سبتمبر الأزرق ! – أيمن العريشي

أخبار

BLUE SEPTEMBER

في أكتوبر من عام 2010 م أي قبل أربعة أعوام ، كتبت مقالاً في صحيفة الحياة تحت عنوان : موائدنا في قفص الاتهام ، تناولت فيه العلاقة المباشرة لبعض أنواع الأطعمة الجاهزة أو تلك المعدة منزلياً في الإصابة بمرض السرطان و الذي تتفاقم  أرقام الإصابة به على نحو مخيف. كنت أشرت يومها إلى الجهود التي يبذلها العالم أجمع لمكافحة شتى أنواع السرطان وفي مقدمتها الجهد التوعوي . واستشهدت بذلك الشريط الوردي الذي بات أيقونة لمكافحة سرطان الثدي لتشجيع السيدات في عمر معين لإجراء فحوصات دورية من شأنها أن تسهم في اكتشاف المرض في مراحل مبكرة .

في الشهر الحالي تشهد دولة ايرلندا حملةً توعوية مشابهة تحت عنوان  Blue September أو سبتمبر الأزرق، وهي تأتي كجزءٍ من حملة عالمية تركز بشكل خاص على شريحة الذكور. وتظهر اللوحات الإعلانية في الشوارع بالتزامن مع الفيديوهات القصيرة التي تعرض في القنوات التلفزيونية وشاشات السينما، في محاولة للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الشريحة المستهدفة .

تُرى لماذا سبتمبر الأزرق ؟

بحسب موقع الحملة على شبكة الانترنت فإن منظمة الصحة العالمية تتنبأ بأن يرتفع عدد المصابين بالمرض خلال العقدين المقبلين إلى 70% ، ما يعني تزايد الحاجة الملحة إلى أن نكون أكثر التزاماً باتباع سبل الوقاية من المرض وكذلك الكشف المبكر عنه . سبتمبر الأزرق ينطلق من حقيقة مفادها بأن الرجال وعلى الرغم من أنهم الأكثر عرضة لتطور الأورام السرطانية من النساء لكنهم مع ذلك الأقل تقبلاً لمناقشة مخاوفهم الصحية مع العائلة والأصدقاء ناهيك عن مناقشتها مع الطبيب ! إن واحدة من كل أربع سيدات مقابل رجل من كل ثلاثة رجال يتم تشخيص إصابتهم بالسرطان في ايرلندا . بالتالي فالحملة تهدف إلى تشجيع الرجال لاتخاذ المزيد من المسؤولية تجاه صحتهم .

لقد حاولت الوصول إلى  أرقام دقيقة للمقارنة بين نسب الإصابة بالسرطان بين الجنسين في المملكة العربية السعودية لكنني لم أتمكن من وضع يدي على أرقام محددة . لكن واقعنا اليومي المعاش لا يستثني أسرةً فُجعت بإصابة أو رحيل صديق أو قريب بهذا الداء العضال الذي نسأل الله الرحمة للمتوفين بسببه والسلامة والشفاء  للمصابين به .

إن اللافت في تعاطي سبتمبر الأزرق مع المرض هو حشد الشركة الراعية له – وهي بالمناسبة شركة تأمين طبي – لمشاهير اللاعبين والفنانين والإعلاميين وغيرهم لتقديم المعلومة بطريقة جذابة لا تخلو من الطرافة أحياناً ، وأعتقد أن الهدف من ذلك ليس الاستهانة أو التقليل من حجم المرض وشراسته! بل هي محاولة جادة لكسر حاجز الخوف والنفور لدى الشريحة المستهدفة ودفعهم خطوة إلى الأمام على طريق الالتزام وتحمل المسؤولية ورفع الحرج الذي قد ينتاب البعض تجاه عمل الفحوصات الدورية لبعض أنواع السرطان التي تصيب الرجال تحديداً .

إنني أتمنى من القطاع الصحي بشقيه الحكومي والخاص وكذلك شركات التأمين الطبي وقطاع الإعلام، أن يتبنوا مشكورين مثل تلكم الأساليب المبتكرة ويستفيدوا من تلك التجارب الحديثة في التسويق بمهارة لمخاطبة العقل الجمعي . ولعلنا نتفق بأن الأسلوب المتبع في تقديم المعلومة قد يضاهي في أهميته المعلومة ذاتها أحياناً . ليس بالضرورة أن نستنسخ سبتمبر الأزرق بحذافيره بل أن نخرج بما هو الأفضل والأكثر تماشياً مع مستوى ثقافتنا الصحية وطبيعة بيئتنا الاجتماعية . فالهدف النهائي هو الوقوف بكل ما أوتينا من قوة في وجه هذا القاتل الصامت الذي أرهق كاهلنا اقتصادياً وقبل ذلك فهو قد أرهق أجساد أحبتنا ألماً وأرهق قلوبنا حسرة . والله وحده هو الشافي المعافي .