حديث الأمير محمد بن سلمان.. رحلة ال«تريليونين» تبدأ ب«أسهم أرامكو»

أخبار

حديث الأمير محمد بن سلمان، لوكالة بلومبرغ لتأسيس صندوق سيادي يصل الى تريليوني دولار (7.5 تريليونات ريال)، على أن يكون بيع 5% من أسهم أرامكو هو البداية للوصول الى هذا الرقم في العشرين سنة القادمة، مهم للغاية في رسم مستقبل المملكة الاستثماري محلياً وعالمياً، ومن قراءة سريعة للقاء، يمكن القول ان ذلك يعني أن بيع أسهم أرامكو هي البداية لتحقيق هدف الصندوق في الوصول الى تريليوني دولار، ولا يعني أن حجم الصندوق سيكون تريليوني دولار عند طرح أرامكو خلال العام القادم أو الذي يليه، بل يعني أن نواة زيادة حجم الصندوق تبدأ بتحصيل قيمة طرح أسهم أرامكو للجمهور في الأسواق المالية. وهو ما أربك بعض المحللين في القول ان تقدير قيمة أرامكو يصل إلى نحو تريليوني دولار، بل ذهب بعضهم الى القول ان هذا يعني بيع النفط في باطن الأرض، مايدل على أن بعض المحللين يفتقد الحس الاستثماري والاقتصادي، فالثروة الوطنية أيا كانت لا تباع، فهي تمنح كامتيازات للتنقيب والاستكشاف والتشغيل، كإجراء طبيعي في التعامل مع قطاعات التعدين، التي لا يمكن التنبؤ بحجمها قبل الاستكشاف والتنقيب، مايصعب تقييمها ابتداء ما يجعل “الامتياز” أمثل الطرق لتشجيع الاستثمارات في هذا القطاع. وقطاع النفط مماثل لقطاع التعدين في الاستكشاف والتنقيب، ولأن المملكة غنية بالاحتياطيات النفطية الضخمة رغم اختلاف التقديرات حولها، فإن تخصيص أرامكو يعني بداية دخول شركات نفطية أخرى للمنافسة في التنقيب والاستكشاف بمنح اتفاقيات امتياز قد تكون مماثلة لأرامكو لضمان المنافسة بين الشركات النفطية. وعلى ضوء ذلك، سيخصص قطاع النفط والغاز، وستعتمد الحكومة على الضرائب المتحصلة من الشركات النفطية، ورخص الامتياز، وحصة الحكومة من بيع كل برميل نفط، وهكذا.

ومن قراءة خبر بلومبرغ، ولقاء سمو الأمير محمد بن سلمان، يستشف أيضاً أن المعني بالصندوق السيادي هو صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق الاستثمارات العامة هو الذراع الاستثماري الحالي للحكومة، لكن نظامه الأساسي وسياساته وحوكمته، لم تصل إلى الآن على القول أنه “صندوق سيادي” سوى أنه خاضع ويدار بواسطة الحكومة السعودية، مايجعل العمل على تحويله نظاماً واجراءً الى صندوق سيادي بحيث يرسم علاقته بوضوح مع موازنة الحكومة السنوية، وطريقة إقراضها، إن اضطر الى إقراضها، مع منع مايقوم به الصندوق الآن من إقراض لبعض الشركات، حتى تتحول أنظمته وسياساته الى الإطار القانوني والسيادي المشابهة لمعظم الصناديق السيادية الأخرى. وسيظل الصندوق السيادي مهم لحفظ الثروة للأجيال القادمة، لكنه لن يكون قادراً على تمويل الاقتصاد السعودي، أو أنه سيكون بديلاً عن النفط، أو مصدر تنويع للاقتصاد، بقدر مايكون مصدرا مهماً للعائدات الاستثمارية الحكومية، وتنويعها ورفع العائد منها بأكثر فعالية وكفاءة. فالتنويع الاقتصادي والدخل الحكومي لإدارة موازنة الحكومة، سيحتاج الى جهود أكبر، في تشجيع القطاع الصناعي ورفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي، وكذلك رفع مستويات مساهمات القطاع السياحي، والزراعي، والتعديني، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في إجمالي الناتج المحلي.

وأعتقد أن صندوق الاستثمارات العامة هو نواة ممتازة للوصول بحجمه الى تريليوني دولار، فحجمه الحالي يقدر بنحو 500 مليار ريال (133 مليار دولار)، فبدءا من تخصيص أرامكو، يمكن العمل الجدي للوصول به الى تريليون دولار في عشرين عاما، ببيع بعض حصص (أسهم) الحكومة على سبيل المثال في الاتصالات، والكهرباء، والبتروكيمياويات (سابك)، وغيرها من الشركات المدرجة في السوق. ورفع حجمه أيضاً من بيع الأراضي الحكومية غير المستغلة، وبيع رخص الامتيازات الاستثمارية، والعمل على إعادة استثمار مبالغ البيع، في اصول داخلية وخارجية. وعلى أية حال، علينا الانتظار لمعرفة تفاصيل السياسة الحكومية الاستثمارية، بمافيها أهدافها وأنظمتها، وطرق تمويلها، حتى يمكن التأكد من قدرتها على تحقيق تلك الأهداف.

المصدر: صحيفة الرياض