تفاؤل في أوساط خبراء الاقتصاد والمسؤولين بمصر مع مساعدات خليجية بمقدار 12 مليار دولار

أخبار

القاهرة: شريف اليماني

تدفقت 12 مليار دولار من المساعدات العربية خلال الـ48 ساعة الأخيرة على مصر، حيث بدأ رئيس الوزراء المكلف حازم الببلاوي مشاوراته لتشكيل الحكومة. وانضمت الكويت للسعودية والإمارات وقدمت أمس 4 مليارات دولار منحا وقروضا للقاهرة، وأعلنت أن مجلس وزرائها وافق على تقديم مساعدات لمصر تشمل وديعة بقيمة ملياري دولار للبنك المركزي المصري، ومليار دولار أخرى منحة لا ترد، إضافة إلى نفط ومشتقات نفطية بقيمة مليار دولار منحة.

وكانت السعودية والإمارات أعلنتا عن تقديم 8 مليارات دولار في صورة منح وقروض.

وقالت الخبيرة المصرفية بسنت فهمي إن تلك المساعدات ستدعم احتياطي النقد الأجنبي، وتصل به إلى حدود آمنة، كما أنها ستحول دون هبوط العملة المحلية مقابل الدولار، وهو ما يعني السيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة؛ كون مصر تستورد أكثر من نصف احتياجاتها السلعية.

وأضافت أن الأهم هو الإدارة الجيدة لتلك المساعدات حتى تكون وسيلة لدعم الاقتصاد، بدلا من أن تنفق تلك المساعدات دون وجود برنامج للمحافظة على إنفاقها.

وفقد احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي نحو 1.1 مليار دولار خلال الشهر الماضي، ووصل إلى 14.9 مليار دولار، وهو مستوى يغطي احتياجات البلاد من الواردات السلعية لمدة ثلاثة أشهر فقط.

وقال متعاملون في شركات الصرافة أمس، إن تأثير تلك المساعدات على سعر الجنيه في السوق سيرتبط بمدى توفير أموال من البنوك لشركات الصرافة، مشيرين إلى أن الطلب على الدولار في السوق خارج نطاق البنوك محدود.

ويرى الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن المساعدات الخارجية لمصر من الأشقاء العرب تعتبر مدعمة لأداء الاقتصاد المصري المتهاوي، وستساهم في خفض الفجوة التمويلية لمصر، مشيرا إلى أن أي مساعدات خارجية تأثيرها دائما قصير الأجل. وقال إن الحكومة المصرية يجب أن تستخدم تلك المساعدات للقضاء على الخلل الاقتصادي، وتكون وسيلة لعودة الإنتاج مرة أخرى، وتابع: «يجب أن لا تكون تلك الأموال الضخمة وسيلة طمأنة للحكومة المقبلة، ولكنها يجب أن تكون دافعا لعودة عجلة الإنتاج في أسرع وقت ممكن».

ويعاني الاقتصاد المصري منذ اندلاع الثورة المصرية من أزمات ضخمة أدت إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي من مستواه في نهاية 2010 عند 36 مليار دولار إلى 14.9 مليار دولار نهاية الشهر الماضي، وذلك بعد تراجع إيرادات السياحة وقناة السويس، كما توقف العديد من المصانع عن العمل، كما خرج الكثير من المستثمرين الأجانب من سوق الدين الحكومي خلال الفترة الماضية.

وقالت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية إن الفجوة المالية لديها تقدر بنحو 19.5 مليار دولار خلال الفترة من ثلاث سنوات تنتهي في 2014 – 2015.

وقال حمدي سمير مستشار وزير المالية إن تلك المساعدات ستدعم إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين الحكومية، متوقعا أن يساهم ذلك في خفض تكلفة اقتراض الحكومة، مشيرا إلى أن هذا الدعم الكبير يدعم رؤية الأجانب في مصر.

وتراجع سعر صرف الدولار، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، أمس، ليصل متوسطه إلى 6.99 جنيه، فيما وصل سعر الشراء إلى 7.008 جنيه، والبيع إلى 7.03 جنيه.

وقال المحلل الاقتصادي محمد عبد المطلب إن هذا الدعم الضخم من الدول العربية سيساعد أيضا في منح الثقة للمستثمرين، خاصة العرب، في اقتصاد البلاد، مشيرا إلى أن شركات التصنيف الائتماني قد تكون حذرة خلال تلك الفترة في تخفيض تصنيف مصر الائتماني؛ كون تلك المساعدات كافية لمساندة أي هزات قد يتعرض لها الاقتصاد خلال الفترات المقبلة، وستسهل المساعدات عمل الحكومة الحالية، خاصة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي لإقراض مصر.

وتعاني الحكومة المصرية منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 تدهورا في أداء الاقتصاد، ما أدى إلى تراجع في معدلات النمو وزيادة في عجز الموازنة، مع تزايد معدلات البطالة، وعزوف المستثمرين، خاصة الأجانب، عن ضخ أموالهم في البلاد، ما جعل الحكومة تلجأ إلى الاقتراض من الدول والمؤسسات الدولية لدعم اقتصادها.

ولا تزال الحكومة منذ منتصف عام 2011 وحتى الآن تتفاوض للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار. وحصلت، عقب ثورة يناير وحتى نهاية حكم الرئيس مرسي، على أموال من عدة دول، حيث حصلت من السعودية على نحو 1.9 مليار دولار، ومن قطر على 8 مليارات دولار، ومن ليبيا على ملياري دولار، ومن تركيا على ملياري دولار، وذلك في صورة منح وقروض وتسهيلات ائتمانية.

وقال وزير الدولة للشؤون الحكومية في الكويت الشيخ محمد عبد الله الصباح، إن المساعدة تتكون من مليار دولار هبة، ووديعة بملياري دولار في المصرف المركزي المصري، ومليار دولار مشتقات نفطية، وتضاف إلى 5 مليارات قدمتها السعودية و3 مليارات من دولة الإمارات، يوم أول من أمس (الثلاثاء).

على صعيد متصل، قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إن معدل التضخم الشهري خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي ارتفع بنسبة 1 في المائة مقارنة بشهر مايو (أيار) السابق عليه، كما ارتفع معدل التضخم السنوي مقارنة بشهر يونيو 2012 ليسجل 10.9 في المائة ويصل إلى 137.1 نقطة.

وقال رئيس الجهاز اللواء أبو بكر الجندي، إن الشهر الماضي شهد إقبالا من المواطنين على شراء السلع والمنتجات الغذائية، وتخزين الطعام بسبب تخوف البعض من نقص المنتجات الغذائية بالأسواق نتيجة للأحداث السياسية التي تشهدها البلاد، فضلا عن دخول شهر رمضان الذي يقبل فيه المواطنون على الشراء.

وأوضح الجندي أمس أن أسعار الطعام والشراب زادت بنسبة 2.3 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه لتسجل 155.4 نقطة، كما ارتفع معدلها على أساس سنوي بنسبة 13.8 في المائة مقارنة بشهر يونيو 2012، كما ارتفعت أسعار الدواجن والأسماك الطازجة والمجمدة.

وأشار الجندي إلى أن معدل التضخم في النصف الأول من العام الجاري خلال الفترة من يناير إلى يونيو ارتفع بنسبة 8.7 في المائة، مرجعا السبب إلى زيادة أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، وخاصة سعر صرف الدولار، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، الذي بدوره أثر على زيادة الأسعار في جميع القطاعات.

وأشار الجندي إلى أن الفترة الماضية شهدت ارتفاعا في أسعار أسطوانات البوتاجاز، فضلا عن وجود أزمة البنزين والسولار، التي انعكست بدورها على ارتفاع أسعار نقل البضائع.

ولفت الجندي إلى ارتفاع التضخم في الحضر خلال الشهر الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه بنسبة 0.9 في المائة ليسجل 134.8 نقطة، كما ارتفع المعدل مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي ليسجل 9.8 في المائة، وفي الريف زاد معدل التضخم خلال الشهر الماضي بنسبة 1.1 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه ليصل إلى 139.8 نقطة، وصعد معدل التضخم السنوي ليسجل 12.2 في المائة مقارنة بشهر يونيو 2012.

ويرى محللون أن المساعدات التي أعلنت عنها الدول العربية لمصر ستدعم احتياطي العملة الأجنبية لدى البنك المركزي، ما قد يقوض هبوط العملة المحلية.

ووصل احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى 14.9 مليار دولار نهاية شهر يونيو الماضي، فاقدا نحو 1.1 مليار دولار، وهذا المستوى يكفي لاستيراد احتياجات البلاد السلعية لمدة ثلاثة أشهر فقط.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط