سليمان جودة
سليمان جودة
إعلامي وكاتب مصري

«مرسى» يعيد «مبارك»!

آراء

فى كل مرة يخطب الدكتور مرسى، يردد عبارة واحدة لا تتغير، وهى أن النظام السابق لن يعود، وقد أصبحت العبارة من طول ترديدها، تثير الإشفاق على صاحبها، والضحك مما يقوله، أكثر مما تثير أى شىء آخر، لسببين أساسيين، أولهما أن نظام مبارك لن يعود فعلاً، وثانيهما أن أحداً لم يطالب بعودته فى أى وقت، ولا يريد «مرسى» إلى اليوم أن يفهم، أن ذهاب الإخوان، ليس معناه أبداً، عودة «مبارك» أو نظامه الحاكم، وإنما معناه الرئيسى أن تعود الثورة إلى شبابها الذين قاموا بها ودفعوا ثمنها، وأن يعود البلد المختطف لأصحابه.. لا أكثر من هذا، ولا أقل!

وحين كنت فى مدينة طنجة المغربية، مساء الأربعاء، أى بعد أن ألقى «مرسى» خطابه الأخير بدقائق، فإننى أردت أن أتعرف على صدى الخطاب عند إخواننا المغاربة، فقال لى رجل شاهد ما قاله «مرسى» فى خطابه من أوله إلى آخره إنه، أى الخطاب، يكاد يكون هو نفسه خطاب «مبارك» قبل أن يتخلى عن الحكم!

والحقيقة أن الرئيس قد جاءته ثلاث فرص من السماء، ليتجنب بها ما يمكن أن يحدث غداً، فإذا به يبددها جميعاً بقلب بارد، وكأنه يفعل ذلك عن قصد، وعن عمد، ثم كأنه كلما كان عليه أن يختار بين أمرين، اختار أسوأهما!

كان أمامه أن يتدارك أمره، يوم راح يخطب من أجل سوريا، فى الاستاد، فإذا به يخطب فى أهله، وفى عشيرته، ثم يتجاهل سائر المصريين، وكأن مصر عنده، هى فقط هذه اللحى، وهذه الجلابيب التى حشدوها حشداً، بالأمر لتهتف وتؤيده!

وكان أمامه، أن يتدارك المسألة للمرة الثانية، يوم أن أصدر حركة المحافظين الأخيرة، فإذا بها عبث فى عبث، وإذا به يضع الرجل المناسب، فى غير المكان المناسب، وإذا بالمحافظين المساكين الذين جاء بهم ممنوعون من دخول مكاتبهم، على أيدى المواطنين الساخطين الغاضبين الناقمين الذين لا يسخطون ولا يغضبون ولا ينقمون إلا لأنهم يرون رئيسهم أو الذى يفترضون فيه أنه رئيسهم، يستخف بهم فى كل خطوة يقطعها، ويستهين بهم، بل يهينهم، فى كل قرار يكون عليه أن يتخذه للصالح العام، فيفاجئهم بأن يأتى القرار للصالح الإخوانى، دون سواه!

وعندما جلس المصريون أمام التليفزيون، مساء الأربعاء، فى انتظار أن يقول الرجل جديداً، وعلى أمل أن يصالح مواطنيه الذين ضاقت بهم الأرض، وضاق بهم الحال من كل اتجاه، فإذا بهم للمرة الثالثة على موعد مع «مبارك 2011» يخطب فيهم فى 2013، وإذا بهم أمام رجل لا يدرى ماذا يجرى حوله، وإذا بهم أمام رئيس لا يقدر، كما ينبغى، خطورة الأوضاع تحت قدميه، وأمام عينيه!

لا مرسى انتبه، ولا أحد ممن حوله نبهه، إلى أنه وهو يخاطب المصريين، قبل يومين، كان أول من يعيد النظام الحاكم السابق، عندما وقف على مرأى من الدنيا، يتكلم اللغة نفسها، التى تكلمها «مبارك» قبل تخليه عن الكرسى، ويؤدى نفس الأداء، بما أصاب كل الذين سمعوه خارج أهله وعشيرته بخيبة أمل!

المصدر: المصري اليوم