ما الذي يجبر القطري على التسوق من الإحساء؟!

آراء

تستحيل معرفة نبض الشارع القطري من خلال مواقع الإعلام الاجتماعي مقارنة بالوضع في دول الخليج الأخرى، فالحسابات القطرية مُخدرة ولا تحمل روح السجال المجتمعي المرتبط بقضية اجتماعية، فلو كنت متابعاً جيداً في «تويتر» ستتلمس مثلاً شفافية النقاش الشعبي حول قيادة المرأة في السعودية، أو موضوع «من حق الليلة» المتكرر دورياً بشكل سنوي في دولة الإمارات، هذه المساجلات، بغض النظر عن موقفك منها، تُشكل الرأي العام، وتسهم في تطور فكر الشعوب. ورغم هيمنة النظام القطري على مواقع الإعلام الاجتماعي إلا أنه أغفل ثغرة كبيرة تتمثل في المنتديات الإلكترونية التي تنقل بوضوح ما يدور داخل المجتمع القطري، وبصفتي متابعاً لكثير من هذه المنتديات منذ بدايتها يمكنني تلخيص أهم القضايا والأفكار المتداولة والتعليق عليها، وقبل ذلك أود التنبيه بأن المجتمع القطري أحسّ بأثر الثروة النفطية بعد منتصف التسعينات متأخراً عن نظرائه في دول الخليج، ثم خابت آماله بعدما ترافق مع تدفق المال تضخم اقتصادي داخلي، وهدر خارجي لموارد الدولة، التضخم والهدر حرما القطريين نعمة الاستفادة من الإيرادات الهائلة للغاز الطبيعي، وتكونت بذلك دولة يستحيل أن يسكنها ذوو الدخل المحدود، وبالكاد يعيش فيها ذوو الدخل المتوسط، لذا يتذمر الأعضاء في المنتديات القطرية الإلكترونية من الغلاء المتصاعد والاستثمارات الخارجية الفاشلة، ويكثر الحديث عن طبقة عليا من رجال الأعمال تبتز المواطن القطري، وبات من المعلوم أن قيمة إيجار الوحدة السكنية في الدوحة يكلف ما يصل إلى 50% من دخل الفرد، والمفارقة هنا أن هناك مئات من الأبراج السكنية الخاوية في الدوحة يمتنع ملاكها من رجال الأعمال عن تأجيرها وفق مبدأ العرض والطلب، ولا يمانعون بقاءها خاوية عوضاً عن تأجيرها بمبالغ معقولة، وسبق أن رحب أعضاء المنتديات بمشروع قانون لفرض ضريبة حكومية على الشقق غير المؤجرة، ثم سرعان ما تخلت الحكومة القطرية عن القانون خشية إغضاب الملاك المتنفذين في الدولة، وتحضرني هنا مشاركة كتبها أحد الأعضاء في منتدى شبكة الأسهم القطرية، بعنوان «هل تحولت قطر من وطن إلى شركة اقتصادية»، يشكو من هذه الظاهرة العجيبة، وأتت أغلبية الردود لتؤكد تنصل الحكومة القطرية من مسؤولياتها تجاه التعليم والصحة والخدمات.

وبهذا تحولت كل مبادرات النظام القطري برفع الرواتب إلى الفشل، وصار المواطن القطري مجرد ممر تعبر فيه الأموال إلى حسابات رجال الأعمال، لتظهر في المنتديات القطرية قبل خمس سنوات دعوات صامتة إلى العصيان المدني ومقاطعة التجار المحليين، ولو تطلب الأمر عبور منفذ سلوى والتسوق في الإحساء.

المصدر: الإمارات اليوم