د. علي الطراح
د. علي الطراح
حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة متشجن الأميركية في عام 1984 . عمل مستشاراً ورئيساً للمكتب الثقافي لسفارة دولة الكويت في واشنطن 1989-1992 ومستشاراً إعلامياً ورئيس للمكتب الإعلامي في سفارة دولة الكويت في واشنطن 1992 - 1995 . عميد كلية العلوم الاجتماعية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت .

حرب التواصل الإلكتروني

آراء

في جلسة المؤتمر الدولي حول التراث في سوريا والعراق وما يتعرض له من خطر التدمير والنهب، وما يحدث من قتل للأقليات العرقية والدينية، سواء في العراق أو سوريا على أيدي تنظيم «داعش»، أقول للسيد ميستورا، وبحضور الأخضر الإبراهيمي، إن الأحداث تتصاعد في سوريا والعراق وإن تنظيم «داعش» يمتلك الخبرة الكبيرة في التواصل الإلكتروني، بينما دول التحالف مازالت لا تضع في الاعتبار القوة الإلكترونية لهذا التنظيم الإرهابي، وكيف استطاع أن يخترق عقول بعض الشباب ويكسب قلوبهم، ليس الشباب المسلم فقط وإنما حتى من غير المسلمين أيضاً، مما يعني أن التنظيم يدار بأساليب سيكولوجية في غاية التعقيد. وهذا ما يستوجب من الدول التي تشن حربها على التنظيمات الإرهابية إعادة حساباتها والعمل على وضع استراتيجية جديدة تصل بها إلى مواجهة إعلامية تحدث التوازن في كيفية استقبال الرسائل التي يرسلها «داعش» إلى العالم. الإبراهيمي كان له مقابلة مشهورة في قناة «العربية» قال فيها إن «داعش» ليس مجرد سيارات «تويوتا» ترفع أعلاماً سوداً، ولكنه أعقد من ذلك، وينبغي ألا نحاول تسطيح هذه الظاهرة.

«داعش» يمثل لنا تحولاً كبيراً في استخدام وسائل التواصل الإلكتروني، وقد تحول اليوم إلى قوة من خلال إجادته استخدام الوسائل الإلكترونية، بينما الطرف الآخر ما زال يخوض حربه الجوية أو يستخدم العشائر، وليس الجيوش النظامية، مما يعني أن التعامل ما زال يشوبه الغموض، وأن هذه الحرب قد تستمر لسنوات تتعرض خلالها المنطقة العربية لهزات كبيرة. من الواضح أن الظاهرة الداعشية معقدة، وأن الخيوط تتجاوز ما ينشر في الإعلام على مختلف توجهاته، كما أن الأيدي الاستخباراتية لها لمساتها في كيفية إدارة الصراع وإطالة أمده لأسباب ليست بمجهولة. إذن الظاهرة الداعشية تشكل أهم وأكبر التحديات التي يواجهها العالم، ويخطأ من يعتقد أنها محصورة في بقعة جغرافية محددة، وهو أمر لم تستوعبه إلى الآن الدول الغربية، التي تعتقد أنها بعيدة عن تداعيات هذه الظاهرة.

ووفق الأرقام نرى أن الدول الأروبية لها وجودها في القتال، وأن هناك أعداداً ملفتة للانتباه تستدعي من الغرب أن يدرك أن هذه القوى الشابة لها عودة إلى بلادها، وأنها ربما تنقل شرارة الإرهاب إلى هناك، وأن التداعيات ليست محصورة في الإقليم الخليجي أو في البقعة العربية.

اللقاء الذي عقد في منظمة «اليونسكو»، يوم 3 ديسمبر الجاري، ضم نخبة من المهنيين والخبراء والسياسيين، وكان هناك إجماع على أن الحدث لم يتم التعامل معه بحجمه الحقيقي وأن الجهود مبعثرة، مما جعل «داعش» يتوسع بنفوذه دون أن ندرك خطورة ذلك. أما استخدام العشائر والتكوينات الاجتماعية التقليدية فهو الأمر المقلق لنا نحن العرب. فهل هناك دعوة لإعادة تثبيت التقسيمات العشائرية لتحقيق جغرافية أرض الواقع؟ وإلى أي درجة لدينا القراءة المستقبلية لما يحدث في هذه الحرب المحيرة التي تستحوذ على اهتمام الغرب؟ يبدو أن العرب، وكالعادة، لا يتعاملون مع الحدث ضمن رؤية مشتركة.

فالظاهرة الداعشية معقدة للغاية، وإن المواجهة فكرية بالدرجة الأولى، كما أن النصر لن يتحقق ما دام انحصر التفكير في الجانب الأمني، ولم يجرِ تغيير العقول والقلوب. فـ«داعش»، وغيرها من التنظيمات الإرهابية، استطاعت تغيير العقول وتغيير ما في القلوب، ولا مفر من إعادة صياغة خطابنا لعقول الشباب.

المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=82496