المناهج الجديدة حائط صد أمام التطرف والإرهاب

أخبار

أن نبني جيلاً مثقفاً، قادراً على تحمل المسؤولية، مؤهلاً لخوض مجالات العمل بقوة وجدارة، فلابد أن نهتم ببنائه النفسي، والفكري، وأن نعمل على تغذيته بما يعزز فيه قيم التسامح، والسمو، والصفاء الذاتي، والأريحية الواجبة لكيان صحيح معافى، ومتصالح مع نفسه، يثق في قدراته، ويعتمد على إمكاناته، ويتسلح بالعلوم والمعارف ليس فقط العلمية، وإنما أيضاً الروحية.

ومن هذا المنطلق، تعزم وزارة التربية والتعليم، ومجلسا أبوظبي والشارقة للتعليم، على ابتكار مناهج تحسن من سلوك الطلبة، وتقيهم شرور الانجراف وراء التيارات المتطرفة، ومنها الموسيقى، والفنون، والمسرح، والرياضة، وجميعها تسمو بالروح، وتصفو بالنفس، وتشكل حائط صد أمام أي شرور متطرفة يسوقها أرباب الإرهاب، ومشغلوه، الذين يسعون إلى استقطاب الأبناء، وإسقاطهم في مستنقعات وعرة لا عودة منها.

حول التأثير الإيجابي لهذه المناهج على سلوك الأبناء، وتشكيل وبلورة أفكارهم، والارتقاء بذاتهم، تدور الآراء الآتية:

بداية قالت موزة بن خادم أستاذ أكاديمي في كليات التقنية العليا في الشارقة: اعتمدت وزارة التربية والتعليم، وبعض مجالس التعليم في الدولة تدريس مناهج الأنشطة الطلابية في جميع المراحل الدراسية، وهي خطوة نتمنى أن تؤتي ثمارها في نشر الوعي المجتمعي لدى طلابنا بأهمية ممارسة مثل هذه الأنشطة، وجعلها جزءاً لا يتجزأ من المنهاج المقيم.

حيث من شأن ممارسة الطلبة لهذه الأنشطة بشكل علمي ومنهجي، إيقاظ الحس الجمالي في كياناتهم وأرواحهم، بما يمكن أن يسهم في إيجاد درع واقية من كل فكر متطرف، يمكن أن يتسلل إلى عقولهم، كما أنها سترفد المجتمع بمواهب فنية مدربة على أسس علمية، يمكن أن تساهم في تنميته، وتطويره جمالياً وروحياً.

والمجتمع كما يحتاج إلى الطبيب، والمهندس، والمعلم، يحتاج أيضاً إلى الفنان، والرسام والأديب، والشاعر، والرياضي وجميعهم يتخرجون في المكان ذاته، فالمدرسة هي حقل تزرع فيه بذور الموهبة، والتميز العلمي، والفني، والأدبي، والرياضي، ونتمنى كل التوفيق والنجاح لطلابنا ولمعلمينا في تخريج كل ما يسهم في خدمة وطننا، وتنميته، وتطويره.

تحمل المسؤولية

ولفتت أحلام بن جرش السويدي مساعد نائب المدير للشؤون المالية والإدارية في الجامعة القاسمية إلى أن الجميع على يقين بأن المدرسة منذ الروضة وحتى المرحلة الثانوية تلعب دوراً كبيراً وحيوياً ليس فقط في تزويد الطالب بالعلوم النظرية فحسب، إنما في تدريبه على ممارسة كثير من المهارات الحياتية المختلفة، التي تعينه على النجاح والتميز في حياته.

وبقدر المهارات الصحيحة التي يتعلمها الطالب، يكون مستقبله متميزاً؛ حيث تصقل هذه المهارات قدرات الطالب الذاتية، وتجعله يطبق ما تعلمه في مواقف الحياة المتنوعة التي يمر بها.

وأتذكر أنه كان من ضمن المنهج الدراسي عندما كنت أدرس في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، مادة التربية الفنية، والموسيقى، والألعاب الرياضية، ومادة التربية الأسرية، إضافة إلى حصة النشاط الحر، وكانت تلعب دوراً كبيراً في صقل شخصياتنا كطالبات، واكتشاف نقاط القوة والضعف، وكذلك اكتشاف المهارات الذاتية التي لا يتم اكتشافها إلا من خلال الأنشطة الطلابية المتنوعة والهادفة، فالمهارات الحياتية تعمل على تعليم الطالب تحمل المسؤولية والتصرف في المواقف المختلفة، وتحمل الضغوط الحياتية، ومواجهة التحديات التي قد تعترضه في المستقبل، كما تسهم في اكتسابه العادات السليمة، والأفكار البناءة، والابتعاد عن التفكير السلبي في توافه الأمور، الذي يقود إلى ضياع الفرد ومستقبله.

إضافة إلى أن تعلم المهارات الحياتية المختلفة، يعين الطالب على حل مشكلاته ومواجهتها، والتعامل معها بوعي تام، كما أنها من موسيقى، وفن، ومسرح ورياضة وغيرها، تحقق التكامل التام بين المدرسة والحياة الأسرية، من خلال دمج ما يتعلمه الطالب في المدرسة مع ما يواجهه من مواقف في حياته؛ بحيث تجعله قادراً ومتعايشاً بإيجابية مع بيئته المحيطة؛ لذا فلا شك بأن إضافة مواد دراسية عملية للمنهاج الدراسي، تمنح الطالب الفرصة لأن يعيش بشكل أفضل في المجتمع، وتزرع في عقله الأفكار الصحيحة الهادفة، خصوصاً وأننا في عصر الانفجار المعرفي والتكنولوجي، الذي وللأسف اختلط فيه الصحيح بغيره، وأصبحت بعض فئات الشباب لا تفرق في ذلك بين ما هو أساسي وما هو ثانوي.

صفات رفيعة

وأكدت نعيمة الزعابي رئيس مجلس الأمهات في كلباء، أن إدراج منهاج الفنون والرياضة في المواد الدراسية للطلبة يسهم في إكسابهم العديد من الميزات التي تصب في الارتقاء بفكرهم، وإثراء عقولهم، بصورة تعلي من مداركهم، وترتقي برؤيتهم للأمور، وتبعدهم عن الهامشية، وتباعد بينهم وبين الانجراف تجاه أي منزلق خطر، أو غير صحيح، في ضوء إسهام هذه المناهج في السمو بأرواحهم، وإنارة بصيرتهم، وتزويدهم بصفات نفسية رفيعة.

إن المناهج التي تستهدف الجانب النفسي والترفيهي، تلعب دوراً في الأخذ بالطلبة إلى خارج النطاق التعليمي المحصور في الكتب الدراسية، بما يفتح آفاقاً محببة إليهم، ويسهم في الترويح والتخفيف عنهم، ويقوي من عزائمهم، ويسهم بالتالي في تجنيبهم السقوط في براثن الأفكار المضللة، أو المغلفة بالتطرف والانحراف.

تخفيف الضغوط

وروت التربوية مريم قضيب، أنها كنت تعمل سابقاً ولمدة 23 سنة معلمة رياض أطفال، وتقوم بتدريس خبرات متنوعة تتخللها أنشطه مختلفة، منها: حصص رياضية، وفنية، وموسيقى، مؤكدة أن هذه الحصص كانت تسهم في تخفيف الضغوط النفسية والسلوك العدواني لدى الأطفال، وتساعد على بناء شخصيتهم، وتوظفها للأفضل بشكل إيجابي، وتؤدي إلى صقل مواهبهم، وتنمية عقولهم، والتعبير عن متطلباتهم.أما عن الحصص الموسيقية فلا أحبذ أن تدرس في المراحل الإعدادية والثانوية، لكن فقط في مرحلة رياض الأطفال والابتدائي لصفوف الأول والثاني فقط.

جيل ملتزم

قال محمد حمدان السويدي الرئيس التنفيذي للسعادة والإيجابية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات: منذ أيام شهدنا إطلاق برنامج لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة بعنوان «إعداد المؤلف الشاب»، بحضور المؤسسات الثقافية، ودور النشر، والأدباء الشباب، وهذا الاهتمام ينبع من استراتيجية الدولة في الاهتمام بالشباب، ودفعهم لتناول قضاياهم بأقلامهم، وإعداد الباحثين منهم ليساهموا في عملية التنمية المستدامة التي ترتكز على الاستثمار في العنصر البشري.

وتوجه وزارة التربية والتعليم، ومجلسي أبوظبي والشارقة للتعليم، في ابتكار مناهج تحسن من سلوك الطلبة، وتقيهم من شرور الانجراف وراء التيارات المتطرفة، يؤكد التحولات الجادة في الاهتمام بشريحة الشباب من خلال إضافة مواد في المناهج الدراسية مثل: التربية الأخلاقية، والآداب، والفنون، وأيضاً التركيز على اللغة العربية، بما يسهم في بناء شخصيات وطنية ملهمة، مبتكرة ذات أبعاد إنسانية واجتماعية، فضلاً عن دور هذه المجالات الجديدة في تعزيز قدرات الأبناء، وتنمية وعيهم بذاتهم، وبالآخرين، كما ستكسبهم البرامج الرياضية نشاطاً، وحيوية، ودافعية.

صناعة جيل واع

اعتبرت أحلام بن جرش السويدي هذا التوجه خطوة رائدة، ورائعة، ومتميزة لوزارة التربية والتعليم، تسهم في زرع القيم والأخلاق في نفوس الأجيال، وتعمل على صناعة جيل واع، يحمل عند تخرجه مهارات تعينه على التعامل مع معطيات الحياة، ليس فقط في المجال العلمي. وأتمنى أن تضاف مواد البرامج التطوعية وأهمية العطاء، وكذلك تعليم الشباب عادات وتقاليد البلد، وأهم من ذلك كله، هو الاختيار الأمثل للمعلمين الذين سيقومون بتدريس هذه المواد، فهم القدوة التي ستؤثر في المتعلمين، وهم الذين سيسهمون في صناعة مستقبل هذا الجيل، وهم الذين سيحققون رسالة البرنامج وأهدافه، وبالتالي إنجاح المخرجات بإذن الله؛ لذلك لا بد من اختيار الشخصيات المتميزة التي تؤمن بأهمية طرح هذه المواد.

المصدر: الخليج