د. ابتهال عبد العزيز الخطيب
د. ابتهال عبد العزيز الخطيب
اكاديمية وكاتبة كويتية

وردة الجزيرة العربية

الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣

لا أراني أصلح للعمل السياسي لأسباب كثيرة أحدها هو أنني، كما الفيل العنيد، لا أنسى أبداً الوقاحة السياسية والمواقف المتخاذلة مما يصعب علي لاحقاً التعامل بدبلوماسية مع ساسة لابد أن سأحتاجهم. إلى اليوم، أتذكر بوضوح مواقف الكثير من الساسة وتحديداً النواب من قضايا المرأة، هذه القضايا التي دوماً ما كانت تقع في قعر التأجيل اللزج، فتبقى بدبقها في ظلام دائم، فكل المواضيع الأخرى أولوية، إلا مواضيع المرأة، تلك دائماً قابلة للتأجيل أو حتى الإلغاء. ما زلت أتذكر، أيام العمل الحارة من أجل حقوق المرأة السياسية، أتذكر مواقف مبقعة كما العفن ومعبقة كما علبة سردين بائت. أتذكر يوم اجتمع لفيف من نواب اكفهرت وجوههم وتشعثت بتدينهم في إحدى قاعات مجلس الأمة ناعتين السيدات العاملات في مجال حقوق المرأة "بالخراتيت"، ما زلت أتذكر الجدل الذي كان يخرج من أفواه رجال قصرت دشاديشهم وطالت وتدلت ألسنتهم، ليقولوا لنساء قد تزن الواحدة منهن بعقلها عشرة من نوعياتهم إن المطبخ لا يجتمع ومجلس الأمة، وإن الأبناء هم الأسبق والزوج هو الألحق، ولا كأن هذا الرجل شاركها في صنع هؤلاء الأبناء ولا كأنه يجلس ليملأ كرشه من طعام المطبخ، فالتعاون في نظر هؤلاء هو أن يستمتع هو وتنجب هي، أن يأكل هو وتطبخ هي، فهذا هو عدل فحولة بدائية معجونة بدين متطرف لا يعرفون من خلطات…

كلام قاس

الإثنين ٠٥ أغسطس ٢٠١٣

يموج الشرق الأوسط بعنصريات ومماسات مختلفة يكتسيها التطرف خلقتها ظروف تاريخية وجغرافية جعلت هذه البقعة في منتصف العالم ملتقى لآيديولوجيات متشابكة وقضايا معقدة تتدلى نهاياتها المتداخلة في الشوارع العربية وكأنها خيوط رفيعة «ملضومة» لا تكاد تحرر أحدها حتى يتشابك ويتعقد العشرات غيره. إلا أن هذه الخيوط الملضومة يزداد تعقيدها وتتيبس كتلتها عند تدليها في شوارع منطقة الخليج العربي، هذه الشوارع التي تشترك مع بقية المنطقة الشرق أوسطية في مشاكلها وعنصرياتها وتطرفاتها، ثم تزيد عليها بروحها الخليجية الخاصة المتجذرة في عادات وتقاليد هي بحد ذاتها وحدة معقدة من خيوط رفيعة بالية أكل الدهر عليها وشرب. ومما زاد خيوطها الملضومة بلة أن اكتشفت هذه الدول بحر السائل الأسود تحت أراضيها، وبين يوم وليلة، تحولت الأراضي الصحراوية القاحلة إلى مدن حديثة يانعة، تزهو شوارعها بالسيارات الحديثة وتتزين عواصمها بالعمارات الشاهقة وتتغنج مناطقها بالفلل الراقية، ولكن يا ترى هل تغيرت مع هذه التغيرات المفاهيم؟ هل استطاع السائل الأسود أن يشتري القدرة على تجديد الفكر، أن يوفر اللين المطلوب لتطويع وتطوير العادات، أم أنه جف عند سواحل نفوس لم تبحر مراكبها في يوم؟ قد يكون هذا الكلام قاسيا، وقد يتهم صاحبه بالتشهير، إلا أن الخطوة الأولى باتجاه أي تغيير تتأتي من مواجهة النفس، من قراءة الماضي وتداعياته لمعرفة الكيفية التي سيسير بها المستقبل. وليكون الكلام…