عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

أن تحيا بلا تأشيرة!

الأحد ٢٤ فبراير ٢٠١٣

للمواطن العربي عُقد قديمة مع كلمة «تأشيرة» و«فيزا» أو «ويزه» كما يحب بعض مخضرمي الكفلاء الشواب نطقها، فهو دائماً يشعر بأنه يحمل «اثنين كيلو حشيش» في حقيبة سفره عند وقوفه أمام ضابط الجوازات الغربي، حتى وإن لم تكن حقيبته تحوي سوى ملابسه الشتوية وسجادته الشركية وكيلو عسل السدر المعبأ في زجاجة «فيمتو»، الذي تحلف عليه والدته أن يحمله لأوروبا اتقاء لحسد العيون الخضراء والزرقاء، شعور لا أعرف تماماً سببه لدينا، وإن كان قد تأصل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبعد بروز تلك الجملة اللطيفة في الإعلام الغربي «رجل ذو ملامح شرق أوسطية»! حتى إجراءات الحصول عليها تصيب نفس الحر بالكثير من الألم، لماذا تبصمونني؟ الشعور لدى وضع الأصابع على آلة التبصيم في سفارة غربية يصيب الكثيرين بـ«كآبة ما بعد الفيزا»، وهو مرض نفسي شهير مسجل باسمي في منظمة الصحة العالمية، وتتلخص أعراضه في رفض المريض لعب الكيرم، انشغاله بهاتفه المتحرك، والإكثار من سماع بكائيات المطرب «فتى شمل»، والسبب هو ذلك الشعور الذي زرعته فيه السفارات الغربية بأنه متهم حتى تثبت براءته. دع عنك الملحق ذا الصفحات الأربع لكيفية الصورة المثالية، وعشرات الأسئلة، والفورم الذي لا يعرف واضعه أنك قد أعدت امتحان «التوفل» سبع مرات متتالية. لذا فقد كانت مبادرة جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى المفوضية الأوروبية بطلب إعفاء مواطني الإمارات…

بين الطائر والعنب!

الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٣

أريد فعلاً أن أقوم بعمل دراسة جادة وميدانية لسبر أغوار نفسيات المتخاطبين عبر الوسائل التقنية الحديثة، ومعرفة السر في أن كم الإيجابية على «بلاك بيري ماسنجر» عالٍ جداً، بينما كم السلبية على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي عالٍ بدوره.. إذا جمعت بعض السعادة على «بي بي ماسنجر»، فستقوم مباشرة بصرفها في دقائق عدة على «تويتر».. دراسة ملحّة ومهمة صدقوني! ولكن لإتمام هذه الدراسة أحتاج إلى نوع من التمويل ربما سبعة ملايين درهم! هل هناك من يريد أن يرفع يديه؟ اتصالات؟ أدنوك؟ مبادلة؟ كافيتريا رجب؟ لا بأس الكل يتبرع هذه الأيام باتخاذ وضعية الصرصور الميت حينما يتعلق الأمر بدعم الباحثين ودراساتهم الميدانية.. لا بأس لنتحدث عن سبعمائة ألف فقط! ها! تويوتا؟ داماس؟ نادي الجزيرة؟ لا أحد! ربما يمكنني إكمال الدراسة بـ‬70 ألفاً صراحة.. يمكنني توفير بعض النفقات لن نستخدم الـ(z10) وسنكتفي بـ(بوفصمة).. هل من متبرع؟ ‬70 ألفاً فقط! صندوق الزواج! لولو سنتر! لا أحد! على كل حال سأعطي الخطوط العريضة للدراسة كـ«خدمة علم»! أولاً جماعة «بلاك بيري» لديهم ميزة الألف حرف، لذا فيمكن إرسال القصص والفكاهات والأمور المفرحة، خصوصاً أن أغلب الدعابات العربية ذات مقدمات طويلة على غرار.. مرة ثلاثة، واحد من العين، وواحد من دبا، وواحد من الغربية حصلوا مصباح.. إلى آخر الحكاية والجني الفاضي اللي ما عنده شغل إلا يسولف…

حمقى فلانطاين!!

الخميس ١٤ فبراير ٢٠١٣

كم مرة أقسمت فيها أنك لن تحب مرة أخرى؟! ولكنها شهوة الحنث في عينيك! تعلم جيداً أنك ستعود باكياً ذات يوم مكرراً الأسطوانة ذاتها عن إيمانك بالقدر، وأن قدرك أن تكون مختلفاً، وأن قدرك ألا تكون مع من تحب! تبقى ترسل تلك التنهدات في هواء غرفتك المليئة بالذكريات، وأنت تردد بيت نورة الحوشان في كل أزمة أو انتكاسة عاطفية «اللي يبينا عيّت النفـس تبغيـه.. واللي نبي عيّا البخت لا يجيبه»! كلما أحببتَ استبدلت قائمة الأعداء كاملة، فلا أميركا ولا إسرائيل ولا إيران ولا ميليشيا «التشتنيك» الصربية تهمك في هذه اللحظة، في هذه اللحظة أعداؤك اثنان.. اثنان فقط .. قبيلتك وقبيلتها. في كل مناسبة للحب تتحول قناعاتك التي نشأت عليها منذ الولادة إلى أمور قابلة للشك والنقاش، كلها أصبحت موضع شك، حب الوالدين، تكاتف الإخوة، سعادة الحياة، المثالية في العلاقات، وحماية القبيلة، وهذه الأخيرة أشد لعنة وفتكاً.. «ماذا تريد النساء من الحب إلا قصيدة شعر ووقفة عز وسيفاً يقاتل.. وماذا يردن سوى أن يكن بريقاً جميلاً بعيني مناضل؟!» سأقاتل وسأكون بريقها الجميل وسأعترف بأنني كنت ربما ذات يوم.. مًناضلا! في كل مناسبة للحب تجد أن نظرتك للحياة لم تعد هي، بل أنت لم تعد أنت، لماذا لم أعد أجد ماجد المهندس رقيعاً، من الذي قال إن كاظم الساهر سخيف ؟! منذ…

«دبة الموتر»!

الثلاثاء ١٢ فبراير ٢٠١٣

يحدث ما يحدث بعد معسكرات التخييم الشتوية، كل عام، من طقوس اعتدناها.. رائحة الحطب في الملابس، أطنان الرمال في السيارات، أداوت تنسيم، أدوات نفخ، أدوات تنسيم أخرى، أدوات نفخ أخرى، بقايا خيمة، فحم غير مستخدم، فاكهة كثيرة، دلال متسخة، أغذية سريعة للنفخ، ومساعدات غازية للتنسيم، وفي أحيان كثيرة ذكريات آخرين، خرجوا معنا للتخييم ولم يعودوا أبداً. مع الفهم المعوج لدى البعض للهوية الوطنية، واختلال موازين الولاء والانتماء، فقد أصبح القانون الاجتماعي الجديد، طبقاً لسدنة التواصل الاجتماعي من مُحْدَثي النعمة، يقضي أنك إما أن تكون راعي بر، أو أن تكون لست راعي بر، لأنك إن لم تكن راعي بر فأنت لست راعي بر، ولا يحق لك حب هذا البر، ولا يحق لك إبداء رأيك في نظافته أو اتساخه، ومن دون «بربره» أصبح هذا «التقليد» «أصلاً» واجباً لتثبت أنك «أصلي» ولست «تقليداً». كثيراً ما تتعطل سيارات بعضنا في البر، كما تتعطل قلوبنا في «الحضر»، ما يضطرنا إلى حشر خمسة أو ستة ممن نحب في «دبة» سيارة واحدة ، الطريق من البطايح ومضارب بني كتب إلى الشارقة، يستغرق ساعة أو بعض ساعة من نهار، وعندما نصل ونفتح لهم «الدبة»، تماماً كما نفعل في أول أيام عيد الأضحى، تجدهم يهبطون من الدبة جميعاً مبتسمين، ويكتفون بالتمنطق والتمدد، لكنّ أحداً لا يشتكي رائحة جوارب صاحبه!…

تحويش أموال!

الخميس ٠٧ فبراير ٢٠١٣

المشوار الاعتيادي لشركات تحويل الأموال يعرفه معظم الربع، فهناك من يذهب للصراف شهرياً ليحول إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق (لشراء جاكيتات)، فكما تعلمون ظروفنا «المناخية» لا تسمح بالتهاون في هذا الأمر، وهناك من يحول «صدقة وزكاة» إلى جهات الدنيا الأربع، ولا أحد من المحولين يجرؤ على أن يكتب في ورقة التحويل «نفقة»، وكان الله في البدء وفي الخاتمة في عون لجنة البحث عن أبناء المواطنين، التي تركض خلف الشباب الذين يركضون بدورهم خلف... بوعليان! هذا الأسبوع ذهبت لتحويل مبلغ إلى أحد الزملاء في دولة خليجية، ففاجأتني شركة الصرافة بطلب مبلغ ‬200 درهم رسوم تحويل، وهو ما أحسبه على طريقة العرب بـ«سعر تفويلة» للسيارة، بينما كنت أرى الزملاء يحولون إلى بوسطن وغينيا بيساو وسان بطرسبرغ وحي أغدال بعُشر هذا المبلغ، وهو ما يساوي بنظام الكم العربي «بطاقة رصيد»، وحين سألت الموظف عن عدم منطقية هذا الأمر أجابني بآلية من اعتاد إجابة هذا السؤال كثيراً: من دولة خليجية إلى دولة خليجية السعر مرتفع، سألته عن السبب، فقال بصدق حسدته عليه: «يا أخي أنتم عندكم فلوس»! لا أعرف كيف سنجبر العالم على احترامنا، وعلى تذوق فنوننا وكتاباتنا وتراثنا، ونحن نسمح لشركاته في الوقت نفسه بأن تنظر إلينا هذه النظرة الضيقة كمصدر للمال.. وللمال فقط.. العبارة مؤلمة بل ومؤلمة جداً لمن يعرف ما خلفها!…

إيس سوي يا ربي!

الثلاثاء ٠٥ فبراير ٢٠١٣

خبر آخر عن خادمة قتلت طفلاً، وخبر آخر عن خادمة قضت موتاً بسبب الضرب وسوء المعاملة، ويستمر المسلسل المكسيكي بكل تفاصيله التي تحمل أبطالاً من جميع الجنسيات عدا المكسيكيين أنفسهم، ربما إذا استثنينا نوع الشاورما المفضلة لدى الأسرة! «البشكارة» كما نسميها شعبياً، والخادمة كما تسمى «صحافياً»، والـ«هاوس ميد» بالطبع كما يسميها ربعنا قوم الشويفات، المشكلة هي دائماً في البدايات، فكل خادمة تأتي مستقدمة أو محترفة أو شاردة تأتي وهي تحمل في رأسها مجموعة من القصص المرعبة، التي تساعد الإشاعات على انتشارها، فهي تنتظر الصفعة الأولى من الجميع، والتحرش الأول، والظلم الأول، وتبقى على أعصابها، ما يؤثر في أدائها. ذات يوم قام أحد القردة الصغار في منزلنا بـ«استعارة» غترتي لكي يلعب بها على طريقة «السوط اللاسع»، فقمت على طريقة الأسرة في التربية الحضارية بصفعه، فتوترت خادمتنا الجديدة وبدأت ترتجف، وحين استغربنا ردة فعلها، بيّنت لنا أنها كانت متعودة أن تتلقى صفعة في المنزل الذي كانت تعمل فيه سابقاً، بعد كل صفعة متبادلة بين أفراد الأسرة، و«باي ديفولت»! وفي المقابل، كل أسرة، وكل ربة أسرة، يتوجسون في البداية من الزائر الجديد، ويقومون بمراقبته من باب «المتهم مدان حتى تثبت براءته»، وهو باب قانوني عربي شهير، فتبدأ ربات البيوت بإزالة كل شيء من الممكن استخدامه في السحر من المنزل، وتبدأ العجائز بفاصل اختباراتهن…

بسفرك!

الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٣

أمام مواقف سيارات دائرة حكومية مهمة جاء أحد المراهقين بسيارته الفارهة وأراد الوقوف في مواقف ذوي الإعاقة، أمام الباب، فما كان من رجل الأمن إلا أن منعه من ذلك، ليستشيط المراهق غضباً وينزل من سيارته مهدداً رجل الأمن العربي بأنه «سيسفّره»، ولكي يكتمل المشهد الكوميدي في أن مراهقاً يهدد رجل أمن يمنعه من القيام بمخالفة، تجمهر الناس للإمساك بالمراهق وتهدئة خاطره وهم يكررون عليه عبارة: «ما عليه يا خوي انته العاقل!». ولم يقم أحد بإبلاغ المراهق بأن ما قام به يندرج تحت تهمة «انتحال صفة رجل أمن»، وهي تهمة عقوبتها ليست مخالفة «بو ميتين»! حدثٌ شاذ من حدثٍ مدلل حدَث ونسيتُه.. لولا أنني تذكرته يوم أمس في حديقة عامة في إمارة أخرى، حين أراد مراهق (فكرياً هذه المرة)، إركاب ابنته على جمل موجود في الحديقة وهي صغيرة جداً، فرفض الآسيوي، ما حدا بالرجل أن يهدده بقوله «غصباً عنك»، فما كان من الآسيوي إلا أن حاول تهدئة غضبه بقوله «حكومة يقول ما يستوي».. فصرخ الرجل أمام دهشة الحاضرين والسياح: «بركبها على الجمل وعلى رأس الحكومة وعلى راسك، وهذا رقم سيارتي وسير خبر!». نحن لسنا أمام حالات فردية هنا وهناك، بل أمام ظاهرة من أناس جهلة فهموا قيام الدولة بمهامها تجاه مواطنيها ومقيميها على أكمل وجه بأنه تدليل، وإشارة خضراء للتجبر على…

ضع بصمتك!

الخميس ٣١ يناير ٢٠١٣

جاء الخميس بعد أن أبطأ كعادته، وسيغادر سريعاً كطيفها الجميل، يأتيني صوتها الجميل: لقد كان هذا الأسبوع طويلاً، وأجيبها برومانسيتي العربية: شو أسويلج يعني! يغادر طيفها كنسمة ربيعية، لماذا لا نشاهد الأطياف الجميلة في أحلامنا إلا قليلاً؟! بينما يزورك طيف «علي واندو» باستمرار في كل حلم وبين الأحلام تراه أمامك؟! المهم أن اليوم هو الخميس وكلانا يواجه المشكلة ذاتها، أنا أريد أن أشرد وأنت تريد أن تشرد ولكن «جهاز البصمة» يحول بيننا وبين ما نشتهي! ولا أعرف ما حكم الدعاء على من اخترعه ومن ركبه ومن بصّمنا فيه وشاهديه! من باب الفضول فقط طرح أحدهم موضوع طرق إفساد جهاز البصمة لتأثيره السلبي في إمكانية «التسيب الوظيفي» التي أعتبرها، مثل غيري من المدللين، حقاً بشرياً أصيلاً، مثلها مثل الـ«واي فاي»، ورفض الوقوف في الطوابير، وكانت ردود المشاركين في «الندوة الإلكترونية» مختلفة ومتنوعة. الأغلبية كانت ترى أن أفضل طريقة لإفساد عمل جهاز البصمة هي سكب مشروب عليه من دون قصد، مع اختلاف وجهات النظر حول التفاصيل، بين من يرى أنها يجب أن تكون القهوة ومن يرى أن الماء أفضل تحاشياً للتبقيع، ومن يرى أنه لا استغناء عن المشروب الوطني لدولة الإمارات (الكرك) في هذا الواجب المقدس، ولكن الخوف من تجربة هذا الأمر كان بسبب إمكانية تفكير بعض الإدارات في تطبيق قانون المدرسين…

أعرف «حركاتهم»!

الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٣

كلنا سمع تلك القصة الكاذبة حول الرجل الذي أراد أن يعطي ابنه درساً في وفاء الأصدقاء حين سأله عن عدد أصدقائه، فأحضر تيساً وذبحه، وادعى بأنه جثة.. الخ. وأنا مثلكم متأكد من أن القصة «خرط في خرط»، وأن ما حدث فعلاً أن الأب وابنه قد سهرا وحيدين وهما يتناولان لحم «التيس»، بعد أن ضبّطاه «مندي» وهما يسألان أنفسهما: من التيس فعلاً! كما أنني مثلكم أيضاً أؤمن بأن قصة «سبق السيف العذل» من أكاذيب الأولين، وأن الخادم لايزال حياً يرزق، وأن العذل المقصود في الحكمة هو ما تشجعه الحكومة الصينية، كما يلفظها من به لثغة، ولا علاقة له بوفاء الأصدقاء. ويعرف أصدقاؤنا الخليجيون الجدد في الأردن أن وفاء الصديق يندرج تحت الحكمة «الزرقاوية» الشهيرة: لكل صاحب عند صاحبه ثلاث شغلات بس: (...) و(...) وشهادة زور! باختصار لا وجود للصديق الوفي، وكم كانت قريش عبقرية حين قالت حكمتها: المستحيلات ثلاث: الغول والعنقاء والخل الوفي. لكي تختار أو تعرف «مية» صديقك عليك أن تجلس بهدوء، وأن تستمع لأكثر المفردات التي يرددها، فإذا كان أكثر ما يردده من مفردات: الوصول، تجلي، حضرة، حضوة، قطب، مريد، كشف الغطاء، نور الحقيقة، مدد، مولى.. فهذا لا خوف منه، لكنه لن ينفعك ولن يضرك، فغالباً هو مسطول بانتظار إشارات من سكان الكواكب الأخرى! أما إذا كانت أكثر العبارات…

لا تـ(ديزني) ولا أدزك!

الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٣

في صباح ليس به «ضوء شمس»، كما يقال، في الشهر الماضي، فُجعت أكثر من ‬120 أسرة بنغالية باحتراق عائليها أحياء في حريق ضخم، أصاب أحد مصانع النسيج التابعة لشركة «ديزني» في العاصمة البنغالية «دكا»، ولم يكن سبب تلك المأساة سوى جشع ورغبة بعض الشركات العالمية في الحصول على أكبر كم ممكن من الأرباح، ما دعاها إلى استغلال عمالة فقيرة (لا تخلو من عمالة الأطفال بالطبع)، ضمن ظروف عمل تعيسة، تفتقر إلى أدنى متطلبات السلامة المهنية. الخبر قرأته مؤرشفاً وصغيراً في زاوية خجولة، وفي اليوم التالي نسته الصحيفة والعالم كله، فمن يهتم؟ لايزال العم «سكرووتش»، أو «عم الدهب»، كما تسميه تراجمنا، يسعى إلى جمع المبلغ الأكبر، ولايزال فقراء «مدينة البط» يحاولون كسب عيشهم، وهذه سنة الحياة، لكن لنتخيل بصدق أن هذه الحادثة - لا قدر الله - حصلت لدينا، فما السيناريو المتوقع؟ أولاً: ستجتمع ‬300 منظمة دولية في أحد الفنادق الفخمة، وتحتج على إهمالنا الشديد لـ«حقوق» العمال، وسنطالَب بسن قوانين صارمة، من دون المساس باستثمارات «بوميكي»، وسنطالَب بالاعتذار والتعويض عن سبب الحريق للعمال وللدولة ولأبنائهم المفترضين، كما سنطالَب بتعويض الشركة الأم، لأننا تسببنا في تكدير «خاطرهم». ثانياً: سينبري جيش من الصحافيين والإعلاميين لمهاجمة الإهمال المتعمد من قبل مصانع النسيج لحقوق العاملين فيها، وستصبح هذه القضية حديث الساعة، و«سيلطم» الجميع على العمال،…

اللقامه!!

الثلاثاء ٢٢ يناير ٢٠١٣

من أجمل الأفلام الكوميدية الأميركية التي تعلق بالذاكرة فيلم «مقتحمي الأعراس» ( Wedding Crashers )، لنجومه السخفاء الظرفاء الذين لا أعرف كيف تكتب أسماؤهم بالعربية «ولا بالإنجليزية بصراحة»، وتدور فكـرة الفيلم حول مجموعة تذهب إلى الأعراس بلا دعوة، حيث يعتقد كل طرف من «المعزبية» أن الطرف الآخر هو من دعاهم، وتمر أمورهم سلامات، كان شيباننا يطلقون اسم «اللقامة» على هذه الفئة، ولكن الوضع في الغرب مختلف، فالعرس يكـون مهرجاناً على جزيرة أو منتجع، ولليلتين شاملة الكثير من «وسائل الترفيه» الشرعية وغير الشرعية، وليسـت فرقة و«عشا وبعدين بيتك بيتك»، لذا فاختراقها أكثر حرمة وأشد تجريماً! بسبب ثقافتنا وكرمنا لن نخاف انتقال أو وجود عدوى «اقتحام الأعراس» لدينا، فالدعوة غالباً عامة، وإن «ما شالتك الطاولات تشيلك عيوننا»، بل هناك تطور نوعي في بعض الأعراس رأيته لدى بعض الجاليات العربية، يتمثل بتوزيع «كروزات جكاير» على الضيوف، لكن الخوف هو من الظاهرة الشقيقة لاقتحام الأعراس، وهي ظاهرة «مقتحمي الشواطئ»، التي أعلنت القيادة العامة لشرطة دبي، في الأسبوع الماضي، خبراً غريباً حولها، حيث ذكرت أنها ضبطت ‬7991 شخصاً ممن سمتهم «المتطفلين على الشواطئ»! أرجوكم كفوا عن تلك الابتسامة التي تدعي البراءة وعدم الفهم، فأنا أعلم، وأنتم تعلمون ما معنى متطفل على الشواطئ، لكن ما لا أعرفه حقيقة، ويكاد فضولي يبلغ منتهاه فيه، هو كيف يفصل…

السيكل!!

الأحد ٢٠ يناير ٢٠١٣

عندما أقرأ عن سيرة الطلياني الشهير (لأ مب راعي الشعب!) ليوناردو دافينشي، أحس بأنني أقرأ عن سيرة الشخصية الشهيرة في المدارس الحكومية في الثمانينات (مصطفى)! فقد كان في كل صف هناك (مصطفى) هو الأول في الكيمياء والجيولوجيا والأحياء، كما أنه الأول في الأنشطة والأول في الرياضة والجالس في الصف الأول، ومذيع الإذاعة المدرسية ورئيس جمعية العلوم، والحائز المركز الأول في مسابقة الشعر، والخط، والرسم، والقفز بالزانة، وأول الطلبة حضوراً إلى المدرسة! لهذا فأنا أكره (دافينشي) فلسفة وتحدثاً، نحتاً ونحتاً، رسماً ورسماً، يكفي أن اثنتين من لوحاته ضمن اللوحات الأشهر في تاريخ الإنسانية، هما لوحتا «العشاء الأخير» و«سعيدة مرزوق»، وضع أول تصميم للهليكوبتر وأول تشريح للحصان، وصورة «الرجل الفيتروفاني» التي تجدها على غلاف كل مجلة علمية أو هندسية أو طبيه أو بيع أثاث مستعمل! لكن ما لم أكن أعرفه بأن مصطفى دافينشي هو أول من وضع التصميم الأولي للـ«سيكل» بشكله الحديث! والـ«سيكل» سواء كان BMX أو KMX أو سيكل هنود كما نسميه، وهو وسيلة الـ«ديليفري» الشهيرة داخل المناطق السكنية بسلاله الملونة الشهيرة لا يحتاج إلى شرح، وأنواعه معروفة، لكنّ هناك أنواعاً أخرى من «السياكل» بدأت تطفو على السطح في المجتمع أخيراً! فالشاب الذي يستدين «درزن» من «النوط» الزرقاء والرصاصية من البنوك، وتاريخ تخرجه لم يمر عليه أشهر عدة، ثم يقضي عمره…