سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

الموظف ابن سلول!

الجمعة ١٣ فبراير ٢٠١٥

«يا عائشة ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيراً دلّهم على باب الرفق». حديث شريف عبدالله بن أبي بن سلول، كبير المنافقين ورأسهم، آذى الرسول، صلى الله عليه وسلم، وخاض معه صراعاً، وبموته انحسرت حركة النفاق. هذا ما عرفناه حينما كنا صغاراً، وقليلون هم الذين عرفوا أنه حين مرض وقربت ساعة وفاته، عاده المصطفى في بيته، فطلب ابنُ سلول منه أن يكفن بقميصه، فوافق عليه السلام. قال عبدالله بن عباس: سمعت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يقول: لما توفي عبدالله بن أبي بن سلول، ودعي رسول الله للصلاة عليه، فلما وقف يريد الصلاة عليه، قلتُ: يا رسول الله أتُصلي على عدو الله! القائل يوم كذا، كذا وكذا؟ ورحتُ أعدِّد أيامه، ورسول الله، عليه السلام، يبتسم، حتى إذا أكثرتُ عليه قال: «أخِّر عني يا عمر، إني خُيرت فاخترت، وقد قيل لي: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾، فلو أعلم أني إن زدتُ على السبعين غُفِر له لزدت»، ثم صلى عليه. للأسف، ثمة موظف «سلولي» سلبي، تعيش معه سبع ساعات يومياً، يؤذيك عامداً متعمّداً، ويسعى لتثبيط همتك، ويسبب لك مشكلات أنت في غنى عنها! لكن ما الحل مع هذا الصنف؟ عندما نرجع إلى موقف رسولنا الكريم مع ابن سلول، نستطيع أن…

«فكرة» غير محفوظة الحقوق!

الجمعة ٠٦ فبراير ٢٠١٥

العمل لا ينبع من «فكرة»، بل من استعدادك لتحمّل المسؤولية ــ بونهوفر «تيم بيرنرز لي» هو أحد الذين جعلوا حياتنا أسهل، بل هو الذي جعل العالم قرية صغيرة، ففي 1989 أطلق مشروعه الإنترنت مع أول سيرفر ومتصفح، بعدها بعامين أضاف الرمز www وأطلق أول موقع على الشبكة العنكبوتية. هذا العالِم (مخترع الويب) سيحل ضيفاً على الشارقة، الأسبوع المقبل، في منتداها العالمي للاستثمار المباشر، وهي فرصة لمعرفة فكره. من الأخبار المفرحة تصريح المدير العام لحكومة دبي الذكية، أحمد بن حميدان، بقوله: «إن المبالغ المحصلة عبر الدفع الإلكتروني لمصلحة الجهات المشتركة فيه بلغت نحو سبعة مليارات درهم، ومع نهاية ديسمبر الماضي نُفِّذَت أكثر من خمسة ملايين معاملة إلكترونية بنسبة زيادة 25% مقارنة بتلك المحصلة في عام 2013، وارتفاعاً بنسبة 16% في عدد المعاملات المنفذة». وممّا يبعثُ على الارتياح وجود زيادة في الجهات المشتركة في الخدمة، إذ ارتفعت لتصل إلى 30 جهة. الخدمة لا تقتصر على تسهيل عملية الدفع، بل لها فوائد أخرى، كتخفيف الازدحام على الطرق، وتحقيق الاستدامة لبيئة خالية من التلوّث. وثَمّة خبر آخر يدعم هذا التوجه، إذْ أعلنت شركة «نتورك إنترناشيونال» المتخصصة في تزويد حلول الدفع الإلكتروني أنّ قيمة الدفع باستخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم، خلال عام 2014، بلغت في الإمارات 130 مليار درهم! الفكرة: وجود القناة يفسح المجال لدعم…

تخطيط سكاي دايف!

الجمعة ٣٠ يناير ٢٠١٥

عندما تم ترشيح زميلي عبدالله الخياط ليكون ممثلاً لجهة عمله في «سباق بناة المدينة»، الذي أعلن عنه في شهر ديسمبر الماضي، ظن أنه ذاهب لحضور اجتماعات تقليدية، وسيتداولون خلالها مناقشات مألوفة، وقد تخرج منها أفكار تجديدية بعيدة قليلاً عن القديم، لكنه وقبل 24 ساعة من موعد التجمع فوجئ برسالة نصية تطلب منه أن يرتدي الملابس (الكاجوال) والحضور إلى مكان لا يحاكي القديم بالمرة، وهو سكاي دايف ذا بالم، وفوجئ أكثر عندما وصل وشاهد كيف تم إعداده بصورة ابتكارية مبدعة. المهندس أحمد البدواوي، عضو الفريق المنظم لهذه الفعالية، يقول: الإعداد لهذا التجمع بدأ منذ أشهر، وكان علينا أن «نفكر خارج الصندوق»، بحيث نأتي بفكرة جديدة، ومكان جديد، وبرنامج جديد لم يعهده الحاضرون من قبل، لذلك قمنا بحصر جميع الخدمات المشتركة بين الدوائر التي بلغت 190 خدمة، ثمّ حدّدنا أهم 12 خدمة، على أن نقيم ثلاثة معسكرات في السنة، كل معسكر يعمل على تطوير أربع خدمات رئيسة. يكمل المهندس أحمد: إن اختيار مكان التجمع كان خارجاً عن العرف والعادة؛ لهدف، إذْ كان خالياً من العمران، لنرسل رسالة للمشاركين مفادها «بأفكاركم سنستمر في سباق بُناة المدينة». جميع من شارك في هذا التجمع أبدى سعادته بالساعات التي قضاها ـ ومن لم يحالفه الحظ في الحضور تمنى لو كان من ضمن المشاركين (أنا واحد منهم)…

عام الدكتورة نوف!

الجمعة ٠٩ يناير ٢٠١٥

مهما كان القادم مجهولاً، افتح عينيك للأحلام والطموح، فَغداً يوم جديد، وغداً أنت شخص جديد ــ علي الطنطاوي هي الصغرى بين إخوتها، كانت متميزة دراسياً، وعلى الرغم من شقاوتها حصلت على نسبة 95% في الثانوية العامة. وكان والدها حسن المعيني (رحمه الله) من أوائل الذين مارسوا مهنة التمريض في الدولة، لقد أحبت مهنةَ أبيها الإنسانية، وزيّه الأبيض الجميل، ومن هنا بدأ الشغف بدراسة الطب، فالتحقت بكلية دبي الطبية للبنات دون تردّد. وبدأت أولى خطوات تحقيق الحلم، لكنها ــ وهي في السنة الثالثة عام 2006 ــ بدأت تعاني أعراض الحمى والزكام والإرهاق الجسدي، وكان تشخيص الطبيب بأنها أعراض طبيعية ستزول بالمضادات الحيوية، إلا أنها لم تَزُل ولم تنتهِ بل ازدادت سوءاً، وبعد بضعة أشهر تم اكتشاف إصابتها بمرض نادر من أمراض الروماتيزم! في تلك الفترة الحَرِجَة قدر الله أن يمرض والدها ثم وافاه الأجل (رحمة الله عليه)، وهنا تدهورت حالة نوف، ثم دخلت في غيبوبة فأبلغ الأطباءُ أهلَها بأن «يترحموا عليها»، ولكن فضل الله وكرمه كان كبيراً فقد عادت إلى الحياة بعد أيام ليتم نقلها على وجه السرعة إلى لندن، وهناك تأكدتْ خطورة حالتها وإصابتها بالغرغرينا، فقرّر الأطباء بتر رجليْها على وجه السرعة. تقول نوف: خلال الأشهر الستة الأولى أجرِيتْ لي 40 عملية جراحية! بالرغم من مرارة هذه الظروف وقساوتها لم…

من غطفان إلى المدير!

الجمعة ٠٢ يناير ٢٠١٥

نقض يهود بني النضير عهدهم مع رسول الله وحاولوا قتله، فاضطر عليه الصلاة والسلام إلى محاصرتهم وطردهم خارج المدينة المنورة. لم يسكت بنو النضير على هذا الهوان، فجمعوا القبائل في جيش واحد (الأحزاب) لغزو المدينة، وهنا حدث هذان الموقفان: الموقف الأول: الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يجمع صحابته ويشاورهم، فيقول الصحابي الجليل سلمان الفارسي: يا رسول الله، إنا كنا ــ بأرض فارس ــ إذا تخوّفنا الخيل، خندقنا علينا، فهل لك يا رسول الله أن تخندق؟ فأعجب رأيُ سلمان المسلمين. وحينذاك قال المهاجرون: سلمان منّا، وقالت الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله: «سلمان منّا أهل البيت». الموقف الثاني: عندما اشتدّ الحصار طلب رسولنا الكريم مفاوضة قبيلة غطفان للانسحاب من الأحزاب، بشرط أن يدفع لهم ثلث ثمار المدينة لمدة عام، فوافقوا، إلا أن الحبيب محمداً لم يوقّع على الاتفاقية مباشرة، بل نادى أصحابه ليستشيرهم، فقال السعدان (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة): يا رسول الله، أمراً تحبه فنصنعه، أم شيئاً أمرك الله به لابدَّ لنا من العمل به، أم شيئاً تصنعه لنا؟ فقال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنعُ ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردتُ أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما، فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد…

المصرفي إبراهيم!

الجمعة ٠٥ ديسمبر ٢٠١٤

ذات يوم، ذهبتُ لأخذ أبنائي من المدرسة بعد انتهاء دوامهم ـ وكنا حينذاك مقيمين في مانشيسترـ فشاهدتُ هناك طلبة أكبر سناً، سألت أبنائي عن سبب الزيارة؟ فقالت ابنتي شيخة: هؤلاء في الصف الثامن ولديهم طموح بأن يكونوا مدرسين في المستقبل، وآتوا للاستفادة من خبرة مدرسينا! وبما أنّ الشيء بالشيء يُذكر، فقد تذكرت هذا الموقف وبطل مقال اليوم (إبراهيم)، وهو يقول لي: حينما تجاوزتُ مرحلة الدراسة الثانوية، وجدتُ جميع الطلبة يرغبون في أن يصبحوا إما مهندسين وإما ضباطاً وإما دكاترةً! فوقعت قرعتي على مهندس! حين لم يكنْ ثمة موجه ولا مساعد في التخطيط لمستقبلنا! يكمل إبراهيم، فيقول: على الرغم من نسبتي المتوسطة في الثانوية (74%)، إلا أن الله يسر لي بعثة إلى أميركا فاخترت «الهندسة الميكانيكية» وعانيتُ كثيراً صعوبتها ـ في السنتين الأوليين ـ إذ كنتُ أحصل «يا دوب» على معدل B ومع بداية السنة الثالثة بدأت في أخذ بعض المواد في مادة الإدارة التي أحببتُها ووجدتُ فيها نفسي، ثم حاولت تغيير التخصص لكن الوقت كان متأخراً جداً، فاستكملتُ دراستي وعدتُ أدراجي إلى بلدي «مهندساً» في إحدى شركات النفط. تم تعييني في ابريل 2002 بعدها بشهر وضعت خطة لخمس سنوات مقبلة، أهم ما فيها أن أكمل دراستي بالحصول على شهادة الماجستير في المجال الذي أحببته «إدارة الأعمال»، وهدف آخر مهم وهو:…

عبدالله في 10 دقائق!

الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

قد لا يعلم الأستاذ عبدالله المديفر أنني أعرض كلامه ــ الذي خاطب به الجمهور في تيدكس الرياض ــ لكل دفعة أقوم بتدريسها في أكاديمية شرطة دبي. ولا يعلم أنه ساعدني ــ من حيثُ لا يدري ــ في تقديم محاضرة «ترومون» لموظفي بنك دبي الإسلامي قبل أيام، وفي الحوار الذي أعقبها حول «الإيجابية» في حياتنا. لقد سُجّل كلامه في مقطع فيديو من 10 دقائق، هي بمعيار الزمن قليلة لكنها بمعيار حياتنا كثيرة وطويلة. أولى قواعد عبدالله قوله: إن عمر الإنسان الذهبي هو 30 سنة؛ ما بين 20 و30 يعمل ليتعلم، ومن 30 إلى 40 يعمل لينجز، ومن الـ40 حتى يناهز الـ50 يعمل ليربح، وحينها تكتمل قاعدة النجاح، لكنّ النجاح لا يتحقق بهذه البساطة. في عام 2005 جلس عبدالله مع نفسه وأخذ ورقة وقلماً وراح يكتب: في عام 2013 سأقدم برنامجاً حوارياً! ليجيب على سؤال مهم يتجاهله الكثيرون، هو: وين رايح، وين ساير، في رحلة هذه الحياة؟ وبعد أن عرف عبدالله وين ساير، بدأ «يشتغل» خلال هذه السنوات على نفسه ــ كما يقولون بالعاميّة ــ بحضور الدورات التدريبية واكتساب الخبرة والمعرفة، حتى واتته الظروف في عام 2011 فطرق الباب واستغلّها وحقق حلمه. وهذا درس آخر يخبرنا به عبدالله بأن نطرق نحنُ أبواب الفرص، ولا ننتظر قدومها؛ فقد لا تأتينا أبداً. منْ يشاهد…

الأسرار السبعة!

الجمعة ١٤ نوفمبر ٢٠١٤

على متن الطائرة بتاريخ 23-7-2001 مع بداية رحلتي العلمية لدراسة الماجستير في الولايات المتحدة، حدث لي موقف طريف لكنه لا يخلو من ألم، فعندما وزّع المضيف بطاقة الجمارك الأميركية لتعبئتها قبل الهبوط اكتشفتُ أنني لا أحمل قلماً، أصدقكم القول: كنتُ متردداً في سؤاله عن معنى القلم، Pen أم Pencil! ولا أكتمكم سراً فقد كانت اللغة الإنجليزية بمثابة «عقدة» لي منذ الصغر، وكان حلمي ـ حينذاك ـ أن أقرأ رواية باللغة الإنجليزية، ولذلك عندما سَنَحَت لي فرصة استكمال الدراسات العليا قررت أن تكون في دولة غربية؛ عسى أن أحقق هذا الحلم! اليوم أصبحت اللغة الإنجليزية أساسية للتوظيف واستكمال الدراسة؛ لذا أجرَتْ كريستين آبارتا مقابلة لمجموعة من خبراء الترجمة في موقع TED العالمي واستنتجت منها سبعة أسرار تعين على تعلم لغة جديدة. - ابدأ اليوم ولا تنتظر الغد، ابدأ بحفظ الكلمة نطقاً ومعناها تعريفاً، ثمّ تعرف إلى القواعد، وانطلق بـالتحدث مع الآخرين. - اليزابيث بوفارد التي قضت 27 عاماً في تدريس اللغة الإنجليزية، تقول: اكتشفت أن الطالب الناجح في اللغة هو الذي يجعل من تعلمه للّغة أسلوب حياة و«عادة» لا تنقطع. - كلما زاد استخدامك للغة في تفاصيل حياتك، زادتْ نسبة إجادتك لها؛ لذا، تحدث بالإنجليزية كلما أمكن، واقرأ لأطفالك قصصاً بها. - اجعل الإنجليزية هي اللغةَ المستخدمة في هاتفك الذكي وحاسوبك…

عن «جمال» أكتب!

الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤

قبل الكتابة عن (جمال) لابد من كلمة شكر إلى مجموعة جميرا على تفاعلها المباشر مع مقال «دو خمس نجوم»، حيث تم التواصل معي لتوضيح الإشكال بأن الأمر كان مجرد تصرف فردي وليس من سياسة المجموعة، وفي مبادرة طيبة قاموا بإرسال منتجات المجموعة إلى صديقي (محمد). وبالعودة إلى (جمال) صاحب الشخصية الاجتماعية المرحة، الذي عرفته في المرحلة الثانوية خلال دراستنا في مدرسة أحمد بن حنبل بالشارقة، فقد كان «رياضياً» عاشقاً لكرة القدم، إذْ لعب في الفريق الأول بنادي الشارقة منذ موسم 89 -90 لمدة ثلاثة مواسم، أذكر أنه كان متألقاً بشكل لافت. يقول (جمال): توظفتُ بعد حصولي على الثانوية في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وظللتُ أمارس هوايتي كلاعب في النادي، إلا أنني ـ في الحقيقة ـ كنت «غير مرتاح»، خصوصاً حينما رأيتُ زملائي شقوا طريقهم إلى الجامعة وشرعوا في التخرج الواحد تلو الآخر، وهكذا جاء القرار الصعب! قررتُ أن أتركَ عالم الرياضة والروتين اليومي لأسافرَ بعيداً ـ مبتَعثاً من الدولة ـ إلى أميركا، وهناكَ بدأتُ رحلة جديدة مع تخصص «علم الإنسان». يدين جمال بنجاحه إلى هذه المرحلة العلمية من حياته؛ حيث صنعت منه إنساناً مختلفاً، إنساناً يحمل همّ التغيير، إنساناً لديه طموح ورؤية. قضى سنواته هناك يدرس ويعمل، عمل في المقاهي وواصل تعليمه حتى الدكتوراه إلا أنه ـ وللأسف ـ لم…

مع غازي (1 ــ 2)

الجمعة ٢٤ أكتوبر ٢٠١٤

لن أنسى ذلك الموقف الذي حدث منذ 10 سنوات مَضَيْن، كنتُ أتجول أنا وزميل دراسة سعودي في أحد شوارع مدينة بورتلاند الأميركية، وكان غازي هو موضوع الحديث، وكنت ـ حينذاك ـ قد بدأت في قراءة كتبه، فأدهشتني مواهبه التي جعلت منه شاعراً وروائياً وإدارياً في آنٍ معاً، استوقفني زميلي فجأة وأخرج من محفظته «بطاقة عمل»، جذبتها من يده، يا الله، كم أحب هذا الرجل! كان حلمي أن ألتقي به، ولكن القدر حال دون ذلك «إنه غازي القصيبي رحمه الله». قرأتُ للمرحوم غازي: «العصفورية»، و«شقة الحرية»، وأُعجبتُ جداً بكتابه «حياة في الإدارة» لذلك، أنصحُ بقراءته، فقد جمع بين دفتيه كل دورات التميز الإداري التي عاصرها. وسأستعرض لكم اليوم موقفين اثنين لتوضيح أسلوبه في القيادة، يقول رحمه الله: بدأت عهدي في المؤسسة العامة للسكك الحديدية عام 1973 بقرار أدهش بعض موظفيها، قررت أن أسافر من الرياض إلى الدمام بالقطار، إلا أن ما بدا طبيعياً في عيني لم يبدُ طبيعياً في عين زملائي الجدد، فحاولوا إقناعي بالعدول عن الفكرة لأن الرحلة طويلة ومتعبة، لكنني كنتُ مصمماً بإرادة لا تلين! رأيت في حياتي الإدارية نماذج تستدعي التفكير: المسؤول في وزارة الصحة يرفض العلاج في المستشفيات الحكومية، والموظف الرفيع في وزارة التعليم يرسل أبناءه للتعلم في المدارس الخاصة! كانت رحلة موفقة؛ تحدثت خلالها مع المسافرين…

ماداني مديري!

الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤

وصلتني ردود على مقال الأسبوع الماضي، التي عنونتها «مديرك ما يدانيك»، تؤكد وجود فئة من الموظفين الذين لا يحسنون التصرف مع مديريهم، وتطلب أن يكون هناك مقال للمدير السيئ، وهم أيضاً كثر، فكانت الاستجابة مع مقال اليوم. الخبير في مجال الإدارة، دان روك وويل، وضع ثلاث صفات لهذا المدير السيئ، منها: لا يسمع لأحد، ويستخدم منصبه لمصالحه الشخصية، والأدهى والأمر أنه دائماً هو العالِم بكل شيء، بمعنى عامل «أبوالعريف»! إن كان لديك مدير يحمل كل هذه الصفات فقد وضع لك دان طرقاً عدة للتعامل معه: الأول: لابد أن تتقبل هذا الواقع، هذا التقبل يدعوك إلى التكيّف معه، بشرط دون أن تتغير لتتصف بصفات مديرك السيئة، وإلا حلت الكارثة «وكأنك يا بوزيد ما غزيت»! الثاني: ليس من مهامك أن تغير من صفات مديرك السيئة، مثل هذه الصراحة مع مديرك قد توقعك في حفرة قد لا تخرج منها إلا بأضرار أنت في غنى عنها. الثالث: أن يكون مديرك سيئاً بما فيه الكفاية هي فرصة عظيمة لتطوير الكثير من صفاتك ومهاراتك، مثل: التواضع، الصبر، الغفران، الاحترام، المرونة، الهدوء وغيرها. تطوير هذه المهارات تحت قيادة مدير سيئ ستساعدك كثيراً في مستقبلك الوظيفي عندما تواجه مثل هؤلاء القادة السيئين. الرابع: حاول أن تتشارك معه في فرق العمل المختلفة، لا تعتذر بحجة أنك «ما تدانيه» تكيّف…

مديرك ما يدانيك!

الجمعة ٠٣ أكتوبر ٢٠١٤

التكيّف مع بيئة العمل لا يأتي من فراغ، يقول أحد الموظفين كنتُ من أصحاب الحظوة عند مديري لكنه قلبَ لي ظهر المِجَن، وها هو ذا يكرهني الآن! ويقول آخر: صحيح ٌ أن علاقتي مع مديري كانت متوترة إلا أنها ازدادت توتراً هذا اليوم ولا أعرف السبب. إن كنت كذلك فانتبه، وعسى ألاّ تكون قد ارتكبت واحداً من التصرفات الآتية: الأول: أن تنتظر قدوم مديرك مع بداية الدوام الرسمي لتدخل عليه خلسة، فتأخذ بمديح نفسك وإطرائها، وفي الوقت نفسه تصف زميلك بالتقصير وعدم القدرة على إنجاز المهام الموكلة إليه، وربما تُلفتُ نظر المدير إلى النتائج غير المتحققة لتطلب منه تكليفك بها! الثاني: أن يأخذك الحماس إلى الانفعال أثناء النقاش فترفع نبرة الصوت على زملائك، في الاجتماعات التي يحضرها المدير. الثالث: وإيّاكَ إيّاك أن تصبح مشهوراً بأنك «سوسة»، تلقي فشلك على الآخرين وتنشر الفتنة وتنقل إلى مديرك كل شاردة وواردة ممّا يثير الخلاف! الرابع: أن ترسل رسالة «مَسِج» إلى مديرك تبلّغه فيها بأنك قد حصلت على عرض أفضل، أو تهدده بالاستقالة إن لم يزدْ من راتبك أو يمنحك علاوة! الخامس: إذا تجاوزك قطار الترقيات، وفاتتك الرحلة، فلا تذهب إلى مديرك مطالباً بحقك بناء على أقدميتك! بل عُدْ إلى نفسك واسأل: ماذا قدمت من جديد لعملك! السادس: حينما تواجهك العقبات ابحث لها عن…