محمد يوسف
محمد يوسف
رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين

تخلّف أمريكا

السبت ٢٧ مايو ٢٠٢٣

بعد ستة أيام، قد يمرّ العالم كله بأزمة لا يمكن التكهّن بنتائجها، وهذه المرة أزمة تصل إلى حد الكارثة، ستبدأ في الولايات المتحدة الأمريكية، الاقتصاد الأقوى والأكبر في العالم، وستخلّف وراءها «تسونامي» سيضرب أسواق المال العالمية. المتحزّبون المتلاعبون بمقدّرات شعوبهم، أوصلوا الأمور إلى حافة الهاوية، وجعلوا الكل يستعد إلى مرحلة سيئة، سيكون المتضرّر فيها هو الإنسان العادي والبسيط، كبير السن الذي سيفقد الرعاية الطبية، والمتقاعد الذي ينتظر «فتات» خدمته الممتدّة لثلاثة عقود أو أكثر، ولن يجد معاشه في أول أيام يونيو، فالدولة العظيمة لم يتفق قادة الحزبين المتناحرين على وضع حدّ لخطر التخلّف عن سداد الديون، وهما حزبا «الفيل والحمار»، فتلك شعاراتهم التي يتفاخرون بها، ديمقراطيين كانوا أو جمهوريين، فهذه فرصة قد حانت ليثبت فيها كل طرف أنه الأقوى، فولاء كل متحزّب مملوك للحزب، وليس للوطن، سواء كان الحزب متخلفاً يتبع بلداً مثله، أو كان متحضراً ينتمي إلى الدولة التي تحاسب الآخرين على سجلات حقوق الإنسان والحريّات، والتي تتضمن رعاية البلاد والعباد، وليس وضعهم في حالة قلق، مثل الحالة التي يمرّون بها الآن. بعد ستة أيام، قد يصبح للولايات المتحدة اسم آخر، وإذا لم يوافق رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب على طلب إدارة بايدن الديمقراطية، على رفع سقف الدين، ستكون «الولايات المتخلّفة الأمريكية»، لأنها ستتخلّف عن سداد المستحقات واجبة…

تقاعدهم وتقاعدنا

الأربعاء ٠٨ مارس ٢٠٢٣

الفرنسيون محتجون على نية حكومتهم رفع سن التقاعد من 62 عاماً إلى 64 عاماً، خرجوا إلى الشوارع يوم أمس في 300 مسيرة، شاركت فيها قطاعات كبيرة، مع التهديد بإضرابات عامة! نحن مستغربون من ذلك، لأننا نرى حالياً أن 60 عاماً تحتاج إلى زيادة، رغم أنها في أغلب الحالات لا تحدث فرقاً كبيراً، ونعتبر صاحب الستين شاباً وصاحب خبرة، و«مخه كبير»، ولا نلتفت إلى الحواجب التي أبيضت بعد اللحية والشوارب، ولا ننظر إلى التجعدات على ظهر كفه، ولا إلى الهالات السوداء حول عينيه، ولا نسافر في رحلات «كروز» لرؤية الحيتان والدلافين والجزر البدائية، فقد طوينا العالم في شبابنا، لا، بل منذ طفولتنا، عندما كانت عائلاتنا تقضي الصيف في بلدان ومدن ذائعة الصيت، وفي إجازات الأعياد والمناسبات الوطنية ونصف السنة الدراسية ننتقل بين دول المنطقة حتى نصل إلى القاهرة. مفهومنا للتقاعد يختلف عن المفهوم الغربي، هم يعتقدون أنهم يتحررون من ضغوط الحياة والتزاماتها، ونحن نعتقد أننا «وضعنا على الرف»، هم يعيشون حياة جديدة، ونحن بداخلنا شعور بأننا دخلنا مرحلة «انتهاء الصلاحية»، هم يضعون أمامهم خططاً لرحلات وأعمال حلموا بها في شبابهم ويعملون على تنفيذها بعد تقاعدهم، ونحن نبحث عن «عصا» نتكئ عليها، ونترك لحانا تنمو في كل الاتجاهات، ونبدأ في «العد التنازلي»، وكأننا استلمنا «تذكرة الرحيل» يوم استلمنا قرار الإحالة على التقاعد.…

المناهج ليست عصية

الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣

في المدرسة تصقل اللغة العربية، بأصولها وجذورها، وبقواعدها واشتراطاتها، وبنحوها وصرفها. هناك يتعلم الطفل لغة القراءة والكتابة، ومنها يلج إلى عالم الثقافة والفكر، هناك شيء مختلف، فالبيت وضع الأساس، والمدرسة تفتح الآفاق، وتنقل الأبناء من العامية إلى الفصحى بسلاسة، حيث إن الركيزة الأساسية متوافرة، وعندما كان تعليمنا واضح المعالم، وكانت اللغة العربية في مقدمة المتطلبات، عندما كان كل ذلك موجوداً، امتلأت ساحتنا الأدبية والفكرية والعلمية برواد قادوا البدايات وتميزوا. خرجت المدارس، ومن بعدها الجامعات، من لا يحتاجون إلى كلمات أجنبية حتى يوصلوا أفكارهم، لأنهم متمكنون من لغتهم، ويعرفون أنها ثرية بالمعاني والمرادفات، بخلاف ما يحدث الآن من استعارة للوصف والتعبير من لغات أخرى، وهذا ناتج عن العبث الذي مرت به مناهج لغتنا في المدارس، والذي بدأ بفئة تلتها فئات حاولت فرض رؤيتها وقناعاتها، رغم أن بعضها كانت نواياها حسنة، ولكنهم خرجوا عن المسار الصحيح، ثم تدخلت «الاستشارات» الأجنبية فزادت الطين بلة! وقد وصلنا إلى مرحلة جدل دائم حول تدريس لغتنا في مدارسنا، من حيث المحتوى والحصص المعتمدة، فنحن لا نزال نجرب، حسب ما سمعنا من ردود مسؤولة، وهذا لا يجوز، بعد كل ما حققناه في كل المجالات من تقدم وتطور واستقرار، لا يجوز أن تكون اللغة العربية في مختبرات التجارب، بعيداً عن أهل الاختصاص، وبالتأكيد أقصد «أهل اللغة»، أولئك الذين…

هي هويتنا

الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٣

يقال إن اللغة الحية لا تموت، فما بالكم بلغة القرآن، خاتم الرسالات السماوية إلى البشر؟! هي محفوظة بين دفتي كتابنا المنزل من رب العالمين، هي لغة تسري كما يسري الدم في العروق، لغة ينطق بها كل من آمن بالإسلام ديناً ومحمد رسولاً، عليه أفضل الصلاة والسلام، من ينطقون بها، ومن لا ينطقون، حفرت في قلوبهم، ويرددونها في صلواتهم، وأول ما يتذكرون في فرحهم وحزنهم، «بسم الله» تسبق كل فعل من أفعالهم، و«السلام عليكم» إشارة الأمان منهم إلى كل من يصادفهم. هي العربية، لغتنا، ولغة مليار ونصف المليار من البشر، تسمعها إذا ذهبت إلى مدينة أو قرية، في سفح جبل أو على شاطئ، وسط أرياف أوروبا وأستراليا وفي غابات الأمازون، وفي شوارع باريس ولندن ونيويورك، وتراها بكلماتها العذبة تردد في أقصى الشرق، في جاكرتا وكوالالمبور وبانكوك ومانيلا، وفي وسط آسيا، وفي كل تلك المنطقة حتى موسكو وبكين، وتسمع كلماتها وعباراتها في سواحل إفريقيا الشرقية والغربية، وفي أعماقها، في أوغندا والكونغو والسنغال ونيجيريا حتى جنوب إفريقيا. هي اللغة العربية الحية التي كرمها رب العزة وجعلها لغة كتابه الكريم، لا نخاف عليها، لأنها محفوظة بمداد من نور، في الكتاب المكنون، المحفوظ من رب العزة، لا نخاف عليها، فهي باقية إلى «يوم يبعثون»، ونعلم بأن هناك من يخشون تأثيرها، ترعبهم قوة حروفها وكلماتها، ويتمنون…

«شياطين أرضية»

الخميس ١٦ فبراير ٢٠٢٣

ما الذي يحدث هناك في الشمال الغربي من الكرة الأرضية؟ ما هي تلك الأجسام الطائرة التي تسقطها الولايات المتحدة؟ ومن أين أتت؟ من الداخل أم من الخارج؟ صديقة أم عدوة؟ ألعاب ترفيهيّة أم وسائل تجسّس؟ في بداية هذا الشهر عشنا بضعة أيام مع المنطاد الصيني الذي «فك من عقاله»، ووصل إلى كندا ومنها إلى الولايات المتحدة، وقضى ثلاثة أيام في رحلة جوية سياحية، حتى اتخذ الرئيس بايدن قرار إسقاطه حينما اقترب من البحر، ولم يخبرنا أحد منهم، أياً من الأجهزة المعنية بالأمر في الدولة العظمى، هل كان «المنطاد» يحمل أجهزة تجسس؟ وهل كان مرسلاً بنيّة غير حسنة، أم أنه، كما قالت الصين، وسيلة علمية مدنيّة اعتدت عليها الولايات المتحدة حينما تعاملت معها عسكرياً، وطالبت بمحاسبتها على هذا التصرّف؟! إنهم صامتون، بعد كل تلك الضجة لم يقولوا لنا شيئاً، رغم أن العالم يستحق أن يعرف، فهو معنيّ بما يحدث في أيّ بقعة منه، وخاصة بعد حالة القلق التي أثيرت في الإعلام، وما قيل من توقّعات لاحقة، بطلتها الصين، وأدواتها «مناطيد» وأجسام تحلّق في الفضاء، مع التأكيد التام أنها محمّلة بأجهزة تجسس دقيقة ومتطوّرة، وها هم يغلقون الأجواء، ويصطادون أشياء لا يفصحون عن ماهيّتها، يقولون إنها أجسام، وليست «مناطيد»، ويتجاهلون الرأي العام في بلادهم، وهو من يتغنّون به حينما يريدون، لا يقدّمون…

العاقل لا يعبث بالنار

الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠٢٣

تطول الحرب في أوكرانيا، ولا يلوح في الأفق أن هناك من يسعى إلى إطفائها، بل على العكس، فالحطب ما زال يلقى في أتون النار حتى تزيد اشتعالاً. دبابات «أبرامز» وغيرها في طريقها إلى الأراضي الأوكرانية، وهي دعم متفق عليه بين ألمانيا والولايات المتحدة، وسيكون انضمامها للقتال على الجبهات بمثابة استدراج روسيا إلى الدفع بأسلحة جديدة لم تستخدمها بعد، ويتوقع العارفون بالخفايا أن يقترب الوضع من حافة الانتشار، خاصة بعد أن توقعت بعض المصادر استخدام الدبابات قنابل فسفورية، ولو حدث ذلك، وسقطت بعض تلك القنابل على الأراضي الروسية، قد تلجأ إدارة بوتين إلى تنفيذ تهديدها السابق باستخدام قنابل نووية تكتيكية، وقد كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أكثر وضوحاً من الآخرين، عندما قال إن الدبابات قد تجلب القنابل والأسلحة النووية إلى هذه الحرب العبثية. ذلك تطور يقود إلى مرحلة جديدة، والوضع لا يحتمل مزيداً من التصعيد، خشية أن تمتد النيران إلى دول الجوار، فإذا حدث ذلك كانت أوروبا كلها عرضة للدخول في مواجهة علنية مع روسيا، خاصة بعد تصريحات وزيرة خارجية ألمانيا بأن «أوروبا في حالة حرب مع روسيا»، قبل أن تعود وتستدرك وزارتها الأمر، معلنة بأن أوروبا ليست طرفاً في الحرب، وكان ذلك بعد يوم واحد من اعتماد الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا، والمعروف بأن هذه المساعدات في الأغلب…

خليجنا في البصرة

الإثنين ٠٩ يناير ٢٠٢٣

تسعدنا دورات كأس الخليج، نفرح بها، ونتابعها حتى وإن كنا غير مهتمين بكرة القدم، تناقلنا هذه المشاعر من جيل إلى جيل، أحببنا أسماء لمعت، وتشاركنا في بيوتنا المناقشات، رجالاً ونساء وأطفالاً، متعتنا تختلف عن تلك المتع التي نعايشها ونحن نشاهد كأس العالم أو بطولة الأندية الأوروبية أو كأس أوروبا أو كأس آسيا، رغم أن منتخباتنا الخليجية تشارك في البطولة الأخيرة، ولكن طعمها لا يشبه طعم كأس الخليج العربي. هناك في كأس العالم أو الكأس الأوروبية عمالقة كبار ليس لهم مثيل، مبدعون، ويتصدرون أخبار العالم، هناك الفن الكروي، ومع ذلك لا يقارنون بدورتنا الإقليمية التي لم يعترف بها «الفيفا» حتى الآن، هنا شيء آخر، هنا الحب والعشق والهوية والانتماء، هنا يشعر كل واحد منا بأن قلبه هو الذي يلعب، وروحه هي التي تحلق مع الكرة، هنا تاريخ يتوارثه الابن عن أبيه، هنا الاعتراف الحقيقي، ومن لا يصدق ينظر إلى زخم القنوات الرياضية في الدول المشاركة بالبطولة المقامة الآن بالبصرة، مدينة العراق الخليجية، تلك التي كانت مركز التجارة قبل الكرة والنفط للخليج كله، حيث يأتينا كل شيء، أكل وملابس وكماليات كان كبارنا يتغنون بها. عيوننا شاخصة نحو البصرة، وعيون العراقيين يُقرأ الفرح من بين أهدابها، فهذه الدورة التي سيفوز بها فريق واحد لا تحصر نفسها في ذلك المستطيل الأخضر، ولا تحصي الأهداف…

عساها سنة خير

الإثنين ٠٢ يناير ٢٠٢٣

انتهت «سنة العودة»، ويفترض أن تكون السنة الجديدة والتي نعيش ثاني أيامها «سنة الانطلاق»، ولكن هناك من لا يريد ذلك. 2022 أعادت البشرية إلى الحياة الطبيعية، بعد عامين مظلمين، وضعا العالم كله تحت رحمة قيود لم يعرفها أبداً، بهذه الصورة الكاملة الشاملة لم يحدث أن تسببت جائحة ناتجة عن فيروس غير معروف في توقف الأنشطة الفردية والجماعية، المهنية والترفيهية، الضرورية والكمالية، فقد كنا نسمع من قبل عن بلدة انتشر بها مرض الكوليرا أو الجدري أو الطاعون، وينصح بعدم الذهاب إليها، ويمنع أهلها من مغادرتها، ويعيش الآخرون حياتهم الاعتيادية، مع بعض الإجراءات الاحتياطية في البلدات أو الدول المجاورة، أما هذه فقد طالت أضرارها كل بقاع المعمورة، وتفاءل الجميع عندما بدأت القيود ترفع حتى كادت أن تختفي، وتوقع المختصون أن تكون سنة 2023 انطلاقة جديدة للبشرية. وتطايرت التوقعات والمؤشرات، وهي تحمل كماً كبيراً من التشاؤم، وللأسف، علينا أن نصدقها، لأنها صادرة عن مؤسسات مالية ومجموعات اقتصادية، ومراكز تقييم وإعداد بحوث ودراسات وخبراء متخصصين، اتفقوا على أن النمو العالمي سيتراجع، وأن ركوداً اقتصادياً على الأبواب، وستعجز بعض الدول عن توفير الغذاء لشعوبها، وستعلن دول أخرى إفلاسها، وستغلق مصانع وشركات ومؤسسات كبيرة، وسيزداد عدد الفقراء في العالم، وتتضاعف الهجرة غير المشروعة، وقائمة لا تنتهي فيها من السواد ما يكفي ليقتل الأمل ولا أقول التفاؤل!…

أعجزتنا الجائحة

الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٢

العالم بحاجة إلى تفسير مقنع لما يحدث مع كورونا. نحن في عصر الذكاء الاصطناعي و«الميتافيرس»، وشيء ثالث لا أذكر اسمه، ولكنني قرأت أنه سيريح الكتاب والباحثين والمحللين، ويخفف عنهم التفكير وبذل الجهد لجمع المعلومات، وعصر «أمخاخهم» ليجمعوا ما يراودهم حول موضوع ما، ثم يصيغونه ليربطوا فكرة بفكرة، وما عليهم إلا تقديم «رؤوس أقلام»، ثم يتركون الأمر للتطبيق ليخرج مقالاً أو بحثاً أو دراسة، ثقافية أو سياسية أو علمية أو رياضية أو اقتصادية، ويقال إنه تطبيق سيحدث ثورة. وسيترك الآلاف دون وظائف، وأذكره جيداً لأنني قد أكون من المتأثرين لو نزل هذا التطبيق، وكثيرون غيري، خصوصاً الذين يؤجرون أقلامهم للآخرين، مقابل مبالغ ضئيلة أو وظيفة من خلف الكواليس، وهم يكتبون وغيرهم يضعون تواقيعهم في الأسفل، كلنا سنكون بلا فائدة ما دام ذلك التطبيق سيوفر مقالات محكمة، بلا أخطاء إملائية أو نحوية، ولا «هنات» في التعبير، ولا قصور في إيصال المعلومة، وآخرون سيبعدون الحرج عن أنفسهم، وسيقدمون كتباً تثري المكتبات دون أن يفتضح أمرهم، فالتطبيق لا يتحدث ويثرثر على المقاهي ويكشف المستور! أقول لكم، دعونا نعود إلى كورونا وكل ما صاحبتها منذ بداية سنة 2020، فأمرها محير، ولم تمض ثلاثة أيام على إعلانات الصين عن إصابات يومية تدخل في خانة المليون، أي الأصفار الستة، وتهويل وكالات أنباء الغرب وصحفها، وبيان منظمة الصحة…

السودان ينتصر

الأربعاء ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٢

يحاول السودان أن ينفض ما علق به من فترة حكم جماعة الإخوان ومن يؤيدها، والتي استمرت ثلاثة عقود انتهت بحراك وطني قادته قوى الحرية والتغيير حتى تحرك الجيش وأسقط البشير قبل حوالي ثلاثة أعوام، ولكن القوى الوطنية تصادمت مع بعضها، واستمرت المجموعات الإخوانية المتمكنة من مفاصل الدولة في إحداث الفوضى والعمل على العودة إلى الواجهة. وبالأمس تجلت الإرادة الوطنية، وحسمت الخلافات من قبل الرجال الذين يعملون من أجل السودان، وليس من أجل تنظيماتهم وأحزابهم ومصالحهم الشخصية، فأوفى البرهان و«حميدتي» بوعودهما، وسلما مع مجلس السيادة والمؤسسة العسكرية بكل فروعها إدارة البلاد إلى المكون المدني المتمثل في قوى الحرية والتغيير، تمهيداً للإعداد المنظم لانتخابات عامة يختار فيها الشعب السوداني من يرى أنه جدير بقيادة السودان إلى مرحلة استقرار وتنمية. يستحق السودان بعد عقود من تفرد جماعة الإخوان الفئوية، التي مزقت الدولة، وفرقت ناسها، ونهبت خيراتها، وتسببت في انفصال جنوبها، أقول لكم، يستحق السودان الاستقرار والالتفات إلى مرحلة إعادة البناء، وحماية الأموال العامة والثروات الوطنية، والعودة وبكل قوة إلى دوره الفاعل في محيطه العربي والأفريقي، فهذه مرحلة مهمة تتطلب اتحاد جميع القوى والمكونات الوطنية على كلمة واحدة، وهي «الوطن». السودان بشعبه كان ولا يزال ذخيرة الأمة وعمقها في قلب أفريقيا، وكان منارة علم وتحضر، ولكن الذين تكالبوا على حكمه وتبديد ثرواته أعادوه إلى…

عزنا وفخرنا

الأربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٢

اليوم نتذكر شهداءنا الأبرار، أبناء الوطن، الذين جادوا بأرواحهم في ساحات الواجب وهم راضون كل الرضا، ليرتقوا إلى جنة الخلد مع الصديقين، وهم باقون في قلوبنا، لا ننساهم، ولا يمر يومهم دون أن يحتفل الوطن ويحتفي بما قدموه من أجله، ونترحم عليهم. وفي الغد نحتفل، وهذا حقنا، عندما نتلفت حولنا نقف ونتذكر، ونحمد الله، نحمده لأنه وفر لنا من نعمه الكثير، ونحمده لأنه وهبنا قادة يزنون الأمور بموازينها، ولا يفعلون إلا ما ينفع شعبهم ووطنهم وأمتهم، نحمده لأنه اختار سبحانه وتعالى زايد، طيّب الله ثراه، على رأس هذه البلاد، ليعمل بإخلاصه وجهده وطموحاته ورؤيته للمستقبل ما لم يعمله غيره، نحمده أن سخر له عضيداً شد من أزره، ووقف معه وقفة الرجال عند الشدائد، ولم يتوان لحظة واحدة منذ أن وضع يده في يد أخيه، إنه راشد، عليه رحمة الله، الذي بنى وطناً يتفاخر به أبناؤه وأحفاده، ونحمده أن جعل قلوب حكام الإمارات كلها على قلب رجل واحد، هو زايد، فقاد زايد السفينة باقتدار. نحتفل باليوم الذي صفت فيه النوايا وسادت المحبة بعد أن تلاقت الأرواح الساعية إلى عزة هذا الوطن ومجده، الثاني من ديسمبر يوم أشرقت فيه الشمس ولم تغب، انظر حولك، متع كل خلايا فكرك وذاكرتك، وعد إلى الوراء، عد خمسين عاماً وفوقها عام آخر، يوم أن كانت العيون…

ما زال الحذر مطلوباً

الخميس ١٠ نوفمبر ٢٠٢٢

وماذا بعد المباركة والتهليل؟ هل نلغي الاحترازات الشخصية ونتصرّف وكأن شيئاً اسمه «كورونا» لم يكن موجوداً؟ نذهب إلى المراكز التجارية دون حذر، وننسى الكمامات والتعقيمات، ونحشر أنفسنا وسط التجمّعات، فالجهات الرسمية قالت إن جميع القيود والإجراءات الاحترازية قد ألغيت، هكذا يقول البعض، رغم أن أحداً منا لم يسمع أن كورونا قد انتهت، «زالت هي وأذاها»، بل ما قيل انحصر في انخفاض عدد المصابين، وسرعة الشفاء، لكنها موجودة، الفيروسات ما زالت تحلّق في الأجواء، تضرب هذا، وتقاوم تطعيمات ذاك، وما زال هناك من ليست لديهم مناعة، يدخلون المستشفيات، ويتضرّرون من جراء التقاطهم المرض أو الوباء، وكبار السن عرضة للإصابة إذا لم يحتاطوا. علينا الحذر وعدم التهاون، التجارب طوال الأعوام الثلاثة علّمتنا ذلك، فمن يضمن مجتمعه لا يضمن المجتمعات الأخرى، ومن يعرف أهله لا يعرف رواد المناسبات والأسواق والمطارات والطائرات، نحن كأفراد نتحمّل المسؤولية اليوم، ننتبه لخطواتنا وللأماكن التي نزورها، ولا أقول هنا أن نقيّد أنفسنا، بل أدعو إلى الاحتفاظ بعلب الكمامات المكدّسة في البيت والسيارة، ونستخدمها في أي مكان يساعد على انتقال فيروسات كورونا، أن نضع الكمامة لأنها ستنفعنا، وليس في استخدامها أي ضرر، وأن نتريّث قليلاً في «السلام الساخن»، نؤخره لفترة كما فعلنا منذ بدايات عام 2020، ولا أتحدّث عن السلام بالكوع أو قبضة اليد، لا نريد العودة إلى مرحلة…