حسن بن سالم
حسن بن سالم
كاتب و باحث سعودي

أين كان الإعلام الرسمي؟

الجمعة ٠٩ نوفمبر ٢٠١٢

لم يكد يمضي أكثر من يومين على الانبهار المحلي من الكثير من الكُتّاب والمثقفين بالدور الكبير الذي قامت به وسائل الإعلام الأميركية في المواجهة والتعامل مع أكبر أزمة وكارثة طبيعية تعصف بسواحل الولايات المتحدة، من حيث التغطية والتوجيهات وتقديم النصائح والمعلومات للشعب لحظة بلحظة، وضرورة أن تستفيد وسائل إعلامنا، خصوصاً المرئية، ولو نذراً يسيراً من هذه التجربة في أسلوب التعامل مع مختلف الكوارث التي قد تقع وتنجم لدينا من الحرائق والسيول وغير ذلك، إلا وقد فجعت العاصمة السعودية، الرياض، في صباح يوم باكر بمأساة وبدوي انفجار أسفر عن 23 قتيلاً وأكثر من 130 مصاباً. وقد كان الانفجار ناتجاً من اصطدام شاحنة محملة بالغاز بجسر الحرس الوطني، أدى إلى حدوث انفجار واشتعال حرائق نتيجة تسرب الغاز، وقد نجم عن الحادثة حصول أضرار بالغة بالجسر والسيارات العابرة والقريبة منه، والمباني المجاورة، وتلفيات في واجهات الأبنية والعمارات السكنية. ومن المعروف أنه في وقت الكوارث والحوادث والأزمات، أياً كان نوعها، يحتاج الجمهور وأفراد المجتمع إلى المعلومات الواضحة والكافية لما يحدث ويجري من حولهم وبصورة آنية وعاجلة، وتصوير وتوضيح كافيين لما يجب القيام به، لا سيما القريبين من محيط الكارثة، ووسائل الإعلام، وتحديداً المرئي، في جميع الدول تقع على عاتقها المسؤولية الكبرى أمام الجمهور لتزويدهم بالمعلومات والتحذيرات، بدءاً من الدور التحذيري في المراحل الباكرة إن…

المجتمع السعودي… وحالات الانتحار!

الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٢

الانتحار وقتل النفس في ارتفاع وتزايد مستمر في المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة، خصوصاً بين فئة الشباب، فالإحصاءات الرسمية الصادرة في الكتاب الإحصائي لإدارة التخطيط والإحصاء بوزارة الداخلية تشير إلى أن عدد حالات الانتحار في تصاعد مستمر على مدى الأعوام العشرة الماضية، إذ بلغ بشكل عام عدد حالات الانتحار لعام 1430هـ 787 حالة، بزيادة مقدارها الضعف على العام 1420، أي أننا أمام معدل حالتي انتحار يومياً في المملكة وفق تلك الإحصاءات الرسمية، ويرى إختصاصيون ومسؤولون في الطب الشرعي أن الأرقام والنسب المعلنة أقل مما هي عليه في الحقيقة والواقع، وذلك لأكثر من سبب، وهذه الحالات التي بتنا نسمع عنها في وسائل الإعلام وبصورة متكررة تدق نواقيس الخطر حول معضلة وإشكالية هي في حال نمو وتزايد بشكل مخيف ومقلق. منذ أسبوعين تحديداً نشرت إحدى الصحف المحلية خبر سقوط شاب من على جسر معلق شمال غرب الرياض، وقبلها بيوم نشرت إحدى الصحف خبر انتحار شاب في العقد الثاني بتعليق نفسه بشجرة بإحدى مزارع الجوف، ما يشير إلى ارتفاع نسبة هذه الحالات بين فئة الشباب هو ما أكدته دراسة اجتماعية ميدانية أعدها أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض الدكتور صالح الرميح حول «العوامل المؤدية لمشكلة الانتحار وأساليب الحماية» من أن أكثر من نصف عدد المبحوثين في الدراسة ممن حاولوا الإقدام على الانتحار…

المحاميات السعوديات… وعود وآمال!

الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٢

موضوع منح المحاميات السعوديات ترخيص مزاولة مهنة المحاماة في المحاكم الشرعية السعودية هو أحد أكثر المواضيع التي اكتنفتها الوعود والآمال من قبل كبار المسؤولين في وزارة العدل، وذلك على مدى أكثر من خمس سنوات، فتارة كانت الوعود ابتداء بأنه سيتم الاقتصار على منحهن مجرد تقديم الاستشارات القانونية من دون حق المرافعة في المحاكم الشرعية، ثم كانت الوعود بأن التصريح للمحاميات السعوديات بالترافع في المحاكم سيكون عن المرأة فقط من دون الرجل، وأن يكون ترافعها مقتصر على قضايا الأحوال الشخصية مع وضع العديد من المحترزات والقيود، كأن تعمل في منأى عن الاختلاط بالرجال، ولم يعد أمراً مستغرباً أن نقرأ من حين لآخر على صفحات الصحف المحلية أنباء وأخباراً عن قرب صدور موافقة منح السعوديات المتخصصات في مجال القانون والمحاماة رخصة مزاولة مهنة المحاماة. ولعل آخر تلك الأخبار ما نشرته صحيفة الرياض يوم أمس عن صدور الموافقة الرسمية على منح المرأة رخصة محاماة، وأن هذه الموافقة صدرت بعد مناقشات عدة في هيئة الخبراء بمشاركة عدد من الجهات ذات العلاقة، حيث اقترحت وزارة العدل في خطابها المرفوع للجهة التنظيمية معالجة منح المرأة للرخصة بموجب نص انتقالي، واقترحت أثناء مناقشة الموضوع في هيئة الخبراء أن تكون رخصة المحاماة مقتصرة على المرأة في قضايا الأحوال الشخصية، وانتهى رأي المجتمعين إلى إعطائها حق ممارسة المحاماة من…

المجتمع السعودي… والصراعات الفكرية!

الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٢

المجتمع الذي يمتلك القدرة على تحديد أولوياته وخياراته، ويملك زمام المبادرة في تحديد أبرز همومه وهواجسه، هو المجتمع القادر على التفكير والتغيير من واقعه للأفضل، أما المجتمع غير القادر لا على تحديد أبرز أولوياته وخياراته، ولا يمتلك روح المبادرة في التغيير من واقعه، فيبدو في كثير من الأحوال مجتمعاً يتصف بالتبعية، إذ ينوب عنه بالتفكير فئة أو نخبة معينة تقوم على تحديد خياراته وفق نسق معين، فيتسم حينها بالركود والضبابية في الرؤية، وضعف روح المبادرة. وبالنظر في ساحة المجتمع السعودي فإن كل مراقب يدرك تماماً أن تلك الساحة باتت، وفي ظل ثلاثة عقود مضت، حلبة محتدمة الخلاف والصراع والتصادم، إذ كان المجتمع وعلى مدى تلك الفترة يتنازعه فئتان: تيار محافظ يرى ضرورة المحافظة على قيم المجتمع من التغيير والمحافظة على الهوية والخصوصية، انطلاقاً من خلال تفسيره وتصوره للقيم والمبادئ الدينية، وفرض رؤيته ورفض كل ما يختلف معها، وهو ما عبّر عنه أحد المنظرين لهذا التيار في دراسة بقوله «إن الأيديولوجيا التي تُحرِّك عموم المجتمع السعودي وتُسكِّنهُ هي من عقيدته التي اكتسبها عموم المجتمع من خلال مناهج التعليم العامة الموحَّدة والموحِّدة، ومن خلال برامج الدعوة العامة من العلماء والدعاة، وبالوسائل الدعوية القديمة والمعاصرة، ولأجل ذلك فإن المجتمع السعودي يُعدُّ مجتمعاً محافظاً يصعب توجيهه، أو تغيير قناعاته الثقافية إلا من خلال الدين…

العلاقة بين الدين والدولة

الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢

من حين إلى آخر، يكثر الجدل حول قضية العلاقة بين الدين والدولة، في ظل الخلافات المتعلقة بمكانة أو مرجعية الدين والشريعة في الدساتير التي تُصاغ في هوية دول «الربيع العربي»، ولن أتطرق الى العلاقة من الناحية الفلسفية وإنما سأتكلم عن الجانب التطبيقي في الدساتير، التي تتمثل مجملها في أربعة أنماط رئيسة: أولاً: دستور شمولي استبدادي وغير ديموقراطي، يقوم على صورة أو نمط من أنماط العلمانية المستبدة، وهو ما كان موجـــوداً في الاتحاد السوفياتي ســابقاً وتركيا في ظل العلمانية الكمالية، التي لا تعترف بدين معين، بل وتحارب التدين بصوره كافة، باعتــــبار أن الدين والتدين مؤشرا تخلفٍ، وهي صيغة متراجعة تاريخياً لأنها تتناقض مع حق الأفراد في أن يكون لهم مجالهم الخاص والعام الذي لا تتدخل فيه الدولة. ثانياً: دستور شمولي استبدادي وغير ديموقراطي، يميز دين الغالبية ويحظر أديان الأقليات الأخرى، ولا يعترف بحقوقهم في حرية الاعتقاد والدين، وقد كان دستور نيبال في 1990 يعترف بالهندوسية كديانة رسمية فقط مع الرفض الصريح للاعتراف بحق المواطنين النيباليين المسلمين والبوذيين والمسيحيين فى ممارسة شعائر دينهم، واستمر ذلك إلى أن تحولت إلى جمهورية عام 2008 وتم إلغاء المادة السابقة وأُعطيت الأقليات حق التدين. ثالثاً: دستور ديموقراطي قائم على الديموقراطية الليبرالية والعلمانية المحايدة، بأن تقف الدولة موقف الحياد من العقائد والأديان التي تدين بها مكونات شعبها،…

الطائفية .. لا حل إلا بتحقيق المواطنة!

الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢

مقلق جدا ما يجري في ساحتنا المحلية من حين لآخر من تفاقم وتصاعد لوتيرة الخطاب والنفس الطائفي بين السنة والشيعة وتنامي حملات التعبئة التي تبث روح الكراهية بين مواطني وافراد المجتمع الواحد , والتي تسعى لخلق حواجز بينهم لاعتبارات مذهبية من خلال رمي أتباع المذهب الاخر بما لايليق من أوصاف وتهم , وتخوين مجتمعات بأكملها والتشكيك بولائهم الوطني والطعن في معتقداتهم وادخال الوطن دوامة التصعيد الخطير , وبث وخلق الكراهية المذهبية , وذلك تبعا لبعض المستجدات والاحداث , ومثل هذا الخطاب الطائفي بأحكامه وأوصافه وممارساته تجاه الآخر حينما يتعمق في النفوس ومع مرور الزمن قد نصبح جميعا أمام خطر حقيقي يهدد الامن والاستقرار وخلخلة النسيج الاجتماعي ان لم يتم معالجة مسبباته بالطرق الناجحة , فالنار الطائفية حينما يتم ايقادها واشعالها فإنها لاتحرق خصمك المذهبي فقط ! وأن خطأ فرد أو شذوذ فئة معينة لايسوغ تحميل الجميع مسؤوليتها وجرمها ! ان المسألة الطائفية والعلاقة بين الدولة والطائفة والاقليات في مجتمعاتنا لا يمكن معالجتها بمجرد الانكفاء والعزلة , ولايمكن معالجتها بمجرد تجاهلها وطمسها , أو بكنسها تحت الارض وادعاء عدم وجودها , ولايمكن معالجتها بتضييق الحريات وتوتير الاجواء وباطلاق الشعارات البراقة والعبارات المنمقة , وإنما تعالج بالوعي والحكمة وتظل الإرادة السياسية هي حجر الزاوية الأهم في احتضانها لكل التنوعات والتعدديات المذهبية و…

مجلس الشورى السعوي .. رؤية من الداخل!

الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٢

"مجلس الشورى السعودي قائم تماماً, بدورية التشريعي والرقابي على اداء الحكومة وهو صانع للرأي" بهذه الكلمات كان هو تعليق ورد عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الدكتور مشعل العلي والذي نشرته صحيفة الحياة الاسبوع الفائت على الانتقادات التي وجهتها الجمعية الوطنية لحقوق الانسان في تقريرها السنوي اللتي اشارت فيه الى استمرار المجلس بمهامه التشريعية والرقابية المحدودة من خلال دراسة الانظمة التي تحال اليه من السلطة التفيذية غالبا , وأن دوره الرقابي يقتصر على المراجعة الروتينية لتقارير الاجهزة الحكومية , ومرجعة ذلك الضعف الى محدودية صلاحياته المخولة له بموجب النظام وآلية التشكيل المتمثلة في التعيين, واما في الجانب التشريعي فيبرز ضعف الشفافية في مناقشة المشاريع والانظمة الجديدة او المعدلة , فأي مواطن يجد صعوبة في ابداء رأيه حول تلك الانظمة  مما يستدعي نشر واعلان مسوداتها للرأي العام , بل ان الدكتور العلي اعتبر ان مسؤوليات وانجازات المجلس ارفع من ان تقومها جمعية حقوقية , مبررا ذلك بمنطق غريب وعجيب وهو ان المجلس لايمارس عملا خارج قبة البرلمان , فكيف لجمعية ان تنتقد من دون الاطلاع على اعماله ! ولكل منا ان يعجب من هذا التصريح , فكما هو معلوم فان من أهم أدوار مؤسسات المجتمع المدني في معظم الدول هو متابعة اداء المجالس البرلمانية من اعضاء ولجان وهيئات ومتابعة التشريعات…