50 % من المعتدين على الأطفال لديهم سجل إجرامي

أخبار

قالت الاستشارية والمعالجة النفسية، عايدة هاشم، إن دراسات عالمية كشفت أن 50% تقريباً – من المعتدين على الأطفال – سبق القبض عليهم في جرائم جنسية، محذرة من إتاحة فرص العمل للذين سبقت إدانتهم في قضايا جنسية، قبل إخضاعهم لبرامج تأهيلية تساعدهم على التخلص من هذه المشكلة، التي تلحق الكثير من الضرر بالطفل والمجتمع، مشددة على ضرورة عزلهم عن الوظائف التي تتطلب الاحتكاك بالأطفال، كمهنة التدريس، وغيرها، بهدف حماية الأطفال من الاعتداءات التي قد يتعرضون لها.

جاء ذلك خلال ورشة تدريبية لتأهيل المعتدين على الأطفال، والتي نظمتها دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، بالتزامن مع اليوم العالمي للأطفال ضحايا الاعتداءات، الذي يصادف الرابع من يونيو كل عام.

وأشارت عايدة هاشم إلى أن معظم مؤسسات التأهيل تركز اهتمامها على العلاج، والتعامل مع الحالة المتعرضة للاعتداء، وتهمل تأهيل المعتدين، على الرغم من أن معظم المعتدين من أصحاب السوابق، ونتيجة عدم تأهيلهم تزداد فرص تكرر اعتدائهم على الآخرين.

وأضافت عايدة هاشم – خلال ورشة تدريبية لتأهيل المعتدين، والتي نظمتها دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، بالتزامن مع اليوم العالمي للأطفال ضحايا الاعتداءات، الذي يصادف الرابع من يونيو كل عام – أنه «على الرغم من انتشار ظاهرة جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال في كل المجتمعات، وتصنيفها ضمن الجرائم الخطرة التي تواجه كل المجتمعات، سواء العربية منها أو الأجنبية، إلا أنه إلى الآن يصعب جداً تحديد الأعداد الحقيقية لمرتكبي جرائم الاعتداء ضد الأطفال، بسبب حساسية المشكلة».

وعزت أسباب عدم توافر إحصاءات دقيقة بجرائم الاعتداء على الأطفال، إلى أن معدل الحالات المسجلة بأقسام الشرطة أقل من المعدل الحقيقي، بسبب الاعتبارات الاجتماعية لدى بعض الأسر، وخوفها من الفضيحة، علاوة على رغبتها في تجنيب أطفالها المعتدى عليهم الحالة النفسية السيئة، التي قد يتعرضون لها، في حال إخضاعهم لإجراءات التحقيق من قبل الجهات الأمنية.

وأضافت: «من الأسباب الأخرى أيضاً أن حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال تنقسم لتصنيفات عدة، حسب الشرطة، مثل جريمة اغتصاب، أو جريمة هتك عرض، أو محاولة اغتصاب، فضلاً عن أن نسبة من هذه الجرائم لا تنتهي بالأدلة لأسباب عدة، منها تأخر الأهل في إبلاغ الجهات الأمنية».

وطالبت عايدة هاشم بإخضاع المعتدين جنسياً لبرنامج (تأهيل المعتدي البالغ)، الذي يتضمن 14 جلسة علاجية فردية، تهدف إلى زرع الإحساس بالذنب والرغبة في التغيير، وتغيير الأفكار اللاعقلانية إلى عقلانية، كما تهدف إلى معرفة الدوافع الحقيقية وراء الاعتداء، إلى جانب إعادة تكوين علاقات اجتماعية سوية مع الآخرين، مشيرة إلى أن هذه الجلسات تنفذ وفق اعتبارات خاصة، تشمل بيئة مجهزة بالمعدات والأدوات اللازمة لتنفيذ البرنامج، مع مراعاة منح المشارك الاهتمام الكامل لكل ما يبدر منه من كلمات أو تعبيرات قد تسهم في تأهيله، والتقيد بإدارة الجلسة وتوثيقها.

ولفتت إلى أن الاعتداءات الجنسية على الأطفال مجرّمة في جميع دول العالم، وتختلف طريقة العقاب من دولة لأخرى، فبعض الدول تعاقب المعتدي بالإعدام أو السجن المؤبد.

وحول صفات المعتدي، قالت عايدة هاشم: «هو شخص يعيش الحياة بوجهين، إذ إنه من ناحية الشكل والمظهر الخارجي لا يختلف عن الآخرين، أما داخلياً فهو يعاني اضطرابات نفسية أو شخصية ذات طباع حادة تُفرغ على شكل عنف جنسي، إذ يرتكب جريمته بعنف بدني وحشي بغرض إيذاء المجني عليه واحتقاره، والجنس ليس هو الباعث على جريمته، لكنه يعتبر سلاحه ضد الضحية، ويتضمن التعبير الكبير عن غضبه، وأن الضحية ما هي إلا شيء يصب عليه غضبه».

وبينت أن المختصين قسّموا المعتدين جنسياً إلى فئتين، هما: المعتدي المجرم، والمعتدي النفسي، وتم تعريف النوع الأول بأنه رجل قليل التعليم، ينتمي إلى مستوى اقتصادي واجتماعي منخفض، ولديه سجل جنائي من جرائم الانحرافات الجنسية، مثل التعري، وهو شخص مضاد للمجتمع عامة، ويسهل التأثير فيه من أقرانه، أما المعتدي النفسي فهو شخص متعلم تعليماً جيداً، وينتمي لمستوى اقتصادي مرتفع، ويرتكب جريمة الاعتداء الجنسي نتيجة مشكلات شخصية أو عدم المواءمة، ويشعر بالندم بعد جريمته، وكلاهما يشترك في تركيبة نفسية تميل إلى تبرير الأفعال ولوم الآخرين والكذب، إضافة إلى إلقاء اللوم على المجتمع والمحيط الأسري.

وأوضحت أن الدراسات العالمية، التي أجريت لتحليل شخصية المعتدي جنسياً، خلصت إلى أن معظمهم يندمجون وينسجمون جيداً مع المجتمع المحيط بهم، كما أنهم غير متزوجين، وكلما كبر عمر المعتدي جنسياً قل عمر المجني عليه، و50% تقريباً منهم سبق القبض عليهم في جرائم جنسية، إلا أن معظمهم تم القبض عليهم في جرائم لا تتعلق بالجرائم الجنسية، إضافة إلى أن 71% من المعتدين اعترفوا بأنهم خططوا لارتكاب جريمة الاعتداء الجنسي، أما الآخرون فتركوا اختيار الضحية للفرصة والظروف، لكن التخطيط للاعتداء الجنسي كان أكثر ارتباطاً في حالات تعدد الجناة في الاعتداء الجنسي الفردي، و50% من المعتدين ينتمون إلى أسر مضطربة مفككة (عنف أبوي، وإهمال وتقصير عائلي، وتغيير عائل الأسرة).

من جهته، أفاد مدير إدارة الاتصال الحكومي في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، أحمد الميل، بأن الدائرة تسعى – من خلال هذه المحاضرات والورش – إلى رفع مستوى الوعي، بهدف تقديم خدمات علاجية ووقائية وإنمائية في مجال الرعاية والحماية والتأهيل للأفراد والأسر، ممن يواجهون صعوبات في التكيف مع ظروفهم، وأيضاً لإلقاء الضوء على قضية مهمة، هي حماية الأطفال من الاعتداءات، وتوفير الحماية لهم من خلال مؤسسات المجتمع والتوعية بأنواع الاعتداءات، والاطلاع على أفضل الخدمات في مجال حماية الأطفال والتشريعات والقوانين الكفيلة بحماية الطفل، وتنشئته بشكل سليم مع ضمان تأمين حقوقه، وجعله عنصراً فاعلاً في المجتمع، وقائداً لمسيرة التنمية في المستقبل، إضافة إلى التركيز على تأهيل المعتدين، لمنعهم من تكرار الجريمة مرة أخرى، وتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية لهم.

وشارك في الورشة العديد من المؤسسات، التي لها دور بارز في حماية المستضعفين في المجتمع، منها مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل، وجمعية الإحسان الخيرية، ومجلس الشارقة للتعليم، ومنطقة عجمان التعليمية، والقيادة العامة لشرطة الشارقة، وجمعية النهضة النسائية بدبي، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، ومحكمة الفجيرة الاتحادية الابتدائية، ومنطقة الشارقة التعليمية، والقيادة العامة لشرطة دبي، والقيادة العامة لشرطة أم القيوين، ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة.

المصدر: الإمارات اليوم