محمد خميس
محمد خميس
محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"

مقال رياضي بحت

آراء

حكايتنا اليوم لم تنتهي احداثها بعد، مازلت تتفاعل الى هذه اللحظة، نعم الى هذه اللحظة التى تقرؤون فيها، هذه الأسطر، هي لا تبدأ بكان يامكان، وانما ب ومازل فريق أسرة المخادعون، يتكبد الفشل تلو الأخر ، فبعد ان قرر الأب، الزج بإبنه الثاني، في صفوف الفريق، بعد ان تعفن على دكة الإحتياط، وهو يحلم باليوم الذي سيلعب فيه، ويخطف الأنظار من أخيه، محبوب أبيه، وقرة عين الأسرة، جاءه الفرج بانكشاف سر أخيه الدفين للجمهور، برغم محاولات إخوته جميعهم التستر عليه، ألا وهو انه قد سبق ولعب ذات مرة في منتخب بلد اخر “أمريكا” حتى نكون دقيقين.

يجب ان تعلموا قبل ان نكمل، ان هذا الفريق، يتكون فقط من الإخوة، ولا يسمح لأي شخص خارج العائلة ان يلعب معهم، والأب هو المدرب بسلطات مطلقة، لا يتجرء احد من أبناءه على معارضته، وتبلغ سطوة الأب وجبروته، من القوة والنفوذ حداَ، بحيث أنه استطاع ان يؤسس فرق اخرى، في بلدان مختلفة، بعضها استطاعت ان تصل لتكون هي المنتخب الوطني في تلك البلدان، لتفشل بعدها و تتخبط وتضطرب على الغير المتوقع منها، وبعضها الأخر ما زالت تحاول وبقوة، طرح نفسها كبديل للمنتخبات الموجودة، رغم ان المنتخبات التى تحاول ان تحل محلها ناجحة بكل المقاييس، ووصلت للعالمية، وتُأخذ كنموذج للنجاح.

صاحبنا كان دائماً في كامل زيَه الرياضي، يحلم بالفرصة التي ستتاح له لينزل على أرض الملعب، ويقود فريقه للفوز، فيحقق اهداف إخوته، ويبني مجداً لطالما حلمت به الأسرة، ولم يصدق اذنيه وهو يسمع اباه يطلب منه التقدم والدخول الى الملعب، بعد ان سلمه شارة الكابتن، ولكن قبل ان يسلمه الشارة همس في اذنه” اياك ان تتصرف دون امر مني” ثم أضاف ” حتى اذا أصبت لا تتألم دون ان تستأذني”، وافق صاحبنا على ارشادات والده دون نقاش، فهو مجبول على السمع والطاعة، ثم انه تابع وليس بقائد، وان بدا للجميع بأنه من يقود إخوته، انتهت المبارة بعد ان فاز فريق الإخوة، بهدف سجله صاحبنا مقابل لاشيء، وبعد ان قاد بالتضامن مع اخوته خطة شيطانية خادعة، ظاهرها طيب واصلها خبيث، تتلخص في إقناع اعضاء الفريق الأخر وحكم المبارة معهم، بأنه في حالة، لو تركوهم يفوزون فسوف يرضى الله عنهم، وذلك لتدينهم الشديد، اي الإخوة، وانهم قادرون على توصيلهم الى العالمية، بعد ان يشكلوا معهم منتخب واحد قوي، يقودوه الإخوة، ولكن بمشاركة كل اللاعيبن الأخرين.

بعد الفوز واثناء الإحتفالات، وقف صاحبنا بجوار أبيه، لتلقي التهاني، بيد انه لاحظ، ان كل التهاني، كانت موجهة لوالده، بل تعمد اخوته على تجاهله وكأنه ظل او شبح، سمع من احدهم يقول بحماس لأبيه، ان فولتير قد قال ذات مرة “مع السلطة العظيمة، تأتي المسؤلية كبيرة” تذكر سماعه لتلك العبارة في فلم الرجل العنكبوت، فأراد ان يصحح معلومات الرجل، لولا انه سمع والده يعقب بقوله “انتظرنا طويلاً، لنصل الى هنا، وقد حان وقت الإنتقام” فسكت، وحينما حان وقت إلقاء الخطاب، وشرع صاحبنا بقراءة خطابه الإنشائي، وقف والده بجنبه، يلقنه ما عليه قوله، ويصر عليه ذكر كلمة “القصاص” حتى يعلم الجميع انه حان وقت قطاف الرؤوس التى أينعت.

في الأيام التالية للفوز وبعد تفردهم بالمنتخب الوطني، اكتشف صاحبنا بعد خسارة كل المباريات الصغيرة التى خاضوها، انهم يلعبون بلا أية خطة، وان خداعهم لم يعد ينطلي على احد، فاستنجد بأبيه فوجده فارغاً لا خطة لديه هو الأخر، وأن كل ما كان يهمه من الأساس يتلخص في ان يصل بإخوته وبه الى المنتخب، وبدءت الصحافة تعريهم، وتكشف حالة العدمية التى هم فيها، فأمره والده، بمنع الصحفيين من حضور مبارياتهم، وتوجيه تهمة المساس بهيبة المنتخب الوطني، وهي تهمة لو تعلمون خطيرة! وكذلك فعل، وبدءت الجماهير ترميهم بالحجارة، فأمره اباه بأن يضيق عليهم ويقمعهم، ففعل، وبدأت الناس تتذمر من الإخوة، فازدادت الأسرة تخبطاً.

وفي اجتماع حضره جميع الإخوة، اقترح الأب عليهم مهاجمة الجميع، والحط من قدر نجاحات الأخرين، وتقزيم إنجازاتهم، حتى يبدوا للناس ان منتخبهم هو الوحيد الناجح، وشرع لهم كل السبل وكل الطرق، بغض النظر عن نظافتها ام قذارتها لإستعمالها لرمي الأخرين.

هم الأن يمتلكون الملعب، واتحاد الرياضات، ولجنة تعيين الحكام، ولجنة اختيار اللاعبين، ولجنة محاسبة المقصرين، وكل شيء اخر يتعلق بالرياضة، وحتى لجنة كتابة التاريخ الرياضي هم فيها، ولجنة تعيين صحفيين الرياضة، والمعلقين، بل هم من استولى على المصنع الوطني لصناعة كرة القدم، باتوا الأن كل شيء، لكن دون إنتاج شيء، ومازال الأب والإبن، الى الأن يتخبطان خلال بحثهما عن خطة لإدارة المنتخب بلا جدوى، لأنهما ببساطة لم يستطيعا فهم عبارة ” مع السلطة العظيمة تأتي المسؤلية كبيرة” .

خاص لـ ( الهتلان بوست )