أيمن العريشي
أيمن العريشي
كاتب وأكاديمي سعودي

سيدتي .. احذري من “أماندا” !

آراء

في إحدى القنوات الإخبارية تابعت تقريراً عن أماندا ، أماندا هي فتاة إندونيسية تقطن في جاكرتا ، وتضطر لاستخدام وسائل النقل العام في تنقلاتها عبر شوارع العاصمة ، تعرضت أماندا لحادثتي تحرش في الباص ، ما دفعها للالتحاق بفصول نسائية لتعليم مهارات الدفاع عن النفس ، وبحسب التقرير فإن أماندا ليست استثناءً فهنالك فالعديدات من بنات جنسها وجنسيتها أصبحن يرتدن هذه الفصول بهدف تعلم المهارات ذاتها .

وبعيداً عن موضوع التحرشات الذي بات ظاهرة عالمية تشتكي منها السيدات ، فلا أدري لم قفزت إلى ذاكرتي مجدداً بعض قصص التعنيف ضد العاملات المنزليات من قبل ربات البيوت ، ما دفع الكثير من البلدان لإعادة النظر في شروط عقود عمل العاملات المنزليات وإضافة شروط أخرى جديدة بما يوفر لرعايا تلك الدول الحماية المطلوبة خلال فترة إقامتهم في بلد العمل ، وفي حال توصلت الجهات المعنية إلى تسوية فيما يتعلق بإعادة فتح باب الاستقدام مجدداً من بعض الدول التي تم إيقافها سابقاً ، فحذار يا سيدتي ربة المنزل من أن يكون نصيبك ” أماندا” أو إحدى مثيلاتها ، أن يكون نصيبك عاملة منزلية حاصلة على الحزام الأسود في الكاراتيه ، أو حاصلة على ميدالية ذهبية في الجودو ، الأمر الذي سيجعل تلك العاملة ” البطلة ” في وضع دفاع عن النفس مع أول تعنيف لفظي أو جسدي تتعرض له ، فتكونين بالتالي معرضة ” لرفسة” مؤلمة أو ” لصفعة ” مدوية ، وكل ذلك سوف يكون بالتأكيد تحت بند ” الدفاع عن النفس ” .

إن الدفاع عن النفس هو حق محفوظ للفرد في أي مكان وزمان ، تماماً  كما أن الأنظمة المرعية للعمل إنما وُجدت لتحمي حقوق العامل من بطش بعض أرباب العمل ، لكن قبل هذا وذاك ، فإن إنسانيتنا وديننا وأخلاقنا لابد أن تحفظ حقوق هؤلاء وتعزز من كرامتهم ، لقد آن لنظرتنا تجاه العامل الوافد أن تتغير ،كما آن لربات البيوت أن يدركن تماماً طبيعة العلاقة التي تحكمهن بالعاملات ، إنني لا أبالغ إن اقترحت تبني بعض الجهات الحكومية إقامة حملات توعية تستهدف ربات البيوت حول هذه القضية ، أو أن تقوم بعض الجهات المتخصصة في جانب التدريب بتقديم دورات تدريبية في فن التعامل مع العاملات المنزليات ، هذا ليس ترفاً ولا عبثاً ، إنه حق أماندا وغيرها كبشر يبحثون عن لقمة العيش الكريمة ، إنه واجب ربة البيت في تقديم صورة زاهية لمستوى الوعي لدى أسرتها ومجتمعها .