مؤتمر باريس يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية

أخبار

نبه المشاركون في أعمال المؤتمر الدولي لإحياء عملية السلام، أمس الجمعة، إلى أن استمرار الاستيطان، والتوتر القائم على الأرض «يعرض عملية السلام للخطر»، مؤكدين دعمهم لإيجاد حل عادل وتسوية شاملة للصراع «الإسرائيلي» – الفلسطيني.

وقال المشاركون في البيان الختامي للمؤتمر الذي استضافته باريس، إن حل الدولتين عن طريق التفاوض هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم تعيش على إثره الدولتان الفلسطينية و«الإسرائيلية» جنباً إلى جنب في استقرار وأمن.

وأعرب البيان عن القلق الدولي إزاء استمرار أعمال العنف والنشاط الاستيطاني الذي يعرض آفاق حل الدولتين لخطر كبير، مؤكدين أن الوضع الراهن «غير قابل للاستمرار»، كما شدد على أهمية التزام الجانبين الفلسطيني و«الإسرائيلي» الصادق بحل الدولتين من أجل إعادة بناء الثقة وخلق الظروف «لإنهاء كامل» للاحتلال، وإنهاء جميع القضايا العالقة من خلال مفاوضات مباشرة على أساس قراري مجلس الأمن رقمي 242 لعام 1967 و338 لعام 1973 إلى جانب تنفيذ مبادرة السلام العربية.

ورحب المشاركون «بالدور المهم للجنة الرباعية وأصحاب المصلحة الإقليمية الرئيسية، لاسيما المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي بمشاركة «إسرائيل» وفلسطين قبل نهاية العام»، مستعرضين السبل التي يمكن للمجتمع الدولي أن يقدمها لمساعدة دفع احتمالات السلام، بما في ذلك تقديم حوافز مجدية للطرفين.

وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إن التغيرات التي اجتاحت الشرق الأوسط منذ انهيار جولة محادثات السلام الفلسطينية «الإسرائيلية» زادت العملية تعقيداً، وجعلت عودة الجانبين لمائدة التفاوض أكثر إلحاحاً.

وقال هولاند للوفود في افتتاح المؤتمر بباريس «النقاش حول شروط السلام بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين ينبغي أن يضع في الحسبان المنطقة بأكملها»، وتابع «المخاطر والأولويات تغيرت»، ملمّحاً إلى تصاعد الاضطرابات التي تجتاح سوريا والعراق واليمن وجنوب شرق تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية، واتساع نفوذ تنظيم «داعش» في مساحات واسعة من المنطقة، وأضاف «التغيرات تجعل إيجاد حل للصراع أكثر إلحاحاً وهذا الاضطراب الإقليمي يولد التزامات جديدة أمام السلام».

وحذر هولاند من أن فشل عملية السلام يصب في مصلحة «المتطرفين» حيث سيفتح المجال أمامهم لاستغلال «الفراغ» والتأزيم الأمني المتصاعد جراء تعثر الحوار بين الطرفين. وقال يتعين الأخذ في الاعتبار «التغييرات الكبيرة» التي يشهدها الشرق الاوسط لتجنب «استغلال المتطرفين للفراغ الذي سينجم عن فشل عملية السلام».

من جهته، حذر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت في ختام المؤتمر الذي لم يشارك فيه ممثلون عن فلسطين و«إسرائيل»، من «مخاطر التمهل في حل الصراع في المنطقة»، مضيفاً «نحن نقترب من نقطة اللاعودة التي لا يعود الحل ممكناً بعد اجتيازها».

وشدد على ضرورة اتخاذ «خطوات عاجلة» للحفاظ على حل الدولتين وإحيائه «قبل فوات الأوان».

وحملت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، المجتمع الدولي مسؤولية نجاح عملية السلام، محذرة من انهيار جميع الجهود التي بذلت لحل هذا الصراع.

وقالت موغيريني ان التطورات السياسية في «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية والتطورات على الأرض بينهما، إضافة إلى سياسة توسع المستوطنات «تنبئ بوضوح» أن الأفق الذي نشأ من اتفاقات أوسلو «مهدد بالسقوط بشكل خطر».

وأكدت دور المجتمع الدولي في هذه العملية عبر «وضع محفزات اقتصادية وضمانات أمنية» لتأمين الظروف لتنطلق عملية السلام مجدداً «لاسيما الأوروبيين، لكونهم الشريك التجاري الأول ل«إسرائيل» والمانح الأول للسلطة الفلسطينية».

وكشفت عن أن تقريراً للرباعية الدولية التي يشتمل على «توصيات حيوية» سيصدر «في الأيام المقبلة» داعية الطرفين إلى العمل به ودعم المجتمع الدولي له.

بدوره، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تصريح صحفي، أن المبادرة العربية التي تنص على الاعتراف ب«إسرائيل» مقابل تسوية شاملة تضم «جميع العناصر التي تتيح التوصل إلى السلام»، نافياً أي تعديل للمبادرة التي تعود إلى عام 2002.

وقال الجبير في ختام الاجتماع إن المبادرة تشير إلى «تعهد الدول العربية بالاعتراف ب«إسرائيل» مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية»، وقال «نعتبر أن هذه المبادرة هي الفرصة الأفضل «من أجل تسوية» ونأمل بأن تسود الحكمة في «إسرائيل» وأن يوافق عليها «الإسرائيليون»».

وأكدت مصر استعدادها لتفعيل مبادرة السلام العربية ضمن جهد يستند إلى المرجعيات المعتمدة دولياً من مبدأ الأرض مقابلة السلام، إلى قراري مجلس الأمن 242 و338 بجانب القرار 1397 الذي نص على حل الدولتين وصولاً إلى إنشاء دولة فلسطينية على أساس حدود يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

وقال سامح شكري وزير الخارجية المصري في كلمة بلاده أمام اجتماع باريس «بهدف إحياء عملية السلام الفلسطينية «الإسرائيلية».. إن العرب أكدوا أن خيار السلام قائم بناء على المرجعيات السابقة في التعامل مع القضية.. وذلك خلال اجتماعهم مؤخراً في مقر جامعة الدول العربية بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس». يذكر ان ممثلي نحو 30 دولة، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية شاركت في أعمال المؤتمر الدولي لإحياء عملية السلام في باريس وسط رفض «إسرائيلي» وترحيب فلسطيني.

واعتبرت وزارة الخارجية «الإسرائيلية» أن الاجتماع الذي عقد في باريس يؤدي فقط إلى «إبعاد احتمالات السلام»، وزعم المتحدث باسم الوزارة ايمانويل نحشون ان «التاريخ سيكتب ان اجتماع باريس لم يؤد سوى إلى تشدد في المواقف الفلسطينية وإبعاد احتمالات السلام».

وعبرت فصائل فلسطينية عن رفضها لمؤتمر باريس. وفي رده على المؤتمر، طالب إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» بمواجهة محاولات فرض مبادرات جديدة لتسوية الصراع مع الاحتلال، واتخاذ قرار جريء بالعمل على تحقيق المصالحة الفلسطينية.

كما اعتبرت فصائل فلسطينية أن المبادرة الفرنسية الهادفة لإحياء عملية السلام «خطر يمس الثوابت الفلسطينية المجمع عليها، خاصة حق العودة»، جاء ذلك في بيان مشترك وقعت عليه كل من حركة «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» و«الجبهتين الديمقراطية والشعبية».

في المقابل، اعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، ان المبادرة الفرنسية لاحياء عملية السلام مع «إسرائيل» تشكل «بارقة أمل»، مطالباً بتحديد المبادرة الفرنسية «إطاراً وجدولاً زمنياً واضحين» لإقامة الدولة الفلسطينية. 

وقال نبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة، إن الموقف الفلسطيني والعربي وفق قرارات المجلس الوطني والشرعية الدولية، يطالب بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف: كذلك يقوم هذا الموقف على عدم المساس بمبادرة السلام العربية، والحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية؛ لأن ذلك هو الطريق الوحيد الذي يحقق الأمن والاستقرار.

المصدر: الخليج