اللاجئون السوريون في عين العاصفة

أخبار

مع وصول العاصفة الجوية «زينة» إلى سوريا، سرت حالة من الهلع لدى السوريين الذين يعيشون أوضاعا معيشية قاسية جراء شح الكهرباء ومواد الطاقة ووقود التدفئة، وفي حين نشر سوريون من مدينة السلمية وسط البلاد صورا لمكتبات تعرض كتبها للبيع بالكيلو لتستخدم وقودا للتدفئة، ومدينة السليمة التابع لريف محافظة حماه وسط البلاد تشتهر بارتفاع نسبة المثقفين فيها وهي مدينة الشاعر السوري المعروف محمد الماغوط.

إلا أن ذلك لا يبدو مفاجئا مع ارتفاع أسعار الحطب الذي عاد ليستخدم في الأرياف السورية للتدفئة في السنوات الثلاث الأخيرة، ليهدد الغطاء النباتي، وشمل هذا العام أشجار الزيتون المعمرة، لا سيما في غوطة دمشق، بالإضافة لشجر الحور والصفصاف وباقي الأشجار المثمرة مما ينذر بكارثة بيئية وزراعية. وبحسب أحمد. ر، من سكان ريف دمشق الغربي أن سعر كيلو حطب الزيتون تجاوز الستين ليرة، وهو رقم خيالي، وقد أبدى كثير من الأسف على أشجار الزيتون التي تقطع للتدفئة، معتبرا ذلك «كارثة وطنية كبيرة لا تقل عن كارثة قتل البشر الحالية في سوريا، ولكنها «الحرب والدمار التي تأتي على البشر والشجر»، بحسب تعبيره، لافتا إلى أنه «لا حلول ولا خيارات أمام السوريين، فالبرد يشترك في قتلهم أيضا».

وبدأت يوم أمس (الثلاثاء) أول أيام المنخفض الجوي الذي يضرب دول شرق المتوسط حسب الأرصاد الجوية، والذي سمي في لبنان وسوريا عاصفة «زينة»، بينما سماها الفلسطينيون والأردنيون «هدى». وأيا كان اسم العاصفة فهي ستأتي لتعمق الكارثة الإنسانية في سوريا، حيث يعيش الآلاف في مخيمات اللجوء أوضاعا أقل ما توصف به أنها مزرية جدا، ففي عرسال اللبنانية، حيث توجد أسوأ مخيمات اللجوء السورية هناك 72 مخيما تضم 4920 خيمة وغرفة تؤوي 24721 نسمة، منهم 19400 مسجلون بالأمم المتحدة جميعهم بحاجة لكل أنواع المساعدات الإنسانية من غذاء وكساء ودواء ومواد للتدفئة. وبحسب مصادر من اللاجئين في عرسال فإنه «منذ حل فصل الشتاء لم يعرف سكان مخيمات عرسال الدفء، وإن هناك آلافا من اللاجئين على استعداد للاستغناء عن الطعام مقابل الحصول على لتر مازوت للتدفئة». ومع بدء العاصفة سرى رعب بين سكان المخيم من الموت بردا.

أما في دمشق العاصمة التي لا تزال تحت سيطرة النظام، فظهر الرعب من البرد في الإقبال الشديد على شراء الخبز والمواد الغذائية والزهورات وأعشاب المشروبات الساخنة كالنعناع والبابونغ والكراوية، والحلويات مثل العوامة والمشبك والحلاوة الطحينية والتمر، والتي يستعينون بها لمقاومة البرد في ظل شح الوقود وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، حيث يستعد الغالبية للانكفاء في المنازل خلال العاصفة. وتقول أم خالد التي تسكن في حي ركن الدين، إنها اشترت لكل أفراد عائلتها أكياس مياه ساخنة، إذ لا توجد وسيلة تدفئة غيرها بسبب عدم حصولهم على المازوت حتى الآن، ولا يمكن تشغيل مدافئ الكهرباء بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، مشيرة إلى أنها تزودت بالكثير من المواد الغذائية اللازمة لإعداد أطعمة شتائية، متمنية أن «تمضي أيام العاصفة بخير».

وحذرت الأرصاد الجوية السورية من أن هذا المنخفض يعد الأكثر انخفاضا لدرجة الحرارة لهذا العام، ومن المتوقع أن تصل إلى الدرجة 7 تحت الصفر، مصحوبة بالثلوج التي قد تستمر بالتساقط لأربعة أيام مع استمرار انخفاض درجة الحرارة إلى الدرجة 10 تحت الصفر في بعض المناطق.

وتوقع المتنبئ الجوي في مركز التنبؤ المركزي بالمديرية العامة للأرصاد الجوية ماهر مرهج، أن تكون التأثيرات على شكل هطلات مطرية غزيرة مصحوبة بالرعد تمتد من المناطق الساحلية والشمالية تدريجيا لتشمل معظم المناطق الداخلية. وأشار مرهج بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، إلى أن الهطلات تكون ثلجية على المناطق الداخلية التي يزيد ارتفاعها على 800 متر، ومن المتوقع امتداد هذه الهطلات الثلجية إلى ارتفاعات أدنى تدريجيا حتى 600 متر نهار اليوم (الأربعاء) وإلى ارتفاعات أدنى من ذلك خلال ساعات المساء والليل، حيث تعم الهطلات الثلجية معظم مناطق البلاد.

المصدر: لندن: «الشرق الأوسط»