عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«شيءٌ من الحب!»

آراء

سيشخط أحدهم سيارتك مرة أخرى في مسيرات هذا اليوم..!

لكن وعلى العادة التي جرت في السنوات الماضية ستحاول أن تظهر بأنك لا تقل وطنية عن غيرك وستنظر له بابتسامة وهو يلوح بالعلم.. وتقول له: ما صار إلا الخير.. وأنت تحاول بطريقة مضحكة أن تشغل نفسك بعزف النشيد الوطني باستخدام «الهرن» كي لا تخرج من السيارة وتقتله!

ولكن الحقيقة هي أننا جميعاً نكون سعداء في نهاية هذا اليوم.. الآباء المؤسسون اختاروا أياماً مميزة في السنة تكون فيها الأجواء كأجمل ما تكون.. وتكون النفوس فيها جاهزة أصلاً للاحتفال.. وإن لم تكن هناك مناسبة.. كثيراً ما أتخيل لو أن اليوم الوطني كان في منتصف يونيو على سبيل المثال.. هل كانت الابتسامة هي الابتسامة؟! هناك دائماً توافيق سماوية في كل أمر يحمل نية طيبة.

هل حقاً كانت التجربة الوحدوية الأنجح في تاريخ الأمة الحديث مجرد نتيجة لمجموعة من الظروف المواتية؟ بقراءة منصفة للتاريخ نقول بكل ثقة لا! فالظروف المواتية كانت موجودة في مناطق أخرى من وطننا المشاغب، لكن النهايات لم تكن بهذا التوفيق في كل مكان.. البترول ظهر في شمال إفريقيا كما ظهر في الخليج.. الرغبة في الاتحاد كانت موجودة في مناطق عدة، بل إن أوائل السبعينات من القرن الماضي شهدت المد القومي العربي في أقصى درجات وضوحه، ولكن التجارب الوحدوية كانت ملأى بالفشل والاتهامات المتبادلة كنهاية قصة عاشقين لم تعرف النوايا الطيبة طريقها لقلبيهما قط!

الأصل الواحد والمستقبل المشترك.. هذه عبارات واسعة يمكن تطبيقها على أي بلدين لديهما حدود مشتركة.. الدين واللغة؟ كلنا نشترك فيهما! إذاً ما هو الشيء الذي جعل الطريق مفتوحاً لرفع العلم في الثاني من ديسمبر ليس كنهاية للقصة بل كبداية لتقديم نموذج حضاري أعاد للعرب والمسلمين الثقة بأنهم «يستطيعون» اللحاق بالركب إن أرادوا هم ذلك؟

الذي كان موجوداً هنا.. وأسهم في بقاء المسيرة هو «الحب».. جيل أحب أهله وأحب بعضه وأحب الآخرين، وأحب العرب وأحب الحضارة الإنسانية وأحب القدس.. جيل أحب من سيأتي بعده وأحب من جاء قبله.. أحب الجيران وأحب البعيد.. زرع الحب في كل مكان فحصدنا نتائج هذا الحب.

فهل لايزال كل منا يملك من رصيد «الحب» ما يقوي به استمرار المسيرة.. وما يمكن أن «يورثه» لجيل آخر بعد أن أنعم الله علينا بسنين الخصب؟!

المصدر: الإمارات اليوم