مبادرة «مصر في قلوبنا» انتصار للعلاقات التاريخية

أخبار

مشهد تاريخي سيظل عالقا في أذهان الأمة العربية، هو مشهد الدول العربية، وهي تتكالب؛ لدعم مصر “سياسيا” و”اقتصاديا”، تزامنا مع التحولات السياسية التي تشهدها، في ظل تمكن الشرعية الثورية بدعم من القوات المسلحة من التخلص من جماعة الإخوان وإقصاء الرئيس المعزول شعبياً الدكتور محمد مرسي من سدة الحكم، لتنطوي صفــحة “حزينة” في تاريخ العلاقات المصرية ـ العربية، خاصةً أن مرسي عمد إلى تهميش تلك العلاقات، بل وتشويهها من خلال تنظيمه الإخواني الذي راح يُعادي الجميع، وكانت آخر حلقات ذلك التعاون والدعم العربي لمصر هي الحملة التي وجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم الشعب المصري والتي أطلق عليها “مصر في قلوبنا” وبدأت هــيئة الهلال الأحمر الإماراتية تنفيذها بناءً على توجيهات سموه. ورحّبت القاهرة بتلك المبادرة التي تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين الشعوب العربية.

خطوات مشكورة

ومن جانبها، رحبت السياسية البارزة البرلمانية السابقة الدكتور منى مكرم عبيد بالخطوات الإماراتية؛ لدعم مصر، مشيرةً إلى أن المبادرة الأخيرة التي تحمل شعار “مصر في قلوبنا” كانت متوقعة من دولة بحجم ومكانة الإمارات، إذ كان متوقعاً فعلاً أن تدعم مصر، وتقف الحكومة والشعب الإماراتي بجوار أشقائهم المصريين في هذا الوقت العصيب جداً، كعادة الشعب والحكومة الإماراتية.

وأما رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان المستشار نجيب جبرائيل فأكد أنه لم يستغرب من إعلان الهلال الأحمر الإماراتي اطلاق حملة مصر في قلوبنا بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم المصريين بعد ثورة 30 يونيو؛ لأن الإمارات قيادة وحكومة وشعباً تثبت يوما بعد الآخر بأنها أهل ثقة المصريين فيها وأنها دائماً ما تقف بجوار أشقائها العرب في جميع الأوقات بالفعل والإثبات، وليس بالوعـــود والتصريحات كما يفعل الآخرون.

وأما عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى المنحل ممدوح رمزي فقدم الشكر والتحية لقيادة دولة الإمارات وحكومتها وشعبها على الوقوف بجوار مصر في محنتها التي زادها حكم جماعة الإخوان المسلمين سوءاً.

وأضاف لـ”البيان”: أن تدشين حملة مصر في قلوبنا يجعلنا نشعر بالأمل والتفاؤل في مستقبل أفضل وعلاقات طيبة تجمع مصر بجيرانها العرب، خاصةً دولة بقيمة وحجم دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى أن الإمارات كانت من أولى الدول التي قدمت تهنئتها للشعب المصري بنجاح ثورة 30 يونيو، كما أنها من أولى الدول أيضا التي أعلنت عن حزمة مساعدات اقتصادية لمصر واليوم تعلن عن حملة شعبية لدعم شعب مصر، وهو ما يؤكد على العلاقات الطيبة التي يحملها الشعب الإماراتي وحكومته وقيادته للشعب المصري.

قلب الأمة العربية

وأشار المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي أحمد عاطف أنه عقب ثورة 30 يونيو عادت مصر إلى مكانتها الطبيعية، والموقع اللائق بها؛ لتصبح في قلب الأمة العربية، ومن ثم عادت الأمة العربية أن تحتضن مصر من جديد، وتقدم لها مساعدات في وقت الأزمات كعادتها، وعلى رأسها دول الإمارات العربية المتحدة، ورغبتها في انتشال مصر من الأزمات الحالية، سواء من خلال دعمها سياسياً أو دعمها اقتصادياً، مشيراً إلى أن نظام الحكم حالياً في مصر يختلف اختلافاً جذرياً عن النظام السابق الذي كان ينظر للدول العربية بالعداء لمن يعادي تنظيم الإخوان.

استطرد في تصريحات خاصة لـ”البيان”: ما تفعله الدول العربية الآن مع مصر هو انتصار للعلاقات الطيبة، وعرفان بالدور المصري في المنطقة وأهمية مصر، وخاصةً أن مصر ساندت كثيرا من دول العالم العربي في كل مراحله التاريخية.. مثمناً في السياق ذاته مبادرات الإمارات والسعودية؛ لدعم التحولات الحالية في القاهرة ومساندة مصر بكل قوة.

التجمع: عودة قوية للتعاون العربي المشترك

ومن جانبه، أوضح رئيس حزب التجمع الحالي سيد عبدالعال أن العلاقات المصرية ـ الإماراتية تنفست الصعداء عقب الإطاحة بتنظيم الإخوان من سدة الحكم في مصر، وقد تم ترجمة عودة العلاقات إلى مجراها الطبيعي الآن بصورة واضحة من خلال الحملات التي تقوم بها الإمارات فضلاً عن المساعدات الاقتصادية، التي تشير إلى أن الأوضاع قد تم تصحيحها، وأن جملة الإشكاليات والتخوفات التي تحيط العلاقات المصرية الإماراتية خلال عهد الإخوان قد انتهت تماماً بسقوطهم من سدة الحكم.

بعد أمني

ونوّه الخبير الأمني المصري اللواء فؤاد فيود إلى أن الحملة الإماراتية والتي تأتي ضمن حملات أخرى داعمة لمصر على كافة الأصعدة خلال الفترة الراهنة تأتي للتأكيد على كون أمن الخليج من أمن مصر، وللتأكيد على رغبة الإمارات ودول خليجية في أن تنهض مصر وتعود إلى مكانتها الطبيعية في قلب الأمة العربية، وبالتالي فتلك المبادرات كما أن لها بُعدا اجتماعيا هائلا وأبعادا سياسية واقتصادية، لكن لها كذلك بعداً أمنياً مهماً هو التأكيد على أمن البلدين، وأن مصلحة الخليج هدوء الأوضاع في مصر واستقرارها عقب الظرف التاريخي الذي تمر به الآن.

استطرد قائلاً: مفهوم الأمن القومي العربي ذات جذور تاريخية، وقد دعمه كافة الحكام العرب، وكان أبرزهم المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي يُكن له المصريون كل الحب، ومازالت هنا في مصر مناطق ومجمعات سكنية تحمل اسمه، عرفاناً بفضله، وبالدور الذي لعبته وتلعبه الإمارات في دعــم ومساندة مصر على مدار التاريخ؛ لأن مصر هي قلب الأمة العربية النابض، وهي خــط الدفاع الأول عنها.

فضل زايد

ألمح استاذ العلوم السياسية البرلماني السابق جمال زهران إلى أن المبادرة الإماراتية الأخيرة (مصر في قلوبنا) هي رسالة تأكيد على الدعم الإماراتي لمصر، وهو الدعم الذي لم يولد الآن أو ليس وليد اللحظة، لكنه جاء على مدار التاريخ، فالشعب المصري لن ينسى فضل المغفور له الشيخ زايد، الذي عزز العلاقات المصرية ـ الإماراتية، والآن تقوم القيادة الإماراتية الحالية بدور قوي جداً في دعم التحولات بمصر، والتأكيد على مساندة ودعم مصر اقتصادياً، في مرحلة صعبة تمر بها القاهرة الآن على مختلف الأصعدة، وأكد أن تلك المبادرات تأتي تأكيداً على دور الإمارات العربي القوي في المنطقة، وتأتي مراعاة للبعد القومي، وحماية لأمن العالم العربي، فأمن الخليج من أمن مصر، مؤكداً على أن العلاقات التاريخية ليست فقط على مستوى الحكومات أو مستوى التمثيل الدبلوماسي، لكنها ممتدة لعلاقات طيبة جداً بين الشعبين.

الخارجية المصرية: ضمن رسائل الدعم السياسي

أكد الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي لـ”البيان” على عمق العلاقات بين مصر ودول الخليج العربي بوجهٍ عام، وهو ما برز جلياً من خلال زيارة وفد إماراتي رفيع المستوى للقاهرة منذ أسبوع عقب التطورات السياسية التي حدثت، مؤكداً على أن الإمارات ودول الخليج يوجهون كافة سبل الدعم السياسي للقاهرة في تلك المرحلة الحساسة في تاريخها، وتابع: إن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت دعماً سياسياً قوياً لمصر في المرحلة الراهنة، وأكدت على عمق العلاقات بين الشعبين والحكومات كذلك.

وأكد رئيس مركز الأهرام الأسبق للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور عبدالمنعم سعيد على أن الدعم السياسي الذي تلقاه القاهرة من الإمارات ومختلف دول الخليج جاء تأكيداً على أواصر العلاقات التاريخية بين مصر والدول العربية، كما أنه دفع في الأساس دولاً أجنبية في مقدمتها الولايات المُتحدة الأميركية؛ لتعديل سياستها مع الإدارة المصرية ورؤيتها لتظاهرات 30 يونيو الماضي، وخاصةً بعدما تداول أن المملكة العربية السعودية دعت واشنطن لدعم القاهرة ما دفع الولايات المتحدة للدفع بمبعوث رسمي من خلالها هو نائب وزير الخارجية من أجل إجراء مباحثات مع المسؤولين في مصر، وهي الزيارة التي حملت اعتراف أميركا بشرعية النظام المصري، وجاء بعد أن تحرك العرب؛ لدعم القاهرة في هذا الظرف التاريخي الراهن.

سد الفجوة

وكان سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان قد أكد على أن تحرك الإمارات جاء لسد الفجوة التي تركتها الأحداث الجارية على الساحة المصرية على حياة البسطاء والأسر المتعففة، وهو ما يمليه علينا الواجب الأخوي الذي يفرضه علينا ديننا الحنيف والنهج الإنساني الأصيل الذي زرعه فينا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار على خطاه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بجانب المسؤولية الإنسانية التي نتحملها بحكم موقعنا في الحركة الدولية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.

وثمن السفير المصري الأسبق بواشنطن عبدالرؤوف الريدي تكالب الأمة العربية على دعم مصر من خلال مبادرات وحملات دعم مختلفة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، مشيراً إلى أن تلك الحملات وآخرها الحملة الإماراتية (مصر في قلوبنا) تأتي لتؤكد على العلاقات الطيبة بين دول العالم العربي، والتي قد تغفو قليلاً لظروف سياسية كما حدث في مصر العام الماضي، لكن الأصل فيها أنها علاقات تاريخية لن يعرقلها أي شيء.

وأشاد المرشح الرئاسي السابق أبوالعز الحريري بالخطوة الإماراتية معتبراً ذلك تأكيداً حقيقياً على ما تحمله دولة الإمارات لمصر من حب وخير، مضيفاً لـ”البيان”: أننا نحن المصريين يجب علينا الآن أن ندرك من يحمل لنا الخير، ويتمنى لنا النهوض ممن يحاولون إضعافنا وإسقاطنا بوعود لم نر منها شيئاً. أوضح أن المبادرة الإماراتية الأخيرة من خلال حملة (مصر في قلوبنا) لم تكن الأولى أو الأخيرة في سبيل الدعم الإماراتي لمصر، فإن دولة الإمارات دائماً ما تساند مصر والمصريين، ودائماً ما تدعم بقوة الشعب المصري، وليس أدل من ذلك أكثر من مواقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. وبالتالي فالمبادرات الأخيرة عززت رصيد الإمارات لدى الشعب المصري وفي قلوب المجتمع.

تحرك فوري

ومن جانبه، ثمّن رئيس اتحاد المستثمرين العرب وأمين عام برنامج دعم المشاركة المصرية الأوروبية السفير جمال بيومي، تحركات الجانب الإماراتي؛ لدعم مصر في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخها، مشيراً إلى أن تلك المواقف تأكيد على علاقات تاريخية جمعت بين البلدين، وقد ظهرت بوضوح عقب سقوط الرئيس مرسي فوراً، ومستمرة إلى الآن من خلال دعم مادي أو عيني ومعنوي كذلك، قائلاً: تلك المبادرات والحملات تؤكد على أن مصر في زمن الإخوان كانت سائرة على الطريق الخطأ، إذ همّشت علاقاتها مع الدول العربية، وفق رؤى الإخوان، وها هي الآن تنتصر لتلك العلاقات بعد الثورة التصحيحية التي جرت في 30 يونيه الماضي.

وثمنت قوى سياسية مصر كذلك ما لجأت إليه العواصم العربية على دعم مصر سياسياً وعملية التحول الديمقراطي فيها بوجهٍ عام، في مواجهة استقواء جماعة الإخوان بدول أجنبية لوصف التحرك الذي حدث بمصر على أنه (انقلاب عسكري)، لكن العرب، وعلى رأسهم السعودية والإمارات قد استنكروا ذلك، وشدوا من عضد الثوار.. كما تم ترجمة تلك المواقف على الصعيد الاقتصادي كذلك، فقدمت السعودية لمصر مساعدات بقيمة 5 مليارات دولار، تشمل ملياري دولار وديعة نقدية بالبنك المركزي وملياري دولار أخرى منتجات نفطية وغاز ومليار دولار نقداً، في الوقت الذي تقدم فيه الإمارات مساعدات إلى مصر بمقدار 3 مليارات دولار، منها مليار دولار على شكل “منحة”، و2 مليار دولار “قرض” في صورة وديعة لدى البنك المركزي، فضلا عن شحنات من النفط والسولار لسد الأزمة الحالية في مصر.

ومن جانبه، أوضح المتحدث الرسمي لحزب المؤتمر الذي يترأسه عمرو موسى الدكتور أحمد كامل لـ”البيان” أن المساعدات العربية لمصر هي جُهد مشكور جداً، وأن المبادرات الإماراتية وآخرها مبادرة (مصر في قلوبنا) تؤكد عمق العلاقات، وتؤكد أن الأصل أن تلك المساعدات والمبادرات موجودة، لكن مصر قد غابت لسنوات عن دورها في المنطقة، وها هي الدول العربية تثبت أنها تريد أن تساهم في أن تجعل مصر تقف على قدميها؛ لأن مصر جزء أصيل من الأمة العربية، وهم جزء منا، وقد ساندت مصر، ودعمت دولاً عربية كثيرة على مدار التاريخ.

 المصدر: البيان