عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

وزارة العمل.. ونقاب العاملات السعوديات

آراء

وزارة العمل في قرارها الأخير بإلزام العاملات السعوديات بمحال المستلزمات النسائية بارتداء النقاب وعدم التحدث مع زملائهن في تلك المحال. الوزارة باعتقادي تدخلت في قناعات العاملات وماذا يلبسن ومع من يتحدثن، وهذا منافٍ لأبسط حقوق الإنسان في أي بقعة في العالم. وزارة العمل عليها أن تهتم بظروف وبيئة العمل وتحسنها، التي تخدم المرأة في الاستمرار بأداء وظيفتها بشكل مريح، فأما ماذا ترتدي هذه العاملة أو تلك من «طرحة» أو «نقاب» فهذا سيفتح الباب التدخلات من جهات أخرى في ممارسة ضغوط على المرأة السعودية في تلك المحال، ونحن نعرف أن معظمها، ولاسيما في المراكز التجارية الكبيرة مغطاة بكاميرات تستطيع أن تعرف وتكشف أي مضايقات تتعرض لها المرأة، سواء عميلة أو عاملة. نقطة أخرى ألا وهي من سيتولّى تنفيذ هذا القرار؟ وهل يكون من ضمن شروط الحصول على الوظيفة أن تكون على استعداد في لبس النقاب من عدمه؟ علينا أن نترك مثل هذه التفصيلات للمرأة نفسها فمن أرادت النقاب فهذا حقها، ولكن أن نفرضه على من لا يردن ذلك فهذا هو من سياسة التطفيش والإقصاء ضد مفهوم خروج المرأة للعمل من بعض الجهات، والتي قدمت وزارة العمل تنازلات لها، للأسف أن هناك قلة لدينا صوتها مرتفع وتصادر رأي الغالبية بأن هذا هو موقف المجتمع من عمل المرأة، وكلنا يتذكر وفود المحتسبين إلى وزير العمل عندما أُقرَّ عمل المرأة في محال المستلزمات النسائية، وهؤلاء بالأصل يعارضون خروجها من البيت، وهذا ليس حقاً لهم، فالجهات الرسمية لم تُرغم أحداً على أن تعمل ابنته أو زوجته في هذا المجال، ولكن ليس من حقهم أن يمنعوا النساء الأخريات من كسب رزقهن بوسائل مشروعة، تحفظ كرامتهن وتحت مراقبة الأجهزة الرسمية التي تشرع وتنظم هذا المجال، أما مثل هذه القرار فهو تراجع من وزارة العمل عن مشروع فتح المجال للكسب الحلال والمشاركة وعدم التهميش لقطاع مهم في مجتمعنا.

كثير من السعوديات يسافرن للخارج لأغراض متعددة منها السياحة والدراسة، ومنهن من لا يلبسن النقاب أو حتى «الطرحة» وبعضهن يقوم بذلك ويحظى بالاحترام، وهذا ما علينا اتباعه، فهذه قناعات الإنسان البسيطة التي يجب ألا نخلطها مع عادات وتقاليد أي مجتمع ونمليها على الكل، فحتى في مناطق المملكة نجد اختلافاً حول النقاب، ففي بعضها نشاهد حضوراً قوياً لذلك، وأخرى نجد النقاب أقل حضوراً فيها، فعلينا احترام هذا التنوع وعدم فرضه على الإنسان، فالقضية باعتقادي هي قناعات الإنسان إذا لم تكن مؤذية بالآخرين ولا أعتقد بأن لبس المرأة للنقاب في محال بيع مستلزمات النسائية سيضر بالآخرين ولاسيما النساء إلا إذا كنا نريد إلغاء حضور المرأة شكلاً وموضوعاً من مشهدنا الاجتماعي، وهذا التوجه يتناقض مع الطبيعة الإنسانية، ونحن جزء من هذا العالم المتغير، وأعرف أن هناك من سيقول: هل نحن مجبرون على أن نتشكل بحسب ما يريده العالم، وهذا غير ما أطرحه، فلو أن هذا القرار بُني على دراسات واستطلاعات على أن مثل هذا الشرط كان رغبة العاملات في تلك المحال لوقفنا احتراماً له، ولكن – كما قرأت وسمعت – أنه تم إبلاغهن من أصحاب العمل بهذا القرار وعليهن التقيد به يعني المسألة مفروضة بحجة النظام.

النقاب من الناحية الشريعة يوجد عليه خلاف بين المذاهب الإسلامية، بل إن الأزهر قد حظر النقاب للطالبات في بعض مؤسساته التعليمية، ولن أتحدث عن أسباب أخرى حظرت النقاب لأسباب أمنية، ويوجد بعض الحوادث الإرهابية التي استخدم النقاب فيها لتغطية من قاموا بتلك العمليات.

المصدر: الحياة