خلف الحربي
خلف الحربي
كاتب سعودي

وظيفة شاغرة .. شيخ قبيلة !

آراء

مجلس الشورى أعجوبة من أعاجيب هذا الزمان فقد قام بحل جميع مشاكل البلد المستعصية ولم يبق إلا أن يضع نظاما لشيوخ القبائل الذين قسمهم إلى درجات، بحيث يحصل شيخ الشمل على راتب شهري 8000 ريال وسيارة كل خمس سنوات وشيخ القبيلة على راتب شهري مقداره 5000 ريال وسيارة كل خمس سنوات بينما يحصل المعرف على راتب شهري مقداره 3000 ريال، هل رأيتم مثل هذا المجلس الجميل الذي قرر أن يعيدنا إلى الوراء مائة عام عبر تقنية النانو ؟!.

ما دام الأمر هكذا فليكمل المجلس جميله ويصرف رواتب لبقية أفراد القبيلة بحيث يحصل الفارس على راتب شهري مقداره 2000 ريال والراعي على راتب مقداره 1000 ريال وعازف الربابة على راتب شهري مقداره 500 ريال و «يا الله صبوا هالقهوة وزيدوها هيل» !، ما هذا النظام العجيب الذي يناقشه مجلس الشورى في القرن الواحد والعشرين ؟، وتحت أي عنوان يتم تكريس القبلية وإكسابها هذا النمط الإداري والقانوني، في وقت أصبح فيه الوطن هو الهوية الأساسية والانتماء الأول لجميع المواطنين سواء كانوا قبليين أو غير ذلك ؟!.

من حق أي شيخ قبيلة أن يتمسك بمكانته الاجتماعية المرموقة بين أفراد عشيرته، ولكننا حين نتحدث عن الأنظمة والقوانين واللوائح فإن المعيار الأساسي لتمييز أي مواطن على الآخر يجب أن يكون على أساس الكفاءة والمؤهلات والعطاء، ومجلس الشورى الذي يفترض أنه يمثل المواطنين جميعا يحاول إقرار نظام ينزع عن نفسه، دون أن يدرك، صفة التمثيل الشعبي لصالح عدد من الأفراد الذين سوف يصبحون بحكم النظام هم الممثلون الرسميون لأفراد قبائلهم وليس أعضاء المجلس الموقر.

نعم قد تستدعي بعض الضرورات الأمنية والإدارية الاستعانة ببعض الأعيان من شيوخ قبائل وغيرهم وخصوصا في المناطق النائية، وهذا أمر يحدث حتى مع عمد الأحياء ولكن هذا لا يبرر محاولة مجلس الشورى ابتكار نظام جديد أساسه تحويل هذه المكانة الاجتماعية المتوارثة إلى وظيفة براتب مقطوع !، كيف سيأخذ شيخ الشمل إجازة من القبيلة ؟، أنا مشتاق لقراءة هذه الفقرة بالذات من نظام شيوخ القبائل ؟، ومن الذي سيقرر ما إذا كان هذا الرجل هو شيخ القبيلة أم أخوه أم ابن عمه ؟، وما هي الجهة التي سوف تفصل في النزاعات المتوقعة، وما هي آلية الفصل بين صلاحيات المحافظ ورئيس المركز وشيخ الشمل وشيخ القبيلة كي لا يجد ابن القبيلة نفسه محاطا بسلسلة من حملة الأختام الذين يتحدثون باسمه ؟ !.

أخيرا أود التأكيد على أنني لا أحسد شيوخ القبائل على هذه الرواتب المقطوعة بقدر ما أحسد مجلس الشورى على هذه القضايا العجيبة التي يستنبطها من رحم التاريخ، على أية حال قد يكون من المفيد في هذه المناسبة التاريخية أن نستعيد بيت شعر قديم لبدوية من سيناء كانت تقول لابنتها : «الشيخه ما هي بالجوخه .. ولا كبر عباية يا بنيه» !.

المصدر: عكاظ