حدائقنا جنات

آراء

حدائق أبوظبي تبدو اليوم، كتاباً موثوقاً يفتح صفحاته على ثقافة الجمال والوعي بأهمية أن نكون جزءاً من منمنمات النجوم في السماء، ولمعة اللجين بين شرايين الغيمة، وامتداد خيوط الشمس أهداباً رخية تزين عين الوجود.

هذه هي الرؤية التي تنطلق منها بلدية أبوظبي، وهذه هي اللغة التي تتحدث بها سياستها العمرانية، وهذه هي الأبجدية التي تعانق بها عيون الناظرين، وتدفع بالقلوب كي تستثير الذائقة، وتنسجم مع جلال التنسيق، وجمال المنظر، وروعة المعطى، وبلاغة المنجز، ونبوغ الرجال الأوفياء الذين يتعاملون مع الوطن كما هو فلذة من فلذات الكبد.

اليوم ونحن نجول في أرجاء العاصمة الحسناء، تبهرنا زهرة ترقص رقصتها السحرية عند رصيف مشاة، أو في حديقة تجاور بيت، أو في ساحة مترعة بأنفاس الزهور، وهي تعانق شذا الأجنحة الرهيفة، وهي تحلق بين زهرة وأخرى وكأن الوجود لوحة تشكيلية، عنوانها أبوظبي، ومسارها باتجاه عاصمة الجمال، والحسن والدلال اليوم عندما تفكر في السير على قدمين، وتتأمل المشهد في الشارع، تشعر وكأنك تجوب سماء رصعت بالورود، وتلمس في الهواء الطلق أنفاس بهجة، مصدرها شجرة ارتوت بالعذب من الماء، وتحس بأن طيراً بين الأغصان يهلل ويكبر، باسم ريعان عاصمة، وروعة أرض، تألقت بالجمال، وتأنقت بالسندس، والاستبرق، وبدت في صباحات مبكرة، تصافح كف الشمس، وتهدي إليها السلام، بوئام، وانسجام، وحلم الأوفياء الذين يدركون بأن الله جميل، ويحب الجمال.

وعلمتنا زهرة برية أن الوجه الجميل صفحة كتاب بليغ في لغته، حصيف في فكرته، فصيح في بلاغته، وعلمتنا شجرة تنبت في قلب الصحراء، أن ظلال الأشجار، حجرات أمان، وأن لأغصانها روعة المدى في عروق الأحياء، وأن لجذرها أسطورة التجذر في الأرض، وحب الوطن. علمنا العشب القشيب، كيف ننعم بالدفء، عندما تكون السجادة بساط سلام، ومحبة، وعلمنا جدول الماء الذي يمر من تحت الأغصان، بان للماء والشجرة علاقة وجود، كما هي علاقة الإنسان بدورته الدموية. هكذا استطاعت بلدية أبوظبي أن تجعل من جمال الأخضر اليانع درساً ثقافياً، وحصة يكتب على سبورتها، حدائقنا جنات.

هذه هي أبوظبي، وهذه هي سيرتها وصورتها، وهذه هي في البدء، وفي مسيرة العطاء الذي لا يقطع وصله، ولا يمنع فصله، أنها رؤية المؤسس، والباني، طيب الله ثراه، وعلى أثره تمضي ركاب القيادة الرشيدة، لتستمر المسيرة ومعها يستمر الجمال، في لوح محفوظ، يحفظ السر، والود مع الحياه، ومع ما حبانا إياه الخالق العظيم، والجمال في نهاية المطاف هو حكمة العباقرة، وفطنة الحكماء.

وإذا ما أردنا أن نفصل، ونعدد، الخصال في هذه الانطلاقة الجمالية فإننا لن نستطيع أن نفيها حقها في مقال بمساحة موجزه، لأن ما تقدمه بلدية أبوظبي بناء على رؤية القيادة الرشيدة لهو فصول من الصفحات الناصعة، وسجلات من العمل الدؤوب، من أجل عاصمة تزهو برونق، وأناقة، وترتع في نجود، ومروج، وتغزل نسيج الحياة بنول الحرير المنعم.

المصدر: الاتحاد