محمد المسعودي
محمد المسعودي
- ماجستير التنمية البشرية والدراسات التربوية النفسية - Howard University - مدرب معتمد للاستراتيجيات التربوية الحديثة والتنمية البشرية. - عمل في وزارة التربية والتعليم ثم انتقل للعمل تربوياً في واشنطن، حصل على جائزة المربي المتميز من الجمعية الوطنية لمدارس الثانوية الأمريكية في مجلس الشيوخ الأمريكي، ثم نائباً لرئيس تحرير مجلة (المبتعث).

“عروس الجبال” تزين رؤية 2030

الخميس ١٠ أغسطس ٢٠١٧

بالأمس القريب، صدر قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بإنشاء هيئة ملكية لتطوير محافظة العلا، أو "عروس الجبال" كما يسميها أهلها والمولوعون بها، لوقوعها في حضن سلسلة من المرتفعات الجبلية المُهيبة حضارةً وتاريخاً. هذه الخطوة المفصلية والمهمة في تأريخ "محافظة العلا" والمملكة ككل، باعتبارها قفزة حضارية وتنموية كبيرة لتحقيق رؤية 2030، أدخلت جذوة البهجة وهدير السرور على قلوب السعوديين وسكان المحافظة، شاكرين "سلمان الحزم" و"محمد العزم" على جميل الاختيار و"الانصاف" المُبين لهذه البقعة التاريخية المضيئة والإرث الإنساني العميق. ليلة القرار وبلغة متحشرجة وغصات طال أمدها في حلق المُستقبَل، يُحّدثْني أحد الأصدقاء من أهالي العلا عن مدينة عشقه ومَاضِيه.. "لقد قضيت أعتى وأجمل أيام صباي في العلا، بين حقولها ووديانها وجبالها ومعالمها الأثرية القديمة، وكنت أردد في داخلي: على هذه الأرض ما يستحق الحياة والمستقبل سحراً وأسراً، فأيّان كنت ستلقى منظراً عبقاً، وأيان توغلت في دفاتر التاريخ، تجده في "العلا" متجسداً في لوحات فنية راسخة عظيمة وفاتنة، بدءاً من الحجر ومدائن صالح وديار ثمود، مطرزةً ببيوتٍ منحوتة ومعابد ومدافن أثرية ومعالم شتى..". وللمطلع على تاريخ "العلا الخصيبة" أو"المتحف المفتوح" وعلى مساحة 14 كم تقريباً، يجد أن العديد من القصور والتماثيل والنقوش والآثار لحضارات تعاقبت على أرضها من قبل التاريخ، أشهرها اللحيانية والنبطية، كالقصر الفريد، والبنت والعجوز، ومجلس السلطان، ومقابر…

لمحة من إجابات طلابنا يا سمو الوزير

الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤

في مادة "العلوم" لا تستغرب أن تجد أن مجرى البول أصبح في القلب، وأن ضعف الغطاء النباتي بالقرب من البحار سببه خروج الأسماك ليلاً لتأكله، أما في مواد "الدين" فالضفدع يعد من المشروبات المحرمة، والسر في إخفاء ليلة القدر هو الخوف من قريش! أما شروط صلح الحديبية فهي "ألاّ يتهاوشون مرة أخرى"!، وتعريف القتل العمد هو القتل بـ(العامود)، سواء من الخشب أو الحديد، وقتل الخطأ هو أن يقصد قتل رجل فيقتل آخر! وفي "الجغرافيا" تجد أن شروق الشمس على الرياض قبل مكة؛ بسبب أن الرياض هي عاصمة المملكة! وفي "النحو" يعرف النداء فيها بأن تقول لواحد: "تعال"!. ما سبق إجابات "درام_كوميدية" وضعها بعض طلابنا في أوراق إجابة الاختبارات وبارتجال واضح، تناقلته الصحف وقنوات التواصل الاجتماعي وأجهزة المعلمين والطلاب الهاتفية في مشهد مكرور كل موسم "اختباري" خصب لعرض نماذج متنوعة من غرائب ونوادر التعليقات المدونة على أوراق الإجابات بمنأى عن مادة الاختبار لتسلك طرقاً مختلفة تضجراً من صعوبة أسئلة الاختبار، وأخرى يحفها طابع التودد والاستعطاف، وثالثة يائسة من تجاوز الامتحان، أما المنعطف الأهم فيسلك جانباً "درام_كوميدي" يجعلك تبكي فجيعة مما وصلت إليه الإجابات كدليل على مخرجات تعليمنا المستنزف، بدءاً من الاستهتار بالتعليم، وخذلانٍ لطموح الغد، وأخطاء نحو تعليمنا وطرقه ومناهجه حتى قياسه بتلك الورقة البيضاء "الاختبارات" التي جعلنا منها قصةً تتحكم…

مستقبلنا بين “الفيصل” و”ريجيو إميليا”

الأحد ٠٥ يناير ٢٠١٤

بعد أيام من انتهاء الحرب العالمية الثانية في ربيع 1945، بدأ أهالي قرية "فلا سلا" التي تبعد عدة أميال من مدينة ريجيو إميليا في إيطاليا بعمل خلاق ومبدع، فبعد الخراب الذي خلفته الحرب قرر رجال ونساء القرية بناءَ مدرسة لأطفالهم، فبدؤوا العمل بأموال حصلوا عليها من بيع دبابة وشاحنات وخيول تركها الألمان إبان انسحابهم.. أنجزوها وكتبوا على مدخلها هذا النص المثير :"بعملنا سوياً رجالاً ونساءً، بنينا جدران هذه المدرسة لأننا أردنا مكاناً جديداً ومختلفاً لأطفالنا". وبعد سنوات أصبح "لوريس مالاجوزي" الأب الروحي لهذه المدارس "بقيادته" وتوجيهه لطاقات هؤلاء الأهالي؛ مما أهله لإعداد المعلمات وأخذ دور القائد التربوي ليس في بلدته فقط بل على مستوى إيطاليا والعالم كله!، يقول مالاجوزي: "أنا محظوظ لأنني أذكر القصة كلها بوضوح، لقد كانت الأخبار أن سكان (فلا سلا) بدؤوا بناء مدرسة للأطفال، كانوا يأخذون طوباً من البيوت المهدمة بالقنابل ويستعملونها لبناء جدران المدارس، لقد نُسفت أفكاري؛ ففكرة أن بناء مدرسة ستتجلى لأناس عاديين ونساء وعمال ومزارعين كانت بحق صدمة بالنسبة لي!، أما الصدمة الثانية فإن هؤلاء الناس كانوا يعملون سوياً ويبنون المدرسة طوبةً طوبةً دون مال أومساعدة فنية أوسلطة ولجان ومشرفي مدارس، أو قيادات حزبية. لقد قلب ما فعلوه المنطقَ والتحيز والقواعدَ القديمة للتعليم والثقافة رأساً على عقب، وأعادوا كل شيء إلى المربع الأول، وفتحوا…