ديمقراطية الفساد

آراء

الديمقراطية تعني الابتزاز والمساومة والإثراء واستغلال الفرص والإفلات من العقاب.

في الغرب، هي مثل «قالب الكعك» المزين بأشكال متنوعة من المحليات والفواكه، تعطي شكلاً يلفت الأنظار ويسيل له اللعاب، ومن الداخل حدث ولا حرج، ومع ذلك تغطي المظاهر الحقيقة، فهم، وأقصد من يصلون إلى المجالس التشريعية، في الغالب يبحثون عن «صيت» يضعهم في مكانه عالية، ويرتفع مقامهم، ويكون لكلمتهم صدى يسمع من لا يسمع، ويمتلكون حصانة تحميهم من المساءلة، وتدفعهم إلى المحاباة وتمرير مشاريع تخدم من يقدمون لهم المنافع، ويكاد ذلك الغرب لا يشهد يوماً لا تكشف فيه فضيحة من حماة الديمقراطية!

وترامب مثال حي، وقد تابعناه قبل الرئاسة لسنوات طويلة، ثم أربع سنوات وهو رئيس، وهذه ثلاث سنوات وهو يتحدث عن العودة، وهو ملتزم بالديمقراطية رغم أنه خصم عنيد للحزب الديمقراطي، فالمسميات لا معنى لها، حيث الكل يعمل تحت مظلتها وباسمها، وبين جدرانها الكل يتقاتل كما نشاهد، وما سيشاهده العالم حتى نوفمبر 2024، المتجبر والمتغطرس، والحاقد والمنتقم والكاره، كلهم جاهزون لاستخدام أدوات الفوز!

أما في بقية العالم فالديمقراطية شيء آخر، حتى عند الذين استعاروا النموذج الغربي، لا تعجزهم الحيلة عن «اصطناع» ممرات إضافية تستخدم متى تعارضت المصالح الشخصية مع الالتزام بقيود الديمقراطية، وأمثلة انقلابات أفريقيا واضحة، و«موت» التنمية في الدول التي تدعي بأنها متمسكة بها أكثر وضوحاً، فالدول الواقعة في أحضان ما يسمى «العالم الثالث» لم تنجح في لعبة الديمقراطية الغربية رغم استخدامها الوسائل نفسها؛ بل أوجدت فئة جديدة من الباحثين عن المنافع الشخصية، صنعت طبقة تبتز وتقبل الرشاوي، سواء كانت نقداً أو عبر تمرير مشاريع لشركات «ممثلي الشعب» كما يسمون أعضاء المجالس النيابية، فالأصل، وهو الغرب نفسه، لم ينجح في ممارسة الديمقراطية كما وردت في الكتب، فهم انحرفوا بها نحو منافعهم!

إنها ديمقراطية الفساد.

المصدر: البيان