د. أماني فؤاد
د. أماني فؤاد
كاتبة مصرية

البذاءة ليست قدَرًا علينا أن نحتملَه.. والتفاهة أيضًا

الأحد ٠٢ أبريل ٢٠٢٣

ماذا تضطر نجمات ونجومٌ كِبار وموهوبون لتقديم أعمال درامية ليست على القدْر الفنى المناسب لتاريخهم، مسلسلات تنتقص من موهبتهم، ومن تاريخ نجاحات بعض ما قدَّموه فى السابق؟ أعمال لا جديد بها سوى اجترار وتكرار ما قدَّموه، ونال نجاحًا فى السابق. لماذا ينصاعون للمطروح من سيناريوهات سطحية، ولا يبحثون جيدًا، أو يفرضون - بثقلهم الجماهيرى وحِرص جهات الإنتاج على تواجُدهم - الجيِّدَ من نصوص ومعالجات درامية؟. لماذا استسهال الكتابة، والنزوع نحو السطحية، ومصر تمتلك طاقات جيدة من الكتَّاب المعاصرين للرواية وفن السيناريو والقصة القصيرة؟ ولماذا يأتى عدد ما يُقدَّم من مسلسلات على حساب النوع؟ الأمر فى عمقه يتعدَّى كم تنتج مصر، وتوزِّع لكافة الدول العربية، يتجاوَز هذا العدد الكبير لقيمة وجودة وعلو ما تقدِّمه مصر وفنانوها فى المجالات كافة ويليق بها!. هل يقبَل النجوم المكرَّسون بتلك النصوص الدرامية لمجرد الوجود على الخريطة الرمضانية وكفى؟ من أجْل ملايين الجنيهات السنوية التى يحرصون عليها، مهما تضخَّمت حساباتهم بالبنوك وأصولهم؟ يعالج مسلسل «جعفر العمدة» نفس أزمة صراع البطل مع أحد إخوته، وفقدان ابنه، والتى تناوَلها مسلسل «البرنس» من قبل. كما جاء مسلسل «ضرب نار» تنويعة سمجة على تيمة الثأر، وتحكُّم رأس المال المتوحش فى مصائر البَشر وعواطفهم، وفيه تتحدث البطلة والأخريات فى الأدوار الثانية بملامح الوجْه والجسد بلا رُقِى، بالعين والحاجب كما يقولون، وبعض…

نموذج إعلامى يُحتذى

الأحد ٠٥ فبراير ٢٠٢٣

سألتنى صحفية في استطلاعات نهاية 2022، عن أفضل مُحاوِر، وأفضل برنامج فكرى ثقافى؟ فكرت لوهلة، وقلت: محدودة للغاية البرامج الثقافية الجادة، رصينة الأداء، قد توجد بعض البرامج التي تشتبك مع قضايانا الفكرية الموروثة والمعاصرة بالفعل، لكنها عادة ما تميل للصخب، لوضْع المتلقى في مواجهات صارخة بين الرأى والرأى الآخَر، وإثارة الرأى العام، والصدام بين طرفَين لإشعال الحرائق والاستعراضات. وعلى عكس هذه الصورة تمامًا، يقدِّم د. سليمان الهتلان نموذجًا متفرِّدًا في برنامج «حديث العرب»، اسكاى نيوز عربية، مثقَّف عقلانى هادئ، صاحب رؤية، يَشعُر المتلقى في حواره أنه أمام إعلامى بدرجة مفكر. تمكَّن د. الهتلان من حشْد أعلامِ التنوير والعقلانية في حلقات برنامجه، حرص بكل الدأب والإصرار على المواجهة، استضاف أغلب العقول التي تقف ضد التيارات الرجعية المتسلِّفة، في حوار جادٍ، هدفه الأفكار لا الضجيج، يطرح معهم أكثر الأفكار عقلانية، وتطلُّعًا إلى المستقبل. يقدم برنامجه دفقاتِ حياة لأفكارهم، وتفسيراتهم واجتهاداتهم الفكرية، حين تُطرَح على المشهد العام، ضمن ثقافة الصورة والفضائيات، وهو ما يُزِيد من حضور وقوة تلك الأفكار، ويُخرِجها من بين صفحات الكتب للفضائيات. بقاء «حديث العرب»- طيلة هذه السنوات واستمراره، بالرغم من التهديدات التي وُجِّهت للمُحاوِر- دليلٌ على قوَّته وتحدِّيه الراسخ للرجعية، وإيمانه بمشروع فكرى يَستند إلى العقل والاعتدال، ينبذ التطرف وإقصاء الآخَر، يؤمن بالقدرات الفردية، كما يرى في التنمية حمايةً حقيقية…

تساؤلات حول متاهة اللحظة السردية الآنية

السبت ٠١ أكتوبر ٢٠٢٢

هل تجسِّد بعض الكتابة السردية الحديثة حالَ الإنسان الذى يواجِه الموت فى حروب ونزاعات تنشب كل يوم، فوق أراضينا، وفى كثير من الدول حولنا، وتستحضر كيف تكون مشاعره، هل أبطال النصوص أفراد مشتتَّون لا يعرفون لمن ينتمون، ولماذا عليهم الاختيار من الأساس، وما الجدوى؟ هل لهذه الاختلافات العَقَدية - التى تصدِّرها كل طائفة فى نزاعاتها الدموية - المبرِّر لأن يجعل الكثيرين يفقدون حيواتهم وأهاليهم وبيوتهم وأمنهم وأوطانهم؟ هل تظل أطماع كل فِرقة هى المتحكمة فى الحياة تحت جحيم النيران والتهديد والفقد والحد الأدنى من الحياة، أو الفَناء فى حروب لم يختر الفرد العادى أن يخوضها؟ هل يبحث السرد حول هذا الجحيم، الذى تَبقى فيه كل الاختيارات غير ما تستهدف جماهير الشعوب أو تريد؟ هل يعالج فن السرد تلك الأحداث والوقائع، ويرصدها، أم يجسد ظلال معطيات السياق الثقافى العام، ويتأمل انعكاساته على حيوات البشر، وشخوص النصوص السردية، على بنيتهم النفسية والاجتماعية ومصائرهم، حيث لا الواقع ولا المتخيَّل يمكن أن يُمَثَّلا بصيغة المفرد. كما أنه لا الفردى ولا الجمعى يمكن أن يُمَثَّلا أيضا بصيغة المفرد. هنا يتعاظم الأمر، وتظل السردية العامة وفنياتها وآلياتها تبحث عن رؤية وجوهر وجودها، ومواكبتها للحظة تاريخية فارقة، أكثر توترا من الطبيعى، ذات إيقاع لاهث يعدو نحو النهايات، أو بالأحرى، النهايات هى التى تعدو نحو البشر، وفى لهاثها…

فى ذكرى ميلاد شاعر المرأة: «نزار».. كاشف الخبايا والأسرار

الإثنين ٢٨ مارس ٢٠٢٢

لم تستطع الفتاة التى لا تزيد على أربعة عشر عامًا أن تستسيغ ديوان أمير الشعراء «أحمد شوقي»، وشعرتْ بأن بينها وبين الديوان مساحاتٍ شاسعةً من الاغتراب، فهى غير معنية بكل هذا الشِّعر الذى قيل فى مناسبات شتَّى، مَلِك ومحتلِّين، حظوة ثم نفْى واتهام، أبيات تفخر، وتمجِّد، وتعارض عالَمًا بعيدًا عنها، تستعيد زمنًا غير زمنها فى الثمانينيات. ومفردات جزْلة تواجه صعوبتها، وكان أن وقَع بين يدَيها الأعمالُ السياسية الكاملة لنزار قباني، بتوالى أجزائها، لتسأل ذاتَها ما كل هذا الجمال؟ كيف للشعر أن يلمسنا إلى هذا الحد، أن يقترب بنا حَدَّ التوحد، أن يمتعنا بصياغاته وجرأته ووضوحه، كيف له أن يصدمنا ويعرِّى الحقائق أمامنا بيُسر وجمال، يشير إلى الظلم الذى يقع على المرأة. ويكشف الواقع السياسي، والاجتماعي، وعواطف الإنسان، المرأة والرجُل، وحالات كثيرة شتى بينهما، من أين وُهب هذا الشاعر القدرة على أن يعبِّر عنَّا، ويرينا ذواتنا، وخلل علاقات الواقع من حولنا، يبهرنا بتلك المفردات القريبة منا، ويضعها فى تراكيبَ بديعةٍ، وصور حية، لا نشعر معها بمسافات، أو صعوبات فى اللغة أو الأفكار أو الصور، مَن هذا الشاعر الذى يبوح ويواجه ويصدم؟، يستعير لسان ومشاعر المرأة؛ فنشعر كأنه يسكن بالغرفة الملاصقة تماما لقلوبنا!، وقد وُلد نزار -شاعر الحب والمرأة، والاشتباك مع الواقع السياسي. والقدرة على الوصول إلى أكبر قطاع من الجماهير العربية-…

اللغة العربية حياة وهُويَّة..

السبت ١٩ فبراير ٢٠٢٢

حرصًا على اللغة العربية، ودعمًا لتعزيز حضورها، وألَّا تُصبح مهجورة بين أهلها، أو يشعر أطفالها وشبابها بصعوبتها وجمودها، فيتركونها - للُغات أخرى لا تجسِّد هُوَيَّتَهم - بكل عناصرها التاريخية والمعاصرة، عَقَدَ «مركز أبوظبى للُّغة العربية» بالقاهرة - برئاسة د. على بن تميم، وحضور د. صلاح فضل، رئيس المجمع اللغوى المصرى، وعدد كبير من المتخصصين والعلماء والإعلاميين المصريين والإماراتيين والعرب - النسخةَ الثانية من «الخلوة الثقافية للُّغة العربية»، ضمن أنشطة مركز أبوظبى الثقافية والتعليمية المتعددة، سعيًا لازدهار العربية، وإثراء محتواها، وبحْث كيفية دعْم تواجُدها الناصع فى مجالات متعددة، تناقَش أعضاء طاولات الخلوة - التى انقسمت إلى سِتِّ مجموعات من المتخصصين فى مجالاتهم - فى عصْف ذِهنى للخروج بتوصياتهم، حيث أُعِدت المَحاوِر على النحو التالى: اللغة العربية على جناح الإبداع والفنون، العربية فى التعليم، العربية فى المحتوى والنشر، العربية والبحث العلمى والمستقبل، العربية فى الخطاب الإعلامى التقليدى والجديد، وكانت الحلقة السادسة بعنوان إرث عميد الأدب العربى. ومنذ تمَّ اختيارى للمشاركة فى حلقة «اللغة العربية فى التعليم»، دوَّنتُ مجموعة من المقترَحات والتوصيات، التى أعتقد أنها تسهم فى عودة العربية حيويةً، مقدَّرة بين أهلها والناطقين بها: - أقترِح إنشاء صندوق عربى لرعاية اللغة العربية، باعتبارها أول عناصر الهُوَيَّة وأهمها، بحيث ينفتح على التبرعات من كل الدول العربية، لرعاية اللغة فى التعليم، وغيره من مَحاوِر،…

سيرة حب الموسيقار بليغ حمدى

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٠

تنطلق طيور نورانية من قمر كبير يحتل وسط شاشة عرض سينمائية ضخمة، فى خلفية «مسرح البالون»، طيور شفافة أثيرية تضرب بأجنحتها فوق الحياة؛ فتجعل لها مذاقا مختلفا، تتلاقى مع ذواتنا فتمسها بالسحر والطرب. وظف مخرج عرض «سيرة حب» د:(عادل عبده)- رئيس البيت الفنى- طيور النور تلك ليصف (بليغ حمدى) موسيقار مصر النابه، أحد أجمل وأعذب هذه الكائنات النورانية المحلقة بحياتنا حتى الآن، رغم وفاته 1993، الفنان الذى قبض على جينات مصر الموسيقية الخاصة على مر تاريخها الممتد، وامسك بهويتها الإنسانية السمحة، الحارة الانفعالات، ذات الشجن العميق، الملحن الذى جعل مذاق الحياة والحب أكثر عذوبة وفرحا، حيث النور هو جسد وملمس ألحانه وأغنياته وروحها، موسيقاه التى أثْرَت فن الغناء المصرى بأعذب النغمات. يجسد عرض «سيرة حب» لمؤلفه: (أيمن الحكيم)، لقطات وأغنيات من حياة الموسيقار والإنسان (بليغ حمدى)، مشاهد تمثل لحظات توتر فارقة فى سيرته، وعلامات فنية ووجدانية لمجدد شباب الموسيقى العربية، حفيد سيد درويش، وتلميذ القصبجى وفوزى والسنباطى وعبدالوهاب والموجى، هذا الموسيقار الذى عاش حياته بوصفها معزوفة كبرى ممتدة من التكوينات الموسيقية الشجية، درويش الألحان التى جعل لها السبق على كل انشغال آخر قد يأخذه من فنه، ولذا انسابت ألحانه غزيرة حتى وصلت لأكثر من 1300 أغنية، عدا الموسيقى التصويرية لبعض الأعمال الدرامية، توغلت ألحانه فى وجداننا ووعينا لتجعل من مشاعرنا…

لماذا يظل الأدب احتياجًا حيويًا؟

السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠

هل لو قرأ لاعب الكرة المتحرش، أو المخرج، أو الكاتب، أو رجل الدين، أو السياسى، أو رجل الشارع الأدب بأنواعه: الشعر والرواية والقصة والمسرحية والمقال- هل سيمارس التحرش، وهل يمكن أن يكرره البعض منهم على هذا النحو الفج لو اعتادت ذائقتهم الجمال النابع من الأفكار والخيال وأساليب اللغة، لو تغلغلت فى نسقهم الثقافى العام القيم التى ترد فى هذه الأنواع الأدبية، هل كان سيمارس بعضهم ساديته بانتهاك الأضعف وعدم احترام حريته، أو استغلال سلطته بالتعدى على إرادة الآخرين؟ هل قارئ الأدب تصل به مناطقه المعتمة وتجبره حد هروب ذويه ولجوئه السياسى لأحد البلدان الغربية مختارا حريته وعدم التعدى على كرامته بالضرب أو بتحديد الإقامة؟ أحسب أننى لا أملك إجابة جازمة، ربما نعم، وربما لا، فالبشر عوالم مغلقة على عجائبها. الأمر الذى أعتقده ويصل لدرجة التأكد أن قارئ الأدب أكثر احتراما وتقديرا لحرية الآخرين وإرادتهم، أكثر تهذيبا وتطويرا لرغباته وغرائزه، أكثر احتراما للاختلاف، يدرك أن التنوع ميزة تثرى الحياة البشرية، قارئ الأدب ومنتجه ينفران من العنف، لا يستهويهما الطغيان ولا استغلال السلطة والنفوذ. لماذا يظل الأدب حيويًا ومهمًا فى الحضارة البشرية مهما ازداد التقدم العلمى والتكنولوجى؟ ــ فى الوقت الراهن تنحو العلوم إلى التخصص الدقيق فى المعرفة والتكنولوجيا، وهو ما يتضمن فوائد كثيرة، حيث يسمح بتجارب تعتمد على البحث الرأسى لا…

تلك المواجهات حتمية وليست ترفًا

السبت ١٧ أكتوبر ٢٠٢٠

فى واقعنا العربى الإسلامى يتراكم- مع الوقت- عدد من المشاكل الضخمة، التى بحاجة إلى مواجهات جذرية وفاعلة، تصدٍّ حتمىّ من السلطة السياسية وكل قُوَى ومؤسسات المجتمع لهذه الأوضاع والمستجدات القلقة، وإلا سنعانى جميعًا من اضطرابات عنيفة، تهدد أمن بلداننا فى العقود القادمة. قرأت، منذ عدة أيام، تحقيقًا حول التخوفات التى تواجه حكومات تونس ومصر والسعودية والعراق وسوريا وبعض الدول العربية الأخرى، فيما يخص مجموعات النساء والرجال العائدين من تصفية بعض عناصر دولة الخلافة الإسلامية «داعش»، حيث يفرض وجودهم السؤال الأهم: كيف لحكومات هذه الدول- وقواها الثقافية المؤثِّرة، من مؤسسات أو أفراد- أن تواجه، وتعيد تأهيل شخصيات، هى أقرب إلى «الأحزمة المتفجرة» التى تتحرك بيننا، كيف لها أن تعيد صياغة أذهانهم فكريًا وعقائديًا ونفسيًا، هل ستعزلهم فى محابس خاصة؟ هل ستوفر لهم مَن يستطيع فتْحَ مناقشات مُوسَّعة معهم؟ وهل ستضمن استمرار صدْق مَن ادَّعى منهم توبته، أو رجوعه عن تلك الأفكار فيما يسمى «المراجعات»؟ أم هل ستتركهم لنشْر الأفكار التى عادوا بها، وتشكلت على نحْوِها عقولهم وممارسات حياتهم؟ هناك إذن مشكلة لابد من الالتفات إليها. على مستوى آخَر، هناك مجموعات من الأحزمة المتفجرة الأخرى، التى تتجسد فى الشباب والشابات، الذين تربوا فى مخيمات اللاجئين من الفلسطينيين أو السوريين أو اليمنيين أو العراقيين أو بعض الجنسيات العربية الأخرى، هؤلاء الذين يملؤهم السُخط…

تساؤلات حول كيفية مواجهة التضليل والبذاءات

السبت ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٠

شاهدتُ منذ أيام على إحدى القنوات الموجّهة- التى تذاع من «تركيا»- برنامجًا لأحد المضلِّلين الكبار الذى ينتمى للإخوان، كان يعلق على خطاب رئيس جمهورية مصر العربية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقد تعجبت من الصمت العام والمستمر أمام هذا الزيف والوقاحة، وترْكهما ليستشريا على هذا النحو؟ ألا توجد جهة دولية يُمكنها أن تُنظم وتضبط كل هذا القدر من الكذب والترهات المتكررة، التى تتردد فى برنامج هذا المذيع وغيره من مأجورين وخونة لمصر؟ جهة تفند المحتوى المغلوط المضلِّل الذى يُقدمونه، ترفض دعواتهم المستمرة كل يوم ولحظة لتقويض نظام الحكم بمصر، وتهديد أمن المصريين، لمجرد أن تلك الجماعة الإرهابية ومن يقف وراءها من دُوَل فشلت فى حكم مصر، وأُقصيت عنه. هذا فضلًا على تقييم ورفض هذه السماجة واللزوجة وقدر البذاءات التى ينطقون بها، كل أنصار الإخوان. أتحدث عن جهة دولية تقف فى مواجهة خيانة الحقائق ولَيِّها، رفْض التدنى فى أسلوب الأداء الإعلامى، وانتشارهما بهذا القدْر لخطرهما الذى يتنامى على التشكيك فى كل معنى وقيمة لدرجة تهديد أمن وكيان دولة بحجم مصر، فى مواجهة الهدم والهبوط بالأخلاق والقيم، كما يكون من اختصاصاتها تقييم أسلوب الأداء وقدر وقاحته التى تتدنى لهذه الحقارة، وتساءلتُ: ما هو القانون الدولى، أو الإجراءات الضابطة للإعلام العالمى أو الإقليمى، التى من شأنها تقييم زيف المعلومات وأخطائها، ومن ثم الحكم…

فى ظل استمرار كورونا نحن بحاجة إلى..

السبت ١٩ سبتمبر ٢٠٢٠

أثَّرت الفترة الطويلة التى قضاها التلاميذ بالمنازل سلبًا على مستوى تلقِّيهم لتعليمهم، حيث قلّص عدم التواصل الفعلى والحضور المادى فى المدارس على محصلة المعارف والمهارات التى يجب أن يتلقاها الطلاب، وبجانب صعوبات اللاتواصل الجمة التى وُجدت فى تجربة التدريس «أون لاين»، يحكى كثير من أولياء الأمور أن الفترة تلك أظهرت حالة من اللامبالاة تجاه الاستذكار والحرص على التحصيل العلمى عند التلاميذ، حتى إن بعضهم دخلوا مرحلة من البلادة فى التعامل مع الحياة بشكل عام، فلقد ثبتَ أنَّ منظومةَ المؤسسة المدرسية وانتظام الحضور فيها تعد الوضعية الأمثل فى التعلم. وسواء كان الحضور فى السنة الدراسية التى على الأبواب هجينًا، أو حضور خمسة أيام من الأسبوع؛ فعلينا أن نبحث كيف سنتعامل مع انتظام أولادنا فى العام الجديد بالمدارس، ونحن على أبوابه القريبة للغاية، فلم يزل العِلم يستحث تجاربه ليجد المصل الذى يُنهى أخطار جائحة كورونا ويتركها تاريخَ وباء قد انتهى.. فعند كتابة هذا المقال سجَّلت وزارة الصحة 153 حالة إصابة، رغم التزام الكثيرين بإجراءات التباعُد ومحاولات عدم الاختلاط، كما صرحت منظمة الصحة العالمية بأن شهرى أكتوبر ونوفمبر هما الأكثر ارتفاعا فى معدل الإصابات. نحن بحاجة إذن لمجموعة من المقترحات والمبادرات الفردية، أو من جمعيات المجتمع المدنى لمساعدة المجتمع ككل ووزارة التعليم فى توعية الجميع بشأن كيفية العودة إلى المدارس: الطلبة، والمدرسين، وموظفى…

اللغة التي يعرفها سلام اليوم..

الجمعة ١١ سبتمبر ٢٠٢٠

عادة ما ينقسم السياسيون إلى فريقين، فريق يستطيع أن يبلور رؤية واضحة للحاضر والمستقبل على خلفية قراءاته لمعطيات الواقع ومقوماته الفعلية التي تتغاير كل حين، وعناصر القوة التي تحكمه، ورصده لتشابك القوى والمصالح العالمية من حوله، وقياسه للدول الفاعلة والمؤثرة في القوى العالمية، ومعرفته إلى أين تتجه حزمة التحالفات، مثلما فعل الرئيس السادات بقراره التاريخي وذهابه للكينست عام 1977 لإنهاء الحرب، واسترداد الأرض، وإقرار السلام. وفعلته أيضًا القيادة السياسية في دولة الإمارات بعد ما يقرب من أربعين عامًا عندما أعلنت مبادراتها للسلام مع إسرائيل، سلام وفق مقتضيات أخرى، فلقد رصدت الإمارات لكل ما سبق بوعي، كما أخذت في الاعتبار التغيرات الجيوسياسية في إسرائيل، وأن الاتجاه للسلم ورفض الحروب أو النوايا التوسعية الاستيطانية سيعلو مع الوقت لطبيعة البنية السكانية في العقود القادمة في تل أبيب، فلقد هَزمت الديمقراطية في الدولة اليهودية الاتجاه اليميني المتطرف، وتشير الدلالات إلى تغلب أصوات التقدميين الإسرائليين، وعرب 48 الذين يرون أن التعايش وحل الدولتين هما الأنسب لاستمرار الوجود الآمن للجميع. لقد تدارس سياسيو الإمارات التاريخ البعيد والقريب للصراعات بين الفرقاء التاريخيين وقدروا إمكانية تغيير هذه العلاقة العدائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لصالح أنفسهم وشعوب المنطقة، ذلك حين تتزاوج رؤوس الأموال العربية وقدرات ريادة الأعمال، مع القدرات العلمية والعسكرية الإسرائيلية، فترتفع معدلات التنمية وتزداد فرص الاستثمار ازدهارًا، وتقوى…

«نحن وأولادنا».. الحلقة المفقودة

الجمعة ٠٧ أغسطس ٢٠٢٠

لقد بات مشهد الجدل والخلافات والاستنكار بين الأبناء والآباء عرضا يتكرر بكثرة فى العديد من الأسر والبيوت المصرية والعربية فى الأجيال المعاصرة، مناوشات مستمرة تندلع كل يوم، معارك ظاهرة أو مستترة لا يصيب اليأس طرفيها أو الرغبة فى الانسحاب، وغالبا ما يكون الصراع حول الحفاظ على قدر من النفوذ والحضور الدائم فى حياة الأولاد من جهة الوالدين، وانتزاع الحرية من الآباء والتخفف من قيودهم ورؤاهم فى كل شأن من جهة الأبناء. هذا الصراع الذى تختلف أسبابه وطرق التعبير عنه بحسب طبقات المجتمع يتسبب فى شيوع حالة من التباعد والرفض المتبادل بين الطرفين للحد الذى يصل إلى التجاوزات اللفظية فى الحوار، أو قد يصل إلى رفض الحوار من الأساس وبقاء العلاقات هشة. يريد الآباء ممارسة سلطتهم عبر مقولات يطلقها معظمنا من قبيل: لماذا تتناسى وجودى وتصر على مخالفة رأيى، لماذا تتحدث إلى على هذا النحو غير اللائق؟ أنا السبب فى وجودك بهذا العالم، وأنا من قمت بتربيتك وتعليمك، لماذا لا تستمع إلى نصائحى؟ وتزداد فداحة الأمر بأذهاننا حين نقارن بين أوضاعنا مع أولادنا، وما عشناه من قبل فى علاقاتنا مع آبائنا، حيث كانت المصادمات أقل وطأة، ضمن حوار أكثر تهذيبا واحتراما. فمن صفات الأجيال الأحدث أنها تعبر عن نفسها بطرق مباشرة حتى لو أنها تسببت فى جرح الطرف الآخر. ويستنكر الآباء…