عبدالله بن ربيعان
عبدالله بن ربيعان
أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية

حليب الأطفال بين الدعم والاحتكار

آراء

10 ريالات سيوفرها مشترو حليب الأطفال بسبب قرار موفق من وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة. القرار الوزاري حدد السقف الأعلى لسعر عبوات حليب الأطفال زنة 400 غرام بما لا يتجاوز الـ 29 ريالاً، والحد الأعلى للعبوات أعلى من 400 غرام على أساس سعر الكيلوغرام بما لا يتجاوز الـ 70 ريالاً («الحياة» ٢٩ أيار/ مايو ٢٠١٤).

التدخل وتحديد سعر سلعة هو الاستثناء، فالقاعدة الأساسية هي حرية السوق، وعدم التدخل، وترك قوى العرض والطلب تحدد السعر التوازني الذي يقبله المنتج والمستهلك، أو المستورد – بمعنى أصح – والمستهلك في حالة حليب الأطفال.

ولكن، في حالة السلع الضرورية، يجب أن تتدخل الحكومة لضبط السوق في ما لو شذّت عن طبيعتها المقبولة، وهو ما حصل بالضبط في حالة حليب الأطفال. فالمؤشرات تؤكد أن حليب الأطفال رُفع عمداً إلى أسعار مبالغ فيها، وكان الارتفاع متسارعاً من دون سبب منطقي، مع العلم أنه لم يرتفع بالسرعة نفسها في الدول المجاورة.

وعلى سبيل المثال، تحدد بعض الأرقام سعر عبوة الـ 400 غرام في الإمارات الشقيقة بما لا يتجاوز الـ 27 درهماً إماراتياً، في حين بلغ سعر العبوة نفسها عندنا 35 ريالاً وزيادة في بعض الصيدليات. وإذا ما عرفنا أن الدعم الحكومي لحليب الأطفال يبلغ 12 ريالاً للكيلوغرام. فهذا يعني أن سعر بيع عبوة الـ 400 غرام يصل حقيقة إلى 40 ريالاً، وهو أمر غير مقبول، ولا مبرر.

ارتفاع الأسعار عندنا يعود إلى عوامل عدة، منها سيطرة شركة واحدة على غالبية السوق، وهو ما يعطيها قدرة احتكارية كبيرة لرفع السعر من دون مبرر منطقي، طالما أن المشتري مضطر للدفع، لضرورة السلعة.

وإذا ما أضفنا الممارسات التي تقوم بها شركات حليب الأطفال مع المستشفيات بتقديم حليب الأطفال مجاناً لربط الطفل بنوع محدد من الحليب – في مقابل تقديم الشركات دعماً لهذه المستشفيات – وما يؤدي إليه ضمناً من الاحتكار وزيادة الكلفة على المستهلك، لعدم ترك حرية الخيارات أمامه في السوق.

وهنا كان لا بد من التدخل، فالتشوّه في سوق السلعة المعينة لا يصلحه إلا القانون والتسعير العادل، وهو ما قامت به وزارة التجارة والصناعة مشكورة.

بقيت نقطة، عسى أن تتنبه لها الوزارة، وهي خفض أوزان العبوات، وهي الخطوة المتوقعة من التجار والموردين بعد قرار التسعير. فالمتوقع – كعادة التجار في التلاعب دائماً – أن يتم خفض أوزان العبوات، فتكون عبوة الـ 400 غرام زنتها الفعلية 390 غراماً أو أقل، وهكذا لبقية العبوات من الأوزان الأخرى.

ولمنع الخطوة، وقطع الطريق على التجار لخفض وزن العبوات، فقد قصرّت علينا الشقيقة الإمارات عناء البحث عن الحل. إذ أعلنت وزارة الاقتصاد الإماراتية، الإثنين الماضي معاقبة موردي سلع غذائية، قاموا بطرح وبيع سلع بكميات مخفضة بالأسعار السابقة للعبوات قبل خفض الوزن. وراوحت الغرامة بين 100 ألف ومليون درهم.

وبحسب صحيفة «البيان»، قال مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الدكتور هاشم النعيمي إن «خفض الكميات وبيعها بالأسعار السابقة للعبوات السلعية يعد تضليلاً للمستهلك، وزيادة للأسعار عبر خفض الكميات المباعة»، مشيراً إلى أن «هذه الظاهرة تتركز في أصناف من المعكرونة ومنتجات الأسماك وغيرها من السلع المعبأة».

وأشار إلى أن «الوزارة خاطبت الإدارات الاقتصادية للتعاون معها في تنفيذ حملة تفتيشية وتغريم منافذ عرض هذه السلع»، لافتاً إلى أن «الغرامة تراوح بين 100 ألف ومليون درهم، وفقاً للمادة السادسة من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك».

ختاماً، كل الشكر لوزير التجارة وفريقه النشط، وكل الشكر لمجلس المنافسة. وكل التوفيق والعون لهم للقضاء على الممارسات غير المشروعة، وحماية السوق من كل الحيل الفاسدة، والغش، والاحتكار غير المبرر ولا مشروع.

المصدر: الحياة