محمد خميس
محمد خميس
محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"

هل انت “ابن ناس”؟

آراء

كثيراً ما تتردد عبارة “ابن ناس” كمدح أو كإشادة لشخص ما، وغالباً ما نعتقد أن من يستحقون لقب ابن ناس حصرياً، هم أولئك الأشخاص المنحدرين من سلالة الدماء الزرقاء الملكية، أو سليلوا أسر من الطبقة البرجوازية، أو أقلّه أبناء لتجار يمتلك ما يربو عن خمس أو ست بقالات.

مما يدخل البقية منا الذين لا ننحدر من تلك الأسر، ورأس مالنا، معاش على “قد الحال” ننتظره بفارغ الصبر في آخر الشهر، في حيرة من أمرنا، فنحن أيضاً أبناء ناس، ونحن متيقنون أن آبائنا وأمهاتنا ينتمون لفئة البشر، ولكن هل يكفي ذلك أيّاً منا لكي يمنح لقب “ابن ناس” رغم بساط الفقر الذي نجلس عليه؟

يكمن الإبداع في عبارة “ابن ناس” في كونها ترتقي في مفهومها، بنوع العائلات إلى مصاف الإنسانية، وفي كونها تختزل المدح والإطراء في ضربة واحدة على الآباء والأمهات والأبناء، بينما معيارها الوحيد لاستحقاقها: هي تصرفات الأبناء فقط، فالذي يحدد ما إذا كان والدا شخصٌ ما، ينتميان الى فئة الناس، وهي صفة كما تعلمون عظيمة، وخاصة في مواقف معينة، هو تصرفات وأخلاق الأبناء فقط، بغض النظر عن انحداره الأسري، أوعن حساب الوالد أو الوالدة في البنك.

تصرفاتك وطريقة معاملتك للآخرين، هما معيار الاستحقاق لتكون ابن ناس يشار إليه بالبنان، الأخلاق ثم الأخلاق ثم الأخلاق، هي ما تجعل الآخرين يثنون ويطلقون كل عبارات الإطراء على والديك، ففي هذا الزمن أنت من تشكل أهم العناصر لرفع وإعلاء قدر والديك.

أخلاقنا هي الأصل، وهي ما تفرقنا فعلاً عن مملكة الحيوانات، فلن ترى في حياتك حيواناً مؤدباً، ربما ستقابل حيواناً مطيعاً، ولكنه لن يكون خلوقاً أبداً. فالأخلاق هي من اختصاصنا بني آدم ولا غيرنا، ولم يخطيء أول من عبر بإعجاب عن أول إنسان خلوق بأنه “ابن ناس”، فالفلاسفة قديماً قالوا: الأخلاق من طبع البشر.

هي عبارة حصرية، يتوج بها كل من ينظر بعين الاحترام للآخرين، كل من يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، كل من يكف أذاه عن الناس، لكل من يصدق، ولكل من يفي بوعده، ويرد الأمانات لأهلها، ببساطة هي عبارة يستحقها وبجدارة كل من يتدبر قول الرسول الكريم-صلى الله عليه وسلم- “ما من شىءٍ فى الميزان أثقل من حسن الخلق”.

خاص لـــ (الهتلان بوست)