رسالة أخلاقية يحملها طلبة الإمارات في الخارج، تعبر عن مدى اهتمام الدولة بالقيم الأخلاقية التي تسبق كل معطيات العقل، لأن الأخلاق بيت الحكمة، وهي طريق الود الذي يفتح آفاقه أمام العلاقات السوية مع الآخر.
فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
فالطالب عندما يخرج من بلده ويذهب إلى فضاءات العالم، فإنه مكلف بمسؤولية أخلاقية قبل كل شيء، وقبل التحصيل العلمي، لأنه ما من جدوى ولا قيمة ولا فائدة من العلم إذا لم يعزز التحصيل العلمي بحزمة أخلاقية تحميه، وتعتني بقدرات الطالب عندما ينتهي من دراسته ويدخل في حياض العمل، كما أن هذا الطالب، هذا الرسول، هذا المبعوث إلى ديار جديدة، يكون خير أداة تحصن الوطن من الصور الشائهة، وأفضل وسيلة تجعل منه وطناً يخلد في الذاكرة الإنسانية صوراً زاهية وجميلة، وروعة في التمثيل، وبراعة في تأصيل العلاقة مع الآخر.
فالطالب عندما ينزل منازل الآخر، تكون الأعين مسلطة على كل نبضة من نبضاته، وأي خفقة في السلوك إنما هي ضربة قاصمة في العمود الفقري لسمعة البلد، وسماته، وصفاته، وأخلاق أهله.
لهذا السبب، فإن القيادة الرشيدة تصر دوماً على أن يحمل الطالب الإماراتي علم الإمارات، ويجعله دائماً يرفرف بعلامات النزاهة، والقيم الرفيعة، وأخلاق الآباء، والأمهات، الذين تحملوا غربة أبنائهم ليجنوا بعدها شهادة حسن السيرة والسلوك، ويقطفوا من ثمرات علمهم ما يرفع اسم الإمارات، ويحقق أهداف القيادة في بناء جيل حسن السمعة، متسلح بالعلم والأخلاق الفاضلة، ويعود إلى وطنه وهو متأزر برسم كأنه بريق الشمس، ووسم كأنه شعاع النجمة، وشيم كأنها شيم الطير في صفائه، ورخائه الفطري.
لقاء سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، كان لقاء الحميمية، بفلذات الكبد، كان لقاء يحمل في طياته رسالة مسبوكة بذهب الأحلام الزاهية، منسوجة من قماشة الوعي الإماراتي بالأهمية القصوى لأخلاق الطالب الإماراتي وهو يواجه عالماً جديداً، يحتاج منه أن يكون البصمة الراقية لسمعة بلده، وأخلاق أهله.
لقد حققت الإمارات في العالم ما يشبه الوردة في نثر عطرها، وأنجزت صروحاً عالية المنسوب في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، مما جعلها تقف سامقة كالنخلة النبيلة، شامخة كالجبال، باسقة كأحلام الطفولة، رخية كالقصيدة، جزيلة كالسماء، ثرية بطاقاتها البشرية، غنية بطموحات أهلها، واليوم عندما ننظر إلى المشهد الإماراتي، نشعر بقيمة القيم التي رسخها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى أثره تذهب القيادة الرشيدة، محتفية بمشاريعه الإنسانية، وتراثه الأخلاقي، مستمرة في إشعال الشموع في دروب الأبناء، خفاقة راياتها في سماوات العالم، ملونة بالحب، وبالحب ترسخ الإمارات اسمها على جبين الوجود، وبالحب تبني علاقاتها مع الآخر، وهي تفيض بالمعنى وأسس الطيبات من القيم الأخلاقية.
المصدر: الاتحاد