جناح الاستدامة في «إكسبو 2020» يؤكد القدرة على التغيير نحو الأفضل

أخبار

أكد «توم هينيس» كبير المهندسين في شركة «ثينك ديزاين» القائمة على تصميم المحتوى لجناح الاستدامة في «إكسبو 2020 دبي»، أن الجناح يتيح التواصل مع ملايين الناس من جميع أنحاء العالم، بشأن قدرة البشر وأهمية تضافر جهودهم لتغيير العالم نحو الأفضل والارتقاء بجودة الحياة على هذا الكوكب.

يؤكد هينيس إن هناك قاسماً مشتركاً بين قيادة «إكسبو 2020 دبي» والفريق الاستشاري وفريق عمل إكسبو الخاص بجناح الاستدامة وفريق «مجموعة غريمشو»، ويتلخص في التزام راسخ بإقامة صرح سيرسم معالم وملامح المستقبل، من خلال مقوماته المادية والتشغيلية ليصبح بذلك مبنى مستداماً متميّزاً لأمد بعيد.

وقال: وراء الموضوع الرئيسي لجناح الاستدامة فكرة أساسية قائمة على خلق بيئة مشابهة للواحة بكل عناصرها، وهو يأتي مستوحى من تقاليد دولة الإمارات التي تكيّف شعبها مع طبيعة أرضها ومناخها.

وأضاف أن هذا المشروع فرصة لا تتكرر كثيراً، تتيح التواصل مع ملايين الناس من جميع أنحاء العالم، بشأن قدرة البشر وأهمية تضافر جهودهم لتغيير العالم نحو الأفضل والارتقاء بجودة الحياة على هذا الكوكب. فهذا المشروع قائم على تمكين الشباب والناس عموماً في سياق حياتهم اليومية، ليكونوا جزءاً من مسيرة مستمرة وتوجه متنام نحو عالم قائم على مبادئ الاستدامة في مختلف مناحي الحياة. إننا أمام فرصة غير مسبوقة لتسليط الضوء على أهمية التكامل بين التكنولوجيا والأطر الاجتماعية والاقتصادية، وأسس الاستدامة الثقافية والحضارية المتأصلة في دولة الإمارات بشكل خاص، مما يتيح لكل فرد مكاناً أفضل في مستقبل مستدام. وإنه من دواعي السرور، العمل والتعاون مع المهندسين المعماريين المتميزين في «مجموعة غريمشو الهندسية» من أجل إقامة هذا الصرح الذي سيتحوّل فيما بعد إلى مركز استكشاف للعلوم يجسّد معنى الاستدامة بأبهى تجلياتها وفق معايير جديدة ومبتكرة.

وأشار إلى أنه يوجد قاسم مشترك بين قيادة «إكسبو 2020 دبي» والفريق الاستشاري وفريق عمل إكسبو الخاص بجناح الاستدامة وفريق «مجموعة غريمشو»، ويتلخص في التزام راسخ بإقامة صرح سيرسم معالم وملامح المستقبل، من خلال مقوماته المادية والتشغيلية ليصبح بذلك مبنى مستداماً متميّزاً لأمد بعيد، وأيضاً من خلال طريقة تفاعله مع الجمهور عبر حوار عميق يستكشف معنى المستقبل المستدام بالنسبة لكل فرد منا. ولا شك في أن وجود مثل هذه الرؤية الواضحة وهذا الالتزام الراسخ بتجسيدها على أرض الواقع، يمنح المشروع برمته بعداً استثنائياً إضافياً.

مشيراً إلى أن الرسالة تتلخص في أن تحقيق مستقبل مستدام بات أمراً ممكناً، وباستطاعتنا نحن كبشر أن نجعله رائعاً بكل جوانبه، باعتبار أن لكل فرد منا دوراً يجب أن يمارسه في صنع ذلك المستقبل.

أسلوب حياة مستدام

وقال: تقف وراء الموضوع الرئيسي لجناح الاستدامة فكرة أساسية قائمة على خلق بيئة مشابهة للواحة بكل عناصرها، وهو يأتي مستوحى من تقاليد دولة الإمارات التي تكيّف شعبها مع طبيعة أرضها ومناخها ونجح في إيجاد أسلوب حياة مستدام. وفي هذا المشروع، نسعى إلى توسيع مفهوم الواحة المعهود بالمنطقة، ليشمل التركيز على الحياة بأسلوب أبسط يقوم على استغلال أفضل للموارد المتاحة. الأمر ذاته ينطبق على الشعاب المرجانية وغابات المانجروف أو حتى ساحل البحر، فجميعها تجسد الطبيعة التي قد يحافظ عليها الإنسان أو يهلكها تماماً. والسؤال هنا كيف يمكننا بناء المدن والمزارع والمصانع عندما ننظر إليها كواحة؟ وما الفرص التي ستتاح أمامنا عندما نصل إلى فهم أعمق للبيئات التي نطورها ونستخدمها؟

إننا نركز على بيئات طبيعية مختلفة بدولة الإمارات، بما في ذلك ساحل الخليج العربي، وجبال الحجر، والصحراء الشاسعة والسبخة بالإضافة إلى الشعاب المرجانية وغابات المانجروف. وسوف نتعاون مع المجتمعات المحلية من جميع أنحاء دولة الإمارات من أجل تطوير معارض تقدم صورة حول حياة الناس في الماضي وكيف تأقلموا جيداً مع بيئاتهم. كما سنستفيد من أفضل التجارب العالمية من خلال تسليط الضوء على موضوعات مختلفة ابتداءً من التكيف الذكي والمتسارع مع البيئات الطبيعية، مروراً بالمناخ والمناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية وصولاً إلى توافر الموارد، وغيرها. ولكن علينا أن نبدأ أولاً بالاستفادة من مبادرات الاستدامة المحلية بدولة الإمارات.

تطوير علاقات وجدانية

وحول طريقة التقديم قال: نستخدم عناصر سينمائية مؤثرة لتجسيد مفهوم «الواحة»، ومن ثم مجموعة واسعة من المعارض لتمكين الزوار من استكشاف هذا المفهوم. كما نستخدم معارض حية متخصصة لجذب الانتباه وتسليط الضوء على سمات الطبيعة الإماراتية، وبالتالي توفير زوايا للتأمل وتطوير علاقات وجدانية. وستتيح المساحة التي تقع تحت ما يشبه القبة السماوية للزوار فرصة استكشاف المكان والتجول في جنباته، حيث سيستمعون خلال هذه التجربة إلى شرح وافٍ عن الأنظمة المتطورة التي تقف وراء آلية عمل هذا الصرح المذهل، كما سيشاهدون الخزان الذي يحتوي على المياه التي أنتجها المبنى ذاته. وأضاف: يقدم المبنى بحد ذاته نموذجاً مصغراً للمستقبل المستدام الذي يمكن أن يكون مذهلاً وممتعاً وجميلاً وبالطبع «ذكياً» جداً. ولذلك فإننا سوف نستخدم المشهد الطبيعي المحيط به كأداة تفسيرية لتوضيح العلاقة بين البناء والعديد من مظاهر الاستدامة ضمن المشهد الطبيعي ذاته. وسوف نوضح سبب وجود الخزان في المركز وأهمية الماء كشريان الحياة على هذا الكوكب. كما أننا سنسلط الضوء على مختلف الأنظمة العاملة في المبنى، ونشرح طبيعتها وآلية عملها كلما كانت هناك فرصة لذلك على امتداد مسار الزيارة.

وحول آراء الشباب قال: لقد أدهشنا جداً مستوى اهتمام وجدية هؤلاء الشباب في كل مرة كنا نحتك بهم. إنهم مهتمون كثيرا بموضوع الاستدامة، ومسرورون جدا من البلد الذي يعيشون فيه، ومتحمسون وراغبون فعلاً في لعب دور في بناء المستقبل. لقد كانت لديهم أفكار مهمة واقتراحات مبتكرة حتى بشأن تسمية الجناح. وعليه، فإننا نعتزم متابعة التواصل مع الشباب وتعزيز مشاركتهم من الآن فصاعداً.

كيف ستتم الاستفادة من تلك الآراء والأفكار في المبنى؟

– تشكل تلك الآراء تحدياً كبيراً يدفعنا إلى توفير المزيد من الأمثلة ونماذج الاستدامة التي يتم تطويرها في مختلف أنحاء العالم وتوضيح كيفية تحقيقها. والواقع لم نقم باختبار أفكار محددة للمعرض حتى الآن، ولكننا ناقشنا بشكل عام ما نعتزم القيام به. لقد لمسنا تشجيعاً كبيراً لمواصلة العمل على تطوير مفهوم «الواحة» وإدخال المزيد من المفاهيم الثقافية الإماراتية في المعارض، جنباً إلى جنب مع أحدث تقنيات القرن الحادي والعشرين، وهو ما يمكن أن نسميه إن شئت: «عودة إلى الماضي من أجل المستقبل».

هل هناك أية مبادرات تواصل مجتمعية فعلية تسهم في صياغة قراراتكم؟

– ما توصلنا إليه فعلياً حتى الآن يتمثل في فكرة إطلاق برنامج من شأنه إشراك الشباب في «الجناح» قبل وأثناء وبعد إكسبو 2020 دبي. تفاصيل هذا البرنامج لم تنضح بعد، ولكننا نتطلع إلى دور كبير ومهم للشباب في «الجناح»، بما في ذلك التواصل والعمل مع الزوار وتشكيل قاعدتهم المعرفية الخاصة بهم. وبإمكانكم أن تترقبوا المزيد من الأخبار حول ذلك.

تجربة مميزة وفريدة

قال هينيس:« نعمل على توفير تجربة متكاملة تستند إلى المقومات والجوانب العلمية والتكنولوجية والاجتماعية والثقافية لمفهوم الاستدامة. كما أننا نتعمّد الدمج بين مختلف الاختصاصات لتسليط الضوء على أساسيات ومستلزمات العيش على هذا الكوكب في القرن الحالي وما بعده. ومن هذا المنطلق، سنحشد القصص والمعرفة والتجربة المحلية، بدءاً من الخبرات التقليدية الشعبية وصولاً إلى أحدث ما توصلت إليه الأبحاث في «معهد مصدر»، فضلاً عن الاستفادة من التجارب والدراسات من مختلف أنحاء العالم. وسوف يكون هناك قسم يسلط الضوء على البشر كنظام بيئي مستدام، وكوكب الأرض عموماً كواحة قائمة بذاتها وندرك تفاصيلها اليوم بشكل أفضل من أي وقت مضى على مدى التاريخ، وينبغي علينا أن نقوم بإدارتها ورعايتها بمسؤولية أكبر مع مطلع ما يسمى «الحقبة البشرية الجديدة».وهناك جانب آخر، قد يكون أبسط، ويتلخص في أن الجناح سيشكل أول تجليات الحقبة البشرية الجديدة (الأنثروبوسين) على منصة عالمية. ورغم أنه من غير المحتمل أن تقر «المفوضية الدولية لعلوم الأرض»، مصطلح (الأنثروبوسين)، قبل عام 2020، فإن استخدامه سيبقى غير رسمي أو ربما يعتمده المجتمع الأكاديمي كتعريف رسمي يصف الحقبة الجيولوجية الحالية للأرض. وفي كلا الحالتين، سوف يكشف «جناح الاستدامة» عن مدى الأهمية التي بلغها دور وتأثير البشر بالنسبة لمستقبل الكوكب، فضلاً عن أنه سيقدم مجموعة متنوعة من الأفكار التي تسهم في جعل المستقبل الذي ينتظرنا رائعاً.

المصدر: الخليج