ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

حين يتلبسك شخص هلامي

آراء

هذه قصة حدثت وستحدث في الحياة، كأن تكون تحمل اسماً ذا هيبة، وزدت عليه من وقارك وحشمتك وسيرتك العطرة مهابة، وفجأة يظهر لك في الحي أو القرية أو المنصات الرقمية شخص شبه هلامي، وبدون ملامح، ويشتغل في التجارة الحرة، ويبدأ يضارب عليك في كل مجال من مجالات الحياة حتى يخلط الناس بينك وبينه، بالرغم من أنكما لا تعرفان بعضكما بعضاً، ذاك بالتأكيد من موجعات الأمور، ومن المحزنات أن تلقى واحداً يحمل اسماً مثل اسمك أو متخذه اسماً فنياً للشهرة أو هو قناع لا تعرف من خلفه، ويظل يسجل على ظهرك سيئات الدنيا، وعقاب الآخرة، واضعاً مقابل اسمك الموقر الذي فيه خير ما حُمّد وعُبّد، وكله تقوى وورع صورة لشخص معضّل، شغل كمال أجسام، ورفع حديد وأثقال، وأنت ما يخصك بالموضوع، وَيَا دوب صحتك على قد حالك، وتشكو من نقص فيتامينات ضرورية باستمرار، ولا قد زرت صالة «جيم» أو حملت ثقلاً أكثر من هَمّ تدريس الأولاد، وَيَا ليتهم فالحين في الرياضيات أو الفيزياء ليقيلوك من مكابدة الحياة في شيخوختك شبه المبكرة، وخاصة ذاك المدربح اللي عنده لفّة السندويتش أحسن من أي معادلة حسابية، ومثلك أيضاً لا يعترف بأكل الخيول الذي يصّرطونه هؤلاء القوم ذوو الكتل العضلية في «بالديات بلاستيكية»، وتلك الحبوب المقوية التي يَغرّونها على الريق، وبعدها ينتفخون ويتورمون حتى يصبح الواحد منهم مصكّاً هذا سيره، ولا لديك نية طوال حياتك أن تقود سيارة «همر» ذات دفع أمامي وخلفي، لأنها تتطلب مهارة لا تقدر عليها، وأنت «نيسان» وتتضارب معه لين يوصلك العين، وتحتاج إلى زند ووشوم على الأذرع، ولازم تتعصب بمنديل ملون، لزوم ما لا يلزم، وإن سعلت سمعتها الحارة كلها، والصورة المرفقة مع اسمك لا توحي للآخرين إلا بأنك «هنجري» شبعان، مب «بيدار» تعبان، ومن البطرة هذيك الفانيلة البيضاء اللي على جنبك بتتطررّ من هالوَهَس اللي فيك، ولا يكتفي صاحب الصورة شبه العارية الدالة على الجسامة بها فقط، ولكن المعضلة الصور التي في الداخل، مرة مئتزر بقطعة، تقول حاج فرط منه إحرامه، ومرة تبدي طبقات الصدر والبطن مع كريم لامع، ومرة مثل الغاطس الذي يقطر جسده من الزيت، مثل حلواه خارج من مرجل، والشعر يغطي الوجه، طبعاً كل الصور من دون وجه، ليزيد من غموض الحالة، مع خلفيات سوداء، وبروز عروق العضدين، قد تبدو مسألة مفرحة للذي يتقنع باسمك رأسمالك، والذي أمضيت ردحاً من حياتك في أعمال البر والتقوى، والتسجيل في حملات الحج والعمرة، ولكنها ليست كذلك بالنسبة له، فهذه الصور تشير إلى أنك من سواقي الدراجات النارية المتلثمين ليلاً، الناوين على شر يوم الثلاثاء، بتلك السلاسل التي لا تنتهي والموزعة على الرقبة وفي اليد وفي أسفل الحذاء، المشكلة ليست هنا، المشكلة في العلم أبو ألوان، والموجود في كل إطار، وصور حفلات الـ «هيب هوب» غير الواضحة، والتي تجلب الشبهة لأي أحد، ولو كان مشمراً ساعده للوضوء، فكيف يمكن أن تبرر لأفراد القبيلة أنك لست المعني بالأمر؟ لا تعرف تعتزي، ولا تنتخي، لأن لا أحد سيثيبك، فقد غابت الخناجر والمحازم، ولا تقدر أن تقاضي أحداً على اسم مشاع، ولا تستطيع أن تبرر للموقع غير الرسمي لرجل يحمل اسمك وبلا وجه، فقط يظهر أنه من ذوي العضلات المفتولة، والحياة المنفلتة! ياه.. سيكثر أسفك واعتذارك وأعذارك ومبرراتك واستغفارك لمجرد تشابه أسماء لا أفعال!

المصدر: الاتحاد