عبدالرحمن الخطيب
عبدالرحمن الخطيب
باحث في الشؤون الإسلامية.

حتى اسم المرأة بات عورة!

الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤

في العيد خرجت مع أسرتي لأتناول طعام العشاء في أحد المطاعم في السعودية. كان المطعم مزدحماً جداً، لذا تعالت الأصوات. لكن أشد ما لفت نظري هناك هو مناداة الرجال لنسائهم بأسماء ما أنزل بها من سلطان. فمنهم من استدعى زوجته بقوله: (يا ولد)، ومنهم من ناداها (بابا). الغريب أيضاً أن إحداهن كانت قد حجزت طاولة باسم رجل، وحين نادوا على اسم الرجل ليجلس على طاولته تبين أن الزبائن كن نساء فقط. ويكأن إعطاء اسم أنثى وهمي لعامل الحجز يعد حراماً أو عيباً. إن قضية الاستعارة والخجل من ذكر أسماء النساء قضية يظن بعضهم أن لها أصلاً في الدين والشرع. وهذا أمر مجانب للصواب، وفهم سقيم، وأحكام مغلوطة. ومحط الغرابة والاستفهام أن وزارة التربية والتعليم تشارك أيضاً في الحط والانتقاص من قيمة المرأة المسلمة. فهي بدل أن تسمي مدارس البنات الحكومية تيمناً بأسماء الصحابيات، والعالمات، والفقيهات، والفضليات المشهورات، تسميها بأرقام فقط. بل إنه حين ينادي الآباء أو السائقون على الطالبات الصغيرات ليخرجن من المدرسة يعتبرون المناداة بأسمائهن عيباً وعاراً. أما الأزواج فهم حين يأتون على ذكر اسم زوجاتهم، فإن آحادهم غالباً ما يتحرج من ذلك. فيقول: (البيت)، أو (الأهل)، أو (أم الأولاد)، أو (أم المؤمنين)، أو (العيال)، أو (وزارة الداخلية)... الأنكى من ذلك أنه في بعض بطاقات الدعوة لحفلات الزفاف لا…

فضح كذب انتخابات النظام السوري بالأرقام

الخميس ١٢ يونيو ٢٠١٤

النظام السوري كان يعلم منذ البداية أنه لن يحصد تأييداً له في الانتخابات، التي أخرج مسرحيتها، لأكثر من نسبة 10 في المئة من الشعب السوري، لذا عمد، قبل أشهر، إلى إضافة نص إلى قانون الانتخابات الرئاسية القراقوشية، يحرم من خلاله أي سوري، خرج من سورية على نحو غير رسمي، من حقوقه في المشاركة في الانتخابات؛ لأنه يعلم أن أكثر من نصف الشعب السوري أضحى خارجها. الأسبوع الماضي لم يوفر النظام ترغيباً أو ترهيباً أو تزويراً، وسيلة، لحصد أكبر نسبة لتأييده إلا وانتهجها، فقد عمد إلى إجبار جميع موظفي الدولة والجيش والأمن وطلاب الجامعات، وغيرهم على المشاركة في الانتخابات. كان عناصر الأمن عند الحواجز داخل المدن يطلبون من كل من يمر فيها أن يفتح يده اليمنى لإثبات أن فيها آثار حبر. وهدد رؤساء الجامعات الطلاب بالرسوب إن لم يشاركوا، مثلما هدد مديرو الأقسام مرؤوسيهم بالفصل من وظائفهم أيضاً، فضلاً عن تهديد سفارات النظام السوريين في الخارج بحرمانهم من تجديد جوازاتهم. أما الترغيب فقد عمد النظام إلى الإيعاز إلى الأثرياء التابعين لنظامه لنقل الناس بالحافلات إلى المراكز الانتخابية مجاناً. ولكن من أكثر ما أثار السخرية والاشمئزاز، في السياق ذاته، موضوع انكشاف فضيحة أن الكثيرين كانوا يرسلون صور هوياتهم عبر الهاتف النقال إلى اللجان الانتخابية لتدوين أسمائهم بأنهم انتخبوا. بدأ النظام بالانتخابات في…

أمَا آن لهذه الأمة أن تنهض فتطبب نفسها؟

الجمعة ٠٩ مايو ٢٠١٤

الأسبوعان الماضيان انشغل العالم كله بمرض «كورونا»، الذي انتشر في السعودية. خوف الحكومة السعودية كان مبرراً، وتعومل مع الإعلام بحذر وشفافية. ولكن استوقفني استدعاء المملكة الكثير من الأطباء من بعض الدول الغربية والشرقية، لعلاج هذا المرض؛ لأنه يضع الكثير من علامات الاستفهام حول إمكانات المملكة لحالات الطوارئ الطبية في الكوارث والنوازل، لا قدر الله. الأمر الآخر هناك كثير ممن أصيبوا بالمرض تعافوا قبل استدعاء الأطباء الأجانب. بمعنى أن إمكان الاعتماد على الكوادر الطبية في الداخل ربما كانت كافية، ولم يكن هناك مبرر لهذا الاستدعاء. بل لقد أعجبني تصريح رئيس قسم القلب في مستشفى الملك فهد في جدة الدكتور عثمان متولي بعد شفائه من مرض «كورونا»، حين قال: «استخدمتُ وصفات شعبية لمكافحة المرض». وصل تسونامي الإنفلونزا إليَّ شخصياً، ولكن كل ما فعلته أنني ولجت إحدى الصيدليات وطلبت من الصيدلي أفضل دواء ضد السعال. فأعطاني شراباً، وقال: هذا أفضل شيء، لأنه صناعة ألمانية. حين عدتُّ إلى بيتي لفت نظري أنه شراب عصارة ورق اللبلاب. قلت في نفسي: سبحان الله! وهل عدم العرب من يصنع مثله في أرضهم؟ ولاسيما أن اللبلاب يمكن أن ينمو حتى في المنازل. ثم تبين لي أن هذا الاكتشاف الذي نسبه الألمان إلى أنفسهم إنما سرقوه من أجدادنا العلماء الأطباء والصيادلة. يقول الإمام الشافعي: «إنما العلم علمان: علم الدين…

أخّروا صلاة العشاء قبل أن تقفلوا المحال

الجمعة ٠٢ مايو ٢٠١٤

الأسبوع الماضي تواترت الأخبار في السعودية أنه سيصدر قرار بإغلاق المحال التجارية في التاسعة مساء. فكتب بعضهم مؤيداً، وكتب بعضهم معارضاً. كل له وجهة نظر. إن مثل هذا الطرح - قبل أن يصبح قراراً - يحتاج إلى كثير من الدرس والتأني، ولتكن لدينا واقعية وشفافية مع أنفسنا. طبيعة الناس في المملكة تختلف عن بقية دول العالم. فمعظم الناس لا يخرجون عادة للتسوق في الصباح، إما بسبب انشغال أفراد الأسرة بالوظيفة أو الدراسة، ومعظم ربات البيوت لا يستيقظن قبل الظهيرة. ومن ليس لديها عاملة منزلية ربما تستيقظ لعمل واجباتها المنزلية من كنس وطبخ وغسيل وغيرها، وإما بسبب حرارة الجو المرتفعة طوال العام. فتستعيض النساء عن ذلك بالخروج من منازلهن للتسوق بعد صلاة المغرب؛ لارتباطهن برجل الأسرة لنقلهن إلى الأسواق أولاً؛ ولانخفاض الحرارة قياساً مع النهار ثانياً. وبسبب بُعد المسافات بين المنازل والأسواق والزحام الشديد لا تتمكن بعض الأسر من الوصول إلى أهدافها إلا قبيل صلاة العشاء بوقت قصير. فيفاجَأون بإغلاق أبواب المحال قبل الصلاة بعشر دقائق، بذريعة أن أصحابها أو العاملين فيها قد غادروا للوضوء، استحضاراً للصلاة. ولذلك يُلاحظ تراكض الأسر في الشوارع والأسواق بعد صلاة المغرب حرصاً منهم على شراء حاجاتهم قبل صلاة العشاء، ومن لا يلحق منهم مرامه يُلزَم بالانتظار إلى ما بعد صلاة العشاء، أي أن الوقت الفعلي…