طارق إبراهيم
طارق إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً

لو لا الـ”يوتيوب” لما أبدعوا

آراء

حينما أبدع الكثير من شبابنا في بعض المجالات، وتمكنوا من إظهار قدراتهم المتنوعة، خاصة في جانب إعداد البرامج الإعلامية والحوارية والإخبارية الناقدة، مستثمرين طفرة التقنية وسهولة استخدامها وتطويعها وقلة تكاليفها، ومستثمرين أيضا هامش الحرية غير المحدود الذي أتاحته لهم شبكات التواصل الاجتماعي؛ ظهر لنا الكثير من المواطنين، ومنهم إعلاميون بارزون يعملون في غير القنوات السعودية الرسمية عاتبين على الجهات الرسمية الحكومية، وبالذات الإعلامية منها، كونها لم تحتضن هذه الكفاءات لتصقل مواهبها، والبعض الآخر تجاوز اللوم والعتاب إلى تسفيه عمل الكثير من الجهات ونسف كل جهودها، كونها لم تدع تلك المواهب التي برزت عبر اليوتيوب تحديدا لدعمها وفتح مجالات أوسع لها.

في ظني أن هؤلاء الشباب، وإن كان بروزهم اقتصر كثيرا على جانب محدد، فإن أبرز أسباب تفوقهم هو تجاهلهم لذلك العنصر الذي ركز عليه المنتقدون، وهو أنهم أبدعوا يوم أن بادروا بأنفسهم لتولي المهمة ولم يركنوا للجهات الرسمية أو ينتظروها لتحتضنهم أو تتبناهم، ذلك أن هؤلاء الشباب هم من جيل الأدوات والوسائل التي استعملوها، وهي ذات الوسائل التي أبرزتهم، بمعنى لو أنهم توجهوا للقنوات التلفزيونية أو الإذاعية وغيرها من القنوات لما برزوا ولما عرفهم أحد، فهم فضلا عن أنهم من جيل التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي، فإنه لا يمكن لهم الانتظار في طوابير وهم يحملون شهادات تعريف وصورا شخصية وملفا وصورا من البطاقة وغيرها من المطالب التي يتجاوز بعضها الأوراق إلى التدقيق في الألقاب والأصل والفصل وما إذا كان هذا (جاي) من طرف (فلان) والآخر (جاي) من طرف (علان). كما أنهم يدركون أن التقييم في هذا المجال ليس مرتبطا بالإنتاج ولا بالكفاءة، ولهذا هم صنعوا لأنفسهم قنواتهم وباتوا هم الرؤساء وهم مدراء شؤون الموظفين وهم رؤساء مجالس الإدارات، بل والمدراء التنفيذيون!

واقع الحال يثبت لنا أن الشباب في كل المجالات التطوعية أبدعو وتفوقوا على الجهات التقليدية، كما أنهم كلما تجاوزوا الحدود وجدوا أنفسهم قادرين على الإبداع، كونهم يجدون الأرضية المناسبة للعمل، البعيدة عن الرسميات والتعقيدات، وبعيدا عن اللجان والمحسوبيات.

باختصار؛ دعوا الشباب يعملوا ويبدعوا، وتأكدوا أن هناك جهات عديدة لن تفرط في احتضانهم إن رأت فيهم ما يستحق الاهتمام، ولكن حتما لن يكون من ضمن هذه الجهات القنوات التي نعرفها جميعا ونعرف إمكاناتها ونعرف منهج العمل فيها!

المصدر: الوطن أون لاين