في دبلوماسية الإمارات، قوة عظمى ناعمة، عالمية التوجه، إنسانية الضمير، لها جهوزية التواصل مع الآخر من دون حدود ولا سدود، ولا رتوش، تعرقل لغة القواسم المشتركة.

في خضم الأزمة الروسية الأوكرانية، تبدو الإمارات جناح المودة الذي يحمي أواصر العلاقات بين الدول من طلقات الموت ومن حمى العنف، وأسباب التشققات في قماشة الجيرة بين الدول.

فمهما تكن الخلافات حامية الوطيس، ومهما تكن العلاقات تغوص في بحار مسجورة، فإن عبقرية إدارة الحوار بين المتنازعين تقدم ترياقاً شافياً لكل ما يطرأ من شحنات حارقة، تذيب الصخر، وتصهر الحديد في الدماء الفائرة.

الإمارات بفطنة ريادتها السياسية، تمتلك اليوم رصيداً عالياً في إدارة الحوار بين المتخاصمين، وتجيد لغة التفاهم ببلاغة دبلوماسية محنكة، ونبوغ سياسي فذ، أتاح لها القدرة على تحقيق إنجازات مهمة في مجال الوساطة بين الدولتين المتحاربتين (روسيا. أوكرانيا) ومن خلال ست وساطات، استطاعت الإمارات أن تفك أسر 1558 أسيراً خلال العام الحالي وهذا دليل على النجاح الباهر الذي تملك زمامه دولة، أصبحت اليوم في الريادة في ميدان عقد المصالحات بين دول بينها وبعض ما صنع الحداد، وهذا لا شك أنه يمنح الإمارات صورة زاهية متألقة بين الأمم، ولا شك أن هذه الصورة لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة لتاريخ إماراتي طويل، استند إلى إرث قيادة تفيض بسمات اللغة الشفافة، والحوار الناعم المبني على أسس إنسانية قبل كل شيء، فالحروب الطاحنة، والخلافات المتشنجة مهما بدت مستعصية فإن القواسم المشتركة بين الدول المتحاربة أقوى من الخلافات، وكل ما يحتاجه الأمر إقصاء العصبية (القبلية) القديمة، والتحكم في العقل الباطن والتخلص من ضروب (الأنا) وتحرير الذات من التصلب في المواقف، كل ذلك يضع الحلول في أطباق من ذهب، ويدع مخالب الخلافات كأنها الأنامل الملساء.

الإمارات تحتل اليوم مكانة مرموقة في مجال الحوار بين الدول، سواء كان في حالة السلم الذي يدفع بالتي هي أحسن، أو في حالة الحرب، والتي توقف رحاها لمجرد تحرك العقل نحو المياه الصافية، والأفنية واسعة الفضاءات.

من يقرأ تاريخ اتحاد الإمارات ونشوءه وتلاحم القيادة والشعب في جسم واحد، أصبح اليوم نموذجاً للتناغم والاندماج بين أعضاء الجسد الواحد، وهذا بدوره يعطي كل متأمل للسياسة الإماراتية فهماً وفياً وواعياً لما تقوم به من مبادرات رائدة في لم الشمل بين الدول، ودرء الأخطار عنها، وكف الأذى عن شعوبها، وتحويل الخصام إلى وئام، تنعم به الشعوب والتي لا ناقة لها ولا جمل في مجمل الصراعات التي تنشب بين الدول.

فالإمارات اليوم ميزان العدالة الإنسانية، وهي معيار التوافق بين الدول، هي القوة الناعمة العظمى التي تمسح دمعة المظلوم، وترفع الغبن عن المكلوم، وتعيد الابتسامة لكل مغبون ومهضوم.

الإمارات آمنت بأن الحياة ملك لنا جميعاً، فعلينا تحمل مسؤوليتنا في الحفاظ عليها، والنأي عن الأنانية والشوفينية وتقديم الحب على الكراهية فهو مقياس سعادة الشعوب ورفاهيتها.

حفظ الله الإمارات وأدام عزها وتطورها.

الاتحاد