مدينتنا نظيفة

آراء

«مدينتا نظيفة» عنوان طرحته بلدية أبوظبي ممثلة بفرعها بلدية مصفح، وهو العنوان الذي يثير في النفس الشجون، حيث للأخضر مع الإنسان عبر التاريخ علاقة موسومة بالفرح، مرسومة على صفحات الوجدان بورق من لحاء المشاعر المرهفة، وحبر من جداول النبوع المترعة بالعذوبة.
مدينتنا نظيفة، عنوان يأتي من أقاصي وجدان الشجرة، ومن عميق تراب الأرض ومن روح الإنسان الذي عشق الشجرة، فأهداها من عرقه ماء الحياة، وعلمها كيف ترفع الأغصان، وكيف ترتب الثمرات، وكيف تعانق الغيمة.
الإنسان عاشق الشجرة، تلاحم مع الطبيعة وانسجم مع مخلوقات الله، لإيمانه بأن الوجود واحد، وحماية هذه الكائنات، هي درء الخطر عن نفسه، وتسوير حياضه، بحزام أخضر، يغذي روحه، ويمنحه نعومة الحياة، ونعيمها.
عندما نعلم أبناءنا كيف يمسكون بطرف الجذور، ويضعونها في أديم الأرض، ويسقونها بالماء الزلال، فنحن ندربهم على عناق الحياة بلطف، نعلمهم على حب الجمال، والجمال هو دين الحكماء، الجمال هو قصيدة النابغين، الجمال هو مملكة النابهين، الجمال هو الطريق إلى نبذ الكراهية لأن ما يكمن في لون الأخضر، هو ما تسفر عنه النفس المطمئنة، من حنان، وتبيان لعلاقة سليمة تجمع بين جميع المخلوقات، على أرض هي بيتنا جميعاً، وسماؤها سقفنا، وغيمتها سقفنا، وأشجارها حراس وجودنا، وأصل الكلمة الأولى، عندما زرع الإنسان القمحة، وظل يرعاها، ويهتم بسقياها، حتى أصبح العالم مزرعة كبرى، الناس أنهارها، والأشجار طيورها.
في الإمارات وعي، تناسقت أغصانه، منذ عهد بعيد، ومنذ أن أوعز المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لمسؤولي البلديات في العاصمة الجميلة، وفي كل أنحاء الدولة، كي يهتموا بالشجرة، ويمنحوها الرعاية والحماية والعناية، إيماناً من المغفور له بأن الشجرة بنت الأرض، والأرض أم الجميع، وواجب الجميع ألا يهملوها، ولا ينسوا فضلها علينا جميعاً.
هذه رؤية تخلدت في وجدان الإنسان الإماراتي، وهذه زهرة ترعرعت في ميدان حياته وما تزال تلون وجدانه بالجمال، وحسن الخصال ، حتى أصبحت الإمارات اليوم حديقة غناء يغرد فيها الطير نشوانَ، وترفرف على ترابها وريقات الزهر، ريانة بأحلام الشفافية، وتعانق الأشجار غيمة الشتاء، فتبتسم النجوم، بخيلاء العشاق، ونشوة الأشواق، وحلم الشعراء في بناء القصيدة العصماء.
من يتجول اليوم في شوارع وأزقة العاصمة أبوظبي، يشعر أنه بين كفوف مخضبة بحناء البهجة، وما تسرده الفراشات للوجود.
اليوم من يطلق العنان للعين، ويتأمل المشهد الأخضر على هذه الأرض الطيبة، يشعر بأن الحياة بدأت من هنا، وأن لغة الطير جاءت من أبجدية الحلم الإماراتي بأهمية الشجرة، وقوة نواميسها في وجدان الإنسان.
فشكراً لبلدية أبوظبي التي تلون حياتنا بالأخضر، شكراً لمحبي الحياة.

المصدر: الاتحاد