أميركا وأوكرانيا.. فقدان «مليار» وسلاح نوعي

الإثنين ٢٢ يناير ٢٠٢٤

عامان مرّا على الحرب الروسية الأوكرانية، لم تنته روسيا وتدمرت أوكرانيا، والحملة الدولية التي شنها الغرب وعلى رأسه أميركا بشكل غير مسبوقٍ ضد روسيا بدأت تضمحل وتضعف، وبدأت أزمات أخرى تأخذ مكانها في الأهمية حول العالم، وهذه طبيعة السياسة وصراعاتها وأولوياتها. ليس سراً أن أميركا ترى في الصين عدواً أخطر من روسيا، وموقفها تجاه الحرب في غزة قويٌّ ومعلنٌ في تأييد إسرائيل وهي قامت بتحركات عسكرية كبرى في المنطقة، وهي مع بريطانيا مستمرة في ضرب «ميليشيا الحوثي» عسكرياً في اليمن، ودعمها اللامحدود لأوكرانيا سابقاً آثار معارضة الحزب «الجمهوري» ومعارضة بعض «الديموقراطيين» غير المقتنعين بإدارة رئاسة بايدن للقضية، وسيثير معارضة أكبر في هذه السنة وهي سنة انتخابات أميركية جديدة بمنافسةٍ شرسة. في ديسمبر 2022 كتب كاتب هذه السطور في هذه المساحة مقالة بعنوان: «حرب الفساد والفساد في الحروب» وأن «الحرب الروسية الأوكرانية ضخمة بكل المقاييس، وبالتالي فالفساد فيها ضخمٌ وكبيرٌ، وهو وإن لم يظهر للسطح في الوقت الحالي بسبب احتدام الحرب وشدتها، إلا أنه سيظهر يوماً ما وستظهر الأرقام والأسماء المشاركة فيه والمنتفعة منه» وبعدها بشهرٍ يناير 2023 كتب مقالة بعنوان: «بيل غيتس والفساد في أوكرانيا» وفيها أن «الحكومات الغربية تصمت صمتاً مطبقاً عن هذا الفساد لأنها تدير معركة كسر عظمٍ مع روسيا وحرباً دولية ضدها... ولكنها ستفيق يوماً وستتحرك مؤسساتها…

التاريخ يروي.. محاولة اغتيال «عادل إمام»

الإثنين ١٠ يوليو ٢٠٢٣

التاريخ يجد طريقه أحياناً ليروي مستوراً ويكشف مغطى، وقد تحدث العضو السابق في الجماعة الإسلامية بمصر محمد كروم خلال وثائقي عرضته «قناة العربية» باسم «عادل إمام... ذاكرة مصرية» عن تكليفه من عبود الزمر حين كان في السجن باغتيال عادل إمام. كانت الخطة هي اغتيال مفتي مصر سيد طنطاوي، وتم تغييرها لاغتيال الفنان المبدع عادل إمام. وبحسب «العربية نت» فقد «قال كروم الذي كان يستغل زيارته لوالده السجين، ويتلقى الأوامر من القيادات خلف القضبان، إن الجماعة الإسلامية أصدرت فتوى بتكفير عادل إمام، مشيراً إلى أن الخطة بدأت بمراقبة الزعيم في محيط مسرح الهرم الذي كان يشهد عرض مسرحية «بودي جارد». وأضاف أنه: «بعد رصده لفترة ومعرفة مواعيده يتم إطلاق النار عليه أمام المسرح»، مؤكداً أن الجماعة اعتبرت أن عادل إمام تجاوز كل الخطوط الحمراء بعد فيلم «الإرهابي». قصة جديدةٌ تروى عن سنواتٍ سوداء من تاريخ مصر والدول العربية في مواجهة الأصولية والإرهاب، لقد كانت الاغتيالات حقيقةً واقعيةً، لا تزيد فيها ولا تهويل، شهودها الأرواح التي أزهقت والدماء التي أريقت، وعشرات الأسماء في مصر والجزائر وغيرها من الدول العربية، وثمة اغتيالات وقعت مثل اغتيال فرج فودة وأخرى خطط لها وكُشفت مثل نجيب محفوظ، وغيرها خطط لها ولم تنفذ ولم يعلم بها أحد في وقتها مثل عادل إمام، وهذا في مصر وحدها، وقد…

السودان.. وخديعة الإعلام العربي

الإثنين ٠١ نوفمبر ٢٠٢١

أحداث السودان مثيرةٌ هذه الأيام، ولا تخطئ العين أن الإعلام السياسي العربي يمرّ بمرحلة كاشفة، تعيد للأذهان أسوأ مراحله والأدوار التضليلية التي مارسها إبان ما كان يعرف بالربيع العربي 2011 تجاه ما يجري في السودان 2021، والمتابع لأغلب تغطيات وسائل الإعلام العربية مسموعة ومرئية ومكتوبة يجد نفس المفردات وذات التهييج، حيث فقدان الموضوعية والانتقال من نقل الخبر إلى التحريض. قبل عشر سنواتٍ كان «أوباما» يبشر بزوال الأنظمة العربية ويدعم وصول «جماعة الإخوان» إلى السلطة، وسارت وسائل إعلامية عربية كبرى في ركابه، هاجم «أوباما» العسكر فهاجمها «الإخوان» فهاجمتها تلك الوسائل الإعلامية. كان بعض المذيعين والمعدّين والصحافيين والكتّاب يرددون بحماسة ودون وعيٍ التشكيك في العسكر والتماهي مع خطاب «جماعة الإخوان» وحقهم في الحكم. اليوم وبعد عشر سنواتٍ، المشهد يعيد نفسه، في السودان هذه المرة، نفس اللغة وذات الأداء، حتى أن البعض يظهر حماسةً غير مبررةٍ، بلغة الجسد المتحفزة وعبارات التحريض ومقاطعة أي رأي مخالف وقطع أي فكرة لا تدين ما جرى، وكأن هذه الوسائل شريكٌ فيما يجري، وليست ناقلاً يفترض فيه المهنية والاحترافية. كادت مصر أن تذهب أدراج الرياح، لولا الموقف التاريخي والحازم للسعودية والإمارات، الذي دعم «الجيش المصري» وشعبه في إقصاء الإخوان واستعادة الدولة المصرية ورفض التدخلات الأجنبية، وقامت بعض تلك الوسائل الإعلامية بإصلاحات كبرى وعادت للاعتدال والمهنية ودعمت إنقاذ مصر…

عودة طالبان ومستقبل «الأصولية»

الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١

عادت حركة «طالبان» لحكم أفغانستان، والمسألة مسألة وقتٍ ليتم الإعلان عن ذلك رسمياً، والصور المقاطع المصورة والخطابات الصادرة من طالبان جميعها تشهد بأن شيئاً لم يتغير في أيديولوجية هذه الحركة أو أساليبها، فنفس العنف والتطرف والاستهانة بالبشر وحياتهم ما تزال عناوين بارزة لا تخطئها العين. بعد عشرين عاماً من تحالفٍ دوليٍ قادته الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ها هي تنسحب بشكل مثيرٍ للجدل، في سرعته وتعجّله، وهو انسحاب يبدو وكأنه فرار خائفٍ من معركة كانت توصف بأنها الحاسمة ثم تلاشت شيئاً فشيئاً، حتى حدث الانسحاب الذي هو أقرب للهزيمة. الانسحاب المتعجل ترك خلفه أسلحةً متقدمةً وآلياتٍ حديثةً، بعضها لم يتم فتحه ولا استخدامه بعد، ومقاطع استيلاء عناصر «طالبان» عليها تملأ الفضاء، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ويذّكر بما جرى في مدينة الموصل العراقية، حين استولى عليها «تنظيم داعش»، وأخذ كل السلاح والعتاد الأميركي المتقدم، ثم عاث في العراق وسوريا فساداً وتحركت خلاياه في كل العالم. الحديث عما جرى في أفغانستان خلال عقدين من الزمان متشعبٌ جداً وطويلٌ، ولكن يكفي أن يستحضر القارئ أن شيئاً من الوعود التي أطلقت لم يتحقق، وقصة «تصدير الديمقراطية»، التي تغنت بها أميركا كثيراً من «صناديق الاقتراع» الشفافة التي كانت تنقلها الحيوانات لأعالي جبال أفغانستان إلى «حقوق المرأة» التي كانت تتناقلها وسائل الإعلام،…

أميركا… دورة الجراح

الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١

الإمبراطوريات تجرح، وتموت، والإمبراطوريات تسقط وتتساقط، والإمبراطورية الأميركية الأقوى في التاريخ ليست استثناء، وقد جرحت من قبل وإن اختلفت ردودها على تلك الجراح، وكل ما تصنعه أميركا اليوم هو «الانسحاب» من العالم و«الانعزال» في الداخل. جرحت أميركا في «بيرل هاربر» فكان الرد هو دخولها الحاسم في الحرب العالمية الثانية، وجرحت أميركا في «فيتنام» وكان الرد هو الانسحاب، وجرحت أميركا في 11 سبتمبر (أيلول) وكان الرد هو الحرب على الإرهاب، وتوقياً لمزيد من الجراح اعتقدت أميركا أن انسحابها من العالم سيحميها ومنطق التاريخ يقول عكس ذلك. وجراحٌ أخرى، فعندما فجر عناصر «حزب الله» اللبناني مشاة البحرية الأميركية وسفارتها في بيروت 1983 قرر الرئيس ريغان سحب القوات، وعندما أسقط إرهابيو القاعدة في الصومال هيلوكوبتر «بلاك هوك» أميركية قرر الرئيس كلينتون سحب القوات، والأمثلة كثيرةٌ. الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتسليمها لحركة طالبان سيتم تفسيره بالهزيمة، فـ«طالبان» و«القاعدة» و«داعش» تعلمت جيداً أن أميركا يمكن إنهاكها بالإصرار والعزيمة والثبات على الإرهاب، وهذا الشعور الطاغي على كل الحركات الأصولية والإرهابية الإسلاموية سيكون المحرك الكبير لجراحٍ سيشهدها العالم في السنوات المقبلة وستصل إلى أميركا للأسف. لا يستبق هذا السياق الأحداث ولكن ثمة مناخ سياسي وأمني دولي يتم بناؤه اليوم سيكون تهيئةً لما سيجري مستقبلاً ويمنح «منطق التاريخ» كل ما يحتاج لإعادة دورة الجراح. في حروبها الخارجية كانت…

تونس الخضراء… هل تعود؟

الأحد ٠١ أغسطس ٢٠٢١

  عقد مضى من الزمان مرت فيه تونس الخضراء بجميع ألوان الدهر وصروفه إلا الأخضر، فمرت بالأحمر القاني دماءً وإرهاباً، وعبرت الأسود القاتم فوضى وتخريباً، وقد ضمنت استمرار ذلك كله «حركة النهضة» الإخوانية تحت قيادة المراقب الإخواني العتيد راشد الغنوشي، وحين بلغ السيل الزبى، وكادت الدولة التونسية تنهار، انتفض الشعب التونسي مع الرئيس قيس سعيد، بقراراتٍ تاريخيةٍ قد تعيد تونس خضراء مجدداً إذا نجح المسعى وتحققت الغاية. حدثٌ مهمٌ في ظل انتعاش «الزمن الأصولي» في المنطقة، وهو يسير عكس اتجاه الأحداث، ويحتاج لكثيرٍ من المواقف السياسية المؤيدة، بخاصة من الدول العربية القائدة والرائدة التي واجهت «الربيع الأصولي» أو ربيع «استقرار الفوضى»، وراهنت على «استقرار الدولة» ووعي الشعوب، ورفضت الحلف الأصولي مع اليسار الليبرالي الغربي، ونجحت في رهانها، وعادت مصر، واستقرت البحرين، وتوقف المد، وإنْ إلى حين. بدا الرئيس قيس سعيد، منذ إعلانه اضطراره لإنقاذ الدولة التونسية وإعادة بناء المنظومة السياسية في البلاد، وما تلاه من قراراتٍ حازمة، قانونياً محترفاً وسياسياً رصيناً يسعى لاستقرار الدولة وفرض سيادتها وهيبتها، ويعيد ترسيخ الأمن وتفعيل القانون، لا مجرد ثوري متحمس يطلق الشعارات الجوفاء والمزايدات الفارغة، علاوة على أن يكون «انقلابياً» كما هي التهمة السخيفة التي تبنتها «حركة النهضة» و«قنوات الأخبار» الداعمة لها وبعض «الدول» المعروفة بدعمها لربيع الأصولية والفوضى في العالم العربي من قبل.…

السعودية وأميركا في إدارتها الجديدة

الأحد ٢٤ يناير ٢٠٢١

في حديث بثته قناة «العربية»، تطرق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إلى العديد من الملفات المهمة في المنطقة، على رأسها العلاقات السعودية الأميركية في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وكانت إجابات الأمير كالعادة محكمة وواضحة. ساعد الأمير، في إجاباته، رسوخ سياسات المملكة العربية السعودية ووضوحها في كافة الملفات المهمة، فليس لدى السعودية ما تخفيه، فسياساتها وقراراتها ومواقفها كلها تصبُّ في دعم الاستقرار في المنطقة ودعم السلم والأمن الدوليين، ورفض سياسات التوسع وفرض الهيمنة والنفوذ والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، مع رفض قاطع للإرهاب وتصنيف للجماعة الأصولية التي تدعمه بالإرهاب، فلم تكتفِ بإدانة النتيجة، بل أدانت الجذور والمنابع. علاقات السعودية مع دول العالم علاقاتٌ تحكمها المصالح مع احتفاظ السعودية بمكانتها المميزة لدى الدول الإسلامية والعربية، بحيث تعتبر دولة قائدة ورائدة في هذا الإطار، وعلاقات السعودية بأميركا هي علاقات تحالف طويل يمتد لأكثر من سبعة عقودٍ منذ عصر المؤسس الملك عبد العزيز وحتى عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد، وهي علاقات بنيت على مصالح عميقة ونجاحات مستمرة وتعاون مثمر في العديد من اللحظات التاريخية المعقدة والمؤثرة عبر تاريخ طويل. الأقرب هو استمرار علاقات التحالف والتقارب، فقد كانت الأمور بهذا الاتجاه لعقودٍ ومع إداراتٍ جمهورية وديمقراطية على حد سواء، والسياسة لا تحكمها شعاراتٌ ولا آيديولوجيات، بل هي المصلحة…

«اتفاق الرياض»… نحو يمن جديد

الأحد ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٠

  حقق «اتفاق الرياض» بين الفرقاء اليمنيين نجاحات متتابعة في الفترة القصيرة الماضية، وهي نتيجة جهدٍ سعودي مكثفٍ على جميع المستويات ومع جميع الأطراف، بعيداً عن أي حساسيات يمكن فهمها وفهم العمق التاريخي الذي تستند إليه، وبهدف استعادة الدولة اليمنية، من أجل الشروع في بنائها وتنميتها مستقبلاً. السبب الرئيسي لدخول المملكة العربية السعودية الحرب في اليمن هو الرفض القاطع لاحتلال النظام الإيراني لدولة عربية مهمة ومجاورة للسعودية ودول الخليج العربي؛ فتم بناء «التحالف العربي»، ودخلت السعودية الحرب مضطرة ومجبرة لا مختارة، وتحت مظلة الأمم المتحدة، وبعلم كامل من الإدارة الأميركية السابقة، وكان على النظام الإيراني أن يعرف أن ثمة خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها في المنطقة. حينذاك كان النظام الإيراني يمرّ بمرحلة من الدلال من الدول الغربية والقوى العظمى في العالم، وتحصّل على أموال طائلة بناء على الاتفاق النووي الذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه الأسوأ في التاريخ، وظن هذا النظام أنه قادرٌ على الاستمرار في توسيع نفوذه وبسط هيمنته على المزيد من الدول العربية، بعدما كان قد انتهى من العراق وسوريا ولبنان، ولكن ظنه خاب، ولم يتوقع ردة الفعل القوية والمحكمة التي قادتها السعودية، بغض النظر عن مواقف بعض الحلفاء حول العالم. تلقت ميليشيا الحوثي، الذارع الإيرانية في اليمن، ضربة قاصمة بهذا التدخل السريع، وأنقذت السعودية رمز الشرعية…

انتخابات العالم بين ترمب وبايدن

الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠

انتخابات العالم هي انتخابات الولايات المتحدة، حيث الإمبراطورية الأعظم في التاريخ البشري كله، وفي جميع المجالات، وهي تمرّ بلحظة استثنائية من تاريخها، إذ يسيطر عليها انقسام حادّ وغير مسبوقٍ بين حزبيها الرئيسيين؛ حزب الجمهوريين الحاكم وحزب الديمقراطيين المعارض. الأول بقيادة الرئيس دونالد ترمب، والثاني بقيادة المرشح جو بايدن. أقل من عشرة أيام تفصل أميركا والعالم عن معرفة الرئيس الجديد لأربع سنواتٍ مقبلةٍ، وأحد الفوارق المهمة بين الرجلين هو أن الرئيس ترمب يقود حزبه ويقود أميركا بحسب الخطط التي رسمها والقرارات التي اتخذها والنجاحات التي حققها، بينما بايدن يقوده الحزب الديمقراطي، وهو أسير لرؤية باراك أوباما والانحراف الذي خلقه في السياسة الأميركية على مدى السنوات الثماني من حكمه. في حال انتصار الرئيس ترمب بولاية ثانية فسوف يكمل رؤيته ونجاحاته التي تحققت في السنوات الأربع الماضية وبالذات في القضايا الكبرى التي تهم منطقة الشرق الأوسط، حيث نجح الرئيس في وضع النظام الإيراني المارق تحت عقوبات قاسية وغير مسبوقة خففت من مدى الشرور التي كان ينشرها من قبل، وأرغمته، بتحالف دول المنطقة مع أميركا، على العودة للاهتمام بشؤونه الداخلية، وإن لم ينتهِ بعدُ، ولم يتم القضاء المبرم على كل فروعه وذيوله في الدول العربية التي توسع فيها. في حال فاز الرئيس ترمب فسيواصل العلاقات التاريخية مع حلفاء أميركا في المنطقة من المملكة العربية…

تركيا واحتراف الفوضى

الأحد ١٨ أكتوبر ٢٠٢٠

احتراف نشر الفوضى مهمة كبرى تتبناها تركيا إردوغان، للتغطية على كل الخسائر والفشل السياسي والاقتصادي العريض الذي تمر به، في واحدة من أسوأ مراحل تاريخها الحديث، وآيديولوجيا الإسلام السياسي، ووهم بسط النفوذ على الدول العربية. والشعارات القومية الرنانة لا تغطي عجز الاقتصاد ولا فشل السياسة. الرئيس الأرمني أرمين سركيسيان صرح بكل وضوح بأنه «إذا لم يتم إخراج تركيا من السياق العام، فسيكون من الصعب للغاية التوصل إلى تسوية سلمية من خلال المفاوضات». وأضاف: «إذا لم يتم إيقاف تركيا، فسيؤدي ذلك إلى وضع غير مستقر للغاية في القوقاز، وستسيطر أنقرة على خطوط الأنابيب الدولية»؛ بينما يرى غيره أن الحل سيكون عسكرياً وسياسياً ضد أرمينيا. انحيازاً للفوضى، أعلنت تركيا مجدداً إعادة التنقيب في شرق المتوسط الذي توقفت عنه قبل فترة وجيزة، في تحدٍّ جديد للعالم وللاتحاد الأوروبي، وهذا البحث التركي اليائس والمستميت خلف النفط والغاز وطرق الأنابيب الدولية، هو ما يفسر كل التهور السياسي ودعم الفوضى في كل المنطقة، من أذربيجان إلى ليبيا، مروراً بشرق المتوسط وسوريا التي كانت تركيا تستفيد من نفطها ونفط العراق، عبر التعاون الوثيق مع تنظيم «داعش» الإرهابي قبل سنوات قليلة من الزمن. في القوقاز، سعت تركيا وتسعى لخلق «سوريا جديدة»، كما تحدث الرئيس الأرمني، وذلك لنشر الفوضى في كل منطقة القوقاز، والمخاطرة بإعادة إحياء صراعات التاريخ وثاراته…

تركيا والأرمن… من «الإبادة الجماعية» إلى «الحرب»

الأحد ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٠

منطقة الشرق الأوسط واحدةٌ من أكثر مناطق العالم صراعاتٍ ونزاعاتٍ سياسية ودينية ومذهبية وعرقية، وهو مؤشر على حجم التخلف الحضاري السائد، وبينما تسعى الدول العربية إلى النهوض الحضاري والتخطيط للمستقبل والبناء والتنمية والمنافسة الدولية، فإن بعض دول المنطقة تمتلك مشاريع كبرى للتخلف الحضاري ونشر الفوضى ودعم الإرهاب، وعلى رأسها المشروع الطائفي الإيراني والمشروع الأصولي التركي. قبل ما يقارب الأسبوع اندلع مجدداً أحد الصراعات الكامنة في المنطقة بين دولة أذربيجان ودولة أرمينيا، هذا النزاع الذي لم ينتهِ بعدُ منذ ثلاثة عقود، وإن كان أعمق تاريخياً، ومن دون الدخول في تفاصيل هذا النزاع طويلة الذيل وواسعة التشعب، فإن أخبار هذا النزاع باتت تتصدر عناوين الأخبار حول العالم، ويترقب الجميع ما ستؤول إليه الأمور هناك. والخشية هي من امتداد الصراع بين دولتين إلى حربٍ إقليمية مشتعلة تزيد المشهد المعقد تعقيداً. إحدى الحقائق الظاهرة في هذا النزاع المسلح الخشن بين الدولتين هو الدعم التركي غير المحدود لأذربيجان، وبالطرق التركية التي باتت معروفة؛ دعم إحدى الدولتين ضد الأخرى بالأسلحة والتقنيات الحديثة، وربما التدخل العسكري المباشر لاحقاً، وكذلك إرسال «المرتزقة» من سوريا إلى أذربيجان بعدما حوّلت هؤلاء السوريين المغلوبين على أمرهم إلى ميليشيات مرتزقة ترسلهم تارةً إلى ليبيا وأخرى إلى أذربيجان في لعبةٍ غير نظيفة، يبدو أنها راقت لصانع القرار في أنقرة، ليثبت أنه «الخليفة» العثماني…

العيد الوطني السعودي… تسعون ربيعاً

الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠

تسعون ربيعاً مرت على قيام المملكة العربية السعودية، على قيام واحدة من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بعد ملاحم التوحيد التي خاضها المؤسس مع رجالاته المخلصين في عرض الجزيرة العربية وطولها، حتى حانت لحظة إعلان الدولة كياناً مستقلاً مظفراً، والذي تحين ذكراه يوم الأربعاء القادم 23 سبتمبر (أيلول). أعياد الأوطان هي مواسم تذكير سنوية بضخامة المنجز، واستقرار الدولة، واستحضار الماضي المجيد، للفرح بالحاضر، وبناء المستقبل، في حراكٍ تاريخي لم يتوقف بتحدياته وإنجازاته، ولن يفعل في المستقبل؛ لأن بناء الأمجاد لا ينتظر، وصناعة التاريخ لا تتوقف. تمر هذه الذكرى العطرة والسعودية قد تحولت إلى ورشة إصلاحٍ وبناء ضخمة لا تتوقف ولا تتباطأ؛ بل هو العمل الجاد المقرون بالأمل المضيء، في ظل «رؤية السعودية 2030» التي بناها ويقودها عرَّابها الكبير، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لتعريف غير المختص، فهذا هو يوم الاحتفال بالعيد الوطني للدولة السعودية الثالثة، الدولة الحديثة، دولة عبد العزيز وأبنائه ورجاله، هذا صحيحٌ تماماً، ولكنها أيضاً تمتد لقرونٍ ثلاثة في التاريخ، منذ أنشأها محمد بن سعود وأبناؤه وأحفاده، حتى سقطت الدولة تحت معاول المحتل التركي الباطش، ولم تلبث أن قامت مجدداً وسادت على أرضها وفرضت هيبتها، ثم سقطت ثانية، حتى قامت مجدداً على يد المؤسس الملك عبد العزيز، رحمه الله. قيام الدول وسقوطها ليس صدفة؛ بل…