محمد النغيمش
محمد النغيمش
كاتب متخصص في الإدارة

قمة الحكومات ومستقبلنا

آراء

وأنا أتجول في ردهات القمة العالمية للحكومات شعرت بأنني أتجول في المستقبل! ففي كل ركن أجد محاضرة شائقة، أو تقنية جديدة، أو نقاشاً مذهلاً عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، وكيف سيغير مستقبل البلدان قاطبة.

في أثناء تجولي في القمة، التي أزورها بدعوة من حكومة دولة الإمارات، شعرت بأن ما نشاهده من رؤى، وأجهزة حديثة، وكيفية التعامل مع التحديات المستقبلية، قد ولد لدي إحساساً بشكل المستقبل القريب. حيث جرى العرف في المنتديات العالمية أن تناقش البلدان أزمات حالية، وكيفية النجاة أو التعامل معها غير أن الناظر إلى هذه القمة يجد مذاقاً مختلفاً تماماً.

‏وأنا أتجول استشعرت شعور الموظف الحكومي في هذا الإقليم والمنطقة العربية قاطبة وهو ينظر بعينه إلى شكل المستقبل، وآفاقه الرحبة.

حيث إنه من المتعارف عليه إرسال الموظفين في وفود إلى الخارج لكي يطلعوا على تجارب الآخرين في حين أن هذه القمة التي ترسخت جذورها للسنة السابعة على التوالي هي القمة التي تستحق أن تستفيد منها شتى الحكومات العربية لسبب بسيط وهو أن الناس تجتمع لتقدم أفضل ما لديها على طبق من ذهب. ويا له من شعور رائع.

ومازلت أتذكر القمة الثانية عندما عرضت الشعوب في أحد المتاحف كيف حلت أبرز مشكلاتها، مثل حركة المرور وهدر الطاقة الكهربائية والمائية، والسيطرة على التلوث البيئي، فضلاً عن تحديات الاقتصاد والتعليم الخلاق ورعاية الموهوبين والتبادل التقني والثقافي الذي حرك في بلدانهم عجلة التقدم.

‏ومما لفتني أيضاً أن البلدان تبني متاحف لعرض الماضي ومقتنياته في حين أنني وجدت على هامش القمة وفي قلب الإمارات متاحف عن المستقبل، تفتح لزائريها نافذة على المستقبل. ‏وإذا لم تستطع الحكومات وأفرادها تخيل شكل المستقبل والاستفادة من تجارب الرواد في كل الميادين فلا شك أننا سوف نفاقم معاناتنا أو نعيد تكرار الحلول القديمة التي لن تولد سوى النتائج نفسها المخيبة للآمال.

‏ومن هذا المنبر أوجه الدعوة لجميع الحكومات العربية أن تعتبر هذه القمة وجهتها في عرض أفضل تجاربها وكيف تمكنت بمهارة من التغلب على مشكلاتها. فهذا سيكون دافعاً معنوياً كبيراً للمسؤولين العرب في كل مكان حيث سيقفون على تجربة عربية رائدة في التصدي لتحديات المنطقة وكيفية التعامل معها.

ليس ذلك فحسب بل إن من أبجديات إيجاد الحلول، ليس الإطلاع على تحديات مشابهة فحسب، بل إن التقاء العقول سنوياً في مكان واحد وتبادل المعلومات والتحديات كفيل بالمساعدة في الوصول إلى خيوط رفيعة تقودنا نحو حلول لمشكلاتنا. فليس الندوات هي فقط ما نرجو بل كذلك الاحتكاك والحديث والنقاش يثري قادة الرأي ومتخذي القرار. وهو ما تحاول هذه القمة فعله. وذلك لما تقدمه القمة سنوياً من أشهر وأبرز صناع القرار في العالم فضلاً عن ألمع المتخصصين في مجالاتهم.

وكما قال معالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء و «دينامو القمة»: الاستعداد للمستقبل يجعلك جزءاً من صناعته، وإهمال ذلك يجعلك جزءاً من خسارته.

المصدر: البيان