خليل علي حيدر
خليل علي حيدر
كاتب كويتي

«كتالوج».. المتطرفين

الأحد ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧

هذه مئة سيرة وتفاصيل حياة، أهم ما يتصف به الكثير منها، كونها ملوثة بدماء الأبرياء وبأحزان الأيتام والثكالى، وبالرعب والخراب والدمار المتوالي في بلدان العالم! إنها مئة سيرة، غير عطرة في الغالب ودون شك، إذ إنها «سيرة حياة مئة متطرف من الشرق الأوسط وأفريقيا»!، وضعت الدراسة بالإنجليزية مجموعة من الباحثين، وترجمتها للعربية «شريهان سعد»، وطبع الكتاب في مصر. تنتمي أغلب العينة إلى «السلفية الجهادية»، ولكل فرد في العينة، كما تقول «الشرق الأوسط»: «منصب بارز في جماعة متطرفة، إما كصانع أيديولوجيات أو تنفيذي بكفاءة عالية، ويمكن أن يشمل ذلك أيضاً من يقدمون الدعم اللوجيستي في الجماعة». والاختيار بين هذه السير التي تقطر ألماً ودماً، لم يكن عشوائياً، إذ تم التركيز على الأعضاء البارزين فقط وبخاصة القيادات وأصحاب المكانة والهالة! والتراجم بمثابة رحلة تشريحية في حياة قيادات الإرهاب ومفكريه، وفي «عطاء» المتفننين في صناعة الموت وإنزال الكوارث بالأبرياء، ممن فعلوا في النهاية ما فعلوا بسمعة العرب ومصالح المسلمين، بل وبحياة سائر البشرية المعاصرة. الباحثون، تقول الصحيفة، نبشوا مختلف مصادر المعلومات المطبوعة والإلكترونية، وشملت المعلومات حول هؤلاء تفاصيل دقيقة: «ومنها: الاسم الحقيقي والاسم الحركي، التواريخ المهمة بحياة المتطرف، محل الميلاد ويشمل البلدة أو المدينة أو القرية، الجماعات أو الشبكات المتطرفة التي انضم إليها، المناصب التي تولاها في جميع الشبكات والجماعات، آخر جماعة أو…

الشيعة… و«خديعة العبدلي»

الجمعة ٢٨ يوليو ٢٠١٧

من يطالع بعناية الدستور الإسلامي الإيراني مثلاً أو كتب محمد باقر الصدر أو مؤلفات علي شريعتي أو الكثير من أدبيات الإسلاميين الشيعة في إيران والعراق ولبنان يرَ تأثير الفكر الشمولي والاقتصاد الموجه والعداء للغرب وأشياء كثيرة أخرى في فكر يُفترض فيه أنه قائم على آيات القرآن ونصوص الحديث الشريف. أثارت تطورات صدور الأحكام في قضية "خلية العبدلي" واختفاء المحكومين، الأجواء الطائفية في الكويت، كما أدت إلى توتر العلاقات الكويتية ـ الإيرانية إلى أقصى حد، إلى جانب استفسارات كثيرة حول مسار القضية وطرق حفظ الأمن في البلاد، وغير ذلك. ولا شك أن ما قامت به هذه المجموعة من شباب الوسط الشيعي الكويتي من ارتباط بحزب الله اللبناني وتخزين كميات كبيرة من أخطر الأسلحة والمتفجرات في مزرعة بالعبدلي شمالي الكويت، عمل إرهابي بالغ الخطورة على أمن البلاد، ولهذا صدرت أحكام الحبس ما بين 5 إلى 15 عاما، فضلاً عن حكم بالإعدام. وكانت النيابة العامة قد وجهت في الأول من سبتمبر 2015 إلى عدد من المتهمين في القضية تهمة ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت، وتهمة السعي والتخابر مع جمهورية إيران الإسلامية ومع جماعة حزب الله التي تعمل لمصلحتها، للقيام بأعمال عدائية ضد الكويت، من خلال جلب وتجميع وحيازة وإحراز مفرقعات ومدافع رشاشة وأسلحة نارية وذخائر وأجهزة تنصت بغير…

اقتصاد العالم.. في نصف قرن!

الأحد ١٦ أغسطس ٢٠١٥

الباحث الاقتصادي أو العالم في هذا المجال، شخص مرتاب على الأغلب في احتمالات واتجاهات تطور الأمور خلال السنوات القادمة، لاسيما إن كان متشائماً من مسارها الحالي. غير أن تفاصيل وملامح أي اقتصاد تبدو أكثر وضوحاً مع تطور الاقتصاد وعلومه. ودراسة «تاريخ الاقتصاد» أسهل من التنبؤ بمستقبله. نحن لم نعايش في السنوات الأخيرة زوال التجربة الاشتراكية وانتشار «الاقتصاد الحر» وانفتاح الأسواق فحسب، بل دخل العالم في تجارب مختلفة.. خاصة في ظل العولمة. وترافق ظهور مصطلح العولمة مع موجة حادة من النقد والإضرابات شهدتها اجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين في سياتل وبانكوك. والحقيقة، كما يرى الباحث السوري الدكتور رضوان زيادة، لم تذهب مظاهرات الاحتجاج تلك سدى، حيث «أبانت عن ظهور بُنى اجتماعية متقاربة بين الشمال والجنوب، فالعامل أو المزارع في الدول الأكثر غنى أو دول الشمال يبدو أكثر قرباً إلى نظيره في دول العالم الثالث أو دول الجنوب من انتمائه إلى طبقة اجتماعية محددة ومحصورة بقطره الوطني. نحن إذن إزاء ظاهرة ذات حوامل إعلامية واقتصادية وسياسية جديدة». («شؤون عربية»، العدد 120,2014). ما أهم التحولات التي غيرت النظام الاقتصادي العالمي خلال العقود الأخيرة، يتساءل الدكتور إيهاب الدسوقي، الأكاديمي البارز في مجال الاقتصاد والإدارة، ويراها في ست محطات: تحرير أنظمة التجارة الخارجية، بزوغ التكتلات الاقتصادية العملاقة، تحرير الأنظمة المالية والنقدية، التحول نحو آليات السوق،…

إسرائيل.. والبحث العلمي

الأحد ٠٧ يونيو ٢٠١٥

نحن نعرف الأهمية الطاغية التي تعطيها إسرائيل للبحث العلمي والابتكار، ونعرف كذلك أن هذا التوجه ليس حكومياً بيروقراطياً يتعلق غالباً بالارتقاء الأكاديمي، بل هو كذلك في صلب اهتمام الباحثين أنفسهم الذين يكرسون حياتهم وجهدهم في هذا المجال، بينما يصدم الروتين والفساد الكثير من العقول في الجامعات العربية، ويتسابق أصحابها أحياناً كثيرة في الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة. يتناول كتاب دليل إسرائيل 2011 للدكتور خالد أبو عصبة قضايا البحث العلمي في إسرائيل، فيقول إنها أنشأت سنة 1972 جهازاً خاصاً لدعم الأبحاث الأساسية، وألقيت مسؤولية المتابعة على الأكاديمية الوطنية للعلوم. ويشير إلى وجود صندوق لدعم الأبحاث باسم «الصندوق الوطني للعلوم»، يشرف على أبحاث مؤسسات التعليم العالي في مجالات العلوم الدقيقة والتكنولوجيا والطب وعلم الأحياء إلى جانب الآداب والعلوم الاجتماعية، ويتم الدعم من خلال أكثر من عشر منح بحثية. وثمة لجنة للتخطيط والميزانية تشارك في صندوق لجنة الطاقة الذرية، وصندوق الأبحاث المشتركة مع وزارة الدفاع، وصندوق أبحاث التربية الأميركي - الإسرائيلي لتبادل الباحثين. كما ينشط في إسرائيل 14 صندوقاً لدعم الباحثين المتفوقين بمن فيهم طلاب الماجستير والدكتوراة. وتجري الأبحاث العلمية والتطبيقية في إسرائيل داخل ما يقارب 50 مركز أبحاث رئيسي وعدد كبير من المراكز الصغيرة، كما أن هناك مؤسسات ومصانع عديدة تملك وتدير مراكز خاصة بها. وفي تحليل لمختلف المؤسسات الإسرائيلية، يقول الباحث…

بين السعودية.. وإيران

السبت ٢٣ مايو ٢٠١٥

هل المملكة العربية السعودية، بصداقتها للولايات المتحدة والغرب، أهم لسلامة الشيعة في المنطقة أم ايران الاسلامية التي تصرخ ليل نهار «الموت لأمريكا»؟ أليس من الأجدى للشيعة كسب السعودية بدلاً من الانحياز ضدها، والوقوع في المصيدة الطائفية وربما الانسحاق بين حجري الرحى.. ايران والسعودية؟! قلة من الشيعة تدرك ان السعودية في الواقع أهم بكثير في هذا المجال من ايران، وان السعودية والدول الخليجية هي التي تضمن للشيعة هذا التسامح المذهبي وهذا المستوى المعيشي الرفيع.. لا مغامرات السياسة الايرانية.. ان مستوى معيشة الشيعة ومصالحهم واستقرار حياتهم، وحتى اسعار عقاراتهم وتجارتهم وكل ما هو جدير بالاهتمام والدفاع، مرتبطة وبقوة باستمرار قوة دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، مهما كانت التفاصيل بعد ذلك. ان النفط وحده لا يحقق الاستقرار والثراء للكويت والمنطقة الخليجية، فلابد لنا من قوة تحقق الاستمرار وتردع جماعات التخريب والسياسات المغامرة التي نرى بعض نتائجها في لبنان وغزة وسورية والعراق.. وغيرها! استقرار السعودية وقدرتها على منع زحف الارهاب والاضطرابات على المنطقة ضرورة ملحة، واذا انتكست السعودية فسندفع جميعا الثمن.. وبخاصة الشيعة. استطعنا مثلا معايشة ظروف اضطرابات ايران وثورتها عام 1979 على امتداد اكثر من سنة من دون ان نتأثر كثيرا في الكويت، ولكن هذا مستبعد تماما لأي اضطرابات مماثلة في السعودية. انقلبت ايران رأسا على عقب، وسقط النظام الملكي، وجاء نظام…

«الحوثيون».. وتراث اليمن

الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥

دخلت السينما إلى اليمن عام 1918، ولكن البلاد خلت من أي دار سينما عام 2014.. بعد أكثر من قرن. «لا توجد اليوم دار سينما واحدة تعمل في اليمن»، استغاثت وزيرة الثقافة اليمنية «أروى عبده عثمان» شاكية لصحيفة الشرق الأوسط قبل أشهر وأضافت أن الخطوات التي تعمل عليها حالياً هي القيام بعملية إحصاء عدد دور السينما التي دمرت أو التي نهبت أو التي أصبحت في أيدي قوى النفوذ، وتحولت إلى مجمعات ومراكز ليست لها علاقة بالسينما أو الثقافة، وقالت «الدولة ورجال المال والأعمال والدول المانحة ستقوم بمساعدتنا من أجل استنهاض دور السينما من جديد، بعض دور السينما تحولت إلى متاجر لبيع القات أو إلى مأوى للكلاب والمشردين». اشتكت الوزيرة من أن دمار وإغلاق هذه الدور كان بسبب الجماعات المتطرفة وعداء النظام السابق للثقافة عموماً، وقد مُنعت فرق الفنون الشعبية من العمل وأضافت: «على الدولة وقوى المجتمع المدني أن تقف معنا وإلا فسوف نتحول إلى قندهار أخرى وإلى جزء من ظلامية القرون الوسطى، لا يليق باليمن أنه في 2014 تُكفّر الثقافة والتراث الشعبي - ويمنع أو يحرم - حتى المزمار». ولم تسعف الظروف السيدة الوزيرة في تحقيق شيء من مخططها الثقافي الطموح، وزحف الحوثيين على الدولة، واستقالة الحكومة، حيث اتهم مثقفون يمنيون، فيما نقلت الصحافة نائبة وزيرة الثقافة وهي الشاعرة اليمنية هدى…

هل ضاعت سوريا؟

الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥

أي كلمات ترسم اليوم حجم العذاب السوري، في الذكرى الرابعة للثورة؟ وما جدوى أي كلمة أو مقال أو خطاب، في حضور هذا الكم الهائل من الدم والموت والدمار والتشرد والأيتام والثكالى.. والآمال المحطمة؟ خطوتان في اعتقادي أقدم عليهما النظام، أوقعتا بالثورة كل هذا الضياع والدمار. الأولى، إجبار المتظاهرين وجر المعارضين بالعنف والقتل، للجوء إلى السلاح وترك النضال السلمي لتحقيق أهداف التغيير. والثانية، خلق الأصوليات المتوحشة والجماعات «الجهادية» الدموية الموغلة في العنف وفي سحق آدمية الإنسان، وعلى رأسها «داعش». الخطوة الأولى، أفسحت للنظام المجال ليجرب مع المعترضين والمتظاهرين والمدن المتمردة والقرى المتهمة بالاعتراض، أبشع أسلحة الدمار. والثانية، غمرت الساحة بقوى مغرقة في الدم والإجرام وجز الرقاب، ومدعومة بخبرة أجهزة حزب «البعث» في العراق وسوريا وتنظيمات الإرهاب الدولية، فجعلت العالم ينصرف عن عنف النظام إلى عنف خالص لا نظام فيه، وجريمة خالية من أي قانون أو رحمة. كانت حصيلة السنوات الأربع، كما جاء في الصحف في مارس 2015، مقتل 210 آلاف شخص، وفرار 11 مليون شخص من منازلهم، من بينهم أكثر من 4 ملايين لجؤوا إلى الخارج، وأعداد كبيرة من المفقودين والسجناء السياسيين، وارتفاع قيمة الدمار إلى مليارات يصعب حصرها الآن بدقة. إن إتاحة المجال لآلة القتل السورية لتفتك بالناس، وتدمير الحراك السلمي الذي انطلق في بداية 2011، غذت كذلك ظهور ونمو…

التدخل الإيراني في شؤون العرب

الأحد ٢٢ مارس ٢٠١٥

أيهما أخطر على المنطقة العربية «إيران الإسلامية» أم «دولة داعش الإسلامية»؟ بصراحة، يقول وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب، «إيران أخطر من داعش ألف مرة»! ويضيف: «إن هذا التنظيم الإرهابي الذي تجاوز كل الحدود في جرائمه.. هو مجرد مجموعة صغيرة بالإمكان محاصرتها والقضاء عليها في النهاية. أما بالنسبة لإيران فإن الأمور أكثر تعقيداً وأكثر خطورة، فهي أصبحت عملياً تهيمن على أربع دول عربية، العراق وسوريا ولبنان واليمن». إن هيمنة إيران على العراق قد تكون كذلك الأخطر في تحليل مراسلة الشرق الأوسط «منى علمي»، التي تقول إن «مع موارد العراق الشاسعة، تبقى الميليشيات العراقية الشيعية أغنى بكثير من نسخة «حزب الله اللبناني». إيران في صراع مرير مع السعودية ودول الخليج ودول عربية أخرى، في دعمها للنظام السوري على امتداد أربع سنين ومئات الآلاف من الضحايا، رغم استياء كل عقلاء إيران والشيعة، الذين يذكرون جيداً ويعرفون أن معظم الإرهابيين الذين قدموا إلى العراق بعد عام 2003 وقتلوا آلافا مؤلفة من الشيعة كانوا يتجمعون في سوريا ويتدربون في اللاذقية وتسهل لهم سبل اختراق الحدود العراقية، وكان باستطاعة إيران أن تضغط على سوريا ولكنها لم تفعل، لأن إيران كانت مثل سوريا في خوف شديد من نجاح تجربة العراق بعد سقوط صدام. «إيران على الجهات السعودية» يقول الإعلامي البارز عبدالرحمن الراشد ويضيف: «سبق أن التقت…

التعليم في إسرائيل.. مسارات متعددة

الأحد ١٤ سبتمبر ٢٠١٤

نعرف الكثير عن التعليم في الدول المتقدمة وبلدان العالم الأخرى، ونقرأ ونسمع منذ سنين ولا نزال عن مختلف جوانب السياسة وربما الاقتصاد وكذلك مختلف الصراعات في دولة إسرائيل، ولكن هل نعرف الكثير عن التعليم العام النظامي، ومؤسساته في إسرائيل، وعن تفاصيل إدارة هذا التعليم ومناهجه، وعن موقع التعليم الإسرائيلي بين المدارس الغربية والآسيوية وغيرها؟ وما سر هذا التفوق الهائل والتقدم الكبير في مجالات الاختراع والبحث العلمي وكثرة الاختراعات والابتكارات في هذه الدولة؟ تولى الباحث التربوي الفلسطيني «خالد أبو عصبة» كتابة فصل مطول عن واقع ومؤسسات التعليم في إسرائيل، نشر ضمن الكتاب القيم الذي نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت 2011 بعنوان «ليل إسرائيل العام 2011». والباحث «أبو عصبة» شخصية تربوية فلسطينية معروفة، وهو مدير معهد مسار للبحوث والتخطيط والاستشارات الاجتماعية داخل إسرائيل، وهو باحث رئيسي في معهد «فان لير» في القدس، ومحاضر في علم الاجتماع والتربية بكلية بيت بيرل. أولى ملاحظات الباحث على جهاز التعليم في إسرائيل ضخامة حجمه وتعدديته، ويؤخذ في الاعتبار بداية وجود مسارات عديدة لهذا التعليم منذ ما قبل قيام الدولة عام 1948، أبرزها ثلاثة تيارات رئيسية، تتبع عادة حركات سياسية حزبية: التيار العام، الذي ضم الطلاب من أبناء الطبقة الوسطى في المدن والقرى الزراعية، ومثّل التيار «اليميني»، والتيار العمالي، الذي مثّل فكر الحركة العمالية، والتيار الديني،…

إسرائيل.. وتاريخ استيعاب المهاجرين

الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠١٤

كان من بين أسباب تقدم إسرائيل الاقتصادي اهتمامها بالعنصر البشري وحماية القوى العاملة، منذ بداية تأسيسها عام 1984، وكان من صلب اختصاصات وزارة العمل، بالإضافة إلى رقابتها على الظروف التي يعمل فيها العمال، أن تخلق فرص عمل للمهاجرين الجدد، خصوصاً إذا كانوا بحاجة إلى التدريب وصقل المهارات، حيث أوكلت هذه المهمة إلى «معهد الإنتاجية» الذي يتولى تدريب المديرين والفنيين ورؤساء العمال، وحدد القانون منذ عام 1951 ساعات العمل اليومية واعتبر الراحة الأسبوعية 36 ساعة متصلة. ونص قانون 1953 على عدم تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 سنة، وحتى الذين تقع أعمارهم بين 14-18 سنة، منعت دخولهم مجالات العمل إلا بعد فحصهم من الناحية الطبية مع تخفيض ساعات العمل بالنسبة لهم، ومنعت كذلك عملهم في حرف معينة والعمل ليلاً، وشمل قانون سنة 1954 القواعد التي تحكم تشغيل النساء، ومنحتهن إجازة أمومة بأجر كامل لمدة 12 أسبوعاً، ولمدة بضعة أشهر من دون أجر، كما قضى قانون سنة 1964 بالمساواة بين أجر الرجل وأجر المرأة. [السياسة النقدية في إسرائيل، د. عبدالنبي حسن يوسف، القاهرة 1977، ص31]. واهتم المهاجرون اليهود بالتنظيم النقابي في مرحلة مبكرة، حيث تكونت النقابة العامة للعمال المسماة بالهستدروت في فلسطين سنة 1920 بعضوية 4400 عامل في 1925، لتصل إلى نحو 114 ألفا في سنة 1945. وكان من أهداف الهستدروت…

كيف نخرج من ورطتنا؟

الأحد ١٠ أغسطس ٢٠١٤

«ما الحل وما المخرج من الوضع الحالي في العالم العربي إذن، في الوقت الذي يتزامن فيه انهيار الدولة في عالمنا العربي مع انتشار الإرهاب وتفشي التطرف»، يتساءل القارئ الكريم عبد الرحمن العلي في تعقيب له بالإنترنت على مقال لي، ويضيف: «هل الخلل في المجتمعات أم في الحكومات أم في الدين نفسه؟». ثم يقول: «أنا من المتابعين لمقالاتك منذ أكثر من عشرين سنة، أتمنى أن أسمع رأيك حول هذه القضية خصوصاً وأن لك رؤية استشرافية.. لماذا التطرف عندنا يزداد على الرغم من مئات المؤتمرات والندوات والدعوات والمبادرات وحوار الأديان و.... هل نحن جادون فعلاً في مكافحة التطرف؟ هل نحن صادقون فعلاً في الدعوة إلى الاعتدال والتسامح؟ كم عدد المسيحيين في العالم العربي قبل خمسين عاماً وكم عددهم الآن؟ ألا يكشف ذلك نفاقنا وزيف ادعائنا؟». (الوطن الإلكترونية، 24-07-2014). للأستاذ الفاضل والقارئ المتابع الذي اعتز به، جزيل الشكر والتقدير ولا شك أن أسئلته العميقة مثارة منذ فترة في أذهان الكثير من القراء والكتاب، وهي تطرح نفسها اليوم بالحاج لما تشهده ظروفنا من مآس وانتكاسات وأزمات، من ليبيا إلى اليمن. ولقد ناقش الكثير من الكتاب والمؤلفين «الواقع العربي»، وبذل المفكرون جهوداً مضنية في البحث عن مخارج للأوضاع المتردية، وعقدت الندوات، كما أشار الأخ عبد الرحمن، وصدرت الكتب، ولكن ما نحن فيه يزداد تردياً.. فما…

في مئوية حرب طاحنة

الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤

عاشت أوروبا آخر لحظات القرن التاسع عشر سياسياً وحضارياً مع يوم 28 يونيو 1914، عندما تم اغتيال ولي عهد الإمبراطورية النمساوية على يد أحد متطرفي الصرب. فقد أطلق هذا الحدث سلسلة من الأحداث والكوارث على امتداد أوروبا وآسيا والعالم العربي، تمثلت في محن الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918، التي غيرت إلى الأبد تاريخ وجغرافيا الكثير من الأمم والبلدان، وأدت إلى سقوط أسر حاكمة وامبراطوريات، وظهور دول وأنظمة جديدة كل الجدة على التاريخ الأوروبي خاصة، كالاتحاد السوفييتي! أنزلت الحرب دماراً واسعاً بالكثير من المدن والمناطق والآثار الأوروبية من منازل وقصور وكنائس، ولقى فيها ملايين الأوروبيين من عسكريين ومدنيين حتفهم. فقد التقى الجيشان الألماني والفرنسي في معركة فردان Verdun على امتداد أشهر ابتداء من فبراير 1916. وعندما انجلى دخان البنادق والمدافع والقنابل، كانت خسائر الطرفين من القتلى متساوية، إذ خسر كل منهما 400 ألف رجل، قرابة المليون إنسان للطرفين! لا نكاد نصدق اليوم كيف كانت بداية تلك الحرب. فما أن انتشر خبر اغتيال ولي عهد النمسا يوم 28 يونيو 1914، حيث عُرف أن «منظمة اليد السوداء» الصربية هي التي سلحت القاتل ومن معه، حتى توالت التطورات: أعلنت حكومة النمسا والمجر الحرب على صربيا حليفة روسيا. وقررت الإمبراطورية القيصرية الروسية نجدة وحماية «الصرب» مهما كان الثمن، وهو موقف روسي رأيناه يتكرر حتى…