خالد السهيل
خالد السهيل
كاتب - مستشار إعلامي

يا سماحة المفتي

الأربعاء ٢٢ أكتوبر ٢٠١٤

سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، من أصحاب العقول الراجحة، وهو امتداد للطرح الديني الصافي؛ مثله في ذلك مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، يرحمهما الله. وأتذكر بإجلال وتقدير أن المفتي كان أول عالم دين أنكر العمليات الانتحارية التي كان يقوم بها بعض الشباب في فلسطين، وكانت وقتها الحماسة والعاطفة توجهان بوصلة بعض أهل الفتوى لتأييد هذه العمليات الانتحارية، لكن سماحة المفتي كان صارما، وأصر أن مثل هذه العمليات ليست عملا صالحا. ثم مرت الأيام، وبدأت المجتمعات المسلمة تكتوي بهذه العمليات، وبدأ بعض مَن أجازوا هذه العمليات يتراجعون عن ذلك، بعد أن شهدوا مراهقين يهدرون أرواحهم معتقدين أن ذلك يوصلهم إلى الحور العين.. ولا تزال هذه العمليات طعنة في الخاصرة. بالأمس قرأت ما نقلته "الاقتصادية" عن سماحة المفتي، بشأن "تويتر". قال المفتي إن هناك مَن يستغل "تويتر" لزرع الفتنة ونشر الفوضى. وقال سماحته، بحسب الصحيفة، إن "بعض المغردين لا يعرفون سوى توزيع الاتهامات والأكاذيب. وهناك مَن يدعم هذه التوجهات، مبيناً أن ذلك ليس من أخلاق المسلمين". المؤلم أن هذه التجاوزات لا تقتصر عندنا على عوام الناس، إذ تورّط فيها دعاة كان البعض ينظر إليهم قبل "تويتر" بمنتهى الاحترام والتقدير. هؤلاء يُفترض أن يتغير أسلوب خطابهم، إذ لا يليق بمَن يلتصق…

كائنات افتراضية شريرة

الأربعاء ١٥ أكتوبر ٢٠١٤

يولد الإنسان، والحب يغمره. حب الأم، حب الأب، رعايتهما له، إحساسهما به، بهجتهما بابتسامته الأولى، كلمته الأولى، وقفته الأولى، وخطوته الأولى. ذاكرة مترعة بالفرح. تبدأ رؤى هذا الإنسان تتشكل، حبه لمن حوله، من الناس، والأمكنة. هذه الصورة تسكن خياله، تصوغ شخصيته. من هذا الثنائي الجميل - الأب والأم - وسواهما تبدأ تتشكل معارفه، خبراته، محبته وولاؤه لوطنه، أفكاره، والقيم التي يؤمن بها، يبدأ في التعرف على أبجديات دينه، وأعراف وتقاليد بيئته ومجتمعه. كل هذه الأمور تصوغ في النهاية قصة حب رائعة، للوطن والناس والبيئة. هذه هي القصة الطبيعية التي يمر بها أي إنسان. لكن يحدث أحيانا بعض الشذوذ، فيأتي النتاج شاذا، إذ يحول هذا بعض النشء إلى كيانات تنضح بالكراهية والحقد والغلو والإرهاب. إن هذه المتغيرات التي تصوغها مؤثرات غريبة، تؤدي إلى نماذج الشذوذ المنتشرة من حولنا، وآخر موضاتها داعش. هذه النبتة الشاذة، لم تتسلط على مجتمعنا فقط، بل إنها امتدت إلى كل الكون، فوجدنا قتلة دواعش من أمريكا وبريطانيا وفرنسا ... إلى آخره. الطفل المحب لوطنه وقيادته وأهله وأرضه، يكبر طبيعيا، فتتلقفه الأيدي القذرة لتغتال فيه قصة الحب الإنسانية الجميلة. بقدر ما أغدقت وسائل التواصل الاجتماعي والتصفح عبر الإنترنت من نعم، إلا أن خفافيش الظلام قرروا أن يجعلوها جزءا من الساحة التي يمارسون فيها عبثها، وهذا أمر طبيعي، لكنه…

الإصلاح والإسكان والفساد

الأربعاء ١٧ سبتمبر ٢٠١٤

جلسة مجلس الوزراء أمس الأول، برئاسة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حملت في ثناياها إشارات مهمة فيما يخص خطة التنمية العاشرة، وعلى الأخص قضايا الإسكان والإصلاح ومكافحة الفساد. من الإشارات المهمة واللافتة التي تؤسس لها الخطة، مسألة تيسير حصول المواطنين على السكن الملائم، وفق برامج وخيارات متنوعة تلبي الطلب. هذه قضية أصبحت شديدة الوضوح، وينبغي فعلا أن تتم تهيئة كل الظروف لإنجاح هذا المسعى. ويقع على وزارة الإسكان عبء تحويل وعودها الطيبة إلى واقع يلمسه المواطن بشكل عاجل، ويستجيب مع تطلعات القيادة. المسألة الأخرى التي لامستها خطة التنمية العاشرة، واستعرضها مجلس الوزراء تعزيز مسيرة الإصلاح المؤسسي، ودعم مؤسسات المجتمع المدني ورفع كفاءة وإنتاجية أجهزة الدولة وموظفيها. هذه العناوين المهمة، تمثل جزءا من حالة العصف الذهني التي يخوض فيها الكتاب ونخب المجتمع. العنوان الثالث المهم في خطة التنمية العاشرة تتعلق بترسيخ مبادئ المساءلة والشفافية وحماية النزاهة ومكافحة الفساد. وهذا العنوان صمام أمان، بدأت مسيرته ولا جدال أن ظهور هيئة مكافحة الفساد أسهمت في إشاعة ثقافة النزاهة وعززت من الرقابة على التجاوزات التي تحدث في بعض القطاعات. ثلاثة عناوين مهمة للغاية، بل ثلاث بشارات، تؤشر إلى أن البوصلة تأخذ مسارا يكمل ما تم إرساؤه في السابق. المهم أن تكون هناك متابعة وملاحقة وحساب عسير…

ما هذا العنف؟

الإثنين ١٥ سبتمبر ٢٠١٤

الاستمتاع بصب البنزين على ثعلب وإحراقه بالنار، مشهد تباهى بتصويره مجموعة من الأشاوس للتأكيد على بطولتهم ورجولتهم. أولئك لديهم خلل في فهم الرحمة وعدم تعذيب أي كائن حي، حتى في حالة الإصرار على قتله لكف أذاه. مفهوم العنف غير واضح في أذهاننا. الأمر لا علاقة له بالأمية، ولا بالتدين، ولكنه يرتبط بالعقل الجمعي الذي ينساق خلف إرادة مستهتر، فتنخرط المجموعة في هذا الفعل غير الإنساني الفاضح. قد يقول قائل، ثعلب ومات، ما الداعي للفلسفة؟! الحقيقة أن الاستهوان بهذه المظاهر، يؤشر إلى خلل عام يتجاوز قضية الثعلب وما سبقها من حوادث، إلى الإنسان. الأب الذي سلخ فروة رأس ابنه الذي لا يتجاوز ثمانية أعوام، وتناقلت صورة هذه الفضيحة الإنسانية الفادحة كل وسائل الإعلام، هذا الأب هدفه أيضا تربية ابنه، بزعمهم. التبرير للعنف، يجعلك تسير في الشارع وأنت تشعر بخوف. الكاتب أحمد أبو دهمان، قال في لقاء تلفزيوني معه إنه يعاني فوبيا قيادة السيارة في الرياض. هذه حقيقة. هناك عنف متبادل في الشارع. تهور في السرعة، استقواء، عدم احترام لإنسانية البشر وحقوقهم. كثيرون لا يعرفون أنهم يمارسون عنفا، هذا العنف يفضي إلى الضرر بأنفسهم وبالآخرين. ومع ذلك، يندر أن يعترف البعض بأخطائهم. هذه المشاهد الثلاثة تحتاج إلى معالجات تربوية واجتماعية وأمنية. إن الوعي الذي يهدره البعض، يكرس صورة غير إيجابية عن الفرد…

حكاية عادية جدا

الإثنين ٠١ سبتمبر ٢٠١٤

ندرج في هذه الحياة، يوما بعد يوم. تأخذ دروبنا تعرجات وطرقا تتخايل فيها الطفولة بكل ما فيها ثم تأتي صبوة الشباب. قصص صغيرة، يسكن بعضها الفرح، وبعضها التعب. تتجه بوصلة الحياة بعد إكمال الدراسات العليا للزواج. إنه السؤال الذي يتكرر من الأقارب والأصدقاء: تزوجت؟! تدخل دائرة الزواج، فتتداعى الأسئلة متى ستصبح أباً؟! تبتهج وأنت تحتفي بطفلتك الأولى، تتابعها وهي تكبر، أول ابتسامة، أول كلمة، أول محاولة للجلوس، أول خطوة.. إلى آخره. محطات العمر تتوالى بين أسئلة الناس التي نراعيها كثيرا، والأحلام التي تتشكل وفقا لإرادة الله وتوفيقه. الأيام تترى، بسرعة غير محسوسة، فصول تتلوها فصول.. تكتشف أن ابتهاجك بأطفالك يكبر هو الآخر، كما أن الصغار يكبرون، وأنت تعبر مهرولا صوب الكهولة، وأقول دوما: لا داعي للنظر إلى الخلف، فقد استوى الأمس ونضج وتم الحصاد، ولم يعد بالإمكان أفضل مما كان. أمس الأحد صباحا، حملت صغيرتي إلى الجامعة، لا أظننا كآباء وأمهات نعترف بأن أبناءنا يكبرون، إذ تظل صورتهم في أذهاننا تقترن بالحنو والرعاية والعناية. في الطريق، كانت كل هذه الصور تتداعى، وكان قلبي مليئا بالرضا والقناعة والآمال بالتوفيق. أظن أن هذا شعور كل أب وأم، استيقظوا باكرا، آمالهم تتعلق بأبنائهم وبناتهم. ودعواتهم إلى الله أن يكلأهم بالتوفيق. دورة حياة، وقصة عادية يرويها كل أب وأم بمنتهى الرضا. المصدر: الاقتصادية http://www.aleqt.com/2014/09/01/article_882181.html

محور الشباب

الإثنين ١١ أغسطس ٢٠١٤

منذ إطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للمبتعثين، والصورة تأخذ نسقا أكثر نضجا صوب الشباب والفتيات، من أجل تأهيلهم. صاحب ذلك حركة غير مسبوقة من أجل الضغط على القطاع الخاص لممارسة دوره في الحد من البطالة واستيعاب الخريجين والخريجات. ثم جاءت سلسلة من التوجيهات والرؤى التي تسعى لإعداد الجيل الجديد من أبنائنا، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر القرار الذي أصدره الملك يحفظه الله لبناء 11 مدينة رياضية في مختلف مناطق المملكة. يتواكب ذلك مع وجود 28 جامعة حكومية في مختلف المناطق، وهناك في الطريق المزيد من الجامعات والمعاهد. الشباب هم الاستثمار وهم السند وهم من يعول عليه لاستكمال المسيرة وإثرائها. ولهذا لم يكن غريبا أبدا أن نجد الخطاب متسقا لدى القيادة. وكلمة الشباب واحدة من الكلمات التي يرددها الملك عبد الله وولي عهده الأمير سلمان - يحفظهما الله. ولهذا لم يكن مستغربا، خلال جولة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران في جدة التاريخية خلال رمضان الماضي، أن نسمعه وهو يحث الشباب والفتيات من أبناء وبنات الوطن على الزيارة، بل وأن يدعو إمارات المناطق لإعادة تأهيل النماذج التراثية الموجودة في هذه المناطق، كي تقدم ذاكرة اجتماعية وإنسانية للأجيال. إن شبابنا وفتياتنا الذين أثبتوا جدارتهم وتميزهم سواء في الداخل أو الخارج، هم في…

التبرع للإرهاب

الإثنين ٢١ يوليو ٢٠١٤

نحن في خواتيم شهر رمضان المبارك، وفي هذه الفترة تهفو النفوس للأجر، فتعطي بسخاء، وهذا أمر حميد. لكن من المحبذ أن يعطي كل منا من يعرف، ويترك من يجهل. فالأمر لا يحتمل أن تمنح زكاة مالك إلى شخص لا تعرفه يزعم لك أنه سيوصل هذه الزكاة إلى المستحقين. اتصل بي صديق عزيز عنده خير، يطلب قائمة بجهات يمكن التبرع لها. الرجل يتمتع بوعي ضروري، خلاصة حديثه أن التبرعات العمياء قد تجعلك داعما للإرهاب دون أن تدري. هذه حقيقة. لقد كانت بؤر الإرهاب من الأفخاخ التي وقع فيها عدد كبير من أصحاب النيّات الطيبة، خاصة قبل افتضاح أمر الإرهاب. كان مظهر الصلاح الظاهر على الشخص محفزا لتقديم الأموال إليه، لبناء مسجد أو مدرسة أو حفر بئر.. إلى آخره. وثبت أن جزءا من هذه التبرعات لم يكن يذهب للتنمية، بل للقتل والإرهاب. العمل التطوعي في مجتمعاتنا بدأ فرديا، ومع توسعه أصبح مساحة مفتوحة لمن يريدون الخير ومساحة مفتوحة للصوص ومن يدعمون الإرهاب. الجمعيات الخيرية الموثوقة تستحق الدعم. أما الأشخاص الذين يضعون حسابات شخصية فإن مبادراتهم تظل محل نظر. أعرف أن هناك أفرادا فضلاء يمارسون هذا الدور، لكن هناك طفيليين أفسدوا الصورة وأصبح رمضان وغيره من المواسم فرصة لأكل أموال الناس بالباطل، وهو أيضا فرصة لجمع المال من أجل دعم "داعش" و"القاعدة" وفروخ…

فضيحة الوعي

السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤

كانت جلسة سلام في البداية. الحديث فيها بين مجموعة أصدقاء. على رصيف أحد مقاهي الرياض. كنا نتحدث عن الوعي. الكلمات تأتي مرتبة وثرية. وعي السائق في هذا البلد. تهذيب وابتسامة الرجل والمرأة في ذاك البلد.. وتصالح الناس مع لغة الاعتذار في بلد آخر. كلمات تتسابق، تستمد وهجها من تجارب ومشاهدات شخصية، لتتحول إلى جذوة فاخرة، تستمتع بجلد الذات. نحن من الشعوب المثقفة جدا. حتى وإن رغب البعض في سماع كلام يخالف ذلك. شواهد هذا الأمر نشاهدها في نهمنا على ارتياد معارض الكتب، وارتفاع مبيعاتها، واستخدامنا الأعلى عربيا لمواقع التدوين الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي... إلخ. لكن هذه الثقافة لا يتم تحويلها إلى ممارسات أنيقة. الكثير منا لديه شجاعة الاعتراف بأنه يشارك في فضيحة الوعي المتناقض بين المعرفة والسلوك. لكن السبب أن محفزات سلوك الوعي، تقطعها خروقات ومخالفات الآخرين، التي تصادر حقك عندما تكون متسقا مع ما تعرفه من أنظمة وسلوكيات. بكلام واضح: المخالفات المرورية مثلا، تتم عن سابق إصرار، وليست نابعة عن جهل أو قلة وعي. الأمر نفسه يتكرر في الطابور الذي تجد نفسك أمامه في المطار أو في أي مكان آخر. لكنك حتما ستجد من يتخطى هذا الطابور، غير عابئ بالآخرين الذين يتابعون الفضيحة وينتظرون يدا نظامية تنتصف لهم. وقد يحدث هذا أو لا يحدث. على رصيف المقهى، تحدثنا طويلا…

إثراء الطيف السعودي

الأربعاء ١٦ يوليو ٢٠١٤

يستشرف مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، انطلاقة جديدة، مع كوكبة من الأسماء التي انضمت إلى عضوية مجلس الأمناء. الشيخ عبد الله المطلق جاء ليكمل الدور والمسار الذي كان يقوم به الشيخ سعد الحصين - يرحمه الله - من خلال رئاسته مجلس أمناء المركز. إضافة إلى فيصل المعمر نائب رئيس مجلس الأمناء والأمين العام للمركز. عضوية مجلس الأمناء جاءت لتشمل الدكتور سهيل قاضي، الشيخ الدكتور قيس المبارك، الدكتور حسن الهويمل، الدكتورة سهير القرشي، الدكتور عبد العزيز بن صقر، الشيخ محمد الدحيم، والدكتور منصور الحازمي، المهندس نظمي النصر والدكتورة نوال العيد. قائمة الأسماء من خلال تنويعتها، تعكس صورة ألوان الطيف المحلي. وهذه الأسماء في حالة الثراء الذي تتمتع به كل شخصية من الشخصيات التي تمت تسميتها من خلال الأمر الملكي، تقدم بعدا جديدا، إذ هي تلخص واقع الصورة الوطنية بمختلف رؤاها وأفكارها. هذه تعطي صورة استشرافية للمركز، باعتباره الحاضن الأول لحالات العناق بين أبناء المجتمع الواحد، إذ لا تمايز مناطقي ولا قبلي ولا مذهبي، فالمواطنة في المجتمعات المتحضرة تعلو ولا يعلو عليها شيء. هنا في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، تتم صياغة الشخصية الوطنية السعودية، وترجمة آمال وتطلعات الوطن والمواطن، بالحفاظ على هذا الوطن ومكتسباته بعيدا عن أنواء وعواصف تشهدها مجتمعات حولنا، تحاول أن تضعف هذا التناغم من خلال طروحات…

يا محمد أبو عمير: من سيرثيني؟

الأربعاء ٢٥ يونيو ٢٠١٤

أعرف أخي العزيز محمد أبو عمير مدير مكتب الأمير نواف بن فيصل منذ أكثر من 25 عاما. كان إعلاميا بارعا، مارس العمل الصحفي منذ كان طالبا في جامعة الملك سعود عبر صحيفة رسالة الجامعة، وتنقل بين صحف عدة، كان بينها صحيفة "اليوم" مديرا للتحرير إبان رئاسة سلطان البازعي لتحريرها. وكان أيضا ممن عملوا في جمعية الأطفال المعوقين ثم بعد ذلك انخرط في العمل الحكومي في الرئاسة العامة لرعاية الشباب مديرا لمكتب الأمير نواف منذ كان نائبا للرئيس ثم رئيسا عاما. علاقتي بمحمد وشقيقه أحمد أبو عمير علاقة صداقة وود أفخر بها. لم تكن هذه المسألة ترتبط بمصالح، ولهذا كنت أتقبل منه آراءه القاسية وكان هو يتحمل مشاغباتي معه بمنتهى الهدوء. واجه محمد أبو عمير - يرحمه الله - منذ سنوات مشكلات صحية طالت قلبه، وأدت لإجرائه سلسلة عمليات مضنية. كان محمد خلال مرضه متفائلا، يواجه هذا الألم بمنتهى الصبر. التقيته آخر مرة منذ بضعة أشهر في عزاء والده - يرحمه الله، وبالأمس كنت وأنا أهاتف أخي أحمد أبو عمير أتمنى أن تكون الرسالة التي وصلتني غير حقيقية، لكنه قضاء الله وقدره - سبحانه وتعالى. قبل أكثر من 20 عاما قال لي محمد : يوما ما سترثيني! قلت له ضاحكا: ما أدراك. ربما أنت من سيرثيني. يستغرقني الحزن إذ أكتب هذه…

متفائل بمرور الرياض

الإثنين ٠٩ يونيو ٢٠١٤

الجلوس مع شخص مثل المقدم طارق بن حمود الربيعان رئيس قسم البحث والتحري في مرور الرياض يجعلك تسبر أغوار صورة غائبة عن ذهنك وأذهان كثيرين. إنها قصص وحكايات الليل والنهار، التي تشهدها شوارع الرياض، التي تتقاطع فيها قضايا التفحيط وسرقة السيارات والمخدرات، وأولئك الذين يمارسون الفرجة والتصفيق لمن يهددون أرواح الناس. استضافنا مرور الرياض الأسبوع الماضي أنا والصديق الشاعر منصور البطي، إضافة إلى مجموعة من شباب الإعلام الجديد المؤثرين، وكذلك الزميلين خالد السملق ورائد فهد من فيديو "الاقتصادية الإلكترونية". كان المقدم طارق الربيعان واضحا وصريحا وهو يتحدث عن التحدي الجاد الذي خاضه مرور الرياض من أجل تطويق الظواهر السلبية وتقليصها مثل التفحيط وما يرافقها من سلبيات يستغلها المروجون وذوو النفوس المريضة بما في ذلك ما يسمونهم "الدرباوية" أو هيبز السعودية - إن صح التعبير. سمعنا كثيرا من القصص عن ضحايا التهور والتفحيط، وتأثرنا كثيرا بآلام آباء وأمهات وجدوا أبناءهم في دائرة التجاوزات، وهم يتصورون أن فلذات أكبادهم بعيدون عن هذه الدروب المهلكة. قابلنا في الجزء التالي من الزيارة العقيد حسن بن صالح الحسن رئيس مركز القيادة والتحكم والمتحدث الرسمي لمرور الرياض. الجولة إجمالا كانت إيجابية للغاية، والحديث عن المرور والآمال الملقاة على عاتقه والوعود المؤجلة أمر يطول. لكنني وأنا أجول في المركز الضخم الذي تم افتتاحه في مرور الرياض ويضم…

حارس الحجر الأسود

السبت ٣١ مايو ٢٠١٤

خمس مهام يمارسها حارس الحجر الأسود، بحسب تقرير نشرته صحيفة مكة الأربعاء الماضي ونسبته إلى مصدر في قوة أمن الحرم المكي بين هذه المهام: مراقبة المتطفلين من العبث بالحجر الأسود، وتنظيم المتجمعين حول الحجر لتقبيله، ومتابعة الطواف من مكان مرتفع ...إلخ. ولكن صورة حارس الحجر الأسود وهو يتكئ ليرتاح برهة، فتحت الأبواب لتفسيرات وتأويلات، وفتحت المجال للتطاول والأذى الذي يمتزج بين الغيرة الدينية المعتبرة، وبين الكلام لمجرد الكلام. الحقيقة أن رجال الأمن في الحرمين الشريفين وفي الأماكن المقدسة يؤدون أعمالا جليلة، وهم يتحملون في سبيل ذلك التعب والعناء. ووجودهم إلى جوار الكعبة المشرفة وفي مختلف أرجاء المسجد الحرام ضروري جدا، والأمر نفسه عند الحجر الأسود إذ لا غنى عن وجود رجال الأمن هناك. وتدافع الناس هناك كلنا يعرفه ويدرك مخاطره. ناهيك عن بعض التصرفات الفظة التي يمارسها بعض الطائفين. هذا الأمر وسواه من الأمور تجعل التربص بهؤلاء الرجال وتصيد بعض أخطائهم العفوية، مسألة تحتاج إلى أناة وتمحيص. إن تصنيع الرأي العام وتهييجه أمر يمارسه البعض باحتراف. ليس هنا مجال تشكيك بالدوافع الطيبة والحسنة لمن قام بالتعليق غاضبا، لكن في المقابل لننظر إلى الصورة بعين الرأفة والشفقة والعدل: تخيل نفسك واقفا وسط هذا البحر البشري المزدحم. إن الله غفور رحيم. وبعض البشر قلوبهم هي إلى الصخر أقرب، سامحهم الله. هذا ليس…