صعوبات التعلم «إعاقة غير مــرئية» تصيب الطلبة بالعدوانية ويفسرها المجــتمع بالانطوائية

أخبار

قال ذوو طلبة إن أبناءهم بلغوا الصفين السادس والسابع، رغم إصابتهم باضطرابات صعوبات التعلم، وعدم قدرتهم على القراءة والكتابة المعروفة علمياً بـ«الدسلكسيا»، مطالبين وزارة التربية والتعليم والمدارس الخاصة بوضع مناهج متخصصة واستراتيجيات علاجية لهذه الفئة من الطلبة، قبل أن تتفاقم مشكلتهم ويصعب حلها نهائياً، لاسيما في ظل افتقار المدارس لمنهجيات اكتشاف وعلاج هذا النوع من الاضطراب مبكراً، حسب قولهم.

فيما أكد مختصون أن صعوبات التعلم تعد «إعاقة أكاديمية خفية أو غير مرئية»، يصعب اكتشافها وعلاجها إلا من قبل مختصين مدرّبين على التعامل مع هذه الحالات، ووصول هؤلاء الطلبة إلى صفوف متقدمة دون علاج يجعلهم مضطربين سلوكياً ويصيبهم بالانطوائية والعدوانية تجاه الآخرين، كما يترتب عليه نتائج نفسية سيئة، نتيجة وصفهم بـ«الغباء»، وشعورهم بأنهم منبوذون من جانب زملائهم ومعلميهم، مشددين على ضرورة إخضاع الطلاب كافة في الصفوف الدراسية الأولى في المدارس الحكومية والخاصة للتقييم، لتحديد من يعاني منهم صعوبات التعلم مع وضع برامج علاجية لهم.

وأكدت وزارة التربية والتعليم، أنها وضعت خطة علاجية لهذه الفئة، شملت توفير مختصين، وتدريب الإدارات المدرسية للتعامل مع هذه الحالات.

وحسب إحصاءات محلية، فإن 50 طالباً على الأقل في كل مدرسة في الدولة يعانون صعوبات التعلم.

ذوو طلبة: عدم جاهزية المدارس للتعامل مع هذه الفئة يفاقم المشكلة

50 طالباً في كل مدرسة بالدولة يعانون صعوبات التعلم

كشفت إحصاءات محلية، أن 50 طالباً على الأقل في كل مدرسة بالدولة يعانون صعوبات التعلم، فيما أكد ذوو طلبة أن عدم جاهزية المدارس والمعلمين للتعامل مع هذه الفئة يؤدي إلى عدم الكشف المبكر عن هذه الحالات، ما يزيد المشكلة ويصعب علاجها.

تفصيلاً، قالت (أم أحمد)، إن ابنها وصل إلى الصف السادس في مدرسة حكومية، وغير قادر على القراءة والكتابة، ويفتقد المهارات التعليمية الأساسية، نتيجة عدم جاهزية المعلمين والمدارس للتعامل مع الطلاب ذوي القدرات العقلية المتواضعة، إضافة إلى عدم ملاءمة المناهج التي تدرّس لهم لإمكاناتهم العقلية وقدرتهم على الاستيعاب.

وأضافت أن ابنها يمتلك القدرة على التطور مقارنة مع زملائه، متى وجد المعلم المناسب، والمنهاج الملائم، وطريقة التدريس التي تساعده على الفهم والاستيعاب.

ولفتت إلى أن ابنها يدرس في صف دراسي يضم 30 طالباً، ولا يمكن لأي معلم أن ينتبه لهم جميعاً ويعطيهم الاهتمام المطلوب، الأمر الذي تنتج عنه هذه المشكلة، مطالبة بضرورة تخصيص مناهج وطرق تدريس لهذه الفئة، وتدريب معلمين على التعامل معهم في كل مدرسة، وتطوير البيئة المدرسية لتصبح حاضنة لهم.

وذكرت (أم حمدان)، أن ابنها يدرس في الصف السادس في مدرسة خاصة، ولم تكتشف أنه يعاني صعوبات التعلم إلا العام الجاري، مشيرة إلى أنه رغم افتقاده مهارات القراءة والكتابة إلا أنه ينجح كل عام.

وطالبت بضرورة إلزام المدارس بتعيين مختصين للتعامل مع هذه الحالات واكتشافها في وقت مبكر.

فيما قال (أبوفراس)، إن ابنه يعاني ضعف القدرة على الاستيعاب، وتدني مستوى الفهم داخل الفصل الدراسي، مؤكداً أن هذه الفئة من الطلبة تحتاج إلى برامج خاصة من قبل الوزارة، حتى لا يتقدم في العمر، دون أن يحقق أي تطور. ولفت إلى تأثر ابنه نفسياً جراء هذه المشكلة.

إلى ذلك، أفادت المؤسس المدير التنفيذي لمركز تعليم للتدريب وتطوير المهارات، شيرين النويس، بأن 50 طالباً على الأقل في كل مدرسة بالدولة يعانون صعوبات التعلم، وفق إحصاءات محلية، في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات العالمية إلى أن بين 10 و20% من التعداد السكاني لكل دولة يعانون المشكلة ذاتها.

وأكدت أهمية التشخيص المبكر،لتجنب ظهور سلوكيات أخرى، مثل الهروب من المدرسة، وتكوين رفقاء سوء، محذرة من سلوكيات تترتب عليها مشكلات نفسية للطفل، مثل وصفه بالغبي والكسلان، والسخرية منه في المنزل والمدرسة والمجتمع، وطرده من المدرسة لعدم فهم حالته. وأكدت ضرورة نشر الوعي المجتمعي بمفهوم صعوبات التعلم بين أفراد المجتمع.

من جهته، أفاد خبير صعوبات التعلم في مركز تعليم، خليل غوراني، بأن 3% على الأقل من إجمالي الطلبة في كل مدرسة يعانون صعوبات التعلم، مشدداً على ضرورة إخضاع الطلاب للكشف والتقييم منذ الصفوف الأولى، ليتسنى وضع الخطط العلاجية لهم.

وأشار إلى وجود خلط بين ذوي الإعاقة، ومن يعانون صعوبات التعلم، موضحاً أن الطلاب في الفئة الأخيرة لا يعانون أي مرض أو إعاقة، إلا أنهم يحتاجون إلى مناهج مختلفة.

وعرف غوراني، صعوبات التعلم بأنها تدني القدرة على التحصيل في المهارات الأساسية، مثل القراءة والكتابة، واللغة العربية والرياضيات، وذلك بعيداً عن أي إعاقة.

وحدد نوعين من صعوبات التعلم، الأول أكاديمي يظهر من خلال ضعف التحصيل العلمي، والثاني نمائي يظهر على هيئة خلل في الإدراك واضطرابات في الدماغ، موضحاً أن غياب الكشف المبكر عنهم، يجعلهم انطوائيين وعدوانيين، لشعورهم بالدونية.

بدوره، قال أخصائي صعوبات التعلم، منيب القاضي، إن غياب المختصين في المدارس يؤخر اكتشاف مثل هذه الحالات، وانتقالهم إلى مراحل دراسية متقدمة، مؤكداً أن معظم المدارس الحكومية والخاصة، تعاني نقصاً في الكوادر المختصة في هذا النوع من الاحتياجات التعليمية الخاصة.

وحمّل المدارس وذوي الطلبة مسؤولية انتقال الطلاب إلى صفوف متقدمة، رغم تأخر قدراتهم على الفهم والاستيعاب للمناهج.

وعرف صعوبات التعلم بأنها «إعاقة أكاديمية خفية»، يصعب اكتشافها وعلاجها إلا من قبل مختصين مدربين على التعامل مع هذه الحالات، مشدداً على ضرورة توفير هذه الكوادر في كل مدرسة.

ولفت إلى أن كثيراً من ذوي الطلبة بسبب غياب الوعي المجتمعي حول هذه المشكلة يذهبون بأبنائهم إلى أطباء ومستشفيات باحثين عن العلاج، ظناً منهم بأنهم يعانون أعراضاً مرضية جسدية أو مرض التوحد.

فيما أوضحت أخصائية صعوبات التعلم، أميرة حسام، أن الطلبة الذين يعانون صعوبات التعلم يواجهون مشكلات أكبر بكثير من عدم ضعف قدرتهم على الفهم والاستيعاب، تتمثل في نظرة زملائهم ومعلميهم التي تشعرهم بأنهم منبوذون داخل الصف، الأمر الذي يؤثر سلباً في حالتهم النفسية.

ولفتت إلى أن معظم المعلمين لا يهتمون بهذه الفئة، لجهلهم بكيفية اكتشافها والتعامل معها، كما أنهم ليس لديهم وقت للقيام بهذه المهمة.

وذكرت أن لديها طفلين في مدارس خاصة، رغم مستواهم الدراسي المتدني ينجحون وينتقلون من عام دراسي إلى آخر، وتتجاهل المدرسة تقديم خدمات تعليمية للنهوض بمستواهم رغم تقاضيها رسوماً مرتفعة.

وحذرت أخصائية الإعاقة مديرة مركز «سيدرا» لصعوبات التعليم، باسمة الحجلي، من خطورة عدم الكشف المبكر عن حالات صعوبات التعلم، حيث تؤدي تلك المشكلة إلى طلاب مضطربين سلوكياً، وفاقدين للمهارات التعليمية الأساسية، رغم كونهم في صفوف متقدمة.

وطالبت بإخضاع الطلاب بدءاً من السنة الدراسية الأولى، للاختبار والتقييم، لاكتشاف من يعانون اضطراب صعوبات التعلم، ثم وضع خطط علاجية مبكرة لهم، سواء داخل المدرسة أو خارجها من خلال المراكز المتخصصة.

ولفتت إلى أن هذا النوع من الاضطرابات لا يمكن اكتشافه إلا بعد دخول المدرسة، خصوصاً الحلقة الأولى، بعد حصول الطالب على سنتين تمهيديتين في مرحلة الروضة، ويلتحق بعدها بالصف الأول.

وقالت إن معظم الطلبة الذين يأتون إلى المركز للعلاج، يدرسون في الصفوف السادس والسابع، الأمر الذي يعد متأخراً، ويُصعّب مهمة معالجتهم.

وأشارت إلى أن المشكلة الكبرى تكمن في غياب برامج التوعية والكشف على الطلاب في المدارس، حيث أدى الترفيع التلقائي للطلاب في الحلقة الأولى في المدارس الحكومية، إلى وصول طلاب لمراحل دراسية متقدمة رغم افتقادهم القدرة على القراءة والكتابة.

المصدر: الإمارات اليوم