سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

لابدَّ من إعادة النظر في منع سفر الأطفال

الأحد ٢٣ يونيو ٢٠١٩

خلال جولة تفقدية، يقوم بها عادة اللواء محمد المري، مدير الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في مطار دبي، لاحظ وقوف امرأة قبل منفذ جوازات العبور، ويبدو عليها الحزن بشكل واضح، تجلس بجانبها طفلة لا تتعدى عامها الثاني عشر، ودموعها تملأ عينيها، لكنها تحاول أن تكون متماسكة، وكلتاهما تنظر بأسى إلى الجانب الآخر من المنفذ، حيث تعبر طفلتان وهما تلوحان لهما، لكن بملامح حزينة أيضاً! لاشك في أن مشهداً كهذا، كان لافتاً للجميع، لذا سارع اللواء المري إليهما ليستطلع الأمر، وهو يقول في قرارة نفسه: «لابد أن أُنهي دموع هذه الطفلة، مهما كلف الأمر»، وبعد التحاور مع الأم اتضح أنها جاءت لترافق ابنتها في رحلة مدرسية تنظمها المدرسة بحضور مجموعة من الطالبات، ولأنها على خلاف عائلي مع الأب، وصل إلى مرحلة الطلاق، وضع الأب تعميماً بعدم السفر لهذه البنت الصغيرة، فكان ما كان، ولم تتمكن من المغادرة، فجلست حزينة تنتظر مغادرة الطالبات لتبدأ بإقناع ابنتها بالرجوع إلى المنزل! بطبيعة الحال لم يتركهما اللواء في هذه الحالة، وتدخل بشكل شخصي ليقنع الأب بالسماح لهما بالمغادرة، وعلى مسؤوليته الشخصية، وبعد مضض وغضب وأخذ ورد، وافق الأب، لترتسم الفرحة على هذه الطفلة الصغيرة، التي لا ذنب لها في كل ما حدث بين والديها، لكنها وحدها من يدفع ثمن الخلاف بينهما! هذه الأم وتلك الطفلة،…

أوقفوا دموع الأطفال في المطارات!

الخميس ٢٠ يونيو ٢٠١٩

عندما يصل تأثير مشكلات الطلاق إلى الأطفال، وهذا غالباً ما يحدث، فإن الأمر يُصبح مؤلماً، لأن تبعات هذه المشكلات ترافق هؤلاء الأطفال حتماً طوال فترة حياتهم الباقية، وتؤثر سلباً على نفسياتهم وشخصياتهم، وسلوكياتهم، ناهيك بتأثيرها على جميع جوانب حياتهم الحالية والمستقبلية! ولاشك أن مشاهدة أطفال يبكون بحرقة شديدة لأنهم مُنعوا من السفر برفقة والدتهم، هو مشهدٌ صعب للغاية لا يتحمله أي إنسان عادي يحمل في قلبه شيئاً من العطف والحنان والرحمة، فكيف هي الحال لدى قلب الأم التي تشاهد أطفالها في هذه الحالة، وما هو التأثير السلبي المستقبلي لهؤلاء الأطفال، ولماذا تتم معاقبتهم بهذه الطريقة دون ذنب اقترفوه، ودون أن تستوعب عقولهم الصغيرة تلك التفاصيل المعقدة في خلاف الأبوين، أو في طبيعة بعض القوانين المعمول بها؟! لن أدخل في جدل طويل حول من يتحمل مسؤولية هذا الخطأ، ولن أدخل في جدل قانون الأحوال الشخصية الذي يعتقد الرجال أنه منحاز بشكل كامل للمرأة، وتعتقد النساء أنه أعطى حقوقاً للرجل كان ينبغي أن تكون من ضمن صلاحيات وحقوق المرأة، ليس هذا محل النقاش ولا موضوعه، أتحدث فقط عن مشهد واحد محدد، وهو متكرر بشكل كبير، ويراه الأخوة في مطار دبي الدولي بشكل دوري، أتحدث عن منع سفر الأطفال بسبب مشكلات زوجية، وخلافات بين الأب والأم، كيف يمكن إيقاف هذا الأمر، وكيف يمكن…

الفرق بين التطور والوهم!

الثلاثاء ١٨ يونيو ٢٠١٩

المرشد الأعلى للثورة الإيرانية يرى أن بناء أعلى برج، وأكبر مطار، لا يعتبر تطوراً، بل هو «تقهقر وخسارة»، وهذا ليس غريباً أبداً على نظام الملالي في إيران، فالتطور عندهم مرهون بشعارات رنانة، وكلمات حماسية، وأموال ضائعة ومهدورة على نشر الدمار والقتل، وتسليح الميليشيات، والتطور عندهم مرهون بالاستكبار والتهديد والوعيد، ودعم الإرهاب، ونشر الظلم. لا مجال للمقارنة بين ما وصلت إليه دول الخليج العربية من تطور والوهم الذي يعيشه نظام الملالي الإيراني، فأصغر مدينة خليجية هي أكثر تطوراً ونظافة ونظاماً وجمالاً من العاصمة الإيرانية طهران، وهذا ليس بسبب المال، فإيران ليست دولة فقيرة، بل هي دولة نفطية غنية، لديها الكثير من الثروات، ولكن لأسباب تتعلق بالفكر وتطور العقول ونجاح الإدارة، فمن يضع رفاه الشعب ومواكبة أفضل الممارسات والتطورات العالمية في تقديم الخدمات، ويعمل على استقرار المنطقة وتدعيم الاقتصاد، ليس كمن يرى التطور في نشر ثورة فارغة المضمون بالقوة، ويتعامل مع جيرانه بعقليات عصور الظلام القائمة على الفوقية والعنصرية، ويتآمر ليل نهار لتهديد أمن واستقرار المنطقة، لأسباب أيديولوجية بغيضة، وبعيدة كل البعد عن زمن التطور والحضارة والتقدم التقني الذي يجتاح العالم! وعلى الرغم من المشكلات الكثيرة التي يعانيها الاقتصاد الإيراني، إلا أن النظام الحاكم في طهران لايزال يخدع شعبه، ويستغبيه، ويحاول إخفاء جميع الدلائل التي تشير إلى شبه انهياره اقتصادياً، ويلعب على…

حتى لا يدخل المتقاعد السجن!

الأحد ١٦ يونيو ٢٠١٩

التقاعد عن العمل الحكومي هو سُنّة من سنن الحياة، لا مناص منه، سيأتي يوماً دون شك، مهما طالت سنوات الخدمة، أو عَلت المناصب، وهذا أمر طبيعي للغاية، ومُسلَّمٌ به، ولكن من غير الطبيعي أبداً أن يصبح التقاعد بداية لحياةٍ صعبة، بل ربما بداية لدخول السجن، بسبب أوضاع مالية فُجائية وجديدة لم يعهدها الموظف الحكومي من قبل! هذا ما حدث فعلاً للعديد من المتقاعدين، بعضهم كان يشغل مناصب ليست بسيطة، وهناك حالات دخلت السجن فعلاً ودون مبالغة، لأنهم فوجئوا بالإحالة إلى التقاعد، وصدموا بالوضع المالي الجديد، الذي ينخفض إلى أقل من النصف في بعض الحالات، في حين أنهم ملتزمون بأقساطٍ شهرية عدة، لم يعتقدوا يوماً أنهم لن يستطيعوا تأديتها، فكانت النتيجة المحتومة بعد تراكم الديون.. دخول السجن، وهذا شيء مؤسف للغاية! والاعتراض هُنا ليس على حق المؤسسات الحكومية في إحالة بعض موظفيها على التقاعد، فهذا أمر قانوني ومشروع، لكن الاعتراض على مفاجأة الموظف أو المدير بإحالته على التقاعد دون سابق إنذار، أو دون فرصة زمنية مناسبة، تجعله يُعيد ترتيب أوراقه والتزاماته بشكل يتناسب مع وضعه المالي الجديد. جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية لديها استراتيجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، والبعض لديه استراتيجية تصل إلى عام 2031، وهذا أمر جيد، وجميع الاستراتيجيات تحتوي على بنود خاصة بالتوطين وتوظيف المواطنين، وهذا أيضاً شيء ممتاز،…

لم يكن حفلاً عادياً!

الثلاثاء ١١ يونيو ٢٠١٩

حفل زفاف أنجال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي شهدته قاعات المركز التجاري، الخميس الماضي، لم يكن حفلاً عادياً أبداً، فهذه هي المرة الأولى التي يقف فيها صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس وزراء الإمارات حاكم دبي لاستقبال المهنئين والمُباركين لزفاف فلذات كبده، وهي لم تكن فرحة عادية، فهي أولاً فرحة الأب التي لا تعادلها فرحة أخرى سوى رؤية أحفاده، وثانياً هي فرحة الحاكم بزفاف أنجاله، ومن بينهم ولي عهده ونائبه. ومع أن المناسبة ليست عادية إطلاقاً، إلا أن محمد بن راشد، كعادته دائماً، لم يشأ أن يجعلها تمر دون توجيه رسائل واضحة للغاية، رغم أنها غير مباشرة، لعموم شعب الإمارات، فالفرحة عنده لا تعني أبداً المبالغة والتبذير والاستعراض، بل الفرحة في أسمى صورها تكتمل بالمشاركة، والالتقاء بالشعب، واستقباله، والاحتفال معه وبينه. وهذا ما كان واضحاً للجميع، فمنذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها أقدام المدعوين قاعة الاحتفال، لاحظ الجميع البساطة في كل شيء، ولاحظ الجميع عدم وجود مبالغة، فلم تكن هناك موائد وولائم فائضة عن الحاجة، ولم تكن هناك ديكورات وتصاميم مبالغ فيها، ولم تكن هناك فرق موسيقية وشعبية وعالمية كثيرة من مختلف دول العالم، في كل شبر ومكان محيط بالاحتفال، لم يكن هناك سوى حفل استقبال بسيط ومُنظم بشكل ممتاز، والجميع وصل إلى هدفه الأسمى،…

حفلٌ بروح وبصمة دبي

الأحد ٠٩ يونيو ٢٠١٩

ليس غريباً أن تفرح دولة بأسرها، وليس غريباً أن يشعر شعبٌ كامل بمشاعر السرور والارتياح لفرحة قائد استثنائي احتفل بزفاف أنجاله الكرام، وذلك لأن هذا القائد حباه الله بقلب رحوم عطوف كبير، وتاريخ حافل بالعطاء والإنجاز، ورؤية مستقبلية تحمل في طياتها الخير واستدامة الرخاء لأبناء شعبه. فرح الجميع صغاراً وكباراً بأفراح آل مكتوم، لأنهم هُم نحن، ونحن هم، يشاركون عامة الشعب أفراحهم، ويذهبون للقاصي والداني كي يشاركوه الفرحة، وها هم اليوم يفرحون، فتفرح لأفراحهم دولة ووطن وشعب. كان من المتوقع أن تشهد منطقة المركز التجاري في دبي إقبالاً منقطع النظير بهذه المناسبة، وجميعنا تخيلنا شكل الازدحام الخارجي على الطرقات المؤدية إلى مكان الاحتفال بسبب العدد الضخم المتوقع لسيارات الحضور، والازدحام البشري داخل القاعات، فالحضور لا شك أنه سيكون بالآلاف، وجميعنا اعتقد أن الأمر سيطول لساعات طويلة، جزء منها انتظار في السيارات، وجزء آخر انتظار في الممرات، وأماكن الاستراحات، وطوابير المهنئين، لكن ذلك لم يحدث أبداً! عدد المهنئين الذين حضروا الخميس الماضي في قاعات الاحتفال بمركز دبي التجاري فاق 15 ألف شخص، ومع ذلك كان الاحتفال حقاً يحمل بصمة وروح دبي المميزة حيث المرونة والتسهيل والاستعداد والتنسيق العالي، لم تشهد الشوارع المُحيطة بالمنطقة أية ازدحامات أو اختناقات مرورية كما كان متوقعاً، وحركة دخول وخروج آلاف الرجال كانت سهلة للغاية، وصلوا بسرعة…

طفلة عبّرت عن مشاعر 70 مليون شخص

الخميس ٣٠ مايو ٢٠١٩

طفلة صغيرة، جاءت من طاجيكستان لتحضن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بكل حب عفوي طفولي لا يعرف المجاملة ولا المبالغة، قبّلته وأمسكت به وقتاً ليس بقصير، وسموّه بادلها الحُب بحنان أبوي فائض، وبعناق لا يختلف كثيراً عن عناقه لأبنائه وأحفاده أو أي طفل إماراتي آخر. «ماهينة» الطاجيكستانية تُشاهد محمد بن راشد للمرة الأولى، لكنها كانت تشعر بأنه شخص غالٍ وحنون ويحمل بين جنبيه قلباً أبوياً كبيراً وعطوفاً، فهي وإن كانت لا تعرف كل شيء عنه، فإنها تعرف أنه هو ذلك الشخص الذي أعاد لها طفولتها وحياتها الطبيعية، وهو الذي تحمّل كلفة علاجها لكي تعود للعب مع أقرانها مرة أخرى، هو بالنسبة لها صانع أمل في حياتها لا يمكن أن تنسى هذه اللحظة التي عانقته فيها، وهي بالنسبة له نموذج لما يفعله العطاء، وسبب في إنشائه مؤسسة ضخمة للمبادرات الإنسانية تجوب العالم، وتنشر الخير والعلم والمعرفة والعطاء اللامحدود للإنسان المحتاج أينما كان. «ماهينة» كانت محظوظة لأنها وجدت الفرصة كي تقول شكراً لمن أنقذها ووقف بجانبها وتكفل بعلاجها من مرض قلبي نادر، كاد أن يودي بحياتها قبل أن تستمتع بطفولتها، في حين هُناك سبعون مليون شخص شملتهم مبادراته حول العالم يتمنون لو وجدوا مثل هذه الفرصة ليقولوا كلمة شكر لهذا الإنسان العظيم صاحب القلب الكبير، بالتأكيد هذا الأمر مستحيل،…

منتدى الإعلام الإماراتي.. مُختلف تماماً!

الإثنين ٢٧ مايو ٢٠١٩

هناك اختلافات في الآراء بين الإعلاميين الإماراتيين، فمنهم من لديه ملاحظات وشعور بوجود نقص معيّن، وتراجع في أداء مُعين في بعض الفترات، يقابله شعور لدى عدد آخر بوجود تطور وتقدم في أداء المؤسسات الإعلامية المحلية في ظل التحولات والتغيرات والتحديات المحلية والإقليمية، والتي تُحتم العمل بشكل جماعي للوصول إلى أهداف الدولة ومصلحتها الوطنية. وهناك من ينتقد مستوى المحتوى الإماراتي، سواء في وسائل الإعلام أو في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المقابل هناك من يرى توافر الإمكانات التي يمكن من خلالها تطوير هذا المحتوى، والأخذ بيد مؤثري ومشاهير التواصل الاجتماعي والاستفادة منهم في تقديم محتوى إماراتي ثري ومميز يستطيع الوصول للعالمية. تباينت الآراء، واختلفت وجهات النظر في جلسات منتدى الإعلام الإماراتي الذي نظمه نادي دبي للصحافة بحضور 100 إعلامي ومؤثر إماراتي، لكن هذا الاختلاف كان جميلاً ومميزاً، لأن الجميع كان يسعى لهدف واحد هو الرقي بالإعلام والعمل على خدمة الدولة والمجتمع من خلال تطوير العمل بكفاءة واقتدار في جميع وسائل الإعلام الوطنية. النقاش كان حضارياً، لم يكن هناك تشنج كما درجت عليه عادة لقاء الإعلاميين في أي مكان في العالم، والأجمل كان هناك تقبل واضح لمختلف الآراء، هذا القبول لم يكن فقط بين الإعلاميين أنفسهم، بل حتى المسؤولين الحكوميين عن الإعلام والذين حرصوا على التواجد، كانوا مثالاً لتقبل الرأي والرأي الآخر، وكانت…

هذه هي الإمارات..

الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠١٩

«المساعدات الإنسانية التي تقدمونها، كانت بمثابة هدية السماء لكثير من دول العالم، والتسامح الذي تشتهر به الإمارات هو بمثابة الهواء النقي في عالم يزداد فيه عدم التسامح»، عبارة وردت على لسان وزير الدفاع الأميركي السابق، جيم ماتيس، خلال محاضرة له في مجلس محمد بن زايد بقصر البطين في أبوظبي. هذه العبارة ليست كلاماً مرسلاً، ولا هي مجاملة من مسؤول أميركي سابق، لأنه يُحاضر في أبوظبي، بل هذه هي الإمارات على حقيقتها، وهذه هي الإمارات لكل من يعرفها، ولكل إنسان عادل ومنطقي في حكمه، لم يتأثر بأكاذيب وضلالات المُغرضين أصحاب الأجندات الخفية، الذين أوجعتهم الإمارات، وأوجعهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله. الإمارات دولة سلام وتسامح، دولة تسعى لاستقرار المنطقة العربية، وتهدف إلى المحافظة على أمن وحياة الشعوب العربية، ومن أجل ذلك بذلت الكثير، وأنفقت الكثير، وضحّت بالكثير، ومن أجل ذلك هي اليوم في مواجهة مع أعداء الوطن العربي، ومع محبي الفوضى والدمار، ومع داعمي الإرهاب وأعوانه، الذين لا يريدون الاستقرار، ويعشقون الفوضى لأنها البيئة المناسبة لوجودهم وتكاثرهم وإعلاء شأنهم! «الكلام مجاني في هذا العالم، لكن الإمارات حين تتكلم فهي تفعل»، هكذا قال جيم ماتيس، وهذه هي الحقيقة، فنحن هُنا لسنا دولة شعارات، والفعل دائماً ما يسبق القول، والإمارات دولة سلام ومحبة لمن يريد السلام والمحبة، لكنها…

سجين بسبب فاتورة!

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٩

مبادرة «ياك العون» التي أطلقتها «الإمارات اليوم»، ودائرة المحاكم في دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، بهدف الإفراج عن 107 سجناء من المُعسرين الذين أرهقتهم الالتزامات المالية، تحتاج إلى قراءات وتحليل، وتحتاج إلى دراسات تفصيلية من جهات مختصة على هؤلاء المُعسرين، لأن كل حالة من الحالات تقف وراءها قصة إنسانية، أو اجتماعية أو اقتصادية، وتالياً، فهم لا يمثلون أنفسهم بقدر ما يمثلون حالات مجتمعية مُعرّضة بين ليلة وضحاها لأن تقبع خلف القضبان! لم تهتم أي جهة إلى الآن بطلب الحصول على معلومات عن هذه الحالات، خصوصاً أنها مجموعة من المواطنين والمواطنات، من أعمار مختلفة، فتحليل ودراسة هذه المعلومات قد تؤدي إلى تفهّم جذور مشكلات اجتماعية يمكن وضع حلول دائمة لها، بدلاً من الاعتماد على مبادرات فردية من جهات مختلفة، هذه المبادرات لاشك في كونها جيدة ومفيدة، وتدعم العمل الخيري والإنساني والمجتمعي، إلا أنها لن تحلّ أساس هذه المشكلات، ولن تضع حلولاً للحد من ظواهر اجتماعية موجودة في المجتمع، تسببت في الزج ببعض أبنائه وبناته في زنزانة السجن! المواطن (سالم م.ج)، الموجود اسمه في كشف الحالات التي تستدعي المساعدة، لفت الأنظار بسبب ضآلة مبلغ دينه، حيث يشير الرقم إلى 1814 درهماً فقط لا غير، اتضح أنه فاتورة مستحقة لإحدى المؤسسات، وهذا يقودنا إلى كثير من الأسئلة، أولها هو حجم المال العام…

مُتعثرون في انتظار «العون»

الخميس ١٦ مايو ٢٠١٩

هناك مُتعثر يقبع خلف القضبان بسبب مبلغ مالي لا يتجاوز الـ24 ألفاً، وأخرى مُعسرة عليها مطالبات بـ36 ألف درهم، وبسببها تقضي فترة من حياتها في السجن، وغيرهما 105 سجناء لقضايا مالية، يبلغ إجمالي مديونياتهم 24 مليوناً و351 ألف درهم، هؤلاء جميعاً ينتظرون العون، فلا سبيل أمامهم للخروج من السجن سوى دفع المبالغ المترتبة عليهم، وإلا لن يأتيهم الفرج. هؤلاء ليسوا مجرمين، ولم تسجل ضدهم أي قضايا جنائية، هي الظروف والحاجة وضيق ذات اليد، وحدها من جعلتهم يواجهون هذا الموقف الصعب، لذلك أطلقت «الإمارات اليوم»، ضمن دورها الإنساني والمجتمعي، ودائرة المحاكم في دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، مبادرة «ياك العون»، بهدف تجميع المبالغ المستحقة على هؤلاء المتعثرين مالياً من المواطنين في إمارة دبي، تزامناً مع فرحة رمضان، شهر الخير والرحمة والعطف، وحلول عيد الفطر المبارك، ليفرح هؤلاء بلقاء أُسرهم وأبنائهم، وتنفرج كربتهم، فلا أصعب ولا أثقل من همّ الدَّين، فكيف إذا صاحبه سجن وزنزانة؟! «محاكم دبي» قامت مشكورة بدراسة ملفات هؤلاء المُتعثرين جميعاً وبصورةٍ دقيقة، من قبل لجنة دراسة الحالات في الدائرة، وتأكدت من أحقيتهم في الحصول على تبرعات من أهل الخير، فهم ليسوا مجرمين، بل ضحايا لظروف قاهرة مرّت بهم، أجبرتهم على البقاء داخل محبسهم، وكما يقول رئيس لجنة محاكم الخير، القاضي عبدالرحمن العمادي: «وراء كل منهم…

كل من أعطى «المؤثرين» شرعية شريك في الضرر!

الأربعاء ٠١ مايو ٢٠١٩

أخي وزميلي العزيز، المذيع عبدالله راشد بن خصيف، سألني معقباً على مقال «سطحية وسذاجة مؤثرين على مواقع التواصل»، بالله عليك، ومن أوصل هذه النماذج إلى عالم الشهرة؟ ألسنا نحن وغيرنا من أفراد المجتمع من يتابعهم ومن أعلى شأنهم؟ هل هناك تفسير لظاهرة متابعة شخصيات غير سويّة، يُجمِع المجتمع على سوء أخلاقها، وقذارة كلماتها، ويؤكد الجميع على ضررها الاجتماعي؟ لماذا نتابعها ونمنحها الشهرة؟ ولماذا أسهمنا جميعاً في انتشارها وتضخمها للحد الذي أصبحت معه لا تأبه بالمجتمع، ولا تلتفت إلى قيمه وأخلاقياته! بالتأكيد تساؤلات في محلها، ولا يختلف عليها أحد، فتضخيم هؤلاء سببه المتابعون، وكل من يسهم في نشر فيديوهاتهم المُسيئة وكلماتهم المسمومة، ولو أن كلاً منا أوقف متابعة كل تافه، وأوقف كل لقطة مسيئة عنده، ولم يسهم في نشرها، لما انتشر كثير من الفيديوهات التافهة، ولانقرض كثير من تلك الشخصيات السطحية التي بدأت تضر المجتمع، وتنشر القذارة بين أفراده صغاراً وكباراً. والمشكلة الأكبر من ذلك، حصول هذه الشخصيات السيئة على «شرعية» من جهات ومؤسسات حكومية، تتعاقد معها للترويج والإعلان، أو تدعوها للفعاليات والمناسبات الرسمية، بل تجعل هؤلاء التافهين يتقدمون الصفوف جلوساً، ويتم الترحيب بهم واستقبالهم بحفاوة لا تقل عن حفاوة استقبال الوزراء وكبار المسؤولين! هذا الإقبال «الرسمي» على مشاهير ومؤثري التواصل الاجتماعي (إن صحّ هذا التعبير)، يعتبر اعترافاً رسمياً من جهات…