عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«زمان الوهن!»

آراء

في زيارة قمت بها أخيراً لأحد المعارض المخصصة لألعاب الفيديو للناشئين، والتي – كما تعرف – تختلف بشكل كبير في عدد حضورها من «النشء» عن معارض الكتاب، لاحظت أن هناك جملاً تتكرر في الإعلانات الموجهة للناشئة والشباب، ولا تخرج عن مجموعة الجمل التالية:

«الحياة جميلة».

«الحياة قصيرة.. استمتع بها».

«محب للحياة».

ليس لدينا مشكلة في أن يحب النشء الحياة – حبهم برص – مستقبلهم، ولا مانع من أن يكون مظلماً مثل أجيال عدة سبقتهم، لكن النمط الاستهلاكي لعبارات ترسخ المفهوم الغربي في وحدة الحياة والهدف منها هو ما يخيف في أنه قد يستقر في وجدان جيل كامل، ويؤسس لطريقة تعاملهم مع معطيات المستقبل بناءً على هذه الجمل.

الكل أصبح يريد حياة سعيدة ومثالية بالكامل.. وهذا حقه، لكن عدم الإيمان بوجود ابتلاء.. ووجود عامل قدري في الرزق، وبأنه «ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات»، تجعل لدى البعض الاستعداد للتضحية بأي شيء.. أي شيء من مبدأ وخلق وإيثار وأسرة ودين، بالطبع للوصول إلى حالة السعادة المنشودة.. ولنا في الصراعات والحروب التي أصبحت تحدث بين الموظفين في الدوائر الحكومية مثال، خصوصاً حين نعرف عن طريق «مجالس الحش»، أن حرب داحس والغبراء بين الموظف الفلاني والموظف الفلنتاني لم تكن إلا بسبب «درجة وظيفية».

اذهب إلى المعتقد الثاني «الحياة قصيرة».. افهمها! لن تعيش طويلاً.. ودع عنك «أساطير الأولين»، حياتك أيها الشاب قصيرة «فاستمتع بها».. واخد بالك من «استمتع».. افعل ما شئت واحرص على تجربة كل شيء.. المهم أن تستمتع.. ومن نافلة القول أن أذكرك بأن تحاول ألا «تنزخ».. وامنع إدخال الهواتف المحمولة قبل الحفلة!

«أحب الحياة».. انتشر هذا المصطلح لدرجة أنني أصبحت كلما راجعت سيرة ذاتية لخريجي الجامعات «اللي انتوا هارشينها».. أقرأ في المقدمة: فلانة بنت فلان، خبرة ثلاث سنوات، أتقن العربية والإنجليزية، ليسن، عازبة، محبة للحياة!

لا أعلم ما هي علاقة حب الحياة بالسيرة الذاتية.. تتجوزيني يا بت؟!

مواطن، مهندس، خريج أميركا، حزام أزرق، محب للحياة، icdl.

معلم شيشة، دبلوم صناعة، إقامة قابلة للتحويل، ليسن، مصري، خرجت في 30 يونيو، محب للحياة، أشجع نادي نبروه واللعبة الحلوة!

* * *

قال: «وليقذفن في قلوبكم الوهن».. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال «حب الدنيا وكراهية الموت».

المصدر: الإمارات اليوم