طارق إبراهيم
طارق إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً

لا نكابر يا شيخ!

آراء

في تحقيق جميل قام به الزميل شقران الرشيدي في صحيفة (سبق) الإلكترونية تحدث عدد من المختصين وأصحاب الرأي والفكر عن تداعيات تقرير نشر في صحيفة “الواشنطن بوست” الأميركية عن الإلحاد، وبه خارطة (مزعومة) للإلحاد في العالم تبين ارتفاع نسبة الملحدين في السعودية، مما أثار – وفق سبق – الكثير من التساؤلات المستنكرة حول وجود من يعتنق هذا الفكر في جزيرة العرب، مهد الإسلام، وغير مصدقين ما يُزعم عن وجود ملحدين سعوديين.

الصحيفة قالت في تحقيقها إنه تبين “من خلال البحث الصحفي، والمتابعة للمواقع (الملحدة) وجود حالات نادرة لشباب سعودي يرفض ما يسميه (التشدد) الديني، ويتخذ الاتجاه المضاد، وحالات أخرى ملحدة نتيجة دخولها في دهاليز الفلسفة و(التنطع) الفكري غير المرغوب فيه، كما تبين أن هناك خلايا ملحدة نشطة من خارج وداخل السعودية تتحرك ببطء – خوفا من اكتشاف أمرها على ما يبدو – تسعى جاهدة لترويج فكر الإلحاد بين الشباب السعودي، وتركيزها بشكل أساس على مرافق التعليم العالي، ومواقع التواصل الاجتماعي “تويتر” و”فيسبوك”، ومقاهي الإنترنت، والفنادق الكبيرة، ومنهجها تكبير الأخطاء التي تحدث في المجتمع، وتقليل قيمة الدين ومن يتبعه”.

وقد اطلعت على آراء من تحدثوا عن هذا الموضوع المهم والحساس، ورغم أهمية كل ما قيل، حيث لم ينف أحد وجود ملحدين في السعودية، بغض النظر عن عددهم وما إذا كان الإلحاد نفسه بات ظاهرة أم حالات فردية، إلا أن الرأي الديني في هذا الموضوع الذي طرحته (سبق) استوقفني كثيرا، حيث استسخف الموضوع وقلل من أهميته ولم يتناوله بما يستحق أو بما يقنع السامع، لهذا الموضوع. ونصا قال أحد المشايخ الفضلاء: “إن هذا الأمر مجرد دعوى صعبة تحتاج إلى دليل، مشيراً إلى أن السعودية بلد الإسلام، الخير فيه كثير، وشعائر الإسلام فيه ظاهرة، إذ تقام فيه الصلوات ويؤذن لها، والناس آمنة على دينها، وهناك جامعات ومدارس إسلامية وحلقات لتحفيظ القرآن”.

والحق أن كلام الشيخ هذا كلام عام أيضا، فالجهات الرسمية إدراكا منها لأهمية الإعلان عن الظواهر والحالات غير السوية والخطرة باتت تعلن بوضوح عن أرقام وحجم المضبوطات من المخدرات والمسكرات القادمة من الخارج وما يضبط في الداخل، فضلا عن عدد المصابين بالإيدز والمنومين بالمستشفيات النفسية، كما وتنفذ الحدود بالقاتلين وتعلن في وسائل الإعلام عن حالات العنف التي يتعرض لها الوالدون على يد الأبناء، إلى حد القتل أحيانا، وطبعا كل ذلك يحدث أيضا في مجتمع مسلم تقام فيه الصلوات ويؤذن لها، وبه جامعات إسلامية وحلقات تحفيظ قرآن!

ما وددت قوله هنا أنه ينبغي أن ندرس الأسباب لأي موضوع، بعيدا عن العاطفة أو المكابرة، وخاصة أن الهدف من طرح مثل هذه المواضيع في وسائل الإعلام هو التنبيه لمثل هذه الأمور قبل استشرائها، وحتى لا نتأخر كثيرا في المعالجة مثلما تأخرنا ذات يوم في موضوع المخدرات، ومن ثم صار الحل صعبا ومكلفا، مع تقديري الكبير للجهود الجبارة المبذولة لمحاربة هذه الآفة.

المصدر: الوطن اون لاين