسن إرادة قادة جنوب السودان (…) ولوح بتهديدات فارغة بفرض حظر على الأسلحة وعقوبات فردية».

وطالبت الولايات المتحدة الأحد بوقف فوري للمعارك الدائرة في جنوب السودان وأمرت الموظفين غير الأساسيين في سفارتها في جوبا بمغادرة البلد. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي في بيان إن «الولايات المتحدة تدين بشدة المعارك الجديدة التي جرت في جوبا بما في ذلك الهجمات المحتملة على مدنيين والتي تبلغنا بوقوعها». وأضاف أنه «رداً على أعمال العنف الراهنة» فإن الوزارة «أمرت اليوم بسحب الموظفين غير الأساسيين من السفارة الأميركية في جوبا». وحض المتحدث الرعايا الأميركيين في جنوب السودان على أخذ الحيطة والحذر، محذراً إياهم من أن «قدرة السفارة على توفير خدمات طارئة للمواطنين الأميركيين في جوبا محدودة للغاية». وأضاف أن واشنطن تطالب كير ومشار «وحلفاءهما السياسيين والعسكريين بسحب قواتهم وإعادتها إلى ثكناتها والحول دون وقوع أعمال عنف جديدة وإراقة دماء».

كير ومشار يأمران بوقف إطلاق النار فوراً

أصدر كل من رئيس جنوب السودان سيلفا كير ومنافسه ونائبه رياك مشار أوامرهما لقواتهما بوقف فوري لإطلاق النار، وذلك بعد ثلاثة أيام من المعارك في العاصمة جوبا بين هذه القوات. فقد أعلن وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل ماكوي، أن الرئيس سيلفا كير أمر بوقف لإطلاق النار يسري على الفور.

وجاء في بيان تلاه الوزير عبر التلفزيون العام «جدد الرئيس التزامه بتطبيق محتوى اتفاق (السلام) روحاً ونصاً، وأصدر بالتالي مرسوماً يأمر بوقف المعارك بأثر فوري». وبحسب المرسوم، فإن قادة الجيش الحكومي كافة تلقوا «الأمر بوقف إطلاق النار وتنفيذ ما جاء في المرسوم ومراقبة قواتهم وحماية السكان المدنيين وممتلكاتهم»، كما أن عليهم «تأمين حماية كل مجموعة إثنية يمكن أن تستهدف من بعض العناصر في قواتهم، وكل (جندي في التمرد السابق) يسلم نفسه للجيش يجب حمايته».

وقال المتحدث الرئاسي أتيني ويك أتيني، إن سيلفا كير لا يزال مستعداً للعمل مع رياك مشار بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة، التي هددت بعودة البلاد إلى الحرب الأهلية. وقال «الوضع هادئ بالفعل اعتباراً من الآن. أمر الرئيس كل قادة جيش التحرير الشعبي السوداني… بإعلان وقف إطلاق النار فوراً»، مضيفاً أنه يجب حماية أي فرد من قوات مشار يرغب في الاستسلام.

كما أمر مشار قواته بوقف إطلاق النار، وقال في حديث مع إذاعة «أي راديو جوبا» «أقول لكل القوات التي قاتلت ودافعت عن نفسها أن عليها أن تحترم وقف إطلاق النار والبقاء، حيث هي في الوقت الحاضر»، موضحاً أن وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ فوراً. وفي وقت سابق أمس، قال مشار، إن طائرات هيلكوبتر تابعة للرئيس سيلفا كير هاجمت أنصاره مما يظهر أن الرئيس «لا يرغب في السلام».

المصدر: الإتحاد