عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«رشود بروكسي!»

آراء

كان يحظى بامتيازات لم يكن أي من طلبة «المويجعي» يحلم بأن يحصل عليها، فقد كان يستطيع إدخال سيارته وإيقافها إلى جوار سيارات الدكاترة، وكان يحصل على وجبات مجانية من الكافتيريا، وجميع البحوث المطلوبة منا يقوم عدد من الطلبة جلوس الصف الأول بإعدادها له، وبينما طلاب آخرون يشرحون له المحاضرة التي غاب فيها في الأسبوع الماضي، يقوم طالب ثالث أو رابع بأخذ سيارته إلى محطة الغسيل لتلميعها وتبديل الزيت والفلتر!

لم يكن رشود بروكسي ابن أحد أفراد الطبقة المخملية، ولم يكن تاجر عقارات، ولم يكن شخصية مجتمع كل ما فيه أنه كان في تلك الأيام يمتلك قائمة كبيرة بها الكثير من الأرقام، التي تبدأ وتنتهي على غرار 194.06.04.01 وتسمح لمستخدم شبكة الإنترنت وهي الوافد الجديد إلى الجامعة بالدخول إلى أي موقع يريده بعد تجاوز رقابة شركة اتصالات، بما يعرف اصطلاحاً بالـ«بروكسي»، كان من الاعتيادي أن تسمع صوت أحدهم كأنه متأخر عن موعد حقنة أفيون، وهو يتذلل بالصوت: رشود الله يخليك عندك بروكسي؟! الجميل أن البعض كان يقول له بعد الحصول على الرقم: الله يجعله في ميزان حسناتك!

نشرت صحيفتنا في الأسبوع الماضي بصفحة التقنية مراجعة لأحد التطبيقات الخاصة بحماية الخصوصية، وهي الجيل الجديد من البروكسيات، التي تعرف بالـVPN، حيث إن تشغيلها على الهواتف المتحركة يقوم بما كان البروكسي يقوم به سابقاً، ما حدا بالعديد من القراء أن يرسل إلينا في إشارة لا تخفى تصريحاً للمقدم سعيد الهاجري رئيس قسم الجرائم الإلكترونية في شرطة دبي، الذي يؤكد فيه أن استخدام هذه البرامج غير قانوني ويعرض مستخدمها للمساءلة القانونية، والوضع تحت طائلة القانون رقم «9». وبصراحة المقدم لم يذكر وأنا لا أعرف ما هو قانون «9»، ولكني أشعر بأن رقم تسعة مرعب وشرير!

القضية بها شقان الأول هو ألا يحق للمستخدم أن يزيد من خصوصيته ويشفر مكالماته إذا كان يرى إمكانية تلصص البعض عليه؟ والقضية الثانية وهي بعيداً عن سوالف الـ(18)، هل كل ما يتم منعه من قبل شركات الاتصال هو جدير بالمنع؟ مثل برامج التواصل الصوتي المجانية وبعض برامج رفع الملفات، بل وبعض مواقع الفتوى الشرعية والقصص الديني فقط لأنها تتبع مؤسسات منافسة، من الناحية القانونية هل يجرم المستخدم لأنه حاول الحصول على «العرض الأفضل»؟ أنا لا أعرف الجواب، وتجاوباً مع القوانين المحلية واحتراماً لها فقد شطبت الـVPN، ليس خوفاً! هااا! هذا اسمه حب واحترام!

ولكني أعتقد أن هناك حاجة إلى فتح نقاش أكثر شفافية بين هيئة تنظيم الاتصالات والمستخدمين للدردشة حول سياسات منع الكثير من المواقع البريئة، كيلا يصبح رشود بروكسي ومن لف لفه أبطالاً!

بالمناسبة أتذكر أنني رأيت العميد يقف معه وهو يبتسم، أحسنوا الظن بارك الله فيكم!

المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-03-15-1.765595