السودان ينادي

آراء

ومن السودان تأتينا الأنباء، تشريد وجوع وأمراض، وطفل يموت كل ساعة.

نواقيس الخطر قد دقت، وآذان المتحاربين صمت، هذا يناور، وذاك يبحث عن شبر يختطفه ليوسع سلطته، ويكمل مشروع جبروته، وكل واحد يعتقد بأن الحق معه، بل يدعي ذلك، والحق بين، كما الباطل بين، فالحق للسودان أرضاً وشعباً، يريدان أماناً وعيشاً كريماً، ويسألان عن غاية من سرقوا منهم الاطمئنان.

شغلتنا عنهم غزة، فهناك المجزرة علنية، مسلطة عليها الأضواء، ومشاهدها تثير الحمية، وهناك مدنيون عزل، وجيش مغتصب وغاشم ينشر بذور الكراهية، هناك شعب ضعيف وعدو مدجج بالسلاح، هناك قضية كادت أن تكون أبدية، خطفت الأنظار فأدرنا ظهورنا للسودان، قلنا إن الإخوة مختلفون، وغداً يتصالحون، وقلنا إنه رمضان، شهر الخير والبركة، وشهر مراجعة النفس ومحاسبتها، فيه تحبس الشياطين، وتفيض القلوب بالرحمة، وتفتح الأبواب لمداواة الجراح، وتطييب خواطر الأهل، أهل المتحاربين، تشرع حتى تصل إليهم أيادي الخير، بغذاء يسد الجوع، وبدواء يبعد الأمراض، وماء نقي يشرب، وخيمة تظلل على العاجزين ومن لا حول لهم ولا قوة.

ولم يحدث كل ذلك، عادت المدافع لتتحدث نيابة عن القادة، وزادت المأساة، واتسعت رقعة مخيمات اللاجئين، فما زال شياطين البشر يتحينون الفرص، ويستبيحون حرمات أهلهم في وضح النهار، وقت الصيام، ويتفاخرون بتحرير محطة إذاعة أو دوار وسط المدينة، والناس تموت، فأحفاد إبليس هناك، من لم تسلم منهم بلاد، إن تمكنوا، وإن وجدوا الفرصة سانحة لهم، أخرجوا كل الشر الكامن في قلوبهم، فهم ومنذ بروزهم بأوامر المحافل السرية لا يجلبون غير الدمار، لأنهم «أخوان».

أهلنا في السودان بحاجة إلى التفاتة، ينادون على الكرام الذين يعرفون جودهم، أهل الشهامة والنخوة، ليخففوا من آلام شعب كتب عليه أن يكون ضحية أطماع أبنائه.

المصدر: البيان